هل نشهد ظهور "الصحوات" بمواجهة جبهة النصرة؟

هل نشهد ظهور "الصحوات" بمواجهة جبهة النصرة؟

عبدالله علي - خاص عربي برس

لا نغالي إذا قلنا أن بروز هاجس الخوف من "الصحوات" في سوريا قد اقترن زمنياً وفعلياً مع ولادة جبهة النصرة نفسها التي تمثل فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، فمنذ نشأتها قبل حوالي عام سرى حديث خافت عن خلافات منعت كتائب أحرار الشام من الانضمام إلى جبهة النصرة، رغم محاولات عديدة بذلت لهذه الغاية مستفيدةً من التقارب الإيديولوجي بين الجهتين، إلا أن إصرار كتائب الشام على رفض الانضمام إلى جبهة النصرة، زرع أول بذور الخوف في نفوس أنصار جبهة النصرة الذين بدأوا يتهامسون: هل كتائب أحرار الشام هي "صحوات سورية"؟.
وهذه المخاوف المبكرة تشير إلى مدى تأثّر تنظيم القاعدة بتجربة صحوات العراق لدرجة أنه صار مسكوناً بالخوف من تكرارها أو بالأصح، صار يفترض مسبقاً أنه حيثما ذهب سوف يجد أمامه جيشاً للصحوات يحاربه.
وهكذا بدا الأمر وكأنّ وجود الصحوات في سورية أمر مفروغ منه ولا يحتاج إلى إثبات، والبحث جارٍ فقط عمن يلعب دور الصحوات من بين الألوية والكتائب الكثيرة والمختلفة؟.
وقد إنتقلت هذه الهواجس بين معظم الكتائب ذات الميول الاسلامية لأنه من المعروف أن الصحوات لا بد أن تكون إسلامية، ولكن بإعتدال بحيث تستطيع منافسة فكر القاعدة الإسلامي المتطرف، فمرة يقال أن لواء الاسلام هو الصحوة، ومرة أخرى يقال أنها تجمع أنصار الاسلام، وحيناً يشار إلى جبهة تحرير سوريا الإسلامية، وحيناً آخر يشار إلى الجبهة الاسلامية لتحرير سوريا.
فالحديث عن الصحوات كان مستمراً ولكنه كان خجولاً وعلى نطاق ضيق، وقد بدأنا نسمع صوته بشكل جهوري منذ صدور القرار الأميركي باعتبار جبهة النصرة تنظيماً إرهابياً، حيث شعر أنصار الجبهة أن أميركا التي أذاقتهم طعم الصحوات في العراق تعد لهم وجبة مماثلة في سورية، لذلك رفعوا صوتهم وبدأوا يوجهون تهمة "النفاق الصحوجي" لأي جهة تتجرأ على انتقادهم وهذا ما حصل مع لؤي الزعبي رئيس حركة "المؤمنون يشاركون" عندما وصف الجبهة بأنها بلاء على الشعب السوري فكالوا له الاتهامات بأنه من تيار الصحوة العميل.
وإنتشرت مؤخراً على مواقع تنسيقيات الثورة المتعاطفة مع جبهة النصرة كتنسيقية أرمناز، مقالة بعنوان "احذروا الصحوات" يتحدث فيها الكاتب عن بداية تجربة الصحوات السورية وذلك انطلاقاً من المنطقة الشرقية بحسب قوله.
ويشير الكاتب صراحة إلى "جبهة الأصالة والتنمية" التي تضم حوالي أربعين لواء وكتيبة، ويقول أن أتباع هذه الجبهة يزعمون أنهم من أنصار الشيخ الراحل الألباني (أحد مؤسسي التيار السلفي في سورية)، وأنهم بحسب قوله بدأوا ينثرون المال ويشترون الكتائب والأوية حتى شكلوا جبهة كبيرة، تحت مسمى ليس فيه كلمة قتال ولا تحرير وهذا برأيه دليل على بغضهم الجهاد وبالتالي نفاقهم.
ويضيف الكاتب أن: " لقد أسست "صحوات سوريا" لنفسها قاعدة في المنطقة الشرقية وبدأت بالإنتشار في بقية المناطق، في الوسط والشمال، بل إني سمعت ولم أحقق- أنها وصلت إلى ريف دمشق الغربي فاشترت كتيبة صغيرة في الزبداني".
ويدق الكاتب ناقوس الخطر ويحذر من هذه الظاهرة التي من شأنها بحسب قوله، أن تهدد أمن الثورة وسلامتها، لأن مؤامرة الصحوات بحسب الكاتب واحدة من أسوأ المؤامرات التي يمكن أن تتعرض سوريا إليها، لأنها ستضرب قوى الثورة بعضَها ببعض فتنكسر شوكتها جميعاً.
وهنا لا بد أن نذكر أن جبهة الأصالة والتنمية التي أشار إليها كاتب المقال هي جبهة عسكرية كبيرة تضم كما قلنا أعلاه حوالي أربعين لواء وكتيبة، من بينها الفيلق الأول في المنطقة الجنوبية (من المنطقة الشرقية) وكتائب أهل الأثر ولواء بشائر النصر ولواء أسود السنة ولواء الحرية ولواء درع الثورة ولواء القصير، وكتائب نور الدين زنكي .. الخ. وقد أشارت الجبهة في تعريفها عن نفسها على صفحتها في الفيسبوك إلى أنها " مجموعة من التشكيلات العسكرية التي تتصف بالمنهج الوسطي المعتدل".
وسرعان ما جاء الرد على المقالة السابقة من قبل كاتب مقرّب من جبهة الأصالة والتنمية، الذي لم ينف مبدأ وجود الصحوات والرعب منها إلا أنه سخر من إعتبار جبهة الأصالة والتنمية جزءاً من الصحوة وقال متهماً الكاتب بأنه: " إفترى إثما عظيماً ، وزورا عريضاً على جبهة تقاتل منذ بداية الثورة" واضاف: " المقال لا يستحق الرد لأنه يخلو من أي مصداقية أو دليل ، ولكن ما دفعني للرد هو الخشية من فتنة قد يسعى لها قوم من أمثال الكاتب ، ليصرفوا المجاهدين عن غايتهم ، ويكون الرصاص في صدور بعضهم ؟!!".
وقد تركت هذه المقالة ردود افعال مختلفة بين مؤيد ومعارض، فقال الناشط (طه عز الدين) الذي أكد أنه على تواصل مع قيادات جبهة الاصالة والكثير من عناصرها واصفاً إياهم بأن أكثرهم من "العوام"، ولكنهم بحسب قوله قد تمت تزكيتهم من مشايخ كبار مثل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد البدر محدث المدينة المنورة والشيخ صالح اللحيدان، وجميع هؤلاء المشايخ سعوديون كما هو واضح، ثم تساءل (عز الدين): من أنت أيها الكاتب حتى تقدح في أناس زكاهم كبار العلماء؟".
أما الناشط (عمر مشوح) فقد أكد أن العلّة ليست في عناصر الكتائب والألوية فهؤلاء قد يكونوا من خيرة الشباب بحسب قوله، ولكنهم لا يعلمون ما يجري من تفاصيل، وأن المشكلة هي في القيادة العسكرية والسياسية الموجهة لهذه الجبهة"
ويضيف قائلاً: " إسألوا قيادات جبهة الاصالة والتنمية .. من هو مرجعهم الشرعي ؟ وسوف تسمعون إسم علي الحلبي الأثري !!! هل تعلمون من هو هذا الرجل ؟؟ إبحثوا عنه في الانترنت ! جبهة الاصالة تأتي الى افضل الكتائب والالوية وتغدق عليها الاموال من أجل وضع إسم الجبهة .. ولا أحد يتحدث حول الفكر والأفكار .. ومن خلال الحبل السري المادي يتم التلاعب وشراء المواقف !
هناك تفاصيل أخطر من ذلك بكثير وسوف يأتي اليوم الذي نتحدث فيه بكل شيء .. لكن ليعلم الجميع أن تجربة الصحوات والجيش الإسلامي في العراق لن تتكرر في سورية بإذن الله !".
أما (أسامة التغلبي) فإنه يشير إلى شراء جبهة الأصالة للملازم أول عبدالرزاق طلاس بعد عزله من قيادة كتائب الفاروق، وقيامها بتعيينه قائداً للمنطقة الجنوبية رغم الفضيحة الجنسية التي تورط بها طلاس وفاحت روائحها في كل مكان.
ومما يلفت الإنتباه في النقاشات الدائرة حول الموضوع هو دخول بعض المصطلحات الخليجية إلى الثقافة السورية، مثل مصطلح "جامية" الذي يراد به أولئك الذين يحرمون الخروج على الحاكم ويقفون ضد العنف والقتال، وقد تأسست هذه المدرسة في السعودية بعد حرب الخليج الأولى وسميت بذلك نسبة إلى الشيخ محمد الجامي أحد أبرز المنظرين لها.

» ظهور الأسلحة غير التقليدية بيد جبهة النصرة في الساحة السورية في فترة زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة للتأثير على
» أسرار جبهة النصرة لأهل الشام.. جزء 6 من التعذيب بالجن إلى تأسيس جبهة النصرة ودور بابا الفاتيكان
» أسرار جبهة النصرة لأهل الشام.. جزء 6 من التعذيب بالجن إلى تأسيس جبهة النصرة ودور بابا الفاتيكان
» أسرار جبهة النصرة لأهل الشام.. جزء 7 بالدليل القاطع دور الموساد في تأسيس جبهة النصرة
» فورد "الحاقد " يشرح موقف واشنطن : الأسد بمواجهة «النصرة»..