مصر ليست ضيعة للإخوان يملكها المحمدين مرسي وسيده بديع ومعهما التكفيريّين العريفي والقرضاوي.. كما أنها لم تكن في السابق وفي العهد البائد ضيعة للمخلوع والملعون محمد حسني مبارك. اذكر أنني في آخر أيام حكم الفرعون مبارك وآخر خطبه النارية التي توعد فيها المتظاهرين ضده بالعقاب الشديد، كنت كتبت مقالة تحمل عنوانا هو التالي : " مصر ليست ضيعة لحاكمها". وهذا العنوان أستعيده اليوم لأذكر به الرئيس محمد مرسي الذي يتصرف وكأن مصر ضيعة من أملاك عائلته، مع العلم انه من عائلة فقيرة كانت حصلت على الأرض بفضل نظام الاستصلاح الزراعي الذي سنه الزعيم الراحل الخالد جمال عبد الناصر، والذي أعطى الأرض للفلاحين بعدما طرد منها الإقطاعيين. وهكذا كونت عائلة مرسي نفسها بالرغم من كل نفاق الرئيس المصري وحزب الإخوان المسلمين وعداءهم المحكم والتاريخي لشخصية الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر. هذا العبد الفقير الذي انتخبه فقراء وبؤساء مصر رئيسا جديدا على أمل ان تصبح حياتهم أفضل، لا يتصرف وكأنه رئيس مصر الدولة العربية والإقليمية والإفريقية الضخمة والكبرى التي لا يجب ان تمر صغيرة او كبيرة دونما معرفتها وموافقتها. هذه الدولة في زمن مرسي صارت تتلقى أوامرها من إمارة قطر وشتان ما بين مصر وقطر، ومن العار أصلا ان تصبح مصر تحت رحمة تلك الإمارة. لكن في زمن حكم الإخوان لبعض البلدان والذي بوقت قياسي جعل الناس تترحم على أزمنة الخونة والطواغيت من الحكام العرب، أصبح كل شيء ممكنا وواردا. ففي زمنهم هذه الدولة العظمى مصر التاريخ القوة والحضارة والعراقة والوجود صارت تعطش ... يعطش الإنسان وتعطش الأرض وتتحكم إثيوبيا بعطش المصريين وحقولهم ومزروعاتهم. تبني سدا يمنع تدفق المياه بكمياتها الكافية للمصريين، يصمت إخوان مرسي ولا يتكلمون عن ذلك. وكأن الأمر لا يعنيهم. يوم السبت الموافق 15-6-2013 وفي مهرجان استعراضي ضخم بملعب في القاهرة دخله الرئيس الاخواني ملوحا بعلم الجيش السوري الحر والمعارضة المسلحة السورية، أعلن رئيس جزء من الشعب المصري رده على مهرجان إسقاطه الذي تنوي المعارضة المصرية إقامته في الثلاثين من حزيران يونيو الجاري، بشن هجوم واسع وشرس وخطير على سورية وقيادتها ورئيسها وجيشها وشعبها. وكذلك على حزب الله مطالبا الأخير بوقف تدخله في سورية. كأن الرئيس مرسي أعمى بصر أيضا وليس فقط بصيرة، ولا يرى في التدخل الخارجي سوى تدخل حزب الله. مع العلم أن هذا الحزب وكما قال سيده وقائده حسن نصرالله في خطابه يوم الجمعة " نحن آخر المتدخلين في سورية". أهم القرارات الاستعراضية والدعائية التي اتخذها مرسي في عرسه الاخواني المسمى مؤتمر “الأمة المصرية في دعم الشعب السوري”، يوم أمس كان قراره وقف وقطع العلاقات مع سورية والنظام السوري وإغلاق السفارة وسحب القائم بالأعمال المصري من دمشق. وشنه هجوما لاذعا على شخص الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك تبنيه الموقف التحريضي المذهبي الطائفي للشيخين التكفيريين القرضاوي والعريفي، شيخا الفتنة والضلالة. قال مرسي في خطاب أمام أتباعه من التكفيريين والمتأسلمين ومطلقي اللحى والذقون حتى السرّة والبطون أن بلاده، شعبا وحكومة ومؤسسات، تدعم الشعب السوري “حتى يتحرر من الطغاة” مضيفا أن مصر “شعبا وقيادة وجيشا” لن تترك الشعب السوري حتى ينال حقوقه. طيب اترك الشعب المصري أولا ينال حقوقه، ودع جيش مصر يذهب الى سيناء وينتشر على حدود مصر مع فلسطين.. أوقف غلمانك الاخوانيين عن ممارساتهم الغيبية والغبية .. أوقف علاقاتك مع الصهاينة وغزلك مع اللوبي اليهودي الصهيوني في امريكا.. ألست أنت من خاطب رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز بصديقي العزيز؟.. وانت نفسك تواصل تأكيدك على احترام معاهدة كمب ديفيد الخيانية مع الصهاينة، وعلى صيانة أمن الكيان الصهيوني، وحراسة وحماية السفارة الصهيونية في القاهرة من غضب الشارع المصري، وتعزيز التعاون والتنسيق والعمل المشترك بين الكيان الصهيوني وسلطات مصر الاخوانية هذه الأيام. هذه السلطات التي لا تستطيع توفير الكهرباء والماء والغاز للشعب المصري بينما توفره بأسعار بخسة للصهاينة. وهذا النظام الذي يحمي مصالح الصهاينة في مصر والمنطقة ويفتح أبواب القاهرة لهم ويجعل علمهم يرفرف في سماء القاهرة هو نفسه الذي ينزل علم سورية العربية ويغلق سفارتها في القاهرة عاصمة كل العرب. ويتهددها ويهددها .. لغة مرسي الضعيفة والهزيلة سواء كان سياسيا او عسكريا او اقتصاديا تعبر عن نقص في عملية التفكير السياسي والدبلوماسي لدى القائمين على العمل والحكم في قصر الرئاسة المصري. فإما أن هؤلاء يعملون في خدمة القوى العالمية المعادية للعالمين العربي والإسلامي وإما أنهم جهلة لا يفقهون شيئا في علم السياسة. فمن يهدد سورية باسم الشعب المصري لا يفعل ذلك إلا إذا كان أحد هذين الطرفين. ومن يطلق التهديدات باسم الجيش العربي المصري العريق، جيش الشهداء والتضحيات والعبور، الذي أراده الزعيم جمل عبد الناصر جيشا لكل العرب، جيش للتحرير والنصر والعودة... لا يعي ما يقول، لان هذا الجيش عليه واجب تحرير سيناء من بقايا الصهاينة والإرهاب. وعليه واجب حماية ودعم الشعب الفلسطيني في مقاومته ومده بالعون والإسناد والفعل الحقيقي من أجل مساعدته في عملية تحرير فلسطين. وعليه واجب التحضير لتوفير تدفق مياه النيل الى مصر والمصريين ولي ذراع إثيوبيا ومن يقف خلفها من إخوة الشياطين العرب ومن الغربيين. ولا واجب عليه في سورية سوى الدفاع عنها في حال اشتدت المعركة مع أعداء الأمة. أما الآن فالجيش العربي السوري يقوم بمكافحة الإرهاب ومحاربة قوى التكفير والتدمير في سورية. ويستعد لأبشع السيناريوهات المحتملة، تماما كما جرى مع العراق العربي في زمن الشهيد الرئيس صدام حسين. لكن سورية تعلمت من درسي العراق وليبيا. غياب الأدب وانعدام اللياقة والكياسة في خطاب الرئيس المصري محمد مرسي سمحوا له بالقول : “نحن مع الشعب السوري وضد حاكمه الذي يقتل الأطفال والشيوخ ويغتصب النساء.. الشعب السوري ينادينا ونحن نقول له لبيك يا سوريا، ولن يغمض لنا جفن ولن تستقر أجسادنا في مضاجعها حتى نرى السوريين الأحرار يقيمون دولتهم الموحدة على ترابها.”. من أنت يا مرسي المتمسك بالكرسي على حساب وحدة وتماسك مصر والمصريين حتى تتهم الرئيس السوري باغتصاب السوريات؟ أو بقتل الأطفال السوريين مع العلم أن إخوانك المسلمين من الإرهابيين التكفيريين يبثون وينشرون مشاهد ومقاطع الفيديو عن عمليات القتل والذبح والنحر والشواء للآدميين ونهش القلوب بعد اقتلاعها من الصدور، وآخرها عملية ذبح النساء والرجال والأطفال لأنهم من مذهب إسلامي غير مذهبك، في قرية سورية نائية قرب دير الزور.ويمارسون الاغتصاب اليومي للسوريات باسم نكاح الجهاد وزواج السترة ، وهذان الشيئان دخيلان على الإسلام أيها المسلم الغيور على امة محمد. كان ومازال إخوانك الجهاديين التكفيريين القتلة المتدخلين بشؤون سورية يمارسون القتل والذبح والتهديد على الهواء مباشرة. هم يذبحون بالسواطير والسكاكين وأنت يوم أمس مارست البلطجة السياسية والتهديد مثلهم تماما، صحيح بدون سكاكين وسواطير لكن عملا بفتاوى من نفس المرجعية الدينية، اي من علماء المسلمين الذين اجتمع بعضهم وهم من لون واحد مؤخرا في القاهرة. مع العلم ان كثير من المسلمين لا يعترفون بهذه المجموعة ولا يعتبرونها ممثلا لهم، لأنهم متطرفين ومتشددين وتكفيريين ولا يخدمون لا قضايا الإسلام ولا المسلمين.. ما معنى قول مرسي ان بلاده ضد سياسة التدخل الخارجي ولكن : “عندما يطلب منا السوريون ذلك، فلن نتخلى عنهم.. هذا من أسس الأمن القومي المصري الذي يقوم على استقرار الدول الشقيقة ونرفض محاولات النظام الحالي في إعادة إنتاج نفسه من جديد.” وتابع مرسي بالقول: “نحن ضد النظام الحالي في سوريا ولا مجال لوجوده بعد كل ما ارتكبه من جرائم ضد شعبه.. ونحن مع مبدأ الحفاظ على وحدة الأرض السورية، وضد تقسيمها.” خلاصة الموضوع برمته أن أوامر من الذين اجتمعوا مؤخرا في القاهرة وأعلنوا الجهاد المقدس في سورية وليس في فلسطين المحتلة، ففلسطين المحتلة ليست في وارد حساباتهم ولا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد وهي ارض بحسب ادعاء بعضهم وعد بها الله اليهود، وصدق ذلك الادعاء كثير من المسلمين والعرب واليهود أنفسهم، لذا احتلوا فلسطين وبعض أجزاء من الدول العربية ويريدون الآن وهذه فرصتهم التاريخية التي انتظروها طويلا إقامة دولتهم من الفرات الى النيل. فما السد الذي يبنى الآن لتحويل مياه نهر النيل في إثيوبيا سوى جزء من حدود دولة الكيان الصهيوني وعملية تطبيق لمقولتهم تلك. سيادة الرئيس محمد مرسي أنت اعجز من أن تسقط سورية وجيشها العربي المقاوم وأنت اعجز من أن تقود مصر وتحميها من الخطر وأنت نفسك أصلاً خطر على مصر والعروبة.
* مدير موقع الصفصاف |