يتساقطون بفعل الجاذبية السياسية
الاثنين , 25 شباط 2013 - 04:18 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
المهندس ميشيل كلاغاصي
يقول المثل الدارج المعروف ” اذا عرف السبب بطل العجب ” فبعد مضي عامين للحرب على سورية هيا بنا نستعرض ما حدث :
باختصار اجتمعت كل قوى الشر و الظلام في الأرض لشن الحرب على سورية من خلال خطة عامة طبقت على بعض الدول العربية تمهيداً للوصول لسورية تحت عنوان ” الربيع العربي ” المحمول على رياح التغيير و الحرية و الديمقراطية .
لقد تحركوا وفق خط بياني تخيلوه صاعداً باستمرار لحين الوصول لنقطة تحقيق اهدافهم , فاعتمدوا سياسة جمع كل الأوراق و الأدوات و الأسلحة الصغيرة و الكبيرة , لقد أعدوا العدة جيداً , و لم يستهينوا بالقدرة السورية و حبكوا المخطط بإحكام لدرجة وثقوا فيها من النصر .
لقد كان حماسهم لبدء المعركة سبباً لاختفاء خلافاتهم و تبايناتهم فقد اعتمدوا على مبدأ القوة الضاربة من كل حدب و صوب , فنراهم يهاجمون سورية عبر حرب اعلامية نوعية و جيش الناتو و مجلس الأمن و الجامعة العربية و أغلب الدول و الحكام العرب و عبر كل المحافل و المنابر السياسية الحقيقية و الوهمية التي ابتدعوها ( مؤتمرات أصدقاء سورية و غيرها ) كذلك العقوبات و الحصار , و استطاعوا خلق أوراق ضغط كاذبة لكنها مؤثرة و صوّبوها نحو الجسد السوري .
لقد استخدموا أقذر الأدوات و الأساليب و وجهوا أشرس الضربات عبر الاغتيالات و الخطف و القتل و الذبح و التعذيب و ضرب البنى التحتية و القدرات العسكرية , فقد حاولوا فك الارتباط بين الشعب و جسد الدولة , و اقناع المواطنين السوريين و العالم بما لم يحدث من ظلم الدولة لشعبها و حتى بقتلها لهم .
فوقفوا حائلاً أمام صمود الشعب السوري و دفعوه للتمرد , ووجهوا العديد من الضربات للجيش و حاولوا المستحيل لتمزيقه و عزله عن القيام بواجبه الوطني المقدس .
ظلموا الناس و قتلوهم و ارتكبوا أبشع المجازر لكي يصوروا الدولة عاجزة عن حماية الشعب , لم يتركوا شيئاً إلا و فعلوه .
لقد استخدموا كافة المواد اللاحمة و استجمعوا كل قواهم حتى النقائض منها .فقد انطلقوا وراء أهداف كثيرة و متعددة و جامعة لنسيجهم الشيطاني الملون , في سعي فردي لكل منهم على حدة لتحقيق أهدافه الخاصة فمنهم من سعى الى :
- تحقيق الحلم التوراتي الماسوني بقيام الدولة اليهودية الكبرى من الفرات الى النيل .
- كسر محور المقاومة و انهاؤه و القضاء على حزب الله في الجنوب اللبناني .
- احتلال سورية و تقسيمها و اقتسام خيراتها القديمة منها و ما تأكد وجوده على طول الشريط الساحلي من غاز و نفط .
- الانتقام من سوريا عربياً و فتح الطريق الى تل أبيب .
- انعاش و اعادة احياء أحلام عثمانية و فرنسية و بريطانية قديمة .
- ضمان أمن اسرائيل و استمرار وجودها .
- حلم اخواني للقبض على السلطة .
- تمتين الحكم الملكي و الوهابي بحرب استباقية و تحقيق المد الوهابي المطلوب أمريكياً .
- الالتفاف على ايران و محاصرتها تمهيداً لسحقها و ضربها .
- بلع و هضم لبنان بالكامل و بشكل نهائي .
- انهاء الصراع العربي – الاسرائيلي على حساب فلسطين المحتلة و الفلسطينيين و الاردن .
- وضع النهاية لاتفاقية سايكس – بيكو تبعاً لموازين القوى الجديدة .
- انهاء الحلم الروسي بالعودة مجدداً كقطب و للأبد , و القضاء على المارد الصيني قبل اعلان انتهاء ولادته .
- السيطرة على كل خطوط امداد الغاز و النفط في العالم ( السيل الشمالي و الجنوبي , و خط نابوكو ).
- اخضاع كافة دول العالم و السيطرة على الكرة الأرضية ( الحلم الماسوني ) .
هل لك أن تتخيل هذا ..!!؟ أم أصابك الصداع !!؟
صدّق أو لا تصدّق هذا جزء مما أرادوه و خططوا له , و ما خفي كان أعظم .
و لا زال البعض لا يدرك ما حدث و تراه يركض و يلهث وراء سطحية فكره و سذاجته السياسية تحت عنوان ” الثورة ” .
لقد راهنوا على سقوط الدولة الممانعة و نجاح المخطط و خلال زمن قصير و قياسي , لم يتوقعوا ذكاء و حكمة القيادة السورية و صلابة و قوة القائد الرمز سيادة الرئيس بشار الأسد , كذلك قوة و صلابة و عقيدة الجيش العربي السوري الباسل , و الصمود التاريخي للشعب السوري .
فقد اختبىء الفريق المهاجم وراء ذراعي الكماشة , تنظيم الاخوان المسلمين من جهة و تنظيم و أفرع القاعدة و كافة التنظيمات السلفية الوهابية من جهة اخرى .
لقد أربكهم الصمود السوري بدايةً و أرّق مضاجعهم و استطاع التماسك السوري بعد تلقي الصدمة الأولى الانتقال الى مرحلة التوازن و اتخاذ القرار الصائب و الجريء بالإصلاح من جهة و محاربة الارهاب من جهة اخرى .
كما أظهرت التحالفات السورية صوابيتها و دقة حساباتها و بعد نظرها , و أخذت الضربات السورية تؤلمهم و تصيب صميمهم . و بدأت الأرض تتخلخل تحت أقدامهم , كما أفقدهم عامل الزمن و تراكم الانتصارات موادهم اللاحمة التي أخذت تتفكك شيئاً فشيئاً , فكثرت أخطائهم و تدحرج الموقف برمته و توقف المنحنى البياني عن الصعود و تخطّى مرحلة الثبات و بدأ بالهبوط , و هاهو يكاد يلامس محور السينات بما يقابله من صفر في الفعالية , انه الانتصار السوري التاريخي .
لم يفهم الكثيرون كلام سيادة الرئيس عن الجاذبية السياسية و الذي أصبح اليوم شديد الوضوح و غدا علماً بحد ذاته . لن يسعف الوقت و الارادة السورية و قرار الحسم البعض و لن يمنحهم الفرصة لفهم و تعلّم العلم السوري الجديد , فنراهم يحاولون مدّ الجسور مجدداً خوفاً من ردة الفعل و انتقام السوريين .
لكننا سنقول لهم من ابتدع علماً جديداً بدايته صمود و نهايته نصر و افتخار سيجعلهم يرون موتاً و دماراً و سقوطاً لدول و أنظمة و حكومات و حكام و تغيير سلوك للبعض الاخر و لن يعرفوا سر و اّلية ما حدث .
يكفيهم اعلان افلاس نيوتن و قانون جاذبيته الذي لم يعد صالحاً في سورية , عندها سيفهمون ما عناه القائد الرمز بقوله : ” سيتساقطون بفعل الجاذبية السياسية ” و هذا هو السر في العقل السوري المبدع و الخلاق , و هنا لا بد أن نقول لهم نحن هذه المرة و ما خفي سيكون أعظم .