ماذا جرى في مفاوضات اسطنبول؟ ..وما هي اسرار مفاوضات بغداد؟

ماذا جرى في مفاوضات اسطنبول؟ ..وما هي اسرار مفاوضات بغداد؟

هل تعلن إيران قوة إقليمية كبرى في جولة بغداد من محادثات النووي؟

تقرير خاص عن مفاوضات الملف النووي الايراني.. من ظل الشاه وصولا لظل الإمام

انطلقت أمس 23 أيار، في بغداد جولة مباحثات بين إيران ومجموعة دول الـ(5+1) التي تضم الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا الاتحادية.

تأتي مباحثات بغداد التي تستمر يومين، وسط تزاحم ملفات شرق أوسطية كثيرة وكبيرة جلها تتعلق بتطورات الأحداث بعد حالات الحراك والانتفاضات التي بدأ يشهدها العالم العربي منذ بدايات العام 2011، إضافة إلى استحقاقات الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان حيث انسحبت من الأولى ، وفي الثانية التي قرر الناتو مؤخراً الالتزام بسحب كامل لجنودها بنهاية العام 2014. محادثات بغداد التي سبقتها جولة في اسطنبول في 14 ابريل/نيسان من العام 2012 والتي كان الهدف منها استعادة الثقة المتبادلة وتجاوز الخلافات ، أتت وسط تفاؤل حذر بقرب التوصل إلى إعلان اتفاق بين إيران والمنظمة الدولية للطاقة الذرية ، كان قد مهد لها قبل يوم من المباحثات رئيسها "يوكيا أمانو" من خلال زيارته إلى طهران وإعلانه "المتفائل جدا" بنجاح المفاوضات المرتقبة وتكليلها بالإعلان عن اتفاق .

ما الذي جعل أوباما يبعث برسالة للخامنئي في نيسان الماضي؟

مع اشتداد السعي الامريكي الاوربي لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران بهدف ثنيها عن السير في برنامجها النووي، بدأت إيران ومنذ نهايات العام 2011 بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة العالمية حيث ان حوالي 40 في المئة من الانتاج العالمي من النفط يمر عبر هذا المضيق، الأمر الذي تأكدت منه الولايات المتحدة وحلفائها من خلال المناورات للبحرية الإيرانية في المنطقة خاصة وأن الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري في الخليج، من اجل ضمان انسياب الامدادات النفطية بشكل طبيعي. ماذا جرى في مفاوضات اسطنبول؟ ..وما هي اسرار مفاوضات بغداد؟ S2_sb9ne4QYtkgGzrxPLC51987333_jpg

ماذا جرى في مفاوضات اسطنبول؟ ..وما هي اسرار مفاوضات بغداد؟ S2_sb9ne4QYtkgGzrxPLC51987333_jpg

بين تصريحات من جانب الغرب واخرى مضادة من الجانب الإيراني كانت "البراغماتية" الامريكية تشق طريقها مجددا خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي والعالمي ما يزال يعاني من أزمة شديدة وحادة جداً بوجهها المالي من جهة، ومن جهة أخرى لم تفلح كل التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المفاعلات النووية الإيرانية من إقناع أمريكا والغرب بجدواها خاصة وأن إيران تتوعد دائما برد "ستمطر" من خلاله إسرائيل بوابل من الصواريخ تضع إسرائيل أمام مسألة الوجود من عدمه، ونشرت صحيفة الـ"واشنطن بوست" في 6 نيسان/ابريل بأن الرئيس الاميركي باراك اوباما وجه رسالة شفهية الى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية خامنئي تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، نقلها اليه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته في بدايات نيسان2012 الى طهران والتي كان قد تبلغها من اوباما في اجتماع على هامش مؤتمر "الأمن النووي" في العاصمة الكورية سيؤول والمنعقد في يومي 26 و27 من آذار 2012.

ما نشرته الـ"واشنطن بوست" كان بمثابة اعتراف امريكي غربي واضح بالفشل في تقدير إمكانات طهران الذاتية بما يتعلق بقدرتها على مواصلة عمليات التخصيب، حيث أن الغرب كان قد رفض سابقا عرضا مشتركا للبرازيل وجنوب افريقيا وتركيا بتبادل اليورانيوم المخصب بنسبة 3،5% لدى ايران مقابل تزويدها باليورانيوم المخصب بنسبة 20% ، ظنا منه بعجزها عن التخصيب، ليكتشف لاحقا عكس ذلك حيث أعلنت إيران تمكنها من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وبكمية تصل إلى الـ100 طنا ، الأمر الذي دفع الغرب عبر أوباما إلى إبداء الندم على إضاعة العرض البرازيلي التركي الجنوب أفريقي وبالتالي قبوله فتوى الإمام الخامنئي كضمانة لعدم تصنيع قنبلة ، مقترحا تخزين اليورانيوم المخصب في دولة ثالثة ، فردت ايران بإعلان توقفها الطوعي عن التخصيب لاكتفائها بكمية المئة الطن التي قامت بتخصيبها.

وبالتالي وافق أوباما على مواصلة طهران برنامجها النووي السلمي، مقابل ضمانات ملموسة من الخامنئي تؤكد ما سبق واعلانه ان ايران لم ولن تسعى قط الى امتلاك قنبلة ذرية الامر الذي يتنافى مع تعاليم الشريعة السمحاء.

تفاصيل الصفقة المرتقبة التي تؤسس لها جولة بغداد

تطورات الملف النووي الإيراني اليوم تأتي بعد جولات صراع دولية وإقليمية في ملفات ما تزال معظمها ساخنة ومحتدمة بين الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين والإقليميين، وبين القوى العالمية الصاعدة بقيادة روسيا والصين ومعهما إيران الساعية إلى نزع الاعتراف بها كقوة إقليمية كبرى وكذلك سورية التي يشكل خصوصية موقفها الرافض للهيمنة الغربية ، القاعدة التي بدأت تنطلق منها المواقف لإعادة رسم معادلات القوى الإقليمية والدولية.

في جولة بغداد تذهب المعلومات من مصادر مقربة من مراكز صناعة القرار إلى التفاصيل التالية:

- إيران ستعلن وقفاً طوعياً عملية تخصيب اليورانيوم دون التنازل عن حقها السيادي في ذلك، وإن الأمر مرتبط باكتفاء حاجتها من الوقود للأغراض السلمية لمدة ستة سنوات قادمة، حيث كان قد أعلن الرئيس الإيراني نجاد بأن بلاده تمكن من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.

- مقابل الخطوة الإيرانية يقوم الغرب برفع العقوبات عن المصرف المركزي الإيراني وكذلك تقوم الدول الأوربية بفتح باب تدفق النفط الإيراني إلى بلدانها.

- الاتفاق على تعزيز الثقة من خلال طرح كافة الملفات الساخنة للتباحث وفق جولات من المحادثات المتتالية تكون اولى هذه الجولات في كازاخستان وتتناول ملفات البحرين واليمن وأفغانستان على أن يكون الملف السوري حاضراً بقوة في جولات ليست ببعيدة.

لتكون خلاصة هذه المحادثات وما يرافقها من نتائج وتطورات أحداث لاحقة ، تمهيداً عملياً للاعتراف بإيران كقوة إقليمية كبرى من المتوقع التسليم بذلك من قبل الغرب بشكل عملي دون الإعلان عن ذلك لتبقى الجولات القادمة لما بعد جولة بغداد تستند على جولة بغداد كمرجع ومنطلق للتفاوض اللاحق على خطوات تنفيذية محددة.

جدول زمني لتطورات البرنامج النووي الإيراني:

1957- بدأ البرنامج النووي الإيراني منذ حكم الشاه محمد رضا بهلوي، أي منذ ما يزيد على نصف قرن بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية، التي وقعت مع إيران اتفاقية تعاون بهدف مساعدة إيران على تشغيل مفاعل للأغراض السلمية.

1958- انضمت إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

1967- افتتحت إيران مركز طهران للأبحاث النووية، الذي يتضمن مفاعلاً نووياً صغيراً وذلك بمساعدة الولايات المتحدة.

1968- وقعت إيران على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

في منتصف سبعينيات القرن العشرين، وبمساعدة الولايات المتحدة، بدأت إيران بتطوير برنامجها النووي.

1979- في أعقاب الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، أوقفت إيران تعاونها مع الدول الغربية.

1984- افتتحت إيران مركزاً للأبحاث النووية أنشأته بمساعدة الصين.

- بين عامي 1987 و 1990 أبرمت إيران اتفاقيتين للتعاون النووي مع كل من الصين وباكستان، حيث نصت الاتفاقية مع الصين على تزويد إيران بمفاعل بقدرة 27 كيلوواط ومفاعلين نوع "كونيشان" قدرة 300 كيلوواط.

1990- أظهر الاتحاد السوفياتي السابق رغبة في التعاون النووي مع إيران وبدأ مباحثات لإكمال مفاعلي بوشهر وتزويدها بمزيد من المفاعلات.

1995- أعلنت روسيا رسمياً أنها ستكمل بناء مفاعلي بوشهر وتأهيلهما وبناء ثلاثة مفاعلات أخرى.

1998- أبدت الولايات المتحدة قلقها من البرنامج النووي الإيراني، وبعد عام وقع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قانوناً يسمح بفرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات التي تقدم المساعدة لبرنامج إيران النووي.

2002- كشفت المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية NCRI، الذي يتخذ من فرنسا مقراً له، عن وجود منشأتين سريتين لتخصيب اليورانيوم في موقع نطنز ومصنع للماء الثقيل في "آراك".

- منذ 2003، شهد الملف النووي الإيراني الكثير من الجدل، حيث زعمت واشنطن أن طهران تسعى لإنتاج سلاح نووي، الأمر الذي دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإرسال مفتشين دوليين إلى إيران، ونشر المفتشون تقريراً يفيد بأن إيران مذعنة تماماً لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

- في العام نفسه، عادت الوكالة لتقول إنها وجدت دلائل على أن وجود يوارانيوم عالي التخصيب في مفاعل نطنز الإيراني، ثم في منشأة نووية أخرى قرب طهران.

2004- نفى وزير الخارجية الإيراني آنذاك أن تكون إيران تسعى للإنتاج سلاح نووي، ووافقت في العام نفسه على وقف مؤقت لعمليات معالجة اليورانيوم إثر محادثات مع الدول الأوروبية، غير أن أعضاء مجلس الوكالة صوت بوجوب إشعار إيران بأنها لا تقدم دعماً كاملاً للبروتوكول خصوصاً بعد تأجيلها لزيارة وفدها لعدد من مواقع أجهزة الطرد المركزي.

- في العام نفسه، تمكن مفتشو الوكالة الدولية من الوصول إلى موقعين إيرانيين هما "بارجين" و"لافيزان"، وتبين أنهما معدان لاختبار المتفجرات التقليدية.

- 2005 : رفضت إيران السماح لمفتشي الوكالة بزيارة موقع "بارجين" للمرة الثانية على أساس أنها غير مبررة.

- في العام نفسه، حذر الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش من أنه قد يقوم بعمل عسكري ضد إيران وأن الخيار العسكري بات مفتوحاً.

- في 2006 أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده أصبحت من الدول النووية، وشدد على أنها قادرة على تخصيب اليورانيوم لغايات الأغراض السلمية.

- وفي العام نفسه، رفضت إيران اقتراحاً روسياً بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي، وهو ما أدى إلى حدوث اتفاق بوجهات النظر الأوروبية والأميركية وروسيا والصين وتأكيد هذه الدول على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل كامل.

- وفي العام نفسه أيضاً، أقر مجلس الأمن الدولي قانوناً يدعو إيران إلى وقف جهود التخصيب اليورانيوم، ثم مرر مشروع قانون آخر يقضي بفرض عقوبات على طهران.

- 2010 قتل عالمان نوويان إيرانيان في حادثين منفصلين، وفي العام نفسه أعلن نجاد أن بلاده نجحت في تخصب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة.

- 17 أيار/مايو 2010: وقعت إيران على «إعلان إسطنبول» لتبادل الوقود مع تركيا والبرازيل، تقوم بموجبه إيران بتبادل 1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.5%، على الأراضي التركية بوقود نووي مخصب بنسبة 20% لمفاعل الأبحاث الطبية الخاص بها. ورغم أن الاتفاق نص على أن تبلغ إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية به في غضون 7 أيام، فإن إيران لم ترسله إلا في 26 يوليو. لكن الدول الكبرى تجاهلت هذه المبادرة، وفرضت المزيد من العقوبات.

- 6 كانون الأول/ ديسمبر 2010: استؤنفت المباحثات بين مجموعة (5+1) وإيران في جنيف، وانتهت المفاوضات دون تحقيق شيء جوهري، بسبب سعي طهران لتوسيع جدول الأعمال ليشمل قضايا عالمية، فتم الاتفاق على عقد جولة ثانية من المحادثات.

- 21 كانون الثاني/يناير2011: محادثات بين إيران والدول الكبرى في إسطنبول، قالت إيران بعدها إنها لم تناقش قضية تخصيب اليورانيوم.

- تشرين الأول/أكتوبر 2011: ممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ترسل رسالة لإيران تعرض فيها استئناف المفاوضات، وأكدت فيها أنه لا يمكن التوصل لحل إلا بالتركيز على القضية الأساسية وهي المخاوف المتعلقة بطبيعة البرنامج النووي الإيراني.

2012- قتل عالم نووي إيراني ثالث بتفجير سيارة مفخخة في طهران.

- 15 شباط/فبراير 2012: كبير المفاوضين الإيرانيين، سعيد جليلي، يرسل برقية إلى أشتون يعرض فيها استئناف المباحثات بشأن البرنامج النووي في أسرع وقت، شريطة احترام حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

- 14 نيسان/ابريل 2012: بدء جولة محادثات بين إيران والسداسية الدولية في اسطنبول وكان الهدف منها استعادة الثقة المتبادلة وتجاوز الخلافات من خلال المفاوضات، والاتفاق على جولة جديد تعقد في بغداد في 23 أيار/مايو 2012.

اعداد: محمد أحمد

» ماذا يحدث الان بين اسطنبول و اورشليم؟
» اسرار المعارك وحقيقة اعداد المسلحين ..ماذا في جعبة الجيش العربي السوري من قدرات ؟
» بعض اسرار معركة الميدان
» سوريا 2011 ــ 2014: ماذا توقعوا؟ ماذا حدث؟
» قضائح و اسرار قطرية في سوريا