كتب محمد صادق الحسيني: صمود السوريين ويالطا الجديدة!

كتب محمد صادق الحسيني: صمود السوريين ويالطا الجديدة!

عربي برس - طهران

الوزير "المعلم" في طهران ليوجه رسالة إلى واشنطن بأن اللعبة انتهت وأن عليها إصدار تعليماتها إلى التابعين والصغار، ومنهم تركيا وقطر، ليوقفوا سفك الدم السوري، ومن ثم التقدم خطوة لتجفيف منابع الإرهاب !
صالحي الذي استقبله بحرارة وضّح هو الآخر ومن نفس المنبر لإدارة أوباما وإلى كل من يهمه الأمر بان الأسد باق كرئيس شرعي ومنتخب لسوريا وسيشارك في انتخابات العام ٢٠١٤ وأن لا فائدة من المضي في المكابرة بعد اليوم، فهاأنتم قد خسرتم الرهان على فك عرى تحالف الشعب السوري مع حكومته ودولته أولاً، ومع محور المقاومة ثانيا.
يدل كلام الاثنين أنهما "شاربين حليب سباع" كما يقول المثل وأنهما يشعران أن اللعبة قد اقتربت من نهاياتها فعلا أو تكاد !
بين واشنطن وموسكو ودمشق وطهران وما بينها من عواصم كلام كثير ووثائق أكثر تفيد في مجملها أن المشهد الدولي يتجه نحو رسم جغرافية سياسية جديدة للعالم، وذلك انطلاقا من واقع المقاومة الشرسة في الميدان، كما في أروقة الدبلوماسية ضد المشروع الغربي الصهيو-أمريكي، ويبدو أن نهاياتها تقترب من تدوين يالطا جديدة من نوع مختلف ومتمايز عما شهدته نهايات الحرب العالمية الثانية !
يقول الدكتور علي أكبر صالحي بيقين وثبات وثقة عالية بالنفس أن العام الميلادي الحالي سيكون عاما إيرانيا بامتياز، وأن الجهود والمساعي الإيرانية الدبلوماسية وصمود الشعب فيه ستعود على الأمة بانتصارات كبيرة ستصل إليها تباعا.
في الملف النووي، كما في ملف محور المقاومة وملف العراق وملف أفغانستان، أي في ملف غرب آسيا عموما سيشهد المسرح الجيوسياسي مزيدا من الانكفاء الأمريكي، مما سيفضي إلى صعود واضح لقطب جديد هو العالم الإسلامي بامتياز كما يقول قائد عسكري إيراني كبير يعنى بشؤون القدس وفلسطين !
محللون وخبراء سياسيون ودارسون جامعيون إيرانيون يؤكدون أن الإدارة الأمريكية تقترب من قناعة جديدة مفادها أن لا فائدة من اللجوء إلى الخيارات العسكرية بعد اليوم مع العالم الإسلامي وأن البديل هو القوة الذكية أو ما بات يعرف بالحرب الناعمة.
ستكون البداية من سوريا كما يؤكد متابعون للشأن السوري هنا في طهران، ويضيفون بأن لديهم وثائق ومبادلات شفهية ومكتوبة مع دول وزعماء مؤثرين في المنطقة تفيد جميعها أن جميع من راهن على هزيمة الأسد أو انهيار جيشه، أو على أخذ الموقع السوري إلى مكان آخر قد خسروا الرهان فقدوا الأمل نهائيا بهذا الخيار، فعادوا لترتيب أوضاعهم على أساس الصفقات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة التي تتجمع في سماء المشهد الدولي خلال العام الميلادي الحالي.
جنيف ٢ أو اتفاقية كيري / لافروف، أو صفقة بوتين / أوباما أو يالطا جديدة. كلها ستكون مسميات مختلفة لعنوان واحد هو نهاية الأحادية الأمريكية وبداية عصر التعددية الدولية التي لا مكان فيها لإملاءات القوى العظمى لا بالمباشر ولا بغير المباشر.
سقطت أمريكا في فخ السيناريو الروسي الصيني الهندي الذي أغرق واشنطن في حروب استنزافية في العالمين العربي والإسلامي، فيما استغل الثلاثي الآنف الذكر الفرصة للصعود سريعا كقوة اقتصادية عملاقة، بدأت تتبلور في المشهد الدولي في إطار مؤتمر تعاون دول شنغهاي، متسللة شيئا فشيئا باتجاه تشكيل قوة عالمية أخذت تعرف عن نفسها بالقوة الأورو-آسيوية بعد أن تمددت كثيرا نحو الوسط والغرب الآسيوي !
لا مكان بعد اليوم لقوى رمادية الموقف كما تقول قيادات إيرانية منخرطة في تجميع أوراق ما تسميه النصر بالنقاط الذهبية على الإدارة الأمريكية فيما يخص الموقف من الملف النووي !
وعندما تتجاوز دمشق وطهران "عقبة" التحول التاريخي الأهم في منحنى الصعود اللولبي (كما تصف قيادات ميدانية وإستراتيجية إيرانية حركة التحول الحالي) عندها ستبدأ هندسة العالم الجديد بناء على مقاسات قوى إسلامية وعربية جديدة على الخريطة الدولية أهمها إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية ومصر والعراق وسوريا المتعافية من حروب الفتن المتنقلة.
عندها ستظهر للعيان تباعا أخبار ومعلومات وخرائط وأرقام ما تحتضنه أراضينا ومياهنا وسواحلنا الدافئة من مخازن إستراتيجية ضخمة كانت تطمع فيها الدول الكبرى الطامحة لاحتلالها ونهب ثرواتها بالإكراه مرة وبالحيلة والخداع مرات عديدة!
لكن التاريخ سيسجل قريبا أن واحدة من إمبراطوريات العالم الجديد قد هزمت مرة أخرى على بوابات دمشق وطهران وبيروت وغزة ورام الله والقاهرة وبغداد بفضل بصيرة أبناء الأمة الغيارى الذين قرأوا مبكرا وبعناية بالغة معنى الآية الكريمة: "الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ..."، وكذلك هم فعلوا فصمدوا وصبروا حتى حان وقت الحصاد !

» صمود السوريين ويالطا الجديدة!
» اوباما في المصيدة ! محمد صادق الحسيني
» كتب محمد صادق الحسيني من طهران: يوم هرب فيلتمان من بان كي مون
» امريكا خسرت الحرب ..محمد صادق الحسيني
» روسيا تزيد من سرعتها... محمد صادق الحسيني