حالة انشقاق

موضوع: حالة انشقاق الأحد يونيو 09, 2013 7:41 am

حالة انشقاق
السبت , 8 حزيران 2013 - 17:59 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
أحمد الحباسى تونس

لم ينتبه أحد في غمرة الحرب الإعلامية التضليلية التي قامت بها قناة الجزيرة إلى حالة انشقاق لم تتحدث عنها القناة ، أو لنقل أنه لا يمكنها أن تتناولها ، لان التركيز كان منصبا من زعيمة التثوير الإعلامي على بعض الأفراد ضعاف النفوس ، الذين خيروا الهروب من سوريا بالمقابل المادي القطري الصهيوني ، بعد أن وعدهم العراب الأمريكي للمؤامرة على سوريا بالمناصب ، و الوجاهة ، نعم لم ينتبه أحد ، و لم يتناول أحد حالة انشقاق مهمة حصلت في قطر ، المحمية الأمريكية الصهيونية ، و بالعكس ، كانت الأحداث السورية اليومية ، تدفعنا إلى متابعة الأحداث ، تاركين تناول هذا الحدث المهم للوقت و للظروف .

خصصت الآلة الإعلامية الخليجية الصهيونية كل جهودها لمتابعة أي شخص مهما كان منصبه ، و رتبته ، خولت له نفسه الضعيفة الهروب في بداية المعركة ، ظنا منه أن الأمور حسمت مسبقا ، و أن ما نال تونس و بقية الدول في المغرب العربي ، سيسحب على سوريا ، و أن بقاء الأسد لم يعد مطروحا ، و أن ما يقوله أصدقاء سوريا هو ما سيتم تنفيذه في مهلة حددتها الأطراف بالساعات ، ثم بالأيام ، لينتهي الأمر بعد معركة القصير التاريخية ، إلى الدعوة إلى جينيف 2 ، بحضور الممثل الشخصي المعين من الرئيس الأسد ، بصفته الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية.

كان الجميع يتعمد الحديث عن حالة انشقاق داخل هيكل النظام السوري ستحدث خللا مهما في البنيان الهرمي للسلطة السورية ، و لم يكن استعمال مصطلح “انشقاق” أمرا معزولا عن سياق الحملة الإعلامية الرامية إلى إنهاك الجسم المعنوي السوري ، لان من يتخصص في الإعلام ، يدرك أنه للمفردات المستعملة أهمية بالغة في الخطاب الإعلامي ، و عبثا حاول البعض الحديث عن حالات هروب معزولة لا تأثير لها ، إلا أن الجماعة كان إصرارهم كبيرا على استعمال هذا المصطلح بالذات حتى يتم تضخيم هذه الوقائع لخدمة البلبلة الإعلامية التي يسعى إليها أصحاب المؤامرة .

ما معنى “انشقاق ” ؟ للتوضيح ، سأستغل طيبتكم و سماحتكم ، لأفسر ما تعنيه الكلمة و ما أعنيه ، يقال ، انشقت الجماعة ، يعنى تفرقوا ، انشق الحزب ، حدث فيه انقسام ، لكن إذا أسقطنا توصيف الخيانة على فرار المنشقين ، فبالتأكيد ، هذه الأنظمة العربية العميلة يمكن نعتها بالأنظمة المنشقة ، لان ميثاق الجامعة العربية مثلا ، قد حدد كل القواسم العربية المشاركة ، و من يخرج عن الإجماع العربي فهو منشق بمفهوم ميثاق الجامعة ، لان القضية الفلسطينية مثلا تعتبر بالنسبة للعرب القضية المركزية و من يقف إلى جانب المؤامرة على القضية فهو منشق ، لان مؤتمر الخرطوم قد جاء باللآت الثلاثة ، لا صلح ، لا اعتراف ، لا تفاوض ، و من نزع إلى الاعتراف و التفاوض و الصلح فهو منشق عن مقررات قمة عربية ، لان من تعاون مع العدوان الصهيوني في حرب تموز 2006 حتى بإعطاء الذرائع لهذا العدوان فهو منشق عن المبادئ العربية .

يقال ، إنشق فلان ، يعنى خرج عن قانون دولة ، أو جماعة ، و أنضم إلى جماعة مناهضة ، و إذا سلمنا أن الأنظمة الخليجية مثلا هي أنظمة تكون فيها العائلة المالكة المتكونة من نصف الشعب مثلما هو حاصل في قطر مثلا ، أو البحرين ، فان خروج الأمير القطري حمد بن خليفة عن قانون ” الجماعة” ، أعنى بالجماعة ، ما كان يسمى بالجامعة العربية ، هو خروج بمثابة الانشقاق و التحول من مكان إلى مكان ، من مفهوم إلى مفهوم ، من مشروع إلى مشروع ، من مساحة عربية إلى مساحة صهيونية .

بطبيعة الحال ، أغلب الأنظمة العربية انشقت من زمان عن المصلحة و الرابط القومي العربي المشترك ، و أغلب هذه الأنظمة اليتيمة يعــيش فـي عزلة تامة عن الأهداف و المخططات العربية ، و أغلب شهود الزور في الإعلام العربي ممن يرتزقون من التضليل في قنوات الجزيرة – العربية- المستقبل – الجديد – إلى غير ذلك من الدكاكين السوداء قد رأينا منهم ، و سمعنا ، ما يفيد أنهم انشقوا عن المهنية و الأخلاق الصحفية ، بعد أن انشقوا تماما عن العروبة و الدين ، و فيما كانت المقاومة تقف في المواجهة صيف تموز 2006 ، كان سعد الحريري – السنيورة ، جعجع ، حسنى مبارك ، سعود الفيصل ، الملك عبد الله الثاني ، احمد أبو الغيط ، عمرو موسى ، أمين الجميل يزرعون الأشواك و التشكيك في نصر المقاومة ، بل لم يتردد فؤاد السنيورة في استقبال أكبر منافقة سياسية في العشرية الأخيرة تسمى كوندليزا رايس ، في مشهد “غرامي” حميمي خسيس يذكرنا بأفلام دراكولا و فرانكشتاين ، لن ننسى موقف محمود عباس المساند للموقف المخزي لحسنى مبارك ، لم ننسى أن تسيبي ليفنى قد أعلنت الحرب على غزة من قصر ” العروبة” المصري ، لم ننسى أن ملك المغرب رئيس لجنة القدس ، لم “يتكلم” عن القدس رغم ما حصل و يحصل ، فقط تأكدنا ، أن من فروا من سوريا في بداية المحنة و المؤامرة ، هناك من سبقهم إلى الفرار و الانشقاق إلى أحضان الصهاينة منذ سنة 1948 .

نعم ، عندما سمحوا للقواعد الأمريكية بالتمدد في الأرض العربية ، فهؤلاء قد انشقوا ، عندما خرقت الطائرات الصهيونية المجالات الجوية العربية لتضرب العراق ، سوريا فهذه الجيوش العربية قد انشقت و تخاذلت و أهانت قسمها و تاريخها العسكري ، عندما قتل محمد الدرة دون أن تتحرك الضمائر ، فهذه القلوب قد انشقت ، عندما يصفق القرضاوى لقصف سوريا فهذه العمائم المجنونة قد انشقت ، عندما يقف الخوارج “السوريون ” مع أصدقاء الشيطان على حدود سوريا ، فهذه الخوارج قد انشقت ، عندما يأتي ملك الأردن بالعدة و العديد إلى حدود سوريا الجارية فالعائلة الهاشمية بأكملها قد انشقت ، عندما يصف ملك البحرين المقاومة بتلك الأوصاف فبالتأكيد فهو يفقد منشق بالطول و العرض.

عندما سرق النظام الخليجي مال الشعب و موارده ليدفعها صدقة بلا ثواب إلى تجار المؤامرة على سوريا ، فهمنا بالوصف و التدقيق ، أن ما يعانيه حكام الخليج هي حالة خيانة متجذرة في تركيبة هذه الأنظمة التي لم تكن يوما عضدا للمقاومة أو لمصلحة العربية المشتركة ، عندما رقص الملك السعودي تلك الرقصة السخيفة مع سفاح العراق جورج بوش الابن أيام حصار غزة ، و نار الرصاص المسكوب على أطفال و عجائز غزة ، قرأنا خطاب التأبين على هذه الأنظمة الآيلة للسقوط ، فهمنا أنه لم يعد ممكنا انتظار الأمل من صانعي الموت اليوم في سوريا ، فهمنا بكثير من الألم أنهم يساهمون في إعادة الدول العربية إلى عهد العصور الأولى تنفيذا لوعود بوش الأب بإعادة العراق إلى عهد العصور الحجرية.

من الخطأ أيها السادة و السيدات ، بعد كل ما شهدته سوريا ، من قبلها المقاومة في تموز 2006 ، الاستمرار في استخدام خطاب ملطف نحو هذه الأنظمة الشمولية الاستبدادية الفقيرة للمبادئ القومية ، بل يجب تسمية الأشياء بأسمائها حتى لا يتهمنا البعض بالمواربة و التلطيف بدون داع ، لان هذه المحميات الصهيونية الأمريكية قد تخطت كل الحواجز ، و خرقت كل الخطوط الحمر ، و تموقعت عن قصد و تبصر في مواقع الأعداء للأمة العربية ، و من أصبح عميلا ، خائنا ، لا يمكن معه أن نتنازل عن وصفه بالعميل و الخائن ، في كل الأحوال هؤلاء صعدوا إلى قطار المؤامرة على الأمة العربية اختيارا و عمدا ، و من انشق على هذه الأمة اختيارا ، فلن يرى منا إلا كل الاحتقار .

» فصائل معركة الأنفال تعترف بالهزيمة: “إنتقلنا من حالة هجوم إلى حالة دفاع”
» انشقاق في «داعش»
» القلمون: انشقاق في «داعش»
» انشقاق السفير طة في روسيا البيضاء
» «انشقاق الشرع» و«استقالة الجربا»!