إمارة فتح الإسلام في رومية حيث يدفع السجناء بدل إيجار بعض الزنزانات

إمارة فتح الإسلام في رومية حيث يدفع السجناء بدل إيجار بعض الزنزانات
2013-01-22 01:44:10
السفير-عربي برس

كشف مصدر أمني واسع الاطلاع لـ«السفير»، عن تعرّضه هو وأحد القضاة لـ«التهديد، من جانب سجناء فتح الإسلام في سجن رومية، بقتلنا نحن وعائلاتنا». واكد أن "جهة سياسية مسؤولة في الدولة، تستمر في حماية هؤلاء السجناء الإسلاميين، من دون الأخذ بالاعتبار المخاطر التي نتعرض لها نحن والعناصر وبقية السجناء".
وقال المصدر انه أرسل كتاباً رسمياً للمعنيين في الدولة، يفند خلاله التهديد بالقتل الذي تعرّض له هو والقاضي، لكنه لم يحصل على أي رد، علماً بأن الكتاب أُرسل قبل أشهر.
وأدت عملية إحباط هروب نحو 60 سجيناً من «فتح الإسلام»، أمس، إلى خروج ضباط أمنيين مخضرمين عن صمتهم وكشفوا لـ«السفير» عن سلسلة من الفضائح التي يرتكبها هؤلاء السجناء، الذين قاتلوا الجيش قبل أن يُزجوا في السجن.
ربما تكون المرة الأولى التي لا يتردد فيها أحد الضباط، الذي تربطه صلة هرمية وثيقة بملف السجون، في القول: "نحن نخاف سجناء فتح الإسلام! إنهم يتحكمون بنا في السجن، وهم السجّانون"، مشيراً إلى أنهم "سيعاودون محاولة الفرار، لأن محاكماتهم القضائية قد حُددت في شباط المقبل. وهم يعرفون أن أحكامهم ستكون قاسية، بينما يريدون الالتحاق بالمعارك العسكرية في سوريا".
وأشار الضابط، الذي يحمل رتبة أمنية عالية، إلى أن أحد الضباط قام بتشطيب نفسه بالسكين، عندما أوعز إليه بالدخول إلى طابق الإسلاميين في المبنى "ب"، لافتاً إلى أن "ضابطا آخر في السجن، رفض أن يرسل كتاباً للمسؤولين، يشرح خلاله التهديد الذي يتعرض له، وقال لي: حياة عائلتي أهم من كل أمر".
وقال سجناء من «فتح الإسلام»، وفق المصدر الأمني، لبعض الضباط والعناصر: «أنت تسكن في ذلك الحي، في الطابق الفلاني. ابنك يرتاد تلك المدرسة. أمك اسمها كذا، ووالدك يقصد المحل الفلاني»، لترهيبهم وتأكيد مدى جدّية تهديدهم.
مع ذلك، «تصرّ جهات سياسية على حماية هؤلاء السجناء»، علماً بأن عمليات فرار عدة قد شهدها السجن، كانوا هم فقط من ينجح في تنفيذها، وآخرها هروب ثلاثة أشخاص اكتشفت مخابرات الجيش أمرهم قبل نحو شهرين، بعدما كانوا قد توجهوا إلى سوريا للمشاركة في الأعمال العسكرية.
وثمة خلاصة توصّل إليها ضباط معنيون بملف سجن رومية، تكمن في أن "جهة سياسية مسؤولة في الدولة، تعمل على تسهيل فرار هؤلاء السجناء، وذلك لحسابات سياسية - انتخابية، وهي سبق وقامت بتسهيل إطلاق سراح بعضهم".
ويعزز هؤلاء الضباط فرضيتهم، بأسئلة عدة، أبرزها: ماذا يعني تجاهل حمايتنا من سجناء يهددون بقتلنا؟ هل ثمة عاقل يستطيع أن يصدّق أن سجناً مثل رومية، لا توجد فيه كاميرا مراقبة واحدة؟ لقد مُنعنا من تركيب كاميرا عند مدخل مبنى الإسلاميين، وليس في الطابق. الدكاكين تركب كاميرات مراقبة، ونحن محرّم علينا مراقبة هروب سجناء إرهابيين. ماذا يعني رفض الدولة أمراً مماثلاً؟
في المقابل، أشار مصدر أمني آخر إلى «تورّط ضباط وعناصر بتزويد السجناء الإسلاميين ببعض الأدوات، وتسهيل أمور عدة لأجلهم. لكننا أوقفنا، خلال شهر واحد فقط، أربعة ضباط و80 عنصراً»، لافتاً إلى أن المتورطين «ينقسمون كالتالي: ثمة من تورط لأسباب مالية، وأسباب عقائدية مشتركة، بينما النسبة الأكبر من المتورطين كان دافعها الخوف». مع ذلك، جرت وساطات سياسية لعدم توقيف الضباط والعناصر المتورطين، وفق المصدر الأمني.
وكشف المصدر عن امتلاك مجموعة «فتح الإسلام» في السجن، التي يتزعمها «أبو الوليد» (من مجدل عنجر، اسمه خ.م.، ومتهم بعملية سطو على مصرف في شتورة)، حجرة يسمونها «غرفة الكلاب»، مخصصة لـ"تعذيب بعض السجناء الذين لا يسددون بدل إيجار بعض الزنزانات، ولدينا صور موثقة تؤكد الأم".
وقال المصدر ان «غسان قندقلي لم ينتحر قبل يومين في السجن (يذكر أن «السفير» رجّحت احتمال تعرّض قندقلي للقتل)، بل ثمة سجناء من فتح الإسلام ضربوه قبل موته بساعتين، والتحقيقات ترجح أنهم قتلوه»، مؤكداً أن "المحققين التقوا شاهدا مهما، يملك معلومات حساسة عن الجريمة، وتم نقله من السجن إلى مكان سرّي، خوفاً على حياته، وثمة صور موثقة عن تعرض قندقلي للضرب".

قصة التخطيط للهروب

يقبع سجناء «فتح الإسلام»، الذين يبلغ عددهم نحو 60 سجيناً من أصل 185 سجيناً إسلامياً، في الطابق الثالث من المبنى «ب» في سجن رومية. تمكن البعض منهم من الفرار وتعثر بعضهم الآخر. وتسجل التقارير الأمنية الرسمية إحباط نحو 13 عملية فرار خلال العام الماضي، من بينها 4 عمليات مماثلة لمحاولة الفرار أمس: كانت تجهز لتهريب كل سجناء "فتح الإسلام".
ومثل العادة، طرحت محاولة الفرار، أمس، أسئلة عدة، يتركز أبرزها على كيفية استحواذ هؤلاء السجناء على المعدات اللازمة للهروب، من مناشير حديد و«حبال» (من قماش) أنتجتها ماكينة خياطة في داخل السجن، وكيف تمكنوا من نشر الحديد من دون سماع الأمنيين أصوات التكسير المدوية.
القصة، وفق مصدر أمني واسع الإطلاع، بدأت في نيسان من العام الماضي، عندما قام سجناء المبنى «ب»، بمن فيهم غير الإسلاميين، بعملية تمرد واسعة أفضت إلى خطف عناصر أمنية. آنذاك، تمكن سجناء «فتح الإسلام» من الاستيلاء على مباني السجن، وسرقوا معدات متعددة من غرف الصيانة، ثم ادخروها. ولما قامت القوى الأمنية، من بينها «الفهود»، بتنفيذ عمليات دهم، لم تتمكن من مصادرة إلا «عشرة في المئة من الأدوات الممنوعة التي يملكها هؤلاء السجناء»، يقول ضابط أمني معني.
ويصف محاولة الهروب التي أحبطت أمس، بـ"العملية الذكية والغبية في آن: لقد تمكنوا من تضليلنا نحن والإعلام، عندما قاموا قبل أسابيع قليلة بانتفاضة في المبنى وخطفوا عسكرياً بذريعة أنهم محرومون من المياه. إذ تبين لنا أنهم استغلوا الضجيج والصراخ والتكسير في المبنى، كي يتمكنوا من نشر القضبان المثبتة في الباب الفاصل بين طابقهم وغرفة المراقبة، التي كانوا سيهربون منها أمس، ثم يقتلون الحارسين أسفل المبنى، وتكون حافلتان في انتظارهم".
وبرأي المصدر، فإن استغلال الضجيج لنشر الحديد، «كان عملية ذكية بلا شك، خصوصاً أنهم يحضّرون لهروبهم منذ ثلاثة أشهر ويعملون تباعاً، لكن الغباء الحقيقي يكمن في أنهم، على الرغم من التسهيلات التي ينعمون بها في السجن، لم يتمكنوا من الهروب. لا أحد يستطيع أن يتخيل كيف يعيش هؤلاء في إمارتهم».
أما كيفية انكشاف محاولة الهروب، فحدثت من خلال تسريب أحد المخبرين السجناء معلومة، تفيد بأن سجناء «فتح الإسلام» أحدثوا فجوة في الباب الفاصل بين جناحهم وباب غرفة المراقبة (لا يوجد عنصر أمني في داخلها، خوفاً من السجناء)، وقاموا بتمويه الفجوة بطريقة "ذكية".
وقام الضباط المعنيون، بعد ورود المعلومة الجديدة، بربطها بمعلومة تفيد بأن سجناء «فتح الإسلام» التزموا في الفترة الأخيرة، ببرنامج غذائي مكثف للتنحيف: كانوا يريدون أن يضمنوا عدم وقوع أحدهم، في أثناء الهروب عبر الحبال، كما جرى مع زملائهم سابقاً عندما تعثروا بسبب بدانتهم، وسُمّي آنذاك "الهروب الكبير".
ولما قامت القوى الأمنية، فجر أمس، باقتحام غرفة المراقبة، عثرت على الحبال التي كانت معدّة للاستخدام في الهروب. ويبلغ طول كل منها 17 متراً، ومترابطة بطريقة «احترافية». وهي المرة الأولى التي يُضبط فيها أربعة حبال دفعة واحدة، إذ جرت العادة على استخدام حبل واحد. لكن عملية الأمس، كان مخططاً لها أن تكون "تاريخية".
وبينما تعمل جهات سياسية على حماية هؤلاء، ثمة سجناء في «رومية» لم يُحاكموا منذ سنوات. منهم المتهم بسرقة كرتونة بيض، ومنهم المتهم بأمور لم يرتكبها. الموقوفون بلا محاكمات أصبحوا يتعاطون المخدرات. هم يموتون شيئاً فشيئاً. هؤلاء ينتظرون حبلاً واحداً يعيدهم إلى ذويهم: محكمة عادلة.

» فضيحة سجن رومية.. إمارة لتنظيم فتح الإسلام
» إمارة رومية...الإسلاميون وافقوا على شروط الأجهزة الأمنية
» سجناء «فتح الإسلام» يديرون مصنع متفجرات في «رومية»!
» فرار 3 أشخاص ينتمون لتنظيم «فتح الإسلام» من سجن رومية في لبنان
» السعودية.. الشرطة الدينية تحذر من إيجار الدرجات النارية للنساء