عذراً منك أيها الشهيد...مضر جلال خيربك

عذراً منك أيها الشهيد...

مضر جلال خيربك

بحال الاثنين الموافق في 31/12/2012

سوريا على عتبة العام الميلادي الجديد 2013، هو الآن يودع سلفه 2012، ويستعد لبدء تاريخه خلال ساعات معدودة.

سلفه والذي قبله حملا لسوريا الكثير من الأحزان والمآسي، فقد شملهما السواد القاتم، وأخرجا ما في جعبتهما من عنف ودماء سُفكت على أرض سوريا الوطن، إنها دماء زكية طاهرة سالت بفعل مؤامرة رهيبة مهولة، وضع خطتها أقطاب يشعرون بالنشوة عندما يرون دماء البشر تُسفك.

الماكينة الدموية مستمرة، وحجر رحاها يطحن الأبرياء، والشعب السوري صامد برغم الجراح والآلام، لأنه مؤمن بقضيته الحقة، وموقن بالانتصار الذي سيناله جزاء صموده، ونتيجة لبسالة وتضحيات الجيش العربي السوري البطل.

عيد آخر يأتي والأحزان لا تغادرنا، فأي معنى لأيام الأعياد وأجداث طاهرة مسجاة تحت التراب ودمها لم يجف، وأي فرحة هي التي سنشعر بها والألم يعتصر قلوب أمهات الشهداء، وينهش الجسد السوري الذي طالما تعود على البهجة والسعادة.

رأس السنة الجديدة بانت تباشيره، لكن الأسى لم تغِب محاذيره، فيا ويلهم من الله الذين جعلوا من فرحة الشعوب حزن قاتل، وتسببوا بأنهار من دموع الأمهات الثكالى، يبكين فلذة أكبادهم بكرة وعشياً.

كيف سنبتهج وذلك الوجه الحزين ينظر لخط الأفق بألم ومرارة لا توصف، إنها أم الشهيد بوجهها الذي خطت التجاعيد فيه أخاديد عميقة ناجمة عن ذهول من مدى الشر الذي يحتل قلوب أولئك المجرمون الذين آثروا الخضوع لمحاور الشر، عوضاً عن التماهي مع الوطن الأم.

عذراً منكِ أم الشهيد فما استطعنا بعد وقف نزيف دماء الشهداء، وما تمكنا بعد من إعادة الأمن والأمان لربوع الوطن الغالي.

عذراً منكم شهداء الجيش على كل ابتسامة تُرسم على وجوهنا حتى ولو كانت عفوية، وعذراً منكم على كل حديث لنا لا يكون عنكم وحدكم وعن تضحياتكم الهائلة، وعذراً منكم يا تيجان الرؤوس لأننا لا نضطجع لجانبكم في لحودكم.

عذراً منك جيشنا الباسل لأننا نجلس بانتظارك لتطهر أرض سوريا من الأرجاس، فأنت يا جيشنا العظيم عنوان الصمود ومعنى الأمان والاطمئنان.

أيها العيد عد من حيث أتيت فلن نفرح حتى تأذن لنا أم الشهيد، ولن نبتهج حتى تورق دماء شهداء الجيش العربي السوري الذين صنعوا من أجسادهم الطاهرة سور المنعة للوطن والشعب.

دعنا لأحزاننا أيها العيد فليس بمقدورنا ملاقاتك على عتبة التاريخ، فإن دموع أمهات الشهداء قد صنعت بحر حزن فيما بيننا وبينك، ودموعنا باتت أنهار ترفد هذا البحر من الألم والأسى.

انظر أيها العيد إلى أبطال جيشنا العظيم، يتساقطون واحداً تلو الآخر في سبيل الحفاظ على سوريا ووحدتها وكيانها وديمومتها، فكيف لنا أن نسعد بك وحولنا أجداث تشع نوراً وضياءً لأبطال فضلوا الموت على الذل والخنوع.

كلما غادر عام وأتى آخر نظن بأن الأرواح ستهدأ، والأجساد الطاهرة ستغمض الأعين وتنام النومة الأبدية براحة وسكون، ترتسم على وجهها ابتسامة الرضا والراحة لقضاء الله وقدره.

تلك الأعين الشريفة كانت يوماً ما تنظر للبعيد منتظرة ساعة اللقاء بمن أحبت، وكانت تلك الأجساد الطاهرة مرابطة عند حدود الوطن والشرف والإخلاص، تمسك بالبندقية وتقسم بالله أن لا تدعها إلا إن اختار لها بارئها الالتحاق به.

أجساد مقدسة غرست في الأرض أقدامها، وأعارت الله جمجمتها، ورمت ببصرها أقصى القوم، وغضت بصرها، وعلمت بأن النصر من عند الله سبحانه.

أيها الجيش العربي السوري العظيم، ما نقدر على إيفائك حقك حتى ولو جهدنا، ولن نحصي تضحيات جنودك ولو اجتمع العادُّون منا، لكنك أيها الشهيد البطل باق في عقولنا ووجداننا، واسمك محفور في تامور صدرنا، وصورتك راسخة في علائق مجاري نور بصرنا.

إذ إنك عندما تصرخ صرخة الفراق الأبدي، تصدح ضحكة وليد جاء لهذه الدنيا مستبشراً، فأنت أيها الشهيد تنتقل من جسد لآخر، لأنك أقسمت أن لا تغادر الوطن أبداً حتى ولو جهد الحاقدون.

يا شهداء جيشنا الأبرار لقد كتبتم اسم الوطن سوريا على صفحات المجد والفخار، فأنتم أشجع الشجعان ومعنى الصدق والتضحية والإخلاص، فرسمتم لوحة وطنية إنسانية عقائدية نضالية ثورية، لا مثيل لها في تاريخ الوجود، ولا يطالها من باع شرفه ووطنه، وقدم نفسه قرباناً على مذبح الخيانة والرجعية.

جعلتم من سوريا بكل مكوناتها مثال صارخ للإنسانية، وسفينة نجاة العرب، وصاعقة ونار على الأعداء، وبكم تظل سوريا عظيمة بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، وبتضحياتكم هي باقية ما بقي الليل والنهار: أسطورة محبة ووطنية وشرف وإخلاص.

صبراً صبراً أم الشهيد فإن ابنك قد ارتقى إلى العلياء حيث الصديقين والصالحين والشهداء، وافرحي بعظمة ابنك فإنه من معاني القدسية والطهارة، وإنه (روح وريحان وجنة نعيم).

وبرغم كل هذا الألم والحزن تبقى بوارق ومشاعل الأمل متوقدة، فالانتصار على أعداء الله والإنسانية أصبح قاب قوسين أو أدنى، وإن العذاب من الظالمين ليس ببعيد.

فتحية محبة وإجلال وإكبار لأرواح شهداء سوريا الأسد الأبرار...

وكل عام وسوريا بخير وعزيزة وقوية وعصية على الاستعمار ومخططاته...

وكل عام والشعب السوري بخير وموحد وصامد وعصي على التقسيم والطائفية...

وكل عام والجيش العربي السوري بخير وحصن الوطن ورمحه وسيفه البتار...

وكل عام وسيد الوطن بشار بخير وأسد الديار وصاحب القرار.

» الاعراب ...مضر جلال خيربك
» لبيك يا اسد....مضر جلال خيربك
» نظام الفوترة... (3) :مضر جلال خيربك
» كلمة حق ...بقلم : مضر جلال خيربك
» عيد شهيد!!... بقلم : مضر جلال خيربك