دام برس – متابعة : اياد الجاجة :
يومان أمام المتآمرين في اسطنبول لتحديد مستقبل «الائتلاف» توسيعا واتخاذ قرارات حاسمة من الدعوة الموجهة إليها للتفاوض في جنيف.
وسقط من جدول أعمال «الائتلاف» بند تشكيل «حكومة مؤقتة»، عهد بها منذ أربعة أشهر إلى غسان هيتو. وتقرر سحب التكليف من التداول حاليا، وهو ما وفر معركة دامية وانقسامات إضافية على المعارضين.
وكان هيتو، الأميركي المقرب من جماعة الإخوان المسلمين، قد اصطدم بالتجاذبات القطرية ـ السعودية للهيمنة على قرارات «الائتلاف» و«الحكومة المؤقتة»، بعد أن فرضه القطريون على «الائتلاف» كما اصطدم بتمسك «قائد الجيش الحر» سليم إدريس، وبدعم سعودي، بمطلب المناصفة في مجلس «الائتلاف»، قبل الدخول في الحكومة التي لم تبصر النور في منتهى أربعة أشهر من المفاوضات العقيمة.
وكان الصراع بين المحورين القطري والسعودي على الإمساك بـ«الائتلاف» قد أدى في الأسابيع الأخيرة إلى إضعاف قوة «الإخوان»، الذين يمثلون الكتلة الأقوى، على إدارته وفرض خياراتهم السياسية على هيئاته، ومنها رفض أي حوار أو تفاوض مع النظام السوري وهو ما يساعد «الائتلاف» لدفنه في اسطنبول. وأصبح خط التماس داخل «الائتلاف» منذ أشهر العداء لجماعة الإخوان المسلمين أو تأييدهم، والعمل بالتالي على تحجيم نفوذهم عبر الخطة التي أيدتها السعودية لتوسيع «الائتلاف» وضم 25 علمانيا وليبراليا أو يساريا، وممثلا عن النساء الأقليات.
صحيفة السفير اللبنانية نقلت عن قطب سوري معارض إن رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان تولى بنفسه ملف إعادة تركيب المعارضة خلال سلسلة اجتماعات عقدت في الرياض مع مسؤولين من «الائتلاف»، لنقل القرار السوري المعارض من الدوحة إلى السعودية، وتشكيل قطب سوري معارض لـ«الإخوان» يعادلهم أهمية وقوة.
وبالرغم من تراجع قدرة الإخوان المسلمين على تقرير مسيرة «الائتلاف» وظهور ذلك جليا في الإخفاق في منع توسيعه نحو «اليسار»، إلا أن ضعف «الإخوان» لا يكفي لتسهيل التوسيع الذي يواجه عقبات وانقسام التيار الليبرالي والعلماني ولتنافس بين جناحي المعارضة ميشال كيلو ونائب رئيس «الائتلاف» رياض سيف، فضلا عن تجاذبات قطرية ـ سعودية لتحديد الأسماء الجديدة وضبط التوزيع ضمن التوازنات بين الوصيين الخليجيين.
وكان ميشال كيلو يؤيد لائحة جرى تشكيلها في باريس منذ شهر، تضم 25 اسما، لضمها إلى «الائتلاف». ويصطدم مسعى كيلو بلائحة منافسة تقدم بها رياض سيف وبفيتو يفرضه على مجموعة من الأسماء يحملها ميشال كيلو، ولا يريد سيف لها الانضمام إلى «الائتلاف» الذي يعتبره انجازه الشخصي بعد فشل «المجلس الوطني» بتوحيد المعارضة. وينشغل الاجتماع الإسطنبولي بمساومات لتحديد لائحة نهائية من الأعضاء الجدد تجعل من التمثيل العلماني الليبرالي راجحا بنسبة 60 في المئة مقابل 40 في المئة للإسلاميين الذين يتوزع «الأخوان» واجهاتهم المتعددة، عبر الكتل القريبة منهم، مثل «كتلة العمل الوطني» التي يقودها احمد رمضان، أو مجموعة «وطن» التي استحدثها شباب «الأخوان».
وينبغي على الاجتماع الإسطنبولي أن يحدد أيضا رئيسا جديدا له يخلف احمد معاذ الخطيب. والأرجح أن تتوقف رئاسة جورج صبرا بالإنابة على الأسابيع القليلة التي تولى فيها المنصب. إذ يطمح القطريون إلى الإبقاء على شخصية مقربة منهم على رأس التجمع المعارض الأساسي، بعد تراجع نفوذ «الإخوان» مؤقتا فيه، وتحت ضغط أميركي وغربي وسعودي يرجح صعود وجوه علمانية وليبرالية.
وتتجه التوقعات نحو مصطفى الصباغ وهو رجل أعمال سوري مقرب من وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية. وكان القطريون قد فرضوا رجلهم الصباغ على رأس كتلة سميت بـ«المجالس المحلية» وضم أعضائها الخمسة عشر إلى «الائتلاف» لتوفير كتلة وازنة له في مواجهة الكتل الأخرى. كما يعود نجم رئيس «المجلس الوطني» السابق برهان غليون إلى الصعود مجددا لرئاسة «الائتلاف»، لكن مقربين منه ينقلون عنه انه لن يرشح نفسه إلا إذا طلبت منه الأكثرية ذلك. ولكن دخول وجوه ليبرالية جديدة قد لا يرجح هذا الاتجاه، إلا بتجديد التحالف بين الإسلاميين والليبراليين الذي جعل منه في الماضي رئيسا لـ«المجلس الوطني».
ولو لم تداهم جنيف والتفاهم الروسي ـ الأميركي المعارضة السورية لاحتدم الصراع أكثر حول كيفية احتواء الإخوان المسلمين، وتوسيع «الائتلاف» و«الحكومة المؤقتة». إذ سيكون على «الائتلاف» الموسع الجديد تحديد لا موقف من الدعوة إلى التفاوض مع النظام في جنيف إنما تسمية أعضاء وفد ائتلافي يشارك في هذه المفاوضات.
وقال ديبلوماسي غربي أن المؤتمر الذي سيقوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بافتتاح أعماله في جنيف لن ينعقد قبل الأسبوع الثالث من حزيران المقبل، بسبب عدم اكتمال التحضيرات التقنية. ويحضر اسطنبول مساعد المبعوث الأممي ناصر القدوة لمواكبة النقاشات الدائرة حول تشكيل الوفد المعارض إلى جنيف. ويقتصر حق «الائتلاف» على تسمية ثلث أعضاء الوفد المعارض الذاهب إلى جنيف.
ورغم الاعتراضات التي يبديها المعارض جورج صبرا على حضور وفد من «هيئة التنسيق» المؤتمر الدولي، إلا أن التفاهم الروسي ـ الأميركي، يحفظ للهيئة مقاعدها في جنيف بالإضافة إلى مقاعد تيارات مقربة منها في معارضة الداخل. وليس واضحا ما إذا كان «الائتلاف» سيكون قادرا على اختيار ممثلين له إلى جنيف في اسطنبول أو انه سيرجئ ذلك إلى اجتماعات لاحقة وفي اجتماعات مصغرة