الدولة الاسلامية... بوصلة الكتائب المسلحة في سوريا !!

الدولة الاسلامية... بوصلة الكتائب المسلحة في سوريا !!
2013-01-24 05:08:08

فوضى انتشار السلاح التي اجتاحت الشارع السوري، أعقبتها فوضى مماثلة على صعيد تشكيل الكتائب المسلحة حيث وصل عدد هذه الكتائب إلى المئات علماً أن إحصاؤها بشكل دقيق أمر غير ممكن، وهذا جعل من الصعوبة بمكان أن يتعقب المراقب عمل هذه الكتائب وإيديولوجياتها كلاً على حدة.
وقد استفادت بعض الأطراف من هذه الفوضى وحاولت أن تعطي صورة نمطية عن الكتائب المسلحة بأنها مجموعات ثورية تهدف إلى إسقاط النظام للتخلص من القمع والاستبداد ووضع البلاد على طريق الديمقراطية والحرية، ويجري إعلامياً التركيز على ميليشيا "الجيش الحر" باعتباره العنوان المفضل لدى وسائل الإعلام للتعبير عن الحالة الثورية التي يراد تظهيرها بعناية فائقة.
ولكن إلى جانب ميليشيا الجيش الحر، ظهرت كتائب مسلحة قوية ومنظمة تنتمي إلى جبهة النصرة التي تعتبر فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، وأصبح هناك أيضاً جبهة تحرير سوريا الاسلامية وكذلك الجبهة الاسلامية السورية، وهيئة حماية المدنيين، وجبهة ثوار سوريا، بالإضافة إلى عشرات الكتائب والألوية التي ما زالت تعمل بشكل مستقل دون الانضمام إلى أي من التشكيلات السابقة.
وتشير معظم الدلائل إلى أن "الجيش الحر" الذي تم تداوله إعلامياً مع بداية الاشتباكات المسلحة في مدينة حمص وريف إدلب، العام الماضي، قد أخذ يذوب تدريجياً ويفقد الكثير من الحظوة التي كان يتمتع بها إعلامياً وسياسياً، لحساب باقي التشكيلات والتجمعات التي جرى إنشاؤها مع اشتداد المعارك في محافظة حلب وريف دمشق.
وإذا كانت مرحلة بروز عنوان "الجيش الحر" قد ترافقت مع خطاب المعارضة عن الديمقراطية والحرية ومدنية الدولة، حيث تم وضع عدد من المواثيق والأوراق تتعاهد بها أطياف المعارضة ومن ضمنها الإخوان المسلمون على تأسيس دولة مدنية تحكمها مبادئ الديمقراطية، وجرت حملة إعلامية دعائية ضخمة لتسويق هذه المواثيق والأوراق والاحتفاء بأهميتها وتأثيرها على تاريخ الدولة السورية المزمع تأسيسها بعد سقوط النظام.
فإن مرحلة انكفاء الجيش الحر وظهور جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجبهة تحرير سوريا الاسلامية، قد ترافقت مع انزواء أي خطاب معارض يتحدث عن مفاهيم المدنية والديمقراطية وبرز عوضاً عن ذلك خطاب ديني منظم وموجه يتبنى مفهوم الخلافة والدولة الاسلامية وتطبيق شرع الله. وقد يكون مما له دلالته أن المجلس الوطني المعارض كان يقوده في تلك الفترة رجل ينتمي إلى التيار العلماني هو برهان غليون، بينما يقود الائتلاف الوطني، اليوم، رجل الدين الشيخ معاذ الخطيب إمام وخطيب الجامع الأموي سابقاً.
ولا ينبغي هنا لأحد أن يفهم من ربطنا بين الجيش الحر وبين الخطاب المدني، أننا نقول أن الجيش الحر كان يؤمن فعلاً بالمدنية ومبادئها، ولكننا نحاول فقط رسم صورة واقعية لما جرى كي نفهم هول الخديعة التي كانت تحاك ضد المواطن السوري.
نحن نتذكر على سبيل المثال أن "كتائب الفاروق" كانت هي التشكيل الأبرز في صفوف الجيش الحر أثناء معارك حمص، ولكن كتائب الفاروق كانت وما زالت ذات طبيعة سلفية متشددة ومتطرفة، ومع ذلك لم تحاول أن تقول شيئاً بخصوص الخطاب المدني الذي ساد في تلك الفترة بل صمتت واكتفت بممارسة نشاطها العسكري وفق إيديولوجيتها المتطرفة التي تؤمن بها بعيداً عن ترهات خطاب المجلس الوطني ومواثيق المعارضة. إلا أنها سرعان ما كشفت عن حقيقتها السلفية المتطرفة عندما سنحت لها الفرصة، فها هي تقوم بالاتفاق مع ألوية وكتائب أخرى بتشكيل ما يسمى "جبهة تحرير سوريا الاسلامية" التي تتبنى خطاباً دينياً متشدداً وتسعى إلى إقامة الدولة الاسلامية بعد إسقاط النظام.
ويماثل هذه الحادثة في دلالتها، ما حدث عقب تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة حيث قامت بعض الكتائب من بينها كتائب أحرار الشام ولواء التوحيد وجبهة النصرة وعدد آخر منها بإصدار بيان مصور يرفض الاعتراف بالائتلاف الوطني والتأكيد على أن الهدف هو إقامة دولة إسلامية. ولكن لسبب ما قام لواء التوحيد، الذي كان يعتبر إعلامياً أكبر وأقوى لواء ناشط في مدينة حلب، بالتنصل من مشاركته في البيان المصور وأكد اعترافه بالائتلاف الوطني وأهدافه. لكننا نفاجأ منذ أسبوعين بخبر انضمام لواء التوحيد إلى جبهة تحرير سوريا الاسلامية ليقف جنباً إلى جنب مع كتائب الفاروق السلفية المتطرفة، وللحق فهذا هو مكانه المناسب الذي يليق به ولم يكن بإمكانه مسايرة قوى المعارضة السياسية أكثر من ذلك.
ثم أن كتائب أحرار الشام قامت بالاتفاق مع عشرة كتائب أخرى بتشكيل الجبهة الاسلامية السورية التي أصدرت منذ أيام ميثاقها الناظم لعملها والذي يؤكد أن هدفها هو إقامة الدولة الاسلامية.
هذا دون أن نذكر جبهة النصرة التي لا تكتفي في أدبياتها بالحديث عن دولة إسلامية وإنما تطمح إلى إعادة عهد الخلافة الراشدة، وجبهة النصرة نالت شهرة كبيرة في الأشهر الماضية وتعتبرها مراكز أبحاث غربية أكثر التنظيمات المسلحة التزاماً وقوةً بين الفصائل الأخرى.
هذه الحقيقة التي ترزح بكاهها على وقائع الميدان في سورية، يجري التشكيك بها إعلامياً وسياسياً من قبل بعض الأطراف، ودائماً تكون الحجة الجاهزة هي أن نسبة هذه الفصائل ذات الطبيعة الاسلامية المتشددة قليلة إذا ما قيست بنسبة الفصائل الأخرى. وهنا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام التحدي الكبير الذي فرضته علينا فوضى تشكيل الكتائب التي أشرنا إليها أعلاه، لأن هذه الفوضى تجعل من العسير تحديد نسبة الفصائل الاسلامية إلى غيرها وما إذا كانت تشكل أغلبية في العمل العسكري أم لا.
ولكن بعد أن عمدت الكثير من الكتائب إلى التجمع ضمن جبهات موحدة ذات مرجعية دينية واضحة كجبهة تحرير سوريا الاسلامية التي تضم أكبر الألوية والكتائب في صفوفها ككتائب الفاروق ولواء التوحيد ولواء الاسلام، والجبهة الاسلامية السورية التي تضم كتائب أحرار الشام وهي من أقدم الكتائب تشكيلاً على الأرض السورية وعشرة ألوية أخرى، وتجمع أنصار الاسلام بجناحيه (جناح أبو معاذ الآغا وجناح زهران علوش) اللذين يضمان عشرات الألوية والكتائب ذات الطبيعة السلفية المتشددة، وجبهة ثوار سوريا وتجمع أنصار الخلافة وغيرها، يصبح من الممكن أن نقول أن النسبة الكبيرة من الفصائل المسلحة في سوريا تنتهج نهج السلفية وتسعى لإقامة الدولة الاسلامية وتطبيق شريعة الله عى الأرض حسب مفهومها هي لهذه الشريعة بحيث لا يمكن لأي فهم آخر أن يجد طريقه للتعبير عن نفسه دون أن يتهم بالردة أو الكفر.

» الدولة الاسلامية تقرر اهدار دم كل شخص ينتمي الى “الكتائب المقاتلة
» من وراء اختفاء قادة الكتائب المسلحة في سوريا؟
» مخطط تسلل خطير يقتل أحد «أمراء» الدولة الاسلامية غرب سوريا
» سوريا: الأكراد يوقفون تقدم الدولة الاسلامية باتجاه عين العرب "كوباني"
» "داعش" تقطع رؤوس مقاتلي الكتائب الاسلامية في حلب