طاغية اسطنبول

موضوع: طاغية اسطنبول السبت يناير 26, 2013 4:42 pm

طاغية اسطنبول
2013-01-25 06:26:31
يستيقظ طاغية اسطنبول متأخراً بعض الشيء، ما زال يستشعر في أذنيه ضجيج ليلة البارحة. هتف الحضور باسمه كثيراً: "تركيا تعتز بك!"

– "شباب جيدون" دار في خلده.
كان أحد هؤلاء "الشباب"، واسمه "محمد عاكف باكي"، وهو متحدث باسم الطاغية، قد ألف كتاباً بعنوان "حروف أردوغان" شبه فيه علاقة "رجب طيب أردوغان" و"عبد الله غول" بعلاقة النبي موسى وأخيه هارون؛ بحيث يكون "أردوغان" هنا هو موسى، و"غول" هارون.
– "آه من عبد الله" يقول الطاغية في ذهنه "من ذا الذي أصبح يلعب بعقله مؤخراً ليخرج عن تعليماتي"
يعتدل الطاغية في جلسته قليلاً؛ يقلب فكره في أمر "غول"؛ هل تكون وجبة السباب القادمة من نصيبه؟
– "لا، ليس هذه المرة" يقول في ذهنه.
وجبة السباب الماضية لم تكن موفقة كما يريد، فالصحافي الأمريكي استعان عليه بتقرير يثبت أن تركيا هي من أكثر البلدان اعتقالاً للصحافيين في العالم.
– "ما بال واشنطن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء؟ ألا أكم أنا فم من يتناولها؟"
...
– "الحاكم يجب أن يكون قوياً مهاباً، يمسك كل خيوط اللعبة بيديه. يجب أن يكون كما قال "فهمي" عني أباً للأمة"
وكان الصحافي "فهمي كورو"، وهو صديق شخصي للطاغية، قد كتب يبرر كل غرابة أطواره بأنه "يحس نفسه أباً للأمة"
يهاجم الفنانين المسرحيين، يهدد بإعادة حكم الإعدام، يهدد بحل حزب السلام والديمقراطية الكردي وزج قادته في السجن، يعمل على تحريم وسائل منع الحمل... كل ذلك لأنه يحس نفسه "أباً للأمة".
ليس الطاغية أباً لأولاده فقط بل للأمة جمعاء. لكن مع ذلك أبوته لأبنائه لا تقارن بأبوة مماثلة.
ابنه "أحمد براق أردوغان" اشترى باخرة ثانية لصالح شركته للنقل البحري. في المرة الأولى كان الطاغية قد برر ذلك للإعلام بقوله أنها "بويخرة، وليست باخرة". أما الآن فلم يشعر بالحاجة لتبرير شيء.
– "جيد، الأمور إلى تحسن"
ابنته "سميا" تم استحداث منصب لأجلها في حزب العدالة والتنمية الحاكم. أصبح اسمها "مستشارة إعلامية" للطاغية، وتقبض عليه راتباً أعلى مما يقبضه أفضل البروفيسورات ورجال العلم في البلاد.
– "خيرٌ من أن تفتح عملاً خاصاً، ويكتم الصحافيون على أنفاسها"
تذكر الطاغية كيف كتبت الصحافة عنها عندما كانت تدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف كشفت أنها أقامت مأدبة عشاء على ضوء الشموع لنجوم هوليووديين كبار. "سميا" تستثير دائماً ابتسامة دافئة من والدها الطاغية، عيونه تغدو أرق، يرى أخطاءها جميلة ومثيرة للدعابة.
ابنته "إسراء" زوَّجها بشكل موفق، وأبرم زوجها "برات ألبيرق" صفقات مليونية موفقة مولتها مصارف الدولة لصالحه. أي أنه ربح دون أن يدفع من جيبه شيئاً.
ابنه "نجم الدين بلال أردوغان" وجد عملاً في صندوق النقد الدولي بوساطة من "جورج بوش"
يمضي الطاغية في أفكاره:
– "صديقي جورج بوش كان مثلي أباً للأمة الأمريكية. ليبراليو اليوم – أوباما وفريقه – لا يعرفون ماذا يفعلون. إنهم يتكبرون علينا لمجرد أنهم أمريكيون"
يحلم الطاغية لو أنه يغزو أمريكا ويفتحها مستعيداً سيرة السلطان العثماني "محمد الفاتح" فاتح "اسطنبول".
قبل مدة عاتبه "محمد مرسي" في "القاهرة" بسبب مسلسل "حريم السلطان" لأنه يظهر السلطان الفاتح بطريقة "غير لائقة" على حد قوله.
يعلم الله كم تضايق الطاغية آنذاك، وكم غضب!
– "كيف يتجرأ هذا على تعليمي كيف ينبغي التصرف؟"
هاجم المسلسل بعنف عندما عاد، وضغط على منتجيه حتى أعلنوا أنه الموسم الأخير وأنهم لن يستمروا في تصويره. وحتى أنهم غيروا خاتمته فتابت السلطانة عن خطاياها، ودخلت المسجد، وذلك على خلاف الواقع التاريخي.
– "جيد، فليتعلموا كيف يحرجوني مرة أخرى أمام حلفائي العرب"
...
في الطريق إلى المكتب يفكر الطاغية فيمن ستكون وجبة السباب من نصيبه اليوم. يقلب الاحتمالات. لا يريد أن يتشاتم مع رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض "كمال كيليتشدار أوغلو"، فقد أصبح مكروراً ومملاً. هل يتشاتم إذن مع زعيم أوربي ما؟
– "هؤلاء الأوربيون أسوأ من "أوباما". لن تسمع منهم إلا عبارات حقوق الإنسان والحريات"
لربما يتشاتم إذن مع الأكراد.
في المكتب تظهر أمائر الوجل على محيا مدير مكتبه. وفي ذلك ما يسر الطاغية، فهو يحب أن يكون مرعباً لمن حوله، وأن يتراكضوا بفزع لدى أقل إشارة من إصبعه. لكن هذه المرة هناك شيء غير طبيعي.
– "ما الأخبار؟"
– "سيدي، لقد... لقد تحدث الأسد قبل قليل"
يستشعر طاغية اسطنبول ما لا يسر، يحضر نفسه للأخبار السيئة.
– "ماذا قال؟"
– "سيدي لقد قال أن المعارضة، أقصد الجيش السوري الحر، في "رأس العين"...
– "رأس العين المدينة الكردية؟"
– "نعم سيدي!"
– "ما بها؟"
– "قال أن إخوتنا الثوار مقاتلي الحرية قد لقنوا فيها – أعتذر مقدماً – درساً لا ينسى"
– "ماذا!؟"
تسود سحنة الطاغية، يتجهم، يرغي ويزبد. يخلي موظفوه الغرفة بسرعة، ويتركوه لوحده. نفس الشيء يحصل كل مرة ينبس فيها الرئيس السوري ببنت شفة.
– "اطلبوا لي مدير الاستخبارات"
بشكل متزامن تبدأ سبع وأربعون كتيبة من المعارضة السورية المسلحة بمهاجمة بلدة رأس العين، وتقصفها المدفعية التركية، وتخترقها دبابات مجهولة المصدر. فيما تدافع الميلشيات الكردية عنها دفاعاً مستميتاً.
ليلاً، وقبل أن يدخل طاغية اسطنبول فراشه، يكون قد استرد أنفاسه شيئاً ما. يتمتم بعض الكلمات راضياً عن نفسه، يمتدح بصوت عال قدراته الاستراتيجية، التي يحس في عقله الباطن أنها غير موجودة.
– "ترى ماذا كان ليحصل لهذه الأمة لو لم أكن أنا أبوها؟"

» متى يطردهم من اسطنبول ؟
» ماذا يحدث الان بين اسطنبول و اورشليم؟
» لافروف يكسر يده في اسطنبول
» متى يطردهم من اسطنبول ؟ ...نبيه البرجي
» لاجئة سورية مع أطفالها على ارصفة اسطنبول