دام برس:
منذ فترة قصيرة يتم استخراج الغاز الطبيعي من حقل أمام سواحل إسرائيل فيالبحر الأبيض المتوسط. ورغم الاحتياطيات الضخمة التي تفسح المجال لاستقلالية البلد في موضوع التزويد بالطاقة، فإنه من الصعب القيام بتصدير الغاز.
تقول نكتة إسرائيلية معروفة إن موسى قاد الشعب اليهودي سهوا إلى المنطقة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لا يتوفر فيها النفط. وكانت إسرائيل مجبرة مندالبداية على استيراد الغاز الطبيعي والفحم لسد حاجياتها من الطاقة. إلا أن ذلكتغير الآن، فقد تدفق مؤخرا ولأول مرة الغاز الطبيعي من حقل تامار في أعماق البحر والذي يبعد بحوالي 90 كيلومترا عن حيفا. وتم نقل الغاز عبر خط أنابيب من قاع البحر إلى منشأة في أشدود. وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمناسبة تدشين المنشأة أن "هذه خطوة مهمة في طريق إسرائيل إلى استقلالها من حيث التزويد بالطاقة". كما تحدث وزير الطاقة سيلفان شالوم عن حدث تاريخي.
غرفة مراقبة ضخ الغاز بحقل تامار
حققت إسرائيل هذا النجاح بعد عقود من البحث عن النفط في البحر بلا جدوى.وبعد العثور عام 1999 على حقل غاز صغير أمام أشدود تم بين عامي 2009و2010 اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في حقل تامار، وذلك علىعمق خمسة آلاف متر. وتقدر كمية الاحتياطيات ب 238 مليار متر مكعب. وعلاوةعلى ذلك تم العثور على حقل ليفياتان. وتقدر كمية الغاز في هذا الحقل، وهوالأبعد عن الشواطئ، ب 450 مليار متر مكعب، أي أنه يتوفر على أكبر الاحتياطيات المعروفة حاليا على الصعيد العالمي.
الكيان الصهيوني ومعالم الاستقلالية
مع اكتشاف الاحتياطيات الضخمة للغاز الطبيعي لم تعد إسرائيل متوقفة على دولأخرى مثل مصر التي زودت البلد منذ عام 2005 بكميات كبيرة من الغاز لإنتاج الطاقة بشكل خاص. إلا أن هذا المصدر توقف بعد سقوط الرئيس حسني مبارك.فبعد اعتداءات عديدة على أنابيب الغاز فسخت مصر 2012 العقد بهذا الشأن معإسرائيل. ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسعار الطاقة في إسرائيل بنسبة 25 بالمائة.وليس من المحتمل الآن أيضا أن تنخفض مستويات الأسعار.
بنيامين نتنياهو: "خطوة مهمة في طريق اسرائيل إلى استقلاليتها من حيث التزويد بالطاقة"
إذا لم يتسفد المستهلكون الإسرائيليون من مصادر الطاقة الجديدة، فمن سيستفيد منها؟ وبالتأكيد فإن المستفيد الرئيسي هم المستثمرون، من بينهم شركة نوبل إنيرجي الأمريكية (Noble Energy) التي تملك معظم الأسهم، وشركة ديليك الإسرائيلية. وقد استثمرت هاتان الشركتان في أعمال التنقيب 2.8 مليار يورو.وتعود هذه المخاطرة المالية الآن بالفائدة عليهما. كما تُعد الدولة الإسرائيلية من المستفيدين أيضا، وذلك بسبب حصولها مستقبلا على أموال ضرائبية من الشركات المشاركة في استخراج الغاز. وتقدر قيمة هذه الأموال خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة ب 30 مليار يورو. ومن المقرر استخدام هذه الأموال لسد الثغراتفي ميزانية الدولة الاحتلال،
تصدير الغاز أمر صعب
قد يكون من المحتمل أيضا تصدير الغاز المستخرج أمام الشواطئ الإسرائيلية. إلاأن البلاد تحتاج إلى شركاء لهذا الغرض بسبب وضعها الجغرافي. وهذا بالذات أمر صعب. وقد اتضح ذلك خلال مؤتمر في تل أبيب في شهر تموز/يوليو الماضي أقامه معهد الدراسات الأمنية الوطنية وناقش فيه خبراء من أوربا وتركيا هذاالموضوع. وقال المفوض الإسرائيلي لشؤون النفط أليكسندر فارشافسكيفي هذا المؤتمر، إنه يمكن تصدير أكثر من نصف الغاز المستخرج على شرط أنيكون هناك تعاون مع لبنان وتركيا وقبرص. غير أن هناك مشاكل كبيرة بهذا الشأن،فلبنان تطالب بأجزاء من حقلي الغاز الذين اكتشفتهما إسرائيل. وبينماعقدت إسرائيل مع قبرص قبل سنين اتفاقات واضحة بشأن الحدود الجغرافية معها،فإن مطالب لبنان بشأن حقلي الغاز تبقى بدون حلول.
اعتداء في مستهل عام 2011 على خط الأنابيب المصري في العريش
رغم الاتفاقات مع قبرص لا تزال هناك مشاكل معها، ففيما يتعلق بشؤون قبرصتلعب تركيا أيضا دورا كبير، إذ أن جيشها يراقب الجزء الشمالي من الجزيرة.وأعلنت حكومة أنقرة أنها ستستخدم كافة الوسائل المتوفرة لديها فيما يخص النزاعبشأن الغاز. ولذلك، فإن إسرايل في مأزق.
خطط لبناء خط أنابيب
حسب ما يقوله المستثمرون، يمكن تصدير الغاز بعد مرور ثلاث سنوات، أي بعدتشغيل حقل ليفياتان. وفي هذه الحالة سيعود الغاز بالفائدة على دول كثيرة،"فتزويد إسرائيل بالطاقة سيكون مؤمنا. والطاقة ستكون نظيف"، كما يقولفارشافسكي. وسيمكن تصدير الغاز الاتحاد الأوربي من تخفيض مدى توقفه علىروسيا في هذا المجال.
إلا أن ما هى الطرق التي يمكن أن يتم فيها نقل الغاز إلى أوربا؟ منالمحتمل نقله عن طريق تركيا ونقله إلى هناك في خط أنابيب على قاعالبحر الأبيض المتوسط، كما تريد ذلك شركة تركية.....
إلا أن جميع التصورات في هذا المجال تفتقر إلى شيء حاسم. وهو أنه لا تتوفرلدى الحكومة الإسرائيلية الجديدة حتى الآن أي خطط واضحة لسياستها بشأن تصدير الغاز. ومن الواضح فقط أنه يجب على السلاح البحري الإسرائيلي أن تنفذفي المستقبل المزيد من المهمات، إذ من الضروري أن يحمي حقل تامار مناعتداءات محتملة عليه.