سورية قطب رئيسي في صراع الأقطاب .. تحليل المواطن سوري لآخر الأحداث السورية

دام برس – اياد الجاجة :

عندما نلقي نظرة على الخط الذي رسمه السلاح والحروب في التاريخ الحديث نجد أن العالم لا يستطيع الانتظار طويلا تحت رحمة قطب واحد فبالرغم من انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى إلا أن اتفاقات ما بعد الحرب زرعت بذورها للحرب العالمية الثانية فالديون جمعت ما نسبته خمسة وأربعين بالمائة من ذهب العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وفترة ما بعد الحرب جعلت لبريطانيا وفرنسا بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية ما قيمته ثمانون بالمائة من احتياطي ذهب العالم فكانت الحرب العالمية الثانية ورغم أنها أنتجت ما يشبه قطبا واحدا لكنه تمايز إلى قطبين كان عنوانه الحرب الكورية التي نتج عنها كوريتين شمالية وجنوبية وبدأ القطبان يظهران وما أن تفكك الاتحاد السوفيتي حتى حصل ما حصل في يوغسلافيا من إعلان لقطب وحيد نتج عنه سبع دويلات على أنقاض يوغسلافيا السابقة والآن ما أن ازداد مخزون الذهب في الخزينة الروسية بالإضافة إلى انطلاقها للسيطرة على الطاقة النظيفة حتى تحالفت مع الصين وأثناء ذلك كانت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا في سباق على صعيد نسب النمو وكانت سوريا مسرح عمليات ولادة الأقطاب لا يعني ذلك أن سوريا تدفع ثمنا لصراع الأقطاب الصاعدة والهابطة كما الكوريتين و يوغسلافيا ولكنها في خيارها لتكون قطبا في هذا الصعود يجعلها تخوض هذه الحرب الدامية في وجه تقسيمها بالدرجة الأولى وفي وجه أن تكون ورقة بدلا من لاعب يملك الأوراق ولا تستطيع دولة بحجم سوريا إلا أن تفعل ما تفعله فعلى الصعيد الاستراتيجي إما أن يصبح السوريون عبارة عن هلام ولكل قطب حصته من مصيرهم وإما أن يكونوا قطبا له حق الفيتو في مجاله الحيوي ولا خيار آخر أمام سوريا الدولة.
وفي حسابات موازين القوى كان هناك تسرعا في تقدير القوة السورية ولنكن منصفين كان العامل البشري حاسما ومفاجئا حتى للحلفاء الذين ارتعدوا في البداية ومن ثم ترددوا قبل أن يحسموا خياراتهم فالأقطاب الصاعدة لا تراهن على حصان عاثر أو هناك احتمال ولو ضئيل لخسارته تجلى العامل البشري على الحاسم على وجود دولة قائمة بالحد الذي مكن الشعب من التمسك بها رغم جميع الجراحات التي تعانيها من فساد إلى تخريب وكذلك كان هناك بنية اجتماعية تلفظ الأداة التي تم استخدامها والقائمة على التطرف ومعاداة جميع المعتقدات السائدة بجميع طوائف أديانها وعلى رأسهم الأكثرية والعامل الآخر هو عامل العسكرة الذي بدأ داخل المؤسسة العسكرية بانتفاض جيش يملك من البطولة ما لم يتوقعه أحد ومواطنين جاهزين ولو اضطرهم الأمر لحمل السلاح وقد حملوا السلاح في مواجهة الأدوات وكذلك كان الحسابات التكتيكية التي قامت بها الدولة خلال السنوات الماضية من بناء ترسانة سلاح بالاتجاهين الدفاعي والهجومي وبعد انقضاء مدة الاشتباك المتوقعة وتمديدها لمرات عديدة وتغيير تكتيكاتها من سقوط دمشق ابتداء من درعا إلى تقسيم عرضي بناء على ما حدث في حمص إلى توزع نفوذ إرهابي بين ريف دمشق وحلب وإضعاف الخاصرة الشرقية كانت جميع التكتيكات محتومة بالفشل لأن السوري لا يقامر بمصيره ويعلم أي مفصل يجب التحرك فيه وبعد سقوط كامل الخرائط يبزغ مصير المنطقة الذي لا زال يعاند مفاعيل النصر السوري فتبدأ رقعة الاشتباك بالاتساع وليس ما يحدث في العراق الأنبار تحديدا وعودة المظاهرات إلى الأردن إلا بوادر اللحظات الأخيرة للتسليم بالنصر السوري الذي قد يكون وأقول قد يحتاج إلى اشتباك إقليمي أو تعميم الفوضى لتثبيته وهذا ليس مرهونا بسوريا فالنصر قائم وما يجري هو وضع الخطوط العريضة لحدوده.
يعلم المشغلون الأساسيون القدرة الفائقة على الحسم التي استخدمها الجيش وليومين فقط في معاركه الأخيرة حول مطار دمشق وأول يومين من الدخول إلى داريا وكانت هذه رسالة لوضع النصر في مكانه الصحيح فاليد التي على الزناد في لحظة المواجهة الكبرى تستطيع أن تحسم في أيام عندما يحيد المدنيون.
ميدانيا لا يزال الجنود يحصدون البقايا وأقول البقايا لأن العصب الرئيسي قد قطع و الجسم الأساسي للإرهاب تمت تصفية أغلبه في ريف دمشق وما تبقى يتم قضمه بوتيرة عالية ولن تطول المدة عن أسابيع قليلة للتعقيم النهائي وسيكون متزامنا مع تطهير حلب المدينة كاملة
أما الريف الشمالي وبعد الضربات العنيفة التي تلقاها ريف حلب بالدرجة الاولى ينضم له في اليومين الماضيين ريف ادلب وهناك ما لا يتم تناوله ولا يتم الاعلان عنه فليس جميع من يقاتلهم الجنود السوريون هم من المرتزقة بل بعضهم جنود في جيوش أجنبية غربية ويعلمون أعداد قتلاهم في ريف حلب تحديدا وفي السفيرة على وجه الدقة
هناك معارك يمكن وصفها بعمليات الإبادة الجماعية للإرهابيين ليست معارك المطارات سوى نموذجا عنها وتتم على أكثر من محور فما حدث في اللجاة في درعا ومن ثم بصرى الحرير لا يقل عما يحدث في دير الزور في الحويقة وفي الغورية فالزناد واحد والسواعد واحدة وقدرنا النصر.
جماهيريا هناك خط أبيض رفيع بدأ يعبر في أرواح الناس الصابرة المرابطة خلف انتمائها لهذا الوطن ويبدو أنه في وجهته للالتفاف حول رقاب الفاسدين.


بالتعاون مع صفحة الحدث السوري