ثغرات قاتلة في الاتهامات التركية لسورية بتفجير الريحانية

ثغرات قاتلة في الاتهامات التركية لسورية بتفجير الريحانية

عربي برس

يفترض بثغرة واحدة في التحقيق، الذي تقوم به الحكومة التركية لمعرفة هوية منفذ تفجير الريحانية، أن تجهض كل الاتهامات التي ساقتها ضد الحكومة السورية ومواطنين أتراك يوالونها. وهذه الثغرة هي أن كاميرات المراقبة الأمنية في الريحانية، وعددها ثلاث وسبعون كاميرا، كانت لحظة التفجير، وياللمصادفة، عاطلة عن العمل بأكملها.

لكن ذلك لم يثني حكومة أردوغان عن استكمال اتهاماتها بطريقة مركبة. ولكنها بتسرعها لحماية المعارضة السورية المسلحة من غضب الشارع التركي ارتكبت سلسلة من الثغرات، وعجزت عن تغطية أخرى. رغم أنها قامت وفق شهادات كثيرة مأخوذة من مكان التفجير بإزالة الأدلة، وهو ما شبهه النائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أتيلا كارت بجريمة اغتيال الكاتب التركي أوغور مومجو، عام 1993، على يد مجموعة سلفية يشتبه بأن لها علاقة مع الموساد.

وقد حصل مراسل "عربي برس" على صورة ملتقطة قبل أن يفرض حظر التجول في المنطقة المنكوبة. وتظهر فيها لوحة إحدى السيارتين التين تم تفجيرهما. وهي لوحة سورية (دمشق - 314175).

ومن الغريب أن الساعات الأولى من التفجير شهدت ادلاء مسؤولي حكومة حزب العدالة والتنمية بتصريحات لا يتهمون فيها سورية اتهاماً صريحاً، بل إن أردوغان ربط في تصريحه الأول العملية بالعملية التفاوضية الجارية حالياً بين حكومته وحزب العمال الكردستاني. وأول اتهام صريح للحكومة السورية جاء من قبل صفحة تركية تحمل اسم "وكالة أنباء سورية الحرة". ثم تبعها، بعد عدة ساعات، اتهام وزير الداخلية معمر غولير، الذي حرص على نفي التهمة عن السوريين الموجودين في تركيا بالقول أن المنفذين أتراك والمخطط هو الاستخبارات السورية، قاصداً بذلك مواطني لواء اسكندرون الموالين بأكثريتهم الساحقة لإدارة الرئيس السوري بشار الأسد، وممهداً بذلك لأحداث مذهبية وطائفية بين أبناء المنطقة عسى أن يغطي ذلك على النقمة المتزايدة ضد مسلحي ميليشيا الجيش الحر المتواجدين في جنوب تركيا، والذين أصبح الشعب التركي يعتبرهم سبب كل مصائبه منذ قذائف المدفعية التي سقطت على أكجاكالي وصولاً إلى تفجير الريحانية مروراً بتفجير معبر باب الهوا الحدودي.

ونشر ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي صورة من التفجير قيل أنها تمثل جثة مقيدة إلى إحدى السيارتين اللتين تم تفجيرهما. وإن صحت الصورة فإن لذلك دلائل هامة تشير إلى احتمال وجود أسير، أو أكثر، من الجيش السوري في مكان الانفجار، حيث أفادت الصفحة التي أطلقت الصورة أنها الجثة كانت تعتمر خوذة عسكرية شبيهة بما يعتمره الجنود السوريون.

وأوردت صحيفة حرييت تقريراً منسوباً للاستخبارات القومية التركية تقول فيه أن عملاء الاستخبارات السورية حصلوا مقابل التفجير على مبلغ خمسة ملايين ليرة سورية، تم نقلها بحراً من اللاذقية إلى السويدية. وهي إشارة صريحة إلى تورط العلويين في التفجير، حيث يهدف التقرير إلى تحويل نقمة الأتراك (السنة) التي تولدت بعد التفجير ضد حكومة أردوغان إلى نزاع طائفي سخيف مع جيرانهم العلويين.

وكانت نفس الصحيفة أيضاً قد كتبت في اليوم الفائت أن الاستخبارات القومية التركية حصلت على معلومات تفيد بأن السوريين حضروا بتاريخ 23 نيسان الفائت ثلاث سيارات لتفجيرها في تركيا، وأن السيارات معروفة بأوصافها وأحجامها من قبله، مضيفة أن هناك حالة استنفار للعثور على السيارة الثالثة. ولم تفسر الصحيفة كيف مرت هذه السيارات إلى تركيا طالما أنها معروفة من قبل الأمن التركي.

ولم تعلن الحكومة التركية عن هوية المشتبه بهم الذين ألقت القبض عليهم. وقد بلغ عددعم بحسب آخر تصريح لأردوغان عشرة. ولكن ما تمكنا أن نعرفه أن غالبيتهم سائقو سيارات على خط أنطاكية - اللاذقية، وليس لهم اهتمامات سياسية تذكر أو نشاط سابق خلا تعاطفهم الغريزي مع إدارة الرئيس بشار الأسد.

وقد أعرب كاتب الزاوية التركي مليح آشق عن شكوكه اتجاه الرواية الرسمية التركية، حيث قال: "فيما لم يعثر على منفذي مجزرة أولوديره التي قتل فيها أكثر من ثلاثين مواطناً منذ عامين، ولم يعثر على قتلة نجيب هابلميت أوغلو منذ عشرة أعوام، فإن الحكومة عثرت خلال سويعات على المشتبه بهم في التفجيرات وكأنما وضعتهم هي بيدها. وهي تقول أن لهم علاقة بالمخابرات السورية. أتمنى أن يكون من اعتقلوا متورطين فعلاً ولا يتم اخلاء سبيلهم بالقول "تبين أن لا علاقة لهم". يذكر أن مجزرة أولوديره هي مجزرة حدثت في أواخر عام 2010 إذ قام الطيران الحربي التركي بقصف مجموعة من الفتية الشبان الأكراد الذين يهربون الدخان والسكر من العراق، وقتل أربعة وثلاثين منهم. كما أن نجيب هابلميت أوغلو هو كاتب نشط كثيراً لفضح الحركات الباطنية التي تسير حزب العدالة والتنمية الحاكم، وقد قتل دون أن "يعثر" على الجناة حتى الآن.

ولا تنتهي ثغرات الاتهام الرسمي الذي ساقته حكومة حزب العدالة والتنمية ضد سورية هنا؛ فقد أفادت وكالة الأنباء البريطانية "بي بي سي" أن جبهة النصرة أعلنت مسؤوليتها عن التفجير. كما انتشر على نطاق واسع مقطع فديو يصور لحظة وقوع التفجير، وكأنما كان ينتظره ويعرف بأمره.

» انفجار ثالث بمدينة الريحانية التركية على الحدود مع سورية
» كتب ناصر قنديل: من فجر الريحانية
» الجيش السوري يحبط محاولة داعش فتح ثغرات بمنطقة الجبل بدير الزور ومقتل 68 مسلحاً
» واشنطن سترسل مساعدات غير قاتلة لميليشيا الجيش الحر
» تعرفوا على القناصة (OSV-96) قاتلة المدرعات و خارقة الدروع.. بعد ظهورها في سوريا