سوريا ليست دولة ممانعة .. فهمنا.. و البقية ؟

سوريا ليست دولة ممانعة .. فهمنا.. و البقية ؟
الخميس , 28 شباط 2013 - 07:31 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
أحمد الحباسى تونس

في حواراتهم يقولون أن سوريا ليست دولة ممانعة ، و أنها تستعمل الورقة الفلسطينية كوسيلة ضغط سياسية دون أن تقدم أي دعم لها ، وأنها لا تريد تحرير الجولان بدليل أنها لم تطلق رصاصة واحدة على العدو منذ سنوات ، و أن رغبتها لتحرير فلسطين هي مجرد خزعبلات سياسية ، و أن تهديدها بالرد على الغارات الإسرائيلية في الزمن و المكان المناسب هو كلام أجوف ذهب بعض الظرفاء إلى القول أنه يثير فيه موجة ضحك هستيرية.

في مجالسهم يصرحون أن مواقف سوريا هي سبب البلاء و أن القبول ببعض القيادات الخارجة عن مظلة فتح هو سبب البلية ، يجاهرون أنه لو تركت القضية للعرب بدون سوريا لأفلحوا في إيجاد حل سلمى لها ، ينسبون كل ما حصل للقضية و لأصحاب القضية للنظام السوري دون احتراز أو تحفظ ، يزعمون أن كل أوراق الحل بيد الماما أمريكا و بقية أحفادها في الغرب ، يخلصون إلى أن سوريا هي المشكلة و ليست جزءا من الحل .

في نظرهم حان الوقت لإخراج سوريا من المعادلة ، دقت ساعة الحسم لوضع هذا النظام في ثلاجة التاريخ ، و لذلك فهم جاءوا إلى سوريا ” بربطة المعلم” كما يقول الإخوان في مصر مع البديل القيادي الجاهز القابل مسبقا بالحياد على الطريقة السويسرية و بالصمت الخانع على طريقة حميد قرضاى الأفغانية، منتظرين معددين الأيام و الأسابيع إلى حين رؤية تلك الإعلام السوداء الظلامية مرفوعة على قبة المسجد الأموي و سماع تكبيرات صلاة التراويح التي يؤمها جلالة السلطان رجب طيب أوردغان نفعنا الله و إياكم ببركاته و “طيبته” .

أصحاب الجلالة و الفخامة و السيادة يزعمون أن تدمير سوريا على من فيها و بمن فيها هي مصلحة عربية و منفعة فلسطينية ، يتبجحون بأن سوريا هي حجرة العثرة التي تعطل حسن سير المفاوضات بين محمود عباس والأصدقاء الصهاينة ، يؤكدون أنهم قاب قوس أو أدنى من انجاز التسوية التاريخية التي رابط من أجلها الملايين منذ وعـد بلفور و قدوم جحافل ما تبقى من الهولوكوست النازي ، لا يريدون فقط من سوريا إلا الصمت و لا شيء غير الصمت ، ولان عنادها قد أرق منامهم فقد صمموا على إسكاتها إلى الأبد حتى لا ترى ، لا تسمع ، لا تتكلم.

الآن فقط فهمنا و لو بكثير من التأخير أن ما قيل سابقا و في كل الاجتماعات العربية من أصحاب الجلالة و الفخامة و السيادة من أن سوريا دولة مقاومة و ممانعة و تصدى بمرتبة الشرف هي شهادة نفاق و كذب ، و أن ما خرج من ألسنة هؤلاء هو خطاب وليد لحظة لم نعد نفهم أنها لحظة صدق أو بهتان ، و الآن فقط فهمنا أن سوريا لم تكن في حرب 1948 و لا في حرب الأيام الستة سنة 1967 و لا في حرب الخدعة المصرية سنة 1973 ، و فقط الآن اقتنعنا بأن من نراهم على جبل الجولان من الإعداد البشرية و المعدات الصهيونية المتقدمة هي مجرد تخيلات و أضغاث أحلام ، و هذه الأيام أيضا تأكدنا أن تلك الطائرات التي قصفت مواقع سورية علمية قد قامت بذلك بالخطأ ولأسباب تقنية بحيث وصل الاعتذار الصهيوني إلى الخارجية السورية قبل رجوعها إلى تل أبيب للصيانة .

من كان يحتفظ منكم بكتاب أو صحيفة أو مقال أو دراسة تقول أن سوريا دولة مقاومة ، أو أنها شاركت في حروب ضد الصهاينة ، أو أستشهد منها مقاومون ، أو هدمت لها بيوت ، فعليه أن يحرقها لأنها مزورة و من يصر عليها فهو منتحل صفة مقاوم و ابن مقاوم و سليل دولة مقاومة ، و من كان يصدق تلك الزعامات الكرتونية التي قالت أن سوريا هي الحضن الدافئ للمقاومة الفلسطينية فعليه مراجعة طبيب لإصلاح إعطاب سقيفة أذنيه ، و من سمع إحدى الإذاعات العربية تنطق باسم حافظ الأسد فهو واهم لان سوريا لم تنجب شخصا بهذا الاسم ، و من رأى منكم قوافل الشهداء تؤبن في جوامع سوريا فعليه مراجعة طبيب العيون.

بطبيعة الحال إذا تكلم حمد بن جاسم عن حل للقضية الفلسطينية فصدقوه لأنها “قربت تنحل” ، و إذا رأيتم سعود الفيصل يتأتأ و يغمغم و يتلعثم فأنصتوا و استرقوا السمع مليا فلعله يفاجئكم بأنها “قربت تنحل” ، و إذا شاهدتم محمد مرسى فاتحا سترته مزبدا مرعدا فتيقنوا أنها “قربت تنحل” ، و إذا صادف أن شاهدتم محمود عباس أو الشيخ خالد مشعل يقبلان تــراب أي مطار فلسطيني فاستبشروا لأنـها “قربت تنحل” ، و إذا سمعتم محمد المرزوقى فتأكدوا أنها…لن تنحل .

تصوروا مثلا أن يقال عن السعودية دولة ممانعة !!!!! …عن قطر دولة مقاومة!!! ابحثوا إذن عن ذلك الظريف الذي أصيب بموجة ضحك هستيرية بمجرد أن سمع أن سوريا دولة مقاومة لعله سيمتنع عن الضحك طوال حياته لما يسمع أن السعودية أو قطر هي دول ممانعة و مقاومة ، تصوروا أن خالد مشعل سيشعل الأرض تحت أقدام الصهاينة بمجرد خطاب يهدد فيه بأنه حليف دول المقاومة قطر و السعودية و تونس و المغرب، تصوروا أن الإخوان سيحررون فلسطين ، و أن سعد الحريري سيرسل عقاب صقر إلى داخل إسرائيل لتقديم بطانيات الصوف و علب الحليب للإخوة السلفيين المجاهدين الذين سيفتى الشيخ القرضاوى إن سمح له الشيخ حمد و قناة الجزيرة و الموساد الصهيوني طبعا بكون الجهاد في فلسطين هو فرض عين .

تصوروا قوافل السلاح الآتية من الحجاز و الآتية من ليبيا ، تصوروا كلمة الله أكبر تزلزل الأرض في الإمارات و الكويت و عمان ، تصوروا أن يقف إمام يدعو علنا إلى الجهاد في فلسطين ، تصوروا الملايين من المغرب العربي زاحفة مكبرة ، تصوروا أهلنا في السودان و الصومال و جيبوتي و اليمن و العراق و لبنان قادمين نصرة للإسلام و القضية الفلسطينية ، تصوروا أن ينتزع كل هذا الحقد و الغل و الكراهية من صدور الأشقاء المسلمين ، تصوروا أن يخرج إلينا داعية إسلامي يوحد و قائد يوحد و إعلام يوحد ، تصوروا لحظة أننا أمة واحدة …لو أرادت خلع الجبال لخلعتها.

تصوروا أمة عربية بلا حمد و لا سعود و لا الحريري و لا العربي و لا المرزوقي ، تصوروا وطنا عربيا واحدا بلا خالد مشعل و محمود عباس و الإخوان ، تصوروا مستقبلا عربيا بلا بندر بن سلطان و لا مخابرات الموساد العربية ، تصوروا وجدانا عربيا بلا قناة الجزيرة و لا العربية و لا طارق الحميد و لا عزمي بشارة و لا صفوت الزيات ، تصوروا جيلا عربيا لن يستمع إلى القرضاوى و آل شيخ و الغنوشى و الظواهري …تصوروا…

تصورا أن سوريا ليست دولة مقاومة…كم أنت جاحد أيها الزمن.

» بشار الأسد في تقييمه للوضع في بلاده: «سوريا ليست دولة فاشلة»
» سوريا ، و البقية .
» الغارديان: الصراع يمزق ليبيا وهي ليست دولة واحدة بل مجموعة من الاقطاعيات
» مستشار الخارجية الاميركي ارون ديفيد ميلر يكتب : لا تلومونا على عدم الحسم في سوريا فما باليد حيلة و ليبيا ليست سوريا ويستحيل تكرار التجربة
» كتب ناصر قنديل - سوريا ليست وحدها