هل تخلت الولايات المتحدة عن المعارضة السورية و سلمت ببقاء الأسد ؟
السياسة لعبة قذرة ليس فيها أعداء دائمون أو أصدقاء دائمون.. هذه هي أهم قاعدة في السياسة.
هل يمكن للولايات المتحدة أن تتراجع في مواقفها تجاه النظام السوري ؟ بالتأكيد نعم
هل يمكن لها أن تتخلى عن المعارضة السورية ؟ بالتأكيد نعم
ما يهم الولايات المتحدة الامريكية هي مصالحها فقط, لا تهمها نضالات الشعوب على الاطلاق ولا حريتهم بل هي اكثر دول العالم انتهاكا لحقوق الانسان واستهتارا بالروح البشرية على مدى عقود من هيروشيما الى العراق..
كان لدى الولايات المتحدة مشروع استراتيجي يقوم على تولية الاخوان لمقاليد السلطة في العالم العربي حيث يتبع هؤلاء جميعهم بعدها الى الوالي الاخونجي في اسطنبول والذي يقدم بدوره فروض الطاعة للسيد الامريكي.
وهذا ما حدث فعلا, استطاعت امريكا بالمال و النفوذ والاعلام دفع الاخوان الى السلطة عن طريق لعبة الديمقراطية التي تجيدها جدا في تونس و مصر و فلسطين ( حماس ) وكانت جوهرة التاج التي ستتوج هذا المشروع هي سوريا.
لو نجح المشروع الاخونجي – الامريكي لأصبحنا جميعا أداة طيعة بيد السيد الامريكي, الا ان المشروع الامريكي – الاخونجي اصطدم بالصخرة السورية التي بذلت الولايات المتحدة كل جهدها لتحطيمها ولكنها لم تستطع, فالشعب السوري و الجيش السوري العقائدي و القيادة السورية يرفضون الاخوان و يمقتون خباثتهم وكذبهم و يعرفون حقيقتهم.
فشل المشروع الاخونجي في سوريا, واستطاعت سوريا كشف حقيقة الاخوان وتعريتهم امام العالم العربي كله فانطلقت المظاهرات ضدهم في تونس و مصر والان تركيا.
أصبحت الولايات المتحدة حاليا أمام مشروع استراتيجي أخونجي فاشل, ولأن البراغماتيا هي أهم صفات السياسة الامريكية فستتخلى الولايات المتحدة عن هذا المشروع الفاشل و تحرق جميع أوراقه الخاسرة بغمضة عين, نعم... قد تكون الولايات المتحدة هي من تسعى لاسقاط أردوغان لأن خلافه الشخصي مع الاسد أصبح عائقا أمام حل في سوريا باتت تطلبه, ولأنه أصبح عقبة استراتيجية أمام استراتيجيتها الجديدة و العقبات يجب إزالتها, أما أمير قطر فدوره قادم لا محالة.
لقد تخلت الولايات المتحدة عن المشروع الاخونجي و سيبدأ انهيارهم من تركيا الى الى مصر فتونس ولن تقوم لهم قائمة بعد الان..
حاليا.. وبعد الانتصار الاسطوري للجيش والنظام السوري على الارض و بعد الموقف الروسي الواضح بأن أمن دمشق من أمن موسكو و بأن الأسد خط أحمر لم يعد أمام الامريكان الا القبول بمبدأ المنتصر يفرض شروطه في محاولة لتخفيف الخسائر قدر الامكان.
الاسد باق.. هذا ما تعلمه أمريكا جيدا ويعرفه السوريون و حلفائهم أيضا و لكن ماذا ستفعل الولايات المتحدة مع من دفعتهم الى المحرقة السورية وحان أوان التخلي عنهم ؟ حتى التخلي عن الاوراق الخاسرة يجب ان يتم وفق ديكور معين, حتى القبول بالهزيمة وانتصار الاسد عليه أن يتم بديكور معين.. وهذا ما حصلت عليه الولايات المتحدة من النظام السوري: الديكور, فلها الحرية بصنع الديكور الذي يناسبها لتتخلص مما وجدت نفسها فيه.
هناك عقبتان حاليا تواجهان الولايات المتحدة:
1- المعارضة السورية.
2- اعادة العلاقات مع الاسد والتي يبدو أن اعادتها مستحيلة.
أما المعارضة السورية فهي أقسام:
منها من يأتمر بالولايات المتحدة وهو لن يشكل عقبة, ومنها من يتم شراؤه وأيضا لن يشكل عقبة, أما العقبة الاساسية فهي الاخوان المسلمون الذين بدأوا يشعرون بما يحضر لهم فأصبحت معركتهم حاليا هي معركة وجود وفي الخانة نفسها نجد أردوغان و أمير قطر وهم سيبذلون كل ما يستطيعون كي يفشلوا أي حل أمريكي سوري على حسابهم.
وهؤلاء يمكن التعامل معهم بتجاوزهم عبر الدفع بمعارضين سوريين يسيرون وفق المشروع الامريكي الجديد أو بتهديدهم بتهمة دعم الارهاب بعد أن أدرجت الولايات المتحدة جبهة النصرة على لائحة الارهاب و هي بالتأكيد تمتلك أدلة تدين كل هؤلاء.
والهدف الامريكي هو ابرام اتفاق سياسي بين المعارضة و النظام السوري و الوصول الى انتخابات رئاسية بمشاركة الاسد حتى لو كانت الولايات المتحدة تعرف أن الاسد سيفوز بها... هذا هو الديكور الامريكي للهزيمة.
في المرحلة التالية و بعد أن تتم الانتخابات و يفوز بها الاسد كما هو متوقع فعندها تستطيع الولايات المتحدة التنصل من مواقفها السابقة و عداءها للنظام السوري من مبدأ احترام الديمقراطية و ارادة الشعب السوري.
ما لا يعلمه جهابذة المعارضة هو انهم لن يجدوا ركابا في القطار الخاسر الذي يقودونه وبأن التضحية بالاوراق المحروقة هو أهم مبادء الولايات المتحدة بالتعامل, الا اذا كان جورج صبرا و الطيفور يعتبران نفسيهما أهم مما كان عليه مبارك وبن علي بالنسبة للولايات المتحدة.
هم أصبحوا أوراقا خاسرة سيجري التخلص منها, فاللاعب الامريكي يبحث دائما عن أوراق رابحة أما الاوراق الخاسرة فإنها تحرق.. ورقة.. ورقة