دام برس – متابعة : اياد الجاجة :
على مدى السنتين الأخيرتين اقترنت صورة الفضائية القطرائيلية "الجزيرة" بعبارات التضليل والفبركة، فخسرت القناة ذات التمويل الضخم شريحة واسعة من جمهور أُصيب بخيبة الأمل جراء افتقادها للمهنية في تغطية أحداث المنطقة والذي انكشف بوضوح في التعاطي مع الأزمة السورية.
ونقلت الفضائية القطرية قبل أيام خبراً مفاده أن "الجزيرة" لازالت تتصدر القنوات الاخبارية العربية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا من حيث نسبة المشاهدين، بناء على دراسة على احصائية أعدتها مؤسستا إيبسوس وسيغما في آذار/ مارس الماضي.
وذكرت القناة في خبر نشرته أن الدراسة "سعت لقياس نسب مشاهدة القنوات الإخبارية عربيا للفئة العمرية "أكبر من 15 عاما" في 21 بلدا هي: مصر والسودان وفلسطين والسعودية والإمارات والكويت واليمن والمغرب وتونس وليبيا والجزائر وسورية والأردن وقطر وعمان والبحرين والعراق ولبنان وجيبوتي والصومال وموريتانيا".
الوكالة الفرنسية وقعت بفخ "الجزيرة"
خبر الجزيرة لم يمر مرور الكرام، إذ نشرت وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) بياناً طالبت فيه بإلغاء الخبر الذي نقلته الوكالة نفسها عن الجزيرة، فقالت الوكالة الفرنسية:
"يرجى إلغاء هذا الخبر الذي كان يفيد عن نتائج منسوبة الى دراسة مشتركة لمعهدي استطلاعات جرت في 21 بلداً من الشرق الاوسط وشمال افريقيا. بعدما أكد معهد ايبسوس انه لا يجري تحقيقات سوى في 11 من هذه البلدان وأنه لم يجرِ أي استطلاع مشترك مع أي معهد أخر حول نسبة المشاهدة للقنوات العربية.
وقد تم بث الخبر نقلا عن قناة الجزيرة الفضائية القطرية في 22 ايار/مايو 2013".
شعبية الجزيرة في تراجع
وفي دراسة نُشرت في نيسان/ أبريل الماضي أعدتها جامعة "نورث وسترن" في قطر كشفت عن تراجع نسبة المشاهدين للقناة، و"عن فقدان ثقة المشاهد العربي بقيم الأخبار المعلنة في القناة التي لعبت دورا سياسيا وإعلاميا في ثورات الربيع العربي"، وفق ما نقلت صحيفة "العرب" في لندن.و"أوضحت الدراسة أن نسبة المشاهدين للجزيرة هي أربعة في المئـــة فقط في البحرين، وتسعة في المئة في تونس، منذ بدايـة الربيع العربي، و20 في المئة في مصر".
وقالت الصحيفة إن المسح أجرى على مدى أربعة أشهر، وشارك فيه ما يقرب من 10 آلاف شخص من ثماني دول عربية هي: مصر، قطر، تونس، البحرين، لبنان، المملكة العربية السعودية، الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وذلك في محاولة لإظهار كيفية استخدام الناس وسائل الإعلام الإخبارية، في أعقاب "الربيع العربي" الذي بدأ في عام 2011.
تراجع الجزيرة بسبب انكشاف دورها
وفي فلسطين وحدها تراجع نسبة مشاهدي الجزيرة من 76% إلى 45%، وللاجابة عن سؤال " لماذا تراجعت مشاهدة الجزيرة؟ " أجاب أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت الفلسطينية محمد أبو الرب أن تراجع شعبية الجزيرة مرتبط بـ"انكشاف أجنداتها لدى الجمهور بعد أن كانت تتبنى سياسة تحريرية أكثر ذكاءً، فالجزيرة ومنذ انطلاقتها لم تخصص حلقة واحدة من أي من برامجها للحديث عن الأوضاع الداخلية في سوريا قبل اندلاع الثورة، وحينما سئل فيصل القاسم في مقابلة صحافية عن سبب ذلك، أجاب أنه لم يحن الوقت بعد".
وأضاف أبو الرب، وهو مؤلف كتاب "الجزيرة وقطر: خطابات السياسة وسياسات الخطاب": علينا ألا ننسى أن الجزيرة جزء من مشروع سياسي في المنطقة، ارتبط بانقلاب الأمير حمد على والده وبدعم أميركي، وكانت في السنوات الأولى لانطلاقتها سلاحا موجها ضد السعودية، والآن في ظل التقاء المصالح السعودية القطرية، لن تجد مادة منشورة حديثا تتعرض بالنقد للسعودية.
وحول السبب العام لتراجع شعبية الجزيرة، قال أبو الرب، إن تعدد مصادر المعلومات أمام الجمهور وخصوصا التسارع الكبير في عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي، أتاح المجال للجمهور للاطلاع على حيثيات وتفاصيل الأحداث من أكثر من مصدر ومن زوايا مختلفة، وبذلك انتهى فعليا عهد سيطرة وسيلة إعلامية واحدة على تشكيل مخيلة الجماهير.
من ناحيته، أعاد أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش سبب تراجع الجزيرة إلى ظهور فضائيات جديدة منافسة، مشيراً أن وجود 100 قناة إخبارية في الوطن العربي، أدى ظهورها إلى تراجع شعبية "الجزيرة" وعدد متابعيها.
الجمهور المصري يرى في أخبارها "إعلاماً موجهاً"
وفي مقال حمل عنوان "الجزيرة تتراجع" نشرته "الأهرام العربي" أعادت رئيسة قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة د. هويدا مصطفى تراجع "الجزيرة" للسياسة التحريرية التي تنتهجها القناة في مصر، لافتة أن الجمهور يبتعد عن الاعلام الموجه.
ورأى تامر السعيد، وهو مدرس مصري، أن القناة لا يمكن أن تخرج عن نطاق سياسة الدولة القطرية، وبالتالي فإن حياديتها لا يمكن أن تكون مثالية وهذا يظهر بوضوح في متابعة الأحداث داخل مصر خصوصاً في المظاهرات المناهضة لحكم الرئيس مرسي ودائما ما تحاول الجزيرة التقليل من أهمية المعارضة في مصر، وتؤكد أن الأمور بخير مع أن هذا الكلام غير صحيح، والدليل علي ذلك التراجع الاقتصادي الرهيب الذي تعيشه مصر وأزماتها التي لا تنتهي.
المصدر : المنار