صادق خنافر وحسين ملاح
في الجزء الرابع من "لم.. ولن يسقط الاسد؟؟"، نبحث السياسة التي إعتمدتها القيادة السورية، بمواجهة حملة الضغوط الغربية والعربية الهائلة، التي مورست على دمشق منذ بداية الازمة حتى الوقت الراهن، كما نتطرق إلى متانة السلك الدبلوماسي السوري..
شروط.. وإلا "المواجهة" التي خاضتها سورية سياسياً لا تقل أهمية عن المعارك المحتدمة بين وحدات الجيش والجماعات المسلحة.
فمع الأيام الأولى للأحداث تحركت مفاعلات الضغط عربياً واقليمياً ودولياً، وكثرت زيارات المبعوثين الى دمشق، التي تسلمت سلسلة مطالب، على رأسها قطع العلاقة بمحور المقاومة، خاصة بعد سقوط نظام حسني مبارك في مصر، الذي أحدث اختلالاً، فيما يُوصف بمعسكر "الاعتدال العربي"، فوجد رعاة الأخير في أزمة سورية، فرصة لتوجيه ضربة "قاصمة" للمحور المقابل، عبر اللجوء الى اعتماد سياسة الترغيب والترهيب التي رفضتها دمشق، لتنتقل الاحداث من سيء الى أسوء، أدخلت سورية في غمار معركة، لم تُوفر فيها أياً من أساليب الاعلام.. السياسة.. التحريض الطائفي.. التسليح.. استجلاب "الجهاديين".
المواجهة في خطاباته الأولى عند بداية الأزمة، لم يخفِ الرئيس السوري بشار الاسد حصول أخطاء على المستوى السياسي، اضافة الى تأخر عملية الاصلاح، التي كان من المفترض ان تبدأ بُعيد العام الفين، نظراً للظروف التي مرت بها المنطقة والغزو الاميركي للعراق واحداث لبنان عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فضلاً عن عدوان عام 2006.
مواجهة القيادة السورية للواقع المستجد، أُتبعت بسلسلة حوارات داخلية على مستوى القوى السياسية والمدنية وشملت سائر المحافظات، حتى إقرار دستور جديد وانتخابات نيابية ومحلية، وإقرار عدد من القوانين الإصلاحية، إضافة الى إصدار عدة مراسيم تشريعية منحت العفو العام.
اصلاحات لم ترض بها دول عربية وغربية، ليتبين بعدها وجود حملة منسقة لاطباق الطوق على دمشق، حتى اعلان "الهزيمة"، فشُرعت الاجراءات التصعيدية ضدها، فكانت العقوبات الاوروبية والاميركية، وتبعها تصعيد عربي تمثل بتجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية، قبل اعطاء المقعد الى الائتلاف المعارض خلال قمة الدوحة الاخيرة، كل ذلك ترافق مع عمليات مكثفة لتمويل ولتسليح الجماعات المقاتلة على الارض السورية، ناهيك عن فتح الحدود خاصة الشمالية.
عامل اساسي سُخرت له الأموال الطائلة، وهو زرع الانشقاقات في السلك العسكري والسياسي والدبلوماسي، وبالفعل سُجلت عدة حالات، لكن لم تؤد الى آثار هامة في المنظمومة السياسية، وتمكنت القيادة السورية من دفع عجلة الدوران في أجهزة الدولة، كما جرى التصدي للمحاولات لعزل سورية على الصعيد الاممي.
معاون وزير الاعلام السوري خلف المفتاح يؤكد لموقع المنار "تماسك مكونات الدولة السورية.. المكون السياسي، السلطوي، الثقافي، الاجتماعي، التربوي، العسكري، لذلك حافظت الهوية السورية المتأصلة على بقائها، وايضاً على الاصرار والحياة والوعي الجماعي"، لافتاً الى "اننا نتعرض لمؤامرة.. والشعور بها جعل السوريين يلتئمون ويتحدون رغم وجود اختراقات".
سر الصمود.. والمقابل وللإضاءة على أهم أسباب صمود سوريا سياسياً وخاصة السلك الدبلوماسي، يرى سفير دمشق في تركيا نضال قبلان لموقع المنار أن "سر الصمود لمدة عامين - في حين انهارت دول عربية كبرى خلال اسابيع – هو ما يميز البنية الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية والعقائدية للمجتمع السوري"، مشيراً الى أن "ما بناه الرئيس الراحل حافظ الاسد جنت سوريا ثماره في الأزمة الحالية.. بنى جيشا عقائديا في تجاوز الدين والطائفية وحتى الحزب، ليسمو فوق الاعتبارات الصغرى الى الاعتبارات الكبرى والأمة والجولان والمقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وفي كل بلد عربي محتلة اجزاء من اراضيه".
ويؤكد السفير قبلان أن "دمشق الآن تدفع ضريبة الكرامة، وقد تعودنا كدولة ومواطنين ان ندفع.. لذلك فإن سوريا لن تحيد وسوف تخرج أكثر اصراراً على دعم المقاومة حتى تحقيق الهدف الاكبر بتحرير فلسطين والاجزاء المحتلة من سوريا وجنوب لبنان".
السلك الدبلوماسي تكشف مصادر دبلوماسية سورية عن إغراءات هائلة تعرض لها العديد من الدبلوماسيين في بعض الدول بهدف الإعلان عن "إنشقاقهم"، وتشير في هذا السياق إلى عروض مالية هائلة قدمت لهم من بعض الجهات والدول، بالإضافة إلى الوعود التي قدمت لهم بالحصول على مراكز مهمة في حال سقوط النظام.
"لدى سورية في الخارج 65 بين سفارة وبعثة، وحوالي 60 قنصلية فخرية، 122 دولة ليس لها فيها تمثيل، ومرتبطة بإحدى البعثات في الخارج".
"جهاز ديبلوماسي متماسك جدا، لم ينشق منه سوى عدد لا يذكر، من أصل 1500 عامل في هذا السلك".
ضغط وابتزاز.. وحس وطني علي قاسم رئيس تحرير صحيفة الثورة السورية يشرح لموقع المنار ان المسألة تتعلق ببعد وطني لا بد من اخذه بعين الاعتبار، خاصة ان الحس الوطني لدى السوري هو مسألة ليست قابلة للمساوة والابتزاز وهذا لا يعني وجود استثناءات"، مضيفاً ان "منسبوب الحس الوطني هو نتاج حضارة مترسخة في الارض عمرها 7000 سنة، والمنتج الانساني السوري يتمسك بهذه الارض والاهداف الوطنية". ويوضح قاسم ان "تماسك السلك الدبلوماسي السوري كان طبيعياً، وبالاخص انه في بداية الاحداث أخذت مسألة (الانشقاقات في صفوف الدبلوماسيين) كنوع من التهويل والحرب والضغط والابتزاز".
ووفق رئيس تحرير صحيفة الثورة السورية، فان الضغط على السلك الدبلوماسي توزع على الشكل التالي:
- اولاً: التهويل والكذب والمبالغة.
- ثانياً: الابتزاز والتهديد والوعيد.
- ثالثاً: الفبركة (الايحاءات بوجود انشقاقات متصاعدة).
ويؤكد قاسم ان الدبلوماسيين السوريين استطاعوا أن يواجهوا تلك الضغوط، لان صلابة هذا السلك هو تماسك لسورية ككل، لذلك وعلى مدى عامين لم تؤت الحملة ثمارها".
"معروف ان الفريق الدبلوماسي السوري تدرب وتأهل جيدا وهو يخوض معاركه في المحافل العربية والدولية بأشكال مختلفة ومنذ فترة طويلة، حيث كان يُنظر الى ما سيقوله الدبلوماسي السوري، ما يدلل على اهمية الدور الذي تلعبه دمشق في تلك المحافل..".
لماذا لم.. ولن يسقط الأسد؟؟ (1/7) لماذا لم.. ولن يسقط الأسد؟؟ (2/7) لماذا لم.. ولن يسقط الأسد؟؟ (3/7)
قريباً.. الجزء الخامس: المعارضة.. داخل وخارج الجزء السادس: سورية.. العالم اصبح قطبين الجزء السابع: الحل في سورية؟؟
|