تركيا و"إسرائيل" تستعدان لافتراس العرب ..يونس عودة

تركيا و"إسرائيل" تستعدان لافتراس العرب ..يونس عودة

منذ اللحظة التي وطأ فيها الرئيس الأميركي أرض فلسطين، والتي استبقها بمواقف معلَنة، جوهرها أن الولايات المتحدة تعرف مصلحة "إسرائيل" أكثر من المسؤولين "الإسرائيليين" أنفسهم،
لم يكن أحد ليساوره الشك بأن زيارة باراك أوباما ستشكل مظلة أقوى من "القبة الحديدية" وأفعل بمئات المرات على المستوى السياسي.

الإنجاز الأخبث للرئيس الأميركي، إلى جانب ربطه الحرية بالحركة الصهيونية، هو إعادة العلاقات "الإسرائيلية" - التركية أقوى مما كانت عليه قبل حادثة سفينة "مرمرة"، والتي قتل على متنها الجنود الصهاينة تسعة من الناشطين الأتراك المتضامنين مع أهالي غزة المحاصَرين.

في الواقع، إن العلاقات "الإسرائيلية" التركية لم تتأثر في الجوهر كثيراً، بغض النظر عن سحب السفير التركي الذي تعمّد بنيامين نتنياهو مع وزير خارجيته آنذاك أفيغدور ليبرمان إهانته بتوزيع صورته وهو يجلس ذليلاً على كرسي "أوطى" من كرسي الموظف في الخارجية "الإسرائيلية"، لمجرد أن طلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اعتذاراً على عملية قتل مواطنيه، وهو الحد الأدنى الذي يمكن أن يكون مطلوباً للحفاظ على ماء الوجه أمام الشعب التركي الذي كان في ذروة الهياج، ولذلك فإن العلاقات الأمنية بقيت في أفضل حالات التنسيق، لا بل ازدادت توثيقاً، وكذلك العلاقات العسكرية التي تجمعهما منفردين، وكشريكين أيضاً في حلف الأطلسي، دون أن نغفل عن تعزيز العلاقات الاقتصادية، بحيث ارتفع حجم التجارة إلى نحو الضعف بعد حادثة "أسطول الحرية"، وقد وصل إلى ما يزيد على 4 مليارات ونصف مليار دولار، بينما لم يكن متجاوزاً لمليارين ونصف مليار قبل قتل الأتراك التسعة وإهانة السفير.

لا شك أن المسألة إذاً كانت مجرد كبرياء شخصي تمكّن المايسترو الأميركي من إخضاعه لضرورات تخصّه أولاً، وتعيد توزيع الأدوار والمهام والغنائم على الأدوات المباشرة المتمثلة بـ"إسرائيل" وتركيا، فصدر أمر المصالحة بين نتنياهو وأردوغان اللذيْن كانت علاقتهما مستمرة عبر لقاءات وزير الخارجية التركي وموفدين "إسرائيليين"، وهنا يتبادر السؤال المركزي عن الأهداف التي نحت الكبرياء من الاثنين معاً، وربما، بلا أدنى تردد.

1- إن العرب في قمة الضعف، خصوصاً في غياب الكبار الذين كانوا جسور الدفاع عن الأمة، ولو كانوا متخاصمين، وإحلال مشيخات النفط الصغرى كمصادر لكل تلك الأدوار وبعنجهية مصطنعة لا تعكس القدرة ولا الحجم الحقيقي (قطر نموذج).

2- اليقين السائد في "إسرائيل"، كما حليفتها تركيا، أن اللحظة التاريخية قد اقتربت للانقضاض على سورية، بما فيه مصلحة مشتركة لهما ومن كل المحور المقاوم للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة.

3- استغلال الانحلال العربي، لاسيما أن مصر بحكمها الحالي تُبارك الدور التركي في مصادرة كل الأدوار العربية، بما فيه الدور السعودي، الذي يشكّل عائقاً عقائدياً على المستوى البعيد، ومن هنا الدخول التركي عبر بوابة فلسطين، باعتبار أن فلسطين غائبة حالياً عن الأجندات العربية، لا بل إن جميع العرب يجهدون كل ما يحدث أمام أعينهم للشعب الفلسطيني بشكل عام، وللمسجد الأقصى بشكل خاص، لا بل يساهمون في حصار هذا الشعب، لا سيما نظام محمد مرسي، ولذلك ستكون أولى إنجازات المصالحة بين نتنياهو وأردوغان، زيارة الأخير إلى غزة الشهر المقبل.

4- الاستثمار التركي للقضية الفلسسطينية كورقة رابحة سياسياً وشعبياً، لمصادرة وتطويق أي دور عربي يمكن أن يتبلور بالتعاون مع الدول الداعمة حقيقة لفلسطين، مثل إيران، بموازاة إضعاف الدور السعودي ولو كان شكلياً، وهو ما تبدّى بوصف الصحافة الغربية للسعودية بأنها "مملكة الشر"، كمؤشر جديد لحضانة الإسلام التركي القطري المصري، الذي يؤدي "تعظيم سلام" إلى أميركا و"إسرائيل"، وهنا المستغرَب كيف أن حركة "حماس" اعتبرت المصالحة التركية - "الإسرائيلية" انتصاراً وإنجازاً كبيريْن، رغم أنها لم تحقق فك الحصار، ولا حتى وقف الاستيطان.

5- كل ما تقدّم يهيئ الظروف، إذا نجح التنفيذ الذي دونه مصاعب ودماء غزيرة، للانقضاض أيضاً على العراق بوحشية أكبر مما نشهده الآن، بحيث إن الهدف المشترك التركي - "الإسرائيلي" يتلخص في منع قيام العراق من محنته ولكل أسبابه، إذ إن التركي يعتبر إقامة دولة كردية حل لأزمته مع الأكراد، فيما ترى "إسرائيل" أن قيام دولة كردية حليفة ضمان لفرض دولة يهودية خالصة، حتماً ستلعب تركيا الأردوغانية دوراً محورياً لتسويقها بفتوى تحمل طابعاً إسلامياً.

6- من المتوقع أن يكون الأردن أحد الضحايا الأكثر إلحاحاً، سيما بعد فشل زيارة الملك عبدالله لتركيا، والتي أعقبها بموقف يندد بسياسة "الإخوان".

يبدو أن الفك التركي - "الإسرائيلي" المفترس يشحذ ما لديه للانقضاض بحماية ورعاية أميركيتيْن، وبات المطلوب الاستعداد لمواجهة المفترسين.
سورية الان - الثبات

» حتى في ظلال الموت ملوك العرب يفكرون بمصلحة إسرائيل
» في انتظار عودة مصر إلى دورها : غياب العرب عن .. العالم ....طلال سلمان
» في انتظار عودة مصر إلى دورها : غياب العرب عن .. العالم ....طلال سلمان
» عودة الجيش الحر إلى تركيا بعد خلافات مع الأكراد في "كوباني"
» حتى في ظلال الموت ملوك العرب يفكرون بمصلحة إسرائيل