سورية تواجه بالميدان .. والحوار مع من اهتدى

سورية تواجه بالميدان .. والحوار مع من اهتدى ...أحمد زين الدين
ثمة وسائل إعلام متعددة عربية وخليجية ولبنانية، وثمة إعلاميون عرب وخليجيون يتجاهلون الوقائع السورية، ويُنكرون أن هناك “سيناريو” أُعدّ بدقة لكسر الحلقة السورية المتينة،
بصفتها رابطاً بين قيَم التاريخ بوقائعه وبالحاضر والمستقبل.. وروح المشرق وقلبه، وبالتالي فإن تحطيم أو فك هذه الحلقة يفتح الطريق واسعاً لتشكيل خريطة جديدة للمنطقة كلها.

قد لا يكون هذا الكلام جديداً، لكن الجديد فيه ما ذكره إعلامي خليجي عن اتصال تلقّاه مسؤول خليجي كبير من عالم وخبير في شؤون المنطقة تجاوز الثمانين من عمره، ويمتلك الكثير من الخبرات والمعارف، والتجارب أيضاً، دعاه لإعادة النظر في التعاطي مع سورية، لأن هذا البلد سواء جعلتموه (يقصد حكام الخليج) في مهب الريح والخراب، أو في مجرى الدم، فإن “اللعنة” الدمشقية ستطالكم عاجلاً أم آجلاً، ورسم الخرائط الجديدة للمنطقة ستكونون أول ضحاياها، لأن للكيان الصهيوني دوراً أساسياً في كل ما يحصل، وتنسيقكم برامج الخراب والدمار والدم والحروب في سورية هو تنسيق مع المشاريع والخرائط الصهيونية والاستعمارية المُعدّة للمنطقة منذ عقود، وأنتم في صلب هذه المشاريع، بحيث لن يعود ينفعكم النفط ولا عقود السلاح مع الغرب، ولا المليارات التي تكدّسونها في مصارف الرجل الأبيض، كما أن الغرب قد يحاسبكم يومياً لأنكم دول غير راشدة.

ويلفت هذا الثمانيني الذي عركته التجارب في اتصاله بالمسؤول الخليجي البارز، إذا كنتم تتوقعون حماية أو تهوراً أميركياً أو غربياً يندفع حتى النهاية في دعمكم ودعم الزمر المسلحة، وتكرار تجربة أفغانستان والاتحاد السوفياتي، وتجربة صدام حسين والكويت وليبيا وبرنار هنري ليفي، فأنتم واهمون تماماً، لأن ثمة تنسيقاً بالغ الأهمية وفوق تصوّركم بين موسكو وطهران، لن تجعل الأمور التي تُحيكونها وتخططون لها تمرّ بأمن وسلام، ما يعني أن هذا المشرق العربي سيشهد في كل الحالات هزات لن تستطيع عقولكم استيعابها، لأن أحداً من حلفاء سورية، بدءاً من كوبا وفنزويلا والبرازيل، ومروراً بالتنين الأصفر، الذي قد يبدأ في أي لحظة بنفث لهيبه الحار، والحار جداً، وانتهاء بموسكو وطهران، وما بين هذا كله من قوى تحرر وإسلام متنور لن يجعلوا دمشق تختنق في أرض المعركة، ولا في هذا الحصار الظالم، الذي لو وُضع عُشره أو خُمسه في خدمة التنمية ومراكز الأبحاث العلمية في البلدان العربية والإسلامية الفقيرة، لما عاد هناك جائع في هذه الأمة المعذبة.

هذا الحوار إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التهور الذي اندفع إليه البعض في المؤامرة على سورية، التي تواجه عدواناً أجنبياً وحروباً استعمارية تقودها غرف عمليات وأحلاف سياسية وعسكرية واقتصادية لمحاصرة ومقاتلة الدولة الوطنية السورية، التي تواجه عشرات آلاف المرتزقة الذين حُشدوا في مختلف المناطق في بلاد الأمويين.

وفي هذا الصدد يؤكد الروس في كل اللقاءات أنهم يمتلكون الأدلة والوثائق والصور حول قيام دولتين خليجيتين على الأقل، بدفق مالي رهيب للجماعات التكفيرية والإرهابية في سورية، وتقديم كل الإغراءات لمرتزقة من كل أنحاء العالم، لتجنيدهم للتخريب والقتل في سورية، ووصلت الأمور إلى حد الاتصال بجماعة بوكو حرام في نيجيريا، وبمتمردي مالي، للمجيء بهم إلى سورية، من أجل إنقاذ رأس حليفهم المضحك فرنسوا هولاند، الذي أخذ يدبّ الصوت على حلفائه الغربيين والأميركيين لمساندته في ورطة مالي.

ووفقاً للمعلومات المؤكدة، فإن مندوبي الدولتين الخليجيتين بدأوا يجولون على بلدان آسيا الوسطى (كازخستان وأوزباكستان)، بالإضافة طبعاً إلى باكستان والشيشان، لاستجلاب العناصر المتطرفة للقتال في سورية، ثم إن الوقائع الميدانية تشير إلى مقتل المئات من هذه البلدان في المعارك.

بيد أن هذا التهور والاندفاع دفعا بالغرب والأميركي لإعادة حساباته، ودراسة مواقفه، خصوصاً بعد أن أكدت الدولة الوطنية السورية مع اقتراب الأزمة من نهاية سنتها الثانية، قدرتها على المواجهة، وعلى لعب أدوار سياسية وتكتيكية مذهلة، أكدت من خلالها سيطرتها على أرض الميدان، وعلى وقائع الحركة السياسية والدبلوماسية، رغم أنوف حمديْ قطر ونبيل العربي، وهو ما جعل الرئيس الأميركي باراك أوباما يكشف بشكل متعمّد رفضه خطة تسليح المعارضات السورية التي كان بطلها الثلاثي الأميركي المعزول: هيلاري كلينتون، وأونيل بانيتا، ودايفيد بترايوس، الذين كانوا قادة الحرب الميدانيين الحقيقيين.. وربما هذا ما أخذ يكتشفه بعض ممن يسمون “معارضة”، فبدأ البعض منهم يتحدث عن حوار وتسوية، خصوصاً بعد أن اكتشف هذا البعض والغرب، البُنية المتينة للنظام السوري، وعلاقاته الجيوبولتيكية الاستراتيجية المتماسكة والقوية والقادرة..

لكن البعض من هذه المعارضات المدعوم من تركيا وبائعي الغاز، وممن صار المال الغبي ديدنه، لا يرى مجالاً للحوار، وبالتالي فهذه المعارضات سيكون مصيرها حتماً على أرصفة التاريخ والمجهول، حتى وإن سكنت في فنادق خمس نجوم، أو أشبعت غريزتها بالرقص على الجثث.

» سورية والحوار و الانتصار
» سورية بين النار والحوار ....سامي كليب
» الجزائر: نحن لا ندعم النظام في سورية.. والحوار هو السبيل الوحيد لتفادي شبح الدمار
» المفتي حسون لروسيا اليوم : سورية مستهدفة بشعبها وثقافتها وأرضها وفكرها والحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمة فيها
» الغارديان :مخطط للتخلص من 7 دول بينها سورية التي تواجه تحالف واشنطن ـ الرياض ـ اسرائيل ـ القاعدة