السيد الرئيس: نرسل إليكَ هذه الرسالة بشأن الحرب نصف الكونية التي تتعرض لها سورية, و التي ستترك آثاراً خطيرةً على العالم بأثرهِ. إننا نكتبُ إليكَ و نتمنى أن تجيبنا بشكلٍ خاص (علماً أننا بعثنا برسالة سابقة للسيد الرئيس نيكولا ساركوزي حول نفس الموضوع, و لم نتقلى منهُ أيَ ردٍحتى اليوم). سيادة الرئيس: إننا نود أن نعرف منكَ شخصياً, خاصةً و أنَنا أعطيناكَ ثقتنا في الإنتخابات الرئاسية: 1- ما مصلحة فرنسا و الفرنسيين بأن يتكرَر من جديد في عهدكَ نفس الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه الرئيس الأسبق جاك شيراك ضدَ سورية في عام 2004, و الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في عام 2011 ؟ 2- أين مصالح فرنسا و الشعب الفرنسي من تفتيت سورية إلى دويلات صغيرة يقودها مجرمون متطرفون و من اسقاطها بحرب أهلية ستطالُ العالم ؟ 3- لماذا لا تراعي الحكومة الفرنسية مصالح ومصداقية فرنسا و مبادئها بحقوق الإنسان من خلال دعمها لمجموعات إرهابية (حسب اعتراف كل من وزيري خارجيتنا, السابق و الحالي)على حساب 23 مليون سوري ؟... فالسوريون لا يعرفون عبر تاريخهم إلاَ السلم الأهلي الذي يُعتبر مثالاً يُحتذى به ( سورية هي من البلدان القليلة التي تتسمُ فيها الحياة الاجتماعية بالتسامح و الاحترام بين الأديان, و السوريون يشكلون موزاييكاً رائعاً يعيش بسلام أهلي). 4- هل نقبل نحن الفرنسيين أن يتدخلَ الآخرون بشأننا الداخلي ويعبثوا بالأمن الأهلي في فرنسا مهما كانت جنسيتهم (حتى و لو كان ممولهم حاكم قطر) وتحت أي شعار رفعوه, حتى و لو كانت الحكومة فاسدة ؟ 5- هل نقبل نحن الفرنسيين أن تقوم جماعات إرهابية حتى و لو كانت فرنسية بشن هجمات على الجيش الفرنسي و أن ترتكبَ بحقه المجازرَ الجماعية, و أن تقومَ بقطع رؤوس و أطراف أفراده, و أن تفعل الشيء ذاته مع المدنيين بما فيهم العلماء و النساء و الأطفال تحتَ أيِ شعار كان مجزرة قبل أو مع كل اجتماع *لمجلس الأمن الدولي*؟ 6- هل نقبل نحن الفرنسيين أن تُدمرَ هذه المجموعات وتحرق الممتلكات العامة و الجسور الطرقية و السكك الحديدية و مصادر الطاقة, و تقتل العلماء بقصد تفتيت فرنسا إلى عدة دويلات تحت أيَ حجةٍ كانت حتى و لو كانت الحجة أنَها لا تُريد الرئيس؟ 7- أين مصالح الشعب الفرنسي من هذه الحرب التزويرية العسكرية و الإعلامية غير الأخلاقية التي تُهدد سورية و عبرها تهدد السلامَ على امتداد العالم و لا تبقي أحداً في مأمن منها؟ السيد الرئيس: إنَ سياسات الرئيسين جاك شيراك و نيكولا ساركوزي في الشرق الأوسط قد أضرَت بفرنسا و مصداقيتها و قزَمت الدور الفرنسي بالمنطقة, بعد أن كانت فرنسا هي اللاعب رقم 2 في المنطقة عندما كانت تحتفظُ بعلاقاتٍ متوازنة و خاصةً مع سورية, و بدأ الكره و الحقد ينمو باتجاهها ككرة الثلج. لقد أحييوا بهذه السياسات ما كان نائماً في ضمير السوريين من ذكريات أليمة تعودُ لفترة الاستعمار الفرنسي لسورية كقصفِ أحد أحياء دمشق بالطائرات و المدافع (حيِ الحريقه) و تدمير البرلمان السوري و قتل كل من فيه. يقول السوريون: إن كان الساسة الفرنسيون حريصون على حقوق الإنسان و الديمقراطية و العدالة, فلماذا لا يعملون على تحقيق الحدِ الأدنى منها في دول الخليج العربي (كالسعودية, قطر, البحرين,...) حيث السجون مليئة بالسجناء السياسيين, و لا وجود لأحزاب سياسية أو برلمان أو دستور أو حرية الرأي و لا حتى لحق التظاهر, في حين أن أول برلمان سوري يعود لبداية القرن الماضي. حالياً, سورية هي البلد العلماني الوحيد في الشرق الأوسط. أينَ أصبحت الديمقراطية و فصل الدين عن الدولة و وثيقة حقوق الإنسان التي هي فخرٌ لكلِ فرنسي؟... هل ابتلعها المال الخليجي الغبي المتورِم؟! لقد أتحفنا الكثير من الساسة الفرنسيين و الإعلام الفرنسي, بديمقراطية ابن علي في تونس و مبارك في مصر و بعودة قذَ�'افي ليبيا إلى حضن المجتمع الدولي طيلة سنوات و حتى أيام قليلة قبل سقوطهم!. إنَ�' سياسات الدول يجب ألاَ�' تُقاد بالعواطف و الأحقاد الشخصية اتجاه بلدٍ ما أو رئيسٍ ما, و من غير المسموح للسياسة الفرنسية أن تتصرَ�'ف بمنطق الصغار. السيد الرئيس فرانسوا هولاند: لمصلحةِ مَنتُوَظَف فرنسا كلاعب صغير في الداخل السوري تتقاذفه أيدي و أرجل حكَام الخليج (المتورمين بالمال و البترول) و قوىً أخرى؟ أعطيني مصلحةً واحدةً تُقنع الفرنسيين!. إنَ التاريخ لا يرحم و سوفَ يُحمِل كل من يشترك في هذه الحرب الإجرامية, على الأقل من الناحية الأخلاقية و الإنسانية, قسماً مهم'اً من مسؤولية جرائم القتل التي يتعرَ�'ض لها السوريون و مقتل الصحفي الفرنسي و تهديد السلم العالمي من خلال الدعم (السياسي, المعنوي و العسكري) الذي يُقدَم للقتلة (نسبةٌ كبيرة منهم هم من جنسيات أجنبية كما تعلمون) على الأرض السورية. السيد الرئيس: إننا كمواطنيين فرنسيين , نعتقد أنَهُ يتوجَب عليكَ و على الحكومة الفرنسية أن تفكرَ مليَاً بالمصالح الاستراتيجية لفرنسا على أسسٍ سياسيةٍ و إنسانيةٍ أخلاقيةٍ بعيدةٍ عن الإنتقامِ ومصالح الغير لتحقيق غايات شخصية, و أن تبادر حكومتنا إلى إعادةِ تقييم موقفها و الانسحاب من جبهة الشر التي تقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة عبر الأرض السورية و بلدان أُخرى فيما بعد, لكنها ستطال الجميع. نأمل أن تلقى رسالتنا هذه الاهتمام من قبلكَ, سيادة الرئيس, قبلَ فوات الوقت, و أن تعود السياسة الفرنسية إلى لعبِ دورٍ بنَاءٍ و رائدٍ في منظومة الاستقرار العالمي بعيداً عن أصحاب العقد النفسية و الأحقاد المدمِرة, و بعيداً عن المشاريع الإستعمارية اللاإنسانية. لنعمل من أجل الحرية, المساواة و السلام في العالم. مواطنون سوريون يحملون الجنسية الفرنسية
|