حقيقة الدوافع الروسيّة لدعم النظام السوري

حقيقة الدوافع الروسيّة لدعم النظام السوري

بالرغم من أهمية العلاقات التجارية والسياسية بين روسيا وسوريا وبالرغم من اهمية قاعدة طرطوس البحرية بالنسبة للاسطول الروسي المجر في المتوسط فان الموقف الروسي «المتصلب» تجاه الازمة السورية يرتبط الى حد بعيد بتعقيدات العلاقات القائمة بين روسيا والدول الاوروبية والولايات المتحدة، ومن ابرزها: الدرع الصاروخية، ونزع السلاح، وقضايا حقوق الانسان والقضية النووية الايرانية، بالاضافة الى إرث التدخلات الاميركية في الدول القريبة من روسيا.
يضاف الى كل السجل الحافل للخلافات مع الغرب وجود رغبة ويقظة لدى الرئيس بوتين لاستعادة دور روسيا كلاعب اساسي في الجيوبوليتيك الشرق اوسطي والدولي. وهو يحاول ان يستغل نقاط الضعف لدى الرئيس اوباما وخصوصاً رفضه استعمال لاي شكل من اشكال القوة العسكرية من اجل حل النزاعات الاقليمية، والتركيز فقط على المقاربة الديبلوماسية للمساعدة على ايجاد الحلول، والتي تبقى، وفق عقيدة اوباما، من مسؤولية القوى الاقليمية.
لا يمكن تجاهل الهواجس الروسية التي ولّدها التدخل العسكري الغربي في ليبيا، وان تعميم هذا التدخل يشمل سوريا، فان ذلك سيفتح الباب لتدخلات عسكرية غربية في المحيط الجغرافي القريب من روسيا. كما يفتح احتمال ان تكون ايران مستهدفة بعد سوريا، وان روسيا ترتبط بايران بعلاقات ومصالح استراتيجية، ولا يمكن ان تقبل بأن تخسر حليفيها في الشرق الاوسط: ايران وسوريا.
تدرك روسيا ان نجاحها في منع حصول اي تدخل عسكري غربي في داخل سوريا لاعتبارات انسانية بأنه سيطيل عمر نظام الأسد، ولكن ذلك لن يحميه من التفتت والسقوط في المستقبل. وهي تدرك تماماً بأن الجيوبوليتيك الاقليمي والدولي لن يسمح لأن يكون للرئيس الأسد اي دور في قيادة سوريا في المستقبل. من هنا فان التصلب الروسي في دعم النظام ما هو سوى وسيلة لكسب الوقت بالنسبة لموسكو والى حين التوصل الى حوار سياسي يؤمن المصالح الروسية في سوريا وفي المنطقة. صدرت عن بعض القيادات الروسية تصريحات تؤكد على عدم تمسك موسكو بشخص الاسد، كما تحدثت مصادر روسية رفيعة عن قرب موعد رحيل الاسد عن السلطة. ولكن لم يمنع مثل هذا التقييم لضعف النظام من متابعة شحن الاسلحة والذخائر الروسية للنظام، وبحجة تنفيذ عقود قائمة بين الدولتين.
لا يمكن روسيا ان توقف دعمها للنظام السوري بشكل قاطع لأن مثل هذه الخطوة ستعرض ايران لمزيد من الضغوط والمخاطر، وخصوصاً لجهة تهديد نفوذها في العراق ولبنان ومنطقة الخليج وان دفع ايران الى وضع دفاعي سيكون لصالح الولايات المتحدة وحلفائها الاقليميين.
بدأت الديبلوماسية الروسية تشعر بأنها قد وصلت الى أبعد ما يمكن ان تفعله من خلال ديبلوماسية الممانعة التي اعتمدتها لمنع حصول تدخل غربي في سوريا، وبأنها باتت تشعر بأنه لا يمكنها الاستمرار في هذه السياسة «المتصلبة» وبأن هناك امكانية لمواجهة خطر عزلة عربية ودولية. وهذا ما يرسخ الاعتقاد بأن روسيا تريد الآن وبقوة ايجاد ارضية للحوار بين الحكومة السورية والمعارضة. وهذا ما يؤشر عليه دعوتها لأحمد معاذ الخطيب لزيارة موسكو، واظهار استعدادها لاستضافة الحوار. وكانت جولة المباحثات بين لافروف وجون كيري ايجابية، ويمكن البناء عليها من اجل ايجاد ارضية مشتركة تسهّل التعاون في المستقبل.
ستكون روسيا من الخاسرين الكبار (مع ايران) عندما يسقط حكم الاسد. وتواجه السياسة الخارجية الروسية منذ اندلاع الازمة السورية مصاعب كبيرة، خصوصاً بعدما ظهرت بمظهر المعطّل للشرعية الدولية والداعم لنظام يقتل شعبه بأسلحة روسية.
السؤال الاساسي المطروح في المرحلة المقبلة وقبل فوات الأوان يتركز حول مدى قابلية الديبلوماسية الروسية للتراجع عن تعنتها والتجاوب مع التحرك الذي سيقوده وزير الخارجية الاميركي الجديد جون كيري؟ يتوقف الجواب على هذا السؤال وعلى مدى التفهم الذي سيبديه الوزير كيري للمصالح الروسية في المنطقة، وحول مدى جهوزية الرئيس اوباما لبحث كل المسائل الاستراتيجية العالقة مع روسيا بما فيها مستقبل الدرع الصاروخية والمسائل الاخرى المتعلقة بنزع السلاح، ولا يجب ان يغيب عن البال الأهمية التي تعلقها روسيا على علاقاتها الاستراتيجية مع ايران، ومدى جهوزية الغرب للتفاهم مع ايران حول برنامجها النووي.

» تقرير لـ سي اي ايه : لبنان أهم قاعدة خلفية لدعم المعارضة السورية المسلحة ..كاتب أمريكي: واشنطن تقيم شراكة مع النظام السعودي لتعزيز الفوضى
» السعودية واسرائيل .. تنسيق كامل لدعم العصابات الارهابية في الجنوب السوري
» “الغارديان”: واشنطن تستعد لدعم الإئتلاف السوري بمبلغ 27 مليون دولار
» التعاون الاسلامي: مؤتمر المانحين لدعم الشعب السوري فرصة لا يجب أن تضيع
» الجيش العربي السوري , لا مديح ولكن حقيقة