سلاح القوات الرديفة الى اين في سورية

سلاح القوات الرديفة الى اين في سورية
يارا انبيعة - المصدر وكالة اسيا

سوريا(آسيا): تلقي الأزمة السورية وتبعاتها بظلالها على الشارع السوري عموماً بدون استثناء، ويبقى صوت الرصاص والقصف والانفجارات يعلو فوق أي صوت، ورأى القادة العسكريين فوق رأي الشارع السوري المغلوب على أمره والذي لا حول له ولا قوة، إلا أن هذا الشارع لا يأبى السكوت بل ويظهر بشكل علني في مختلف الأحيان موقفه ورأيه بمختلف القضايا.

ولفت خلال الأزمة ظهور السلاح بيد الشعب، فانقسموا إلى طرفين مقتتلين، فكان الجيش السوري الحر الذي جذب إليه المسلحين المعارضين، وكانت اللجان الشعبية سيئة الصيت ـ التي تم قوننتها فيما بعد إلى قوات الدفاع الوطني، فبات بسمعة أفضل بكثير عن سابقاتها بالنسبة لمختلف أبناء الشعب بالرغم من تباين توجهاتهم السياسية.

ولا تقف القوات الرديفة عند الدفاع الوطني، كما يقول أمجد، خريج جامعي وأحد عناصر قوات الدفاع الوطني ، بل يشير إلى قوات أخرى منها الكتائب البعثية والتي تتبع بقيادتها للمكتب الأمني التابع لقيادة حزب البعث في سورية، إضافة إلى لجان المقاومة الشعبية والجبهة الشعبية لتحرير لواء الاسكندرون.

ويقول مصدر مطلع لـ"وكالة أنباء آسيا" وفضل عدم الكشف عن هويته، إن الكتائب البعثية من القوات المسلحة الرديفة للقوى الأمنية والعسكرية القديمة، وهي موجودة منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي إبان أحداث الأخوان المسلمين، وربما قبل ذلك، في إشارة إلى إنشاءها عقب وصول حزب البعث إلى السلطة في سورية عام 1963م وإعلان حالة الطوارئ، وعدم الثقة بين سلطة البعث وبعض قادة الأجهزة الأمنية وقتذاك.

ويتابع المصدر، ظهرت هذه الكتائب إلى العلن وبشكل ملحوظ خلال أحداث الثمانينيات ثم تراجع دورها شيئاً فشيئاً، وبات الانتساب إليها حكراً على البعثيين الموالين بشدة للحزب ولأمينه القطري (أي رئيس الجمهورية) موضحاً أن الانتساب إليها لم يكن حكراً على أبناء الطائفة العلوية كما تشير المعارضة، بل تحوي في صفوفها الكثير من البعثيين المؤمني بالحزب وأفكاره وأهدافه وقضيته النضالية، وهناك الكثيرون من أبناء الحافظات السورية الجنوبية والوسطى والشرقية في صفوف الكتائب وما زالوا يقاتلون إلى جانب الجيش السوري خلال الأزمة.

وينفي رامز، أحد عناصر الكتائب البعثية وهو خريج جامعي ويعمل في محل تجاري، الصفة الطائفية للكتائب، ويؤكد أنها ليست حكراً على طائفة، باعتبار أن الحزب لم يكن طائفياً بل بني على مبدأ قومي، ويؤكد وجود الكثير من أبناء دمشق وريفها في صفوف الكتائب العاملة في العاصمة وريفها.

وبما أن الكتائب من القوات النظامية أو التي تعمل وفق القانون فكان السلاح بيدها قانونياً ومنظماً، واغلب السلاح هو سلاح فردي لا يتعدى البنادق الآلية والرشاشات، وقد اشتكى منها المعارضون خاصة أوقات الاحتجاجات مع بداية الأمة.

ويشير زهير، من سكان حي الرمل الفلسطيني باللاذقية، إلى أن الكتائب البعثية لعبت دوراً سلبياً بتأجيج الأزمة بسبب التصرفات "التشبيحية" لعناصرها دون رادع أو رقيب خاصة من قبل الأجهزة الأمنية التي كانت تشرف على عملها، إضافة إلى قيامهم بالتسلل إلى الجوامع خلال صلوات الجمعة للإيقاع بالناشطين أو لجمع المعلومات عنهم وإلقاء القبض عليهم، وبالتالي تسليمهم إلى الأمن.

ولا يقف موضوع القوى الرديفة على الكتائب البعثية، فقد ساهمت اللجان الشعبية في تأجيج الوضع في كثير من المناطق وخاصة في حمص وحماه وبعض المحافظات الأخرى، خاصة لجهة الطابع الطائفي الذي حملته هناك، فيتحدث الناشط الإعلامي المستقل برهان الحمصي لـ"آسيا" عن ممارسات سيئة من قبل طرفي النزاع بهذا الخصوص، فكلاهما أوجدا ما اسمه "لجان شعبية لحماية لأحياء وممتلكات سكانها" إلا أنه كان لدى هذه اللجان اليد الطولى في سرقة الممتلكات، لاحتواءها على عناصر من أصحاب السوابق أو من "زعران الحارات"، لكن اللجان الأكثر شهرة كانت تلك التي عملت بداية تحت لواء المخابرات الجوية قبل أن تنتقل مسؤوليتها إلى إدارة أمن الدولة التي اقترحت فيما بعد قوننة هذه اللجان وتحويلها إلى قوات الدفاع الوطني تحت مسؤولية القيادة العامة للجيش والمسلحة.

ويقول "عند بدء عمل اللجان عانى الكثير من سكان المناطق من ممارساتها، فانعدام الأخلاق لدى بعض العناصر سبب كراهية لدى الكثير من لسكان، إضافة إلى استعلاء البعض على الناس وارتكابهم تجاوزات تحت تهديد السلاح، خاصة أن هذه العناصر كان أغلبها من الزعران أو سيئي الصيت في مناطقهم، وشعروا بنشوة تسد عقد النقص في شخصيتهم عندما حملوا السلاح تحت التغطية الأمنية فباتوا يتصرفون بطريقة مسيئة للناس ومسيئة للأطراف التي يعملون تحت جناحها".

وتشير راميا، طالبة في جامعة البعث، إلى مضايقات كانت تتعرض لها على بعض حواجز اللجان الشعبية، وإلى كلام معسول تارة وكلام غير مقبول تارة أخرى من قبل العناصر وقتذاك، واعتبرت أن غياب الدولة في تلك الفترة عن الكثير من مظاهر الحياة في حمص أجج الناس على هؤلاء، بل إن هناك من انقلب على الدولة بسببهم وانضم للميليشيات المسلحة بهدف التخلص منهم.

وبعد شكاوى كثيرة وصلت إلى القيادة، خاصة خلال لقاءات الوفود الشبابية مع الرئيس بشار الأسد، إضافة إلى انتقاد أطراف المعارضة الداخلية لهذه اللجان وممارساتها بحق المواطنين، تم تغيير مرجعيتها إلى إدارة أمن الدولة ثم إلى القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة التي كلفت ضباطاً من الجيش للإشراف على هذه اللجان وتدريبها وعملها، وبالتالي تغيرت طريقة تعاطي هذه اللجان مع الناس، وصحيح أن الوقت كان قد تأخر لتحسين سمعة هذه العناصر، إلا أن المخرجة سهير سرميني مساعد الأمين العام لحزب الشباب السوري (معارضة داخلية) ترى في تصريحها لـ"وكالة آسيا" أن أكثر معضلة تم تداركها كان من خلال تحويل هذه اللجان إلى قوات نظامية وقوننتها وضبط عملها وتصرفاتها وتجاوزاتها وبات الحديث السلبي عنها يتراجع لصالح الحديث الايجابي خاصة فيما يتعلق بتصرفات حواجز هذه القوات مع الناس وانعدام شبه كامل للشكاوى بحقها.

وإنشاء القوات الرديفة بالرغم من أهميته في ضبط المناطق المختلفة للمدن والحافظات السورية، إلا أن المعارضة الخارجية ومسلحيها يرون أن لذلك دلالة كبيرة على تراجع قدرة النظام في بسط سيرته عى الأراضي السورية، وعدم قدرة الجيش النظامي على الدفاع عن المحافظات والمناطق التي تقع سيرة النظام، إضافة إلى أن ذلك يشكل دليلاً كبيراً على أن النظام غير قادر على الإمساك بزمام الأمور في البلاد وأنه آيل للسقوط.

وتشير الآراء والتصريحات والأحاديث التي رصدتها "آسيا" بهذا الخصوص إلى أن النظام بات يعتمد على أبناء الطائفة العلوية في تدعيم هذه القوات ممن يقطنون في المحافظات المختلفة، وأنه لا وجود لها سوى في الأماكن التي تضم تجمعات لأبناء هذه الطائفة، هذا الأمر ينفيه وليم، أحد أبناء الجولان النازحين، ويقول لقوات الدفاع الوطني عدة قطاعات في دمشق، ينتمي إليها العديد من أبناء الوطن، منه الجولانيون والدمشقيون بل والأكراد، وهناك من الأخوة المسيحيين ممن يقاتلون معنا لحماية أماكن عملنا من تسلل الإرهابيين، ونعمل في برزة والقابون ومخيم اليرموك وحي التضامن وجوبر وغيرها، والأخوة المقاتلون هناك منهم يدافع عن حيه وأهله وجيرانه، لأن لهؤلاء الإرهابيين تصرفات وئدت منذ مجيء نبي الإسلام محمد (ص) وهم يريدون إعادتها مرة أخرى في زماننا الحاضر.

ووحدها كتائب "المقاومة السورية ـ الجبهة الشعبية لتحرير لواء الاسكدرون" التي أسسها علي كيالي في العام الماضي 2012، تبقى أخبارها بعيداً عن الشارع السوري لتمركزها وتخصصها لتحرير لواء الاسكندرون من الاحتلال التركي الذي يرزح تحته منذ العام1933م، ومن خلال أحد القائمين على هذه الكتائب، تبين لـ"آسيا" أنها حركة للبدء بالعمل العسكري المسلح لتحرير لواء الاسكندرون السوري والتي تحتله تركيا منذ عام 1933 من القرن الماضي، ويؤكد أن من حق السوريين تحرير سائر الأراضي المحتلة بما فيها اللواء وصولاً الى كافة الأراضي التي تحتلها تركيا.

وحسب متابعة "آسيا" للصفحة الرسمية لهم، فإنها تنشر صوراً ومقاطع فيديو وأخباراً عن نشطاتها، ومن أبرزها العمل كخط خلفي مع الجيش السوري في مناطق ريف اللاذقية، والقيام بعمليات التمشيط والتنظيف للمناطق التي يحررها الجيش من أيدي الميليشيات المسلحة.

وبالرغم من وجود فصائل أخرى إلا أنها لا تعتبر رديفة للقوات النظامية خاصة فيما يتعلق بقوات حماية الشعب الكردية التي أعلنت في كثير من المناطق عداءها للجيش النظامي ووجودها في مناطق بريف حلب والحسكة.

ولكن يبقى السؤال الأول والأخير للمواطن السوري العادي والذي يعيش مفرزات الأزمة وتبعاتها بشكل يومي "ما هو مصير سلاح هذه القوات بعد انتهاء الأزمة؟ هل سنرى محاسبات للمتجاوزين؟".

إعداد: يارا انبيعة - المصدر اسيا

» الـ «سي اي ايه» والموساد الإسرائيلي يدخلان سلاح بيولوجي إلى إرهابيي سورية
» العراق : تعزيز القوات على حدود سورية ولن نسمح بالتطاول
» القوات العراقية تحبط هجوما لمجموعة مسلحة قادمة من سورية
» وزيرا الدفاع الأمريكي والفرنسي: لا أدلة على إمكانية استخدام سلاح كيماوي في سورية ومسألة التدخل ليست مطروحة
» سورية تنفي بشكل قاطع مسؤولية القوات الحكومية عن المجزرة التي وقعت في الحولة بريف حمص