دام برس:
قال تقرير لموقع بنت جبيل إن السّفير الروسي في بيروت لا يقبل بتشبيه دور بلاده المستجدّ في لبنان بالدور الأميركي. وروسيا ستمنع أي قرار باعتداء خارجي على سوريا، كما على أي دولة في العالم. زمن العالم المتعدد الأقطاب قد بدأ
وبعيداً عن الزحمة وصخب كورنيش المرزعة، يمكن العاملين في السّفارة الروسية في بيروت أن يعيشوا بيروت القرن التاسع عشر. حديقة الصنوبر والشربين في السّفارة من البقع القليلة الناجية من مرض الأبنية في المدينة الرمادية. أما البناء الأثري، فآسر الجمال على نسق الفنّ المغربي؛ إذ كان واحداً من أبنية المدارس المسكوبيّة الستّة في بيروت التابعة لروسيا القيصريّة. لم تعد روسيا خبراً طارئاً على بلاد الأرز. ما زالت زيارة مبعوث الرئيس الروسي نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف حاضرة على الساحة السّياسية. يستمهلك السّفير ألكسندر زاسبيكين للارتشاف من فنجان الشّاي، قبل أن يبدأ حديثه. الشّاي هنا يختلف كثيراً عن «شاي الأكياس» الذي آثر اللبنانيون تقديمه في السنوات الأخيرة على حساب الشاي العربي، كالأوروبيين. يأتي الروس بـ«شايهم» معهم من الهند أو الصّين، ليقدّم على الطريقة الروسية، وبفنجان آتٍ من روسيا، يحمل آثار الزخرفة الروسية طبعاً، بالأزرق والأبيض.
سوريا على رأس قائمة الأولويّات الروسية.
يقول زاسبيكين إن «الخطيئة الكبرى التي اقترفها الغرب حين أعلن أن النظام السوري غير شرعي». نزع الغرب الشرعيّة عن النظام السوري من دون أن تكون هناك شرعيّة للمعارضة، «لا يمكن أن تكسب المعارضة الشرعيّة من دون انتخابات ومن دون أن يقرّر الشعب السوري ما الذي يريده».
بحسب السّفير، يحاول الغرب الإيحاء بأن الشعب السوري عاجز عن حلّ مشاكله من دون تدخّل خارجي، وبدء حوار، «وهم يعرقلون الحوار بين النظام والمعارضة»، ما يعني روسيا في سوريا «هو ما يقرّره السوريون والحلّ السياسي هو الطريق الوحيد. الإرهابيون يأتون من كل العالم لقتال النظام السوري، والقول إن دعم المعارضة بالسلاح ليس دعماً للإرهاب كلام غير منطقي؛ لأن المعارضين، وقد يكون بعضهم يختلف قليلاً من الناحية الأيديولوجية، يقاتلون الآن في الخندق نفسه والسلاح سيصل إلى أيدي الإرهابيين حتماً». يكرّر زاسبيكين الدعوة لمؤتمر موسّع تحت عنوان جنيف 2، لمتابعة مقررات جنيف واحد.
حتى الآن، ترى روسيا أن النظام السوري هو الشرعية الوحيدة. لا يدافع الروس عن سوريا كونها حليفاً لهم، فـ«الرئيس السوري بشار الأسد كان مقرّباً جدّاً من باريس، ولم يزر موسكو إلّا بعد خروج الجيش السوري من لبنان. بالإضافة إلى أن الأنظمة العربية التي سقطت لم تكن حليفة روسيا، بل الغرب. عندما وافقنا على منطقة حظر جوّي في ليبيا، كان الهدف حماية المدنيين، لكن الغرب شوّه القرار، وقتل الناتو من المدنيين أكثر مما قتل معمّر القذافي». روسيا تمنع أي تدخّل خارجي في الشؤون الداخليّة لدول العالم، «لم نستطع منع التدّخل الخارجي في يوغوسلافيا واحتلال العراق، لكن الأمور الآن تغيّرت».
لا يمكن أن تقبل روسيا بأي اعتداء خارجي على سوريا أو تدخل في شؤونها، «كما لن نقبل في المستقبل التدخل في شؤون أي دولة في آسيا مثلاً أو أي مكان في العالم».
يشرح زاسبيكين ما يسمّيه «تشويه دور روسيا»، بالقول إن روسيا تدافع عن النظام السوري لأن لديها مصالح معه في قاعدة طرطوس البحريّة، مثلاً، وفي مجال التسليح. يردّ السّفير: «ما تتزوّد به بوارجنا في قاعدة طرطوس، يمكن أن نحصل عليه في ميناء بيروت أو موانئ قبرص أو اليونان، كذلك الأمر ليست له علاقة بالصناعات العسكرية؛ لأن حجم الصفقات العسكرية ليس بالمليارات ليقولوا ذلك. ما نفعله يقع ضمن مفهوم العالم المتعدّد الأقطاب».
يعقّب السّفير على مفهوم «العالم المتعدّد الأقطاب»، «هذا لا يعني أن لدينا خطّة لإطلاق سباق تسلح في العالم، لسنا مجانين ولا نريد الانتحار، لكننا نعمل على تحديث القوات المسلّحة الروسية وتطويرها فنيّاً وتقنيّاً».
هل يمكن أن ينشأ تعاون بين روسيا وأميركا وسوريا في مجال مكافحة الإرهاب؟ يشير السّفير إلى أن روسيا تتعاون مع أميركا وأوروبا في مجال مكافحة الإرهاب في أكثر من مكان في العالم، وكذلك مع «منظمة شانغهاي». أما في سوريا، «فلا يمكن إلّا أن يكون النظام السوري شريكاً لأميركا وروسيا في مجال مكافحة الإرهاب».
يرفض زاسبيكين تشبيه الدور الروسي الجديد في لبنان، بالدور الأميركي، وتحديداً الدور الذي أداه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية السابق جيفري فيلتمان. يؤكّد أن ما قام به بوغدانوف هو لقاءات مع مختلف الشخصيات اللبنانية من دون تمييز، و«ما يهمنا في لبنان أولاً وأخيراً هو الاستقرار والأمن». وطبعاً، تدعم روسيا «تشكيل حكومة جديدة تراعي كل الأطراف وإجراء انتخابات نيابية». «الربيع العربي» على ما يقول السفير، علّم روسيا أن «الانتخابات الحرّة ليست هي الطريق الأمثل للديموقراطية؛ لأن الديموقراطية عملية معقّدة تحتاج إلى مؤسسات الشعوب ووعيها، لا إلى الانتخابات فقط».
بحسب زاسبيكين، يتعاطى الأميركيون في لبنان مع مجموعة تتفق معهم في السياسة ضدّ أخرى تختلف معهم، ويدعمون مجموعة على حساب أخرى، «لا مشكلة لدينا مع 8 ولا مع 14 آذار، نحن ندعم «إعلان بعبدا» والنأي بلبنان عن الأزمة السورية».
يضيف السفير: «يحاولون القول إن روسيا في محور الشيعة، لسنا في محور الشيعة ضدّ السنة، ولا مع السنة ضد الشيعة، نحن دولة علمانية لديها أغلبية أرثوذكسية ومواطنون سنّة، لا يمكن أن نكون مع طائفة ضد أخرى». ويجزم بأن روسيا لا تتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
أمّا عن الحديث عن دور حزب الله في سوريا، فيشير إلى أن البعض «يركّز على دور حزب الله في سوريا وما يقال عن قتاله إلى جانب النظام، ويتغاضون عن إرسال المسلّحين والسلاح من لبنان إلى الذين يقاتلون النظام».
ويختم زاسبيكين، «النظام السوري هو من يقرّر من يخرق سيادته ومن لا يخرق سيادته، وحرّ بأن يقرّر إذا كان حزب الله يساعده أو لا».