تركيا والعرب نظرة في التاريخ - محمد الحسن

تركيا والعرب نظرة في التاريخ - محمد الحسن

نحن كشعب عربي شعب عاطفي طيب القلب لحد السذاجة فتاريخنا مع الأتراك مليئ بلمأسي ولكن عندما يقوم شخص مثل أردوغان بتمثيل دور المدافع عن الحقوق العربية في دافوس نسينا كل الماضي الأليم واندفعنا كشعب عربي نمجد ونبجل بهذا الشخص ورفعت صوره والأعلام التركية في الساحات ولكن هل يمكن أن يصبح الذئب والنعجة أصدقاء؟ وإن قطع الذئب وعودا بعدم افتراس هذه النعجة فهل هو قادر على الإيفاء بوعوده أم أن غريزته ستغلب
فعلى الرغم من جود نقاط التقاء مشتركة متعددة بين العرب والأتراك إلا أن هذه النقاط لم تترك آثارها إيجابا في العلاقات وقد مرت هذه العلاقات بعدة مراحل
المرحلة الأولى من تأسيس الجمهورية التركية حتى منتصف الستينات
شهدت هذه المرحلة منعطفا كبيرا فقد قام أتاتورك بتغيير شامل عكس فيه المسار التركي من طابع اسلامي الى طابع علمي غربي فألغى الخلافة الاسلامية والمحاكم الشرعية والتقويم الهجري وعطلة يوم الجمعة واستبدل هذا كله بقوى وعادات غربية دخلية على المجتمع التركي وجعل أتاتورك من التزام تركيا وانتمائها إلى الغرب خيارا وحيدا
فأنقرة كانت ولاتزال تطمح إلى القيام بدور استراتيجي تكون من خلاله مفتاح الغرب الأوربي باتجاه الشرق الأوسط إذ لم تتوان تركيا عن الكشف عن عدائها للعرب كلما كان الامر يخدم مصالحها ويرضي هذا الغرب فأقامت علاقات مع دول الحلفاء قبل الحرب العالمية الثانية وكانت مكافأة ذلك ضم لواء اسكندرون وسلخه عن وطنه الأم سورية عام 1939 وبعد إنشاء الكيان الصهيوني بفترة وجيزة اعترفت تركيا بهذا الكيان في آذار 1949 وباعترافها هذا تكون تركيا أول دولة مسلمة تعترف بإسرائيل
في عام 1952 انضمت إلى حلف الناتو
وفي عام 1955 إلى حلف بغداد
وبعد فشل العدوان الثلاثي على مصر 1956 والتقارب السوري المصري وفشل المحاولات الأميركية التدخل في الشؤون السورية أوعزت أميركا لتركيا بإجراء مناورات واسعة على الحدود السورية في صيف 1957 بهدف ممارسة الضغط عليها واجبارها على التراجع عن مواقفها القومية
وقد صوتت تركيا في مجلس الأمن ضد استقلال الجزائر الأمر الذي يترجم حقد الأتراك على العرب
كما أنها سمحت للولايات المتحدة الأميركية باستخدام قاعدة انجرليك أثناء التدخل الأميركي في لبنان عام 1958 وفي العام نفسه تم توقيع اتفاقية أمنية عرفت ( بالرمح الثلاثي) بين تركيا وإسرائيل وإيران الشاهنشاهية
ورد الفعل التركي حيال الوحدة السورية المصرية الذي اتسم بعدم الارتياح
المرحلة الثانية من منتصف الستينات حتى نهاية الثمانينات
في هذه المرحلة بدأت تركيا بمراجعة سياساتها ومواقفها إزاء القضايا العربية وأدركت أهمية تحسين علاقاتها مع الدول العربية لكن ليس حبا بلعرب أو على حساب علاقاتها مع اسرائيل بل يعود ذلك إلى شعورها بعزلة كبيرة إذ نالت 5 أصوات فقط في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القضية القبرصية وفي هذه المرحلة طرأت بعض التغيرات الايجابية على المواقف التركية حيال القضايا العربية
فرفضت السماح للولايات المتحدة الاميركية باستخدام القواعد العسكرية التركية في عدوان 1967 وفي حرب تشرين 1973
وفي عام 1974 اعترفت بمنظمة التحرير كممثل شرعي للشعب العربي الفلسطيني وافتتحت مكتبا للمنظمة في أنقرة عام 1979
في عام 1980 أعلنت تركيا عدم اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل
كما نددت بقصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي في عام 1981 وخفضت تمثيلها الدبلوماسي مع الكيان الصهيوني
المرحلة الثالثة مرحلة التسعينات
وفي هذه المرحلة رجعت تركيا إلى معادات العرب وانتهاك حقوقهم وتمثلت بوقوف تركيا إلى جانب إسرائيل في جميع القضايا التي تهم العرب ثم تطور هذا الموقف إلى مستويات أعلى من التنسيق والتعاون في مختلف المجالات
فقد تدخلت تركيا في الشؤون الداخلية للعراق وانتهكت أراضيه أكثر من مرة وتوغلت فيه وبقيت فترة من الزمن في تلك المناطق التي تتوغل فيها ثم صعدت مطالبها بترسيم الحدود مع العراق ( قضية الموصل)
استغلت أزمة الجفاف وبدأت بقطع مياه الفرات بحجة تخزين المياه لضرورتها في إملاء شبكة السدود في المشروع الكبير ال ‏ ‏GAP‏ غير معترفة بحقوق سوريا والعراق في مياه دجلة والفرات
وفي عام 1996 وقعت تركيا اتفاق تعاون عسكري وأمني مع إسرائيل
ثم صعدت في عام 1998 لهجتها العدائية ضد سوريا وهددتها بلسان أعلى المسؤولين الأتراك
تأملت وتبصرت كثيرا في هذا التاريخ فلم أجد مايدعو للتفاؤل بلأتراك وكما يقال التاريخ يعيد نفسه حتى عندما اقترب التاريخ من العرب كان لمصلحة تركية خالصة وكل الأشخاص الذين حكموا تركيا من علمانين إلى عسكرين إلى إسلامين حافظوا على نفس النهج بلاتجاه غربا وكره العرب

» نظرة جديدة إلى تركيا وأدوارها الشرق أوسطية
» استشهاد رئيس دائرة المغتربين السوريين والعرب " محمد ضرار جمو " في بلدة الصرفند جنوب لبنان مع اثنين من مرافقيه
» تركيا و«خط الجهاد» من آدي يمان إلى حلب!...محمد نور الدين
» من يلعب بالنار… سوريا أم تركيا ؟ ...محمد نور الدين
» تركيا 2013: عام الهزائم المتشابكة.....محمد نور الدين