قلعة الخميني وراية فلسطين – غالب قنديل

قلعة الخميني وراية فلسطين – غالب قنديل

تحل الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإيرانية التي قادها الإمام آية الله الخميني وقد بلغت هذه الدولة درجة متقدمة من التطور العلمي والتقني والحضاري وأقامت بناء اقتصاديا متينا في مواجهة حصار استعماري غير مسبوق .
أولا: يبهر الخبراء و الباحثين الجديين النموذج الذي قدمته الثورة الإيرانية في مجال الاستقلال والتحرر من الهيمنة الاستعمارية والاعتماد على القدرات الذاتية في تنمية الاقتصاد الوطني وإعادة توزيع الثروة داخل المجتمع وفي امتلاك التكنولوجيا المتقدمة وتطوير البحث العلمي من خلال تكوين ورعاية جيش من العلماء والباحثين والخبراء والمهندسين الذين وصلوا بإيران إلى مصاف الدول الكبرى على صعيد المجالات الصناعية والتقنية الأكثر تقدما في العالم بما في ذلك علوم الفضاء وجميع أنواع الصناعات الثقيلة المدنية و العسكرية التي قادت إليها الإدارة العلمية والحضارية للموارد الإيرانية العظيمة التي كان الشاه يضعها في تصرف الغرب الاستعماري ومشاريعه في المنطقة و يثبت تقدم القدرات الدفاعية العالية و الإستراتيجية و تطور العلوم الطبية و صناعة التعدين أن إيران انتقلت من التبعة الاستعمارية للغرب الذي شغلها ككلب حراسة إقليمي في زمن الشاه إلى حاضرة تغلي بمفردات ثورة صناعية و علمية عظيمة تجعل منها دولة كبرى صاعدة و مستقلة.
ثانيا: أقامت الثورة الإيرانية نظاما سياسيا تحرريا تميز في تكوينه المؤسساتي بقدرات هائلة على التطور والتجدد وقدم صيغة للتعددية السياسية والحزبية في تداول السلطة تثبت التجربة التاريخية منذ انتصار الثورة أنها الضمانة الأساسية لتوليد ديناميكية تغييرية مستمرة قاعدتها الاحتكام إلى الإرادة الشعبية وصناديق الاقتراع وقد تجلت عبقرية قائد الثورة الإمام آية الله الخميني بالهندسة الدقيقة لهذا النظام وللعلاقة بين المؤسسات الدستورية المختلفة حيث تدور جميعها حول محور الاحتكام للإرادة الشعبية التي تمثل قاعدة الهرم ومصدر الشرعية السياسية والدستورية للسلطة وصولا إلى قمة الهرم التي يمثلها مرشد الجمهورية الإمام الخامنئي برسمه للسقوف الإستراتيجية العليا التي تتحرك في إطارها السياسات والقرارات التشريعية والتنفيذية في جميع المجالات.
ثالثا: إيران الجديدة التي ولدت من ثورة شعبية كانت من أهم ثورات القرن العشرين هي قوة حاضنة لحركات التحرير في العالم وهي بالذات على مساحة الشرق تقف إلى جانب حركات المقاومة العربية في مجابهة الكيان الصهيوني.
لقد صاغ الإمام الخميني نظرة إستراتيجية لحركة التحرر والتنمية في المنطقة أساسها اعتبار إسرائيل القاعدة الاستعمارية المركزية التي يستند إليها الغرب ويسخر في خدمتها الأنظمة والحكومات التابعة للنفوذ الغربي في البلاد العربية بل و في العالم الإسلامي ، و حين حدد الإمام الخميني هوية الجمهورية الإسلامية بمقاومة العدوان الصهيوني عبر دعم الحركات و القوى اللبنانية والفلسطينية التي هبت للتصدي للغطرسة الإسرائيلية وحين اعتبر الإمام الخميني أن إسرائيل هي غدة سرطانية لن يتحرر الشرق ولن تزدهر شعوبه دون التخلص منها فهو أقام بذلك الأساس لنظرية تحررية تاريخية في المنطقة تعبر عن المصالح البعيدة لجميع دول المنطقة وشعوبها وكذلك تسدد الاتجاه الإيراني لبناء قوة استقلالية تحررية كبرى ضد الهيمنة الاستعمارية وهي بالضرورة نقيض القوة الإقليمية الإسرائيلية التي تجسد تلك الهيمنة وتحرسها.
رابعا: في ذكرى الثورة الإيرانية تحضر انجازات شعب عظيم وقيادة تحررية مبدعة في عملية البناء والمقاومة تحت ضغط أشرس الهجمات السياسية والإعلامية والاقتصادية والأمنية ولا شك أن تضحيات الشعب الإيراني الكبرى وما بذله للظفر بحريته ولامتلاك القوة التي تدرج إيران على لائحة الدول الحية والكبرى الناهضة في العالم تشكل رصيدا مهما لجميع شعوب المنطقة ويحق للبنانيين والفلسطينيين والسوريين الذين يقاومون العدوان الاستعماري والصهيوني على بلادهم أن يحتفلوا بهذه المناسبة لأنها ولادة للقوة التي أنجدتهم في مجابهة العدوان وأتاحت كما تتيح لمقاومتهم مقدرات هائلة ما كانت لتتوافر لولا وجود إرادة قوية وثورية في طهران منذ ذلك اليوم الذي أنزل فيه العلم الصهيوني ورفع علم فلسطين بدلا منه على مبنى سفارة العدو كانت إيران الشاه التي خضع لها حكام دول عربية كثيرة تسمى بشرطي الخليج أما اليوم فالجمهورية هي قلعة شامخة حرة ترفع راية فلسطين و تناضل لشرق جديد تبنيه الشعوب وتشق إليه الطريق بالمقاومة المنتصرة.

» 2014 : سورية قلعة ستغير العالم - غالب قنديل
» لماذا فلسطين ؟ - ناصر قنديل
» كتب ناصر قنديل: فلسطين و حلب
» ناصر قنديل:فلسطين 194
» ناصر قنديل:94 - دم فلسطين