صهينة الإسلام .. بقلم ميساء نعامة

صهينة الإسلام .. بقلم ميساء نعامة

أجل الغرب سعى ونفذ ما سعى إليه، وهو إلغاء الإسلام الحقيقي الذي ختم به الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلّم الرسالات السماوية، وكان خاتم الرسل الذين هدى من خلالهم الله سبحانه وتعالى عباده.
أنا أكشف الحقيقة إذاً أنا موجودة، هذه ليست مقولة الإعلام السوري، بل هي نظرية جديدة يجب أن يسير عليها جميع البشر.
أنا أفكر إذاً أنا موجود، قالها ديكارت وفتح من خلال هذه المقولة عصراً جديداً من حركة النهضة الغربية.
ولأنني من أشد المعجبين بهذا الفيلسوف الفرنسي، قررت أن أطّور مقولته التي قد يختلف البعض في ترجمتها، فالبعض ترجمها: أنا أشك إذاً أنا موجود، والبعض الآخر ترجمها: أنا أفكر إذاً أنا موجود، ولأنني من أنصار المدرسة الفلسفية التي تسبّق الفكر على الوجود أرى بأنه لا فرق بين الشك وبين الفكر لأن الأولى هي نتيجة للثانية والعكس صحيح.
موضوعنا ليس عند ديكارت بل عند من غيّبوا عنّا الحقيقة الفكرية والدينية والوجودية، وحوّلونا إلى أمة استهلاكية لكل شيء، للدين، للحياة المعيشية حتى الجنس والسياسة بفضل العولمة الأمريكية الخطيرة أصبحتا عمليتين استهلاكيتين بامتياز.
أما خطر تحويل الوجود إلى عملية استهلاكية، فهذا يعني الابتعاد عن القيم الأساسية للإنسانية، وفرط عقد الفضائل الأخلاقية، وانزياح التفكير العقلي تجاه المصالح الفردية الضيقة.
ما وصلت إليه حال الأمة العربية من ضياع هو نتيجة حتمية لغياب الفكر وحضور الحياة الاستهلاكية بكل مقوماتها.
أمّا عند الغرب فقد بدأ ظهور عصر النهضة بعد كسر القوالب الجاهزة التي صدّرتها الكنيسة في العصور الوسطى، واستبدل الغرب الدين بالفكر والإنتاج الفكري الذي حصد كل هذا التطور الذي ينعم به الغرب الآن.
لماذا صهينة الإسلام؟
لطالما كان الدين الإسلامي نقطة ضعف العرب بدل أن يكون مصدر قوتهم ولكي لا يتحول الإسلام إلى مصدر قوة العرب كما في صدر الإسلام، عملت الصهيونية العالمية على صهينته، بمعنى حولته إلى حالة استهلاكية جاهزة لهدم الأمة وتفتيتها.
ترى ألم يتفكر أحدنا في خلفية الصور والرسوم المسيئة للإسلام وللرسول الأعظم؟ ترى ألم يلحظ أحد أن غاية الفيلم المسيء للرسول رسالتان لا ثالث لهما: الأولى في بداية الفيلم عندما كتبت المعادلة التالية:
إنسان+x = إرهابي إسلامي
إرهابي إسلامي - x = إنسان
أما الرسالة الثانية للفيلم فقد وردت على لسان يهودي يتلو وصيته قبل أن يُقتل، نص الوصية" ربنا هيفتكر اليهود ويجمعهم في الأرض المقدسة وهيدفع أحفاد محمد تعويضات....."
المعادلة لا تحتاج إلى تفكيك الرموز وحلّها، طبعاً ما بين الرسالتين إساءة كبيرة للإسلام والرسول والقرآن الكريم.
يجب أن نتفكر في غايات الإساءة للإسلام وفي ترجمة هذه الأخيرة على سلوك من يكبّرون ويذبحون البشر تحت راية لا إله إلا الله.
صهينة الإسلام تمت. والفعل على الواقع من قتل وتنكيل وتمثيل بالجثث، والغناء للحوريات على وقع المخدرات وشرب الخمر، هو حالة استباقية للقضاء على الدين الإسلامي وعلى ما تبقى من قيم ومثل وفضائل أخلاقية مرتبطة بجميع الرسائل السماوية، التي لا تناقض أو فرق بينها إلا بالتأويلات التي فرّقت العرب وفتتت علاقاتهم وروابطهم الحميمة.
صهينة الإسلام تمت من خلال البعض الذين تخطوا الرسول لينصّبوا أنفسهم مكان الخالق فقدموا لنا فتاوى ما أنزال الله بها من سلطان، وأمروا بالقتل والتقطيع والتعذيب والحضِّ على سفك الدم العربي، بما يجعلنا نشاهد الفيلم المسيء للإسلام ونصدق ما نراه.
لا يمكن لأمة أن تحيى بقوالب جاهزة، بل لابد من إعمال الفكر والتفكر بحقيقة ما جرى ويجري، ولابد من وضع الدين في الجوامع والكنائس وجعل العلاقة الدينية بين الخالق وعبده علاقة خالصة من الروحانية والخصوصية، أما الحياة فيجب أن تسير وفق لغة العقل، وهذا ما حض عليه القرآن الكريم في معظم خواتم عظيم آياته فقال سبحانه" أفلا تتعقلون".
ملاحظة أخيرة : الجميع لا حظ تطور نشرة الأخبار الرئيسية على الفضائية السورية، ومع أن المقدمة تأتي مطولة في بعض الأحيان إلا أنها متميزة في معظم الأحيان باستثناء تلك المقدمة التي تم ختامها بآية قرآنية، قد تكون مناسبة لموضوع المقدمة وقد لا تكون لكن ما يعنيني أن نترك الدين جانبا وأن نحاور الآخر بلغة الحجة العقيلة فقط.

» التاريخ لا تصنعه الصدفة!!!..بقلم ميساء نعامة
» عندما تصبح القاعدة شذوذاًوالشواذ عن القاعدة قانوناً...بقلم ميساء نعامة
» وهم الديمقراطية المستوردة!! - ميساء نعامة
» سورية: مركز الإسلام المعتدل وقلب المسيحية العالمية.. بقلم: محمد احمد الروسان
» آلهة تبحث عن الغفران / 3 - بقلم "بقلم: نارام سرجون"