دام برس – اياد الجاجة :
ذكرت وكالة “بلومبرغ نيوز” التي حصلت على نسخة من الشهادة التي سيدلي بها مدير وكالة استخبارات الجيش الاميركي الجنرال مايكل فلين امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ ، أن فلين يرى أن الحكومة السورية “تحافظ على تفوقها العسكري خصوصاً في قوة النيران والطيران العسكري” ، كما أن الدوائر المقربة من الرئيس الأسد تبدو متماسكة الى حد كبير، ومع ذلك تواصل الحكومة مكافحة الانشقاقات وعدم القدرة على هزم المعارضة هزيمة حاسمة، وبالتالي العمليات العسكرية المتواصلة أضعفت القوى العسكرية النظامية ”، مؤكداً “لا يوجد أي مجموعة من الثوار قادرة على توحيد فصائل المعارضة المختلف حول استراتيجية تهدف الى اسقاط سورية”.
كما يذكر الجنرال فلين في شهادته أن “ترسانة الصواريخ التقليدية في حوزة الحكومة السورية متحركة ويبلغ مداها إسرائيل وأجزاء واسعة من العراق والأردن وتركيا، انطلاقاً من مواقع في الداخل السوري”.
ويكشف فلين أن “روسيا باعت سوريا صواريخ كروز مضادة للسفن تفوق سرعة الصوت، ويصل مداها الى أكثر من 300 كيلومترا، وهي تشكل تهديدا رئيسيا للعمليات البحرية، لا سيما في شرق البحر المتوسط”.
في حين تحدثت اوساط سياسية متابعة للملف السوري الى ان الرئيس الاسد حاول ان يستفيد من اطلالته للإضاءة على بعض الملفات التي تشتمّ من خلالها القيادة السورية رائحة «عفنة»، وأراد ان يضع المتورطين امام مسؤولياتهم على طريقة «اللهم اشهد اني قد بلغت»، ومن خلال ترتيب الاولويات تستشعر دمشق بخبث «المكيدة» التي يجري الاعداد لها عبر الاراضي الاردنية كواحدة من الاوراق الاخيرة التي يجري الاعداد لها لخلق منطقة عازلة في درعا، وكانت الرسالة العلنية تتويجا لرسائل سورية شديدة اللهجة، فهمتها عمان جيدا، كما ادركت مخاطرها واشنطن التي اعلنت عن نشر مئتي عنصر فوق الاراضي الاردنية، في رسالة مفادها انها مستعدة للذهاب بعيدا في حماية النظام هناك في مواجهة تداعيات انكشاف الدور الاردني.
أما غياب لبنان عن حديث الاسد تقول الاوساط فيعود الى انخفاض منسوب المخاطر الاستراتيجية من الجانب اللبناني، فالقيادة السورية تدرك جيدا ان الساحة اللبنانية غير قابلة للاستثمار من قبل خصومها المحليين او الخارجيين، وحلفاؤها في لبنان استطاعوا ان يؤمنوا لها «مظلة» حمائية على قدر كبير من الاهمية رغم الخروقات الحدودية غير المؤثرة من قبل بعض المجموعات،وقد نجح هذا التوازن الداخلي في لبنان بتحييده عن لعب دور «الخاصرة الرخوة» لسوريا،كما ان التعاون والتنسيق مع غالبية الاجهزة الامنية لا يزال على اعلى المستويات، وما يقوم به السفير السوري في بيروت اكثر من كاف لتبادل الرسائل السياسية والتي لا تحتاج الى تظهير اعلامي من الرئيس السوري الذي لم يعد مهتما بمتابعة التفاصيل اللبنانية المتروكة لحزب الله ومن معه من حلفاء.
اما السؤال عن اسباب ارتياح الرئيس السوري، فالاجابة تنقسم الى جزئين على حد قول الاوساط، الاول له علاقة بالوضع الميداني، اما الثاني، فمرتبط بموقف الحليفين الروسي والايراني، ومن فاته الانتباه، يجب لفت نظره الى تزامن اطلالة الاسد مع وجود وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في تركيا، وبحسب المعلومات المتوافرة فان القيادة السورية تعرف ان الديبلوماسي الروسي جاء لابلاغ الأتراك رسالة واضحة مفادها أن سورية «خط أحمر» واي حديث عن احتلالها بات من الماضي، بعد ان شهدت المعطيات على الارض الكثير من المتغيرات الميدانية، ناصحا الطرف التركي بالضغط على المعارضة للقبول بمبدأ الدخول في عملية التفاوض.
اما ايران ذات الدور الفاعل ، فقد نجحت وبحسب الاوساط في خلق توازن مريح على مستوى المنطقة مع دول الخليج نتيجة تداخل الملفات وترابطها، وفتحت قنوات اتصال مع بعض الدول الفاعلة يمكن الاستثمار عليها في وقت لاحق، وما حصل في لبنان نموذج يحتذى، كما نجحت في «احتواء» الهجوم الاميركي الاسرائيلي بشأن ملفها النووي، من خلال اتباع لغة مرنة «ومطاطة» في المحادثات مع الدول الست، وهي استراتيجية لا تؤدي الى انفراج في الازمة، ولكنها لا توحي بأن ابواب الحل مغلقة، فطهران تعرف تماماً ماذا تريد من واشنطن، وتعرف كيف تفكر الادارة الديموقراطية تجاهها، وهي تستفيد من رفض الرئيس باراك أوباما الانسياق الى مواجهة معها. وهي بذلك تستفيد من هامش مناورة واسع يحقق لها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم بالنسبة التي تلائمها، وتحافظ على دورها في العراق وفي سورية ولبنان،وهي عملت خلال الاشهر القليلة الماضية على التوسع باتجاه باب المندب.
موقف الحلفاء ما كان ليكون كافيا لشعور القيادة السورية بالارتياح لولا النتائج الحاسمة التي حققها الجيش السوري ميدانيا، وتلفت اوساط خبيرة في الشأن العسكري، الى انكفاء قوات المعارضة وتقدم الجيش العربي السوري في عدة محاور استراتيجية لا سيما في حلب وريف إدلب وحمص ولاحقاً في الرقة، وانتقل الجيش السوري في ريف ادلب من الدفاع إلى الهجوم، ونجح في فك الحصار عن قواعده العسكرية الاستراتيجية وتحديداً في منطقة وادي الضيف حيث أحد أهم معسكراته، ثم أخذ يشن هجمات على مختلف محاور ريف إدلب وصولاً إلى قرية سرمدا الحدودية معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهناك ضرب الجيش السوري أبرز معاقل المعارضة ملحقاً خسائر كبيرة في صفوفها. لكن ما هي اسباب هذا التفوق الميداني؟
بحسب تلك الاوساط فان تطور نوعي حصل خلال الأسابيع الأخيرة من عمر المواجهات، حيث تمكن الجيش العربي السوري من قلب المعادلة واستدراج مقاتلي المعارضة الى «ملعبه»، وفرض عليها نمطا قتاليا يناسبه ميدانياً ويلائم تكتيكه العسكري، فبعد مراجعة معمقة لكيفية ادارة المواجهات استدرجت القوات السورية المعارضة لمواجهته بطريقة حرب الوحدات النظامية الكلاسيكية. وأجبرتهم على القتال في المناطق المكشوفة وبأعداد كبيرة، هذه الاستراتيجية الجديدة مكنت الجيش السوري من تحقيق اختراق لوجستي ومعلوماتي، كما أن ضرباته باتت توقع أعداداً كبيرة من المقاتلين بين قتيل وجريح استناداً للأعداد الكبير من المسلحين والتي باتت تشارك في العمليات العسكرية، وهذا سمح له باستخدام وسائل حرب أكثر تطوراً لكونه يقاتل ألوية وكتائب وليس مجرد منشقين أو عدداً من حملة السلاح.
ويضاف الى هذه الانجازات العسكرية تقدم كبير حققته لجان المصالحة الوطنية، وقد انجزت الكثير من الخطوات المهمة على الارض ستتظهر نتائجها في الاسابيع القليلة المقبلة، فهناك الكثير من المصالحات المناطقية قد تمت واخرى على الطريق، وهذا سيؤدي الى انفراج كبير في الكثير من المناطق المشتعلة، او المتوترة، في حمص، وحلب، وادلب، ويأتي اصدار الرئيس الاسد لقانون العفو الجديد كجزء مكمل من عملية شاملة يجري تنفيذ بنودها تدريجيا، واذا ما نجحت هذه المصالحات فان انقلاباً كبيرا سيحصل على ارض الواقع سيترجم عزلا للمجوعات الاسلامية المتطرفة التي ستخسر الكثير من «البيئة الحاضنة» التي ساهمت بتمددها في وقت سابق.