حرب الخطاب: السوريون مستنفرون

حرب الخطاب: السوريون مستنفرون

عبدالله علي ـ عربي برس

ردود الأفعال الكبيرة في أوساط الناشطين السوريين معارضين أو موالين، التي أثارها الإعلان عن خطاب يلقيه اليوم الرئيس السوري بشار الأسد، تثبت مرة أخرى أن ثمة اعترافاً ضمنياً من الجميع بأن الرئيس بشار الأسد ما زال ينظر إليه على أنه رجل مؤثر ويمسك بيديه أهم المفاصل التي من شأنها تحديد مصير سورية.

يمكن استنتاج ذلك من الحملة الكبيرة التي شنها الناشطون المعارضون ضد الخطاب محاولين التقليل من أهميته وأحياناً كثيرة تراهم يلجأون إلى السخرية بهدف خلق رادع نفسي لدى الشريحة التي يؤثرون عليها لمنعها من سماع الخطاب أو أخذه على محمل الجد، وبين هذا وذاك حاول بعض الناشطين إثارة شائعات حول الخطاب ومكان وتوقيت إلقائه.
فتنسيقية تلكلخ توقعت بشكل مسبق أن خطاب الرئيس السوري لن يتضمن ما سمته "أي تنازل" والغريب أنه بررت ذلك بقولها " أنه (أي الرئيس) إذا تنازل يوماً فهذا يعني سقوطه فوراً" ولم تذكر التنسيقية ما هي التنازلات التي تريدها من الرئيس؟ وكيف يمكن للتنازل أن يؤدي إلى سقوطه؟ ولكن الأغرب أن التنسيقية نفسها اضافت أنه إذا تنازل أو لم يتنازل فسوف يسقط!!! فإذا تنازل سوف يسقط بحسب قولها بعيون "شبيحته"، وإذا لم يتنازل فإنه سيسقط بعيون داعميه الدوليين!!.
ولكن هناك شبه إجماع على أن ثمة مبادرة للتسوية سوف تكون جوهر الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الأسد إلا أن الخلاف يدور حول تفاصيل هذه المبادرة وظروفها.
فقد ذكر الإعلامي سومر حاتم رئيس تحرير موقع الشارع السوري أن ثمة معلومات تشير إلى أن الرئيس الأسد سيقدم مبادرة هامة للحل في سورية وربما تكون المبادرة الأخيرة للجميع"
ويضيف حاتم أنه: "يأتي توقيت هذه المبادرة وتوقيت هذا الخطاب على ضوء النتائج الميدانية للجيش العربي السوري المتقدمة ولعل أبرزها فرض السيطرة على محيط مدينة دمشق وبدء التقدم باتجاه الأمام في الريف"
ليختم بالقول أن: "الرئيس الأسد كان دوماً يكرر في خطاباته إلى أنه لا يتحدث إلا عندما تكون هناك نتائج قد تم تحقيقها ويقوم بإطلاع الشعب السوري عليها بكل مصداقية وشفافية" بحسب قوله.
وقد ذكر الإعلامي فيصل القاسم العامل في قناة الجزيرة أن المبادرة المتوقعة سوف تتضمن: "حواراً وطنياً، وحكومة وحدة وطنية، وتعديل دستوري، وانتخابات برلمانية ورئاسية، لكن لا ندري ماذا سيقول بالنسبة لوضعه".
وحول الظروف السياسية والعسكرية المحيطة بالخطاب فقد ذكر المحلل السياسي رياض صوما أن: " أن فشل ما سمي بـ هجوم الحسم على دمشق ، وتكبد المهاجمين خسائر كبيرة، الى جانب الحضور الروسي البحري الاستثنائي شرق المتوسط، اضافة للمناورات البحرية الايرانية الموازية في الخليج قد أقنع الأميركيين بأن كلفة استمرار الحرب على سوريا باتت كبيرة جدا".
وأضاف صوما أن: "هذا يفسر اللهجة التركية والخليجية الجديدة. وهذا يفسر لماذا سيتكلم الرئيس السوري غدا. أعتقد أننا عشية مرحلة جديدة، تمهد لبدء الحل السياسي. على المستمرين في انتظار سقوط النظام السوري ، أن يهدئوا روعهم" بحسب قوله.
وإذا كان الناشط زياد قبلان قد توقع أن يلقي الرئيس خطابه من إحدى التشكيلات العسكرية ولم يستبعد أن يكون ذلك من أشد المناطق توتراً بحسب ما كتب على صفحته في الفيسبوك، إلا أن الناشط المعارض هادي البحرة أشار إلى معلومات لديه تشير إلى وجود استعدادات في عدة أماكن منها مجلس الشعب ودار الأوبرا مما يوحي بحسب ما يرى الناشط البحرة أن يلقي الرئيس الخطاب من أحد هذين المكانين.
إلا أن الناشط المعارض هاني البارودي شكك مسبقاً أن يكون الخطاب حياً ومباشراً وقال أن لديه معلومات من مصادر عدة تدعي أن الخطاب جرى تسجيله مسبقاً في دار الأوبرا وأنه سيذاع اليوم على أنه بث حي ومباشر.
وعلى هامش هذه الحرب الإعلامية التي ثارت حول الخطاب، سادت في صفحات المعارضة نكتة مفادها أن السوريين يتمنون أن يطول الخطاب لأن الكهرباء لن تنقطع أثناء إلقائه. بينما طالبت الفنانة ورئيسة حزب سوريا الوطن مجد نيازي على سبيل الدعابة الممزوجة بالجد كل من شريف شحادة وطالب ابراهيم (أشهر محللين سياسيين أثناء الأزمة) بعدم الخروج للرد على تهجمات بعض المحطات الفضائية على خطاب الرئيس وقالت: جنة (شحادة وابراهيم) منازلهم.
وقد قامت إحدى الصفحات بصياغة ما يثار حول الخطاب بمجموعة من الأسئلة الساخرة من قبيل: لماذا لم يحدد التلفزيون السوري ساعة خطاب الاسد؟ لماذا لم يعلن الاسد شخصيا عن خطابه غدا في نشرة الاخبار؟ لماذا لم يلقي الخطاب فاروق الشرع بدلا عن الاسد؟ لماذا لم يصرح لافروف عن موعد الخطاب؟
الا يعني ذلك بداية انهيار النظام السوري و بداية تفككه و تحلله؟؟؟ تتساءل الصفحة ساخرةً.
وهذا ما دفع الناشط السوري الشاب عبدالمجيد عقيل إلى أن يقول: ‏"الخطاب قد أعجب كثيرين منذ اليوم قبل أن يعرفوا عنه شيئاً ... الخطاب منذ اليوم لم يلق رضى كثيرين أيضاً لمجرد أنهم يعلمون أنه لن يكون خطاب إعلان التنحي ... أما من يحب سوريا ويخاف عليها.. فينتظر.. ويترقب.. حتى يسمع ويرى.. ومن ثم يحلل.. ومن ثم يقرر".
وقد اختصر الناشط شادي توتنجي كل ما سبق بقوله الذي نختتم به: " المؤيدون ينتظرون كلمة ذات مادة حماسية تشجيعية ... والمعارضون ينتظرون كلمة ذات مادة إعلامية تحريضية ... أما الوطنيون ينتظرون كلمة ذات مادة إنقاذية .. وكفى ..".

» الخطاب الحلّ
» كتب ناصر قنديل:ما بعد الخطاب
» عن شمعون بيريز والشيعة في مسجد عمر بن الخطاب
» حظوظ تسويات ما بعد الخطاب الأسدي .. بقلم: نمير سعد
» عمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة حاضرون في معركة البحرين