هل تيار المستقبل هو دولة؟

هل تيار المستقبل هو دولة؟

Tuesday, December 04, 2012 - 09:17 PM
يتصرف تيار المستقبل كأنه دولة مستقلة عن الدولة اللبنانية، فزعيم تيار المستقبل يلتقي في الرياض وفد المعارضة السورية، ويعلن التزام تيار المستقبل وجمهوره بالمعارضة السورية ضد النظام القائم في دمشق، ووضع كل طاقات تيار المستقبل بتصرف المعارضة السورية، حتى اسقاط نظام الرئيس الدكتور بشار الاسد.

في المقابل، يتابع النائب عقاب صقر نشاطه، وبعدما كان هذا النشاط خجولاً، ونفى في السابق النائب عقاب صقر انه صوته، عاد ليعلن ان هذا هو صوته في التسجيلات، وهو فخور بما يقوم به، حتى ان بيان تيار المستقبل اعتبر عمل النائب عقاب صقر، عملا جهاديا ووطنياً، يحق له به.

ويجتمع تيار المستقبل ويخاطب الدول ويقوم زعيمه بالاتصال برؤساء دول العالم، متحدثاً عن لبنان، كأنه مسؤول كرئيس مجلس وزراء، او كرئيس جمهورية، لا بل ان الرئيس سعد الحريري يتصرف من الخارج انه رئيس جمهورية في المنفى، لكنه ليس في المنفى بل في داخل لبنان ويقوم بادارة السلطة في لبنان مثلما يريد.

اما بيان تيار المستقبل، فكان يجب ان يورد اين اعلن السيد حسن نصرالله انه يرسل مقاتلين واسلحة الى سوريا، مع العلم انني أنا شخصياً، شارل أيوب، لا أنفي هذا الموضوع، وقد يكون هنالك مقاتلون من حزب الله ذهبوا الى سوريا، ولكن لا يحق لتيار المستقبل الكذب، ونسب تصاريح لم تصدر، ولم أسمع بها، عن السيد حسن نصرالله.

ونتمنى على تيار المستقبل أن يظهر هذا التصريح الواضح بأن حزب الله ارسل مقاتلين واسلحة الى سوريا.

على كل حال، اصبح تيار المستقبل يتصرف كأنه دولة اقوى من الدولة القائمة، فعندما كان السنيورة رئيسا للحكومة، وخرج 6 وزراء شيعة، لم يسأل السنيورة ولا الطائفة السنية كلها، عن خروج الطائفة الشيعية من الحكومة، بل أدار البلاد بحكومة خارجة عن ميثاق التعايش المشترك وفق ما حدده الطائف، واتخذ كل القرارات كأنه رئيساً للدولة.

واستمر بعد انتهاء مدة ولاية الرئيس اميل لحود، كأنما السنيورة هو رئيسا للبلاد حيث اخذ كل القرارات والاتفاقات مع الامم المتحدة ومع الدول، واكبر جريمة ارتكبها السنيورة هو ان السعودية حولت الى لبنان 800 مليون دولار مساعدة، وكذلك الكويت 300 مليون دولار مساعدة، والامارات 300 مليون دولار مساعدة، وقطر 300 مليون دولار مساعدة. لكن قطر قررت ان تصرف المبالغ مباشرة في لبنان، بينما قام الرئيس السنيورة بالاتصال بالدول كي تقوم بتحويل مليار و400 مليون دولار الى حساب هيئة الاغاثة التابعة لرئاسة الحكومة، بدل تحويلها الى الحساب رقم 36 في مصرف لبنان، وقبول الهبات في مجلس الوزراء.

خالف فؤاد السنيورة الدستور كليا، عندما لم يجتمع مجلس الوزراء ويقر قبول الهبات السعودية والكويتية والاماراتية، لا بل قام بالتزوير وتحويل المبالغ المرسلة الى لبنان لدعمه الى هيئة الاغاثة التي تديرها رئاسة الحكومة، وقام بصرف الاموال كما يريد، وحرم ابناء الطائفة الشيعية الذين تدمّرت منازلهم، وكذلك بقية الطوائف من مسيحيين ومسلمين، من مساعدات الاغاثة، كي يتم صرفها عبر الوزارات المختصة بدل ان يصرفها هو واللواء يحيى رعد، وتختفي آثار اوراق من هيئة الاغاثة ويتم حرمان اهل الجنوب والمقاومة من اموال المساعدات، لان الرئيس السنيورة بدل تحويل الاموال وفق الدستور الى الموازنة والحساب رقم 36 في مصرف لبنان، قام بتحويلها مباشرة الى هيئة الاغاثة وصرف المبلغ، وهذه اكبر مخالفة مسجّلة على الرئيس السنيورة، ويمكن محاسبته، لا بل يجب محاسبته عليها.

تيار المستقبل يعتبر نفسه اكبر من الدولة، وقرر الدخول في معركة ضد النظام السوري، وارسل نائباً مع ضباط متقاعدين الى تركيا لتنسيق شحن الاسلحة الى المقاتلين هناك من المعارضة السورية، والرئيس سعد الحريري يجتمع مع رئيس الائتلاف المعارض السوري احمد الخطيب، ويعلن دعم تيار المستقبل، ووضع طاقاته بتصرف المعارضة السورية، حتى اسقاط النظام السوري.

الى ان نصل الى بيروت حيث تجتمع كتلة المستقبل، وتطلب محاكمة حزب الله، وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، لانه اعلن باعلان غير موجود ولم نسمع عنه، انه ارسل اسلحة ومسلحين الى سوريا، بغضّ النظر، اذا كان هنالك مسلحون من حزب الله قاتلوا في سوريا، وقد يكون الامر صحيحاً، لكن لا يوجد ولم نسمع ببيان او كلام ذكره السيد حسن نصرالله عن ارسال مقاتلين واسلحة الى سوريا.

ويريد تيار المستقبل ان يتصرف على أساس انه طالما ان حزب الله حزب قاوم اسرائيل ويقوم بحرب وله علاقات مع ايران، فهو كتيار للمستقبل، يتحالف مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ويتخذ قرارات خارجية، ويتصرف على هذا الاساس.

ونحن مع كل تقديرنا وشكرنا للمساعدات السعودية التي تم تقديمها الى لبنان، هناك فرق شاسع بين ما يفعله تيار المستقبل، وبين ما فعلته المقاومة من حرب ضد اسرائيل، حررت عبره الجنوب، ثم الحقت هزيمة بالجيش المعتدي الاسرائيلي. اما تيار المستقبل، فأين نضاله.

اننا نفرّق كثيراً بين احترامنا للطوائف، وخاصة الطائفة السنية الكريمة وأهل السنّة، والطائفة الشيعية والمسيحية ولا نفرّق بين احد، فكلنا لبنانيين، لكن ليسمح لنا تيار المستقبل بالمقارنة، بين نضاله وبين نضال المقاومة. فالمقاومة حررت الجنوب، ودفعت دماً وشهداء لتحرير الجنوب، ودفعت قتالاً مستميتاً لالحاق الهزيمة بالعدو الاسرائيلي، وفي المقابل، ما هو نضال تيار المستقبل، فلولا الرئيس الراحل حافظ الأسد، لما وصل الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى رئاسة الحكومة، ولم يكن لدى الرئيس الحريري كتلة نيابية تؤيده للوصول لرئاسة الحكومة، بل زار دمشق، وقرر الرئيس حافظ الاسد ان يطلب من النواب، عبر العميد غازي كنعان، التصويت للرئيس رفيق الحريري، كي يأتي رئيساً للحكومة، فأيّدته الاكثرية، ثم حكم طيلة الوقت في لبنان، بدعم سوري. ولم نجد اي نضال لتيار المستقبل سوى في سوليدير وفي مشاريع مالية، حتى نشأت طبقة مرتبطة بتيار المستقبل كلها جماعة أموال ومقاولات ومشاريع كبرى، فيما كوّنت جمهوراً يعيش على التمويل المالي، واقامة شعبية، بدعم مالي، ليس له للنضال علاقة ولا وجود.

اين هو نضال تيار المستقبل ضد اسرائيل، اين نضال تيار المستقبل في الموقف ضد اميركا المنحازة ضد اسرائيل، وكيف يمكن تشبيه تيار المستقبل المرتبط باحضان جيفري فيلتمان، ووزيرة الخارجية السابقة رايس، والحالية كلينتون، فيما كان حزب الله يقدم الدم والجهاد للدفاع عن لبنان وتحرير الارض.

ثم انهم اليوم يتحدثون عن نشاطهم، فكيف ولد تيار المستقبل في لبنان، هل ولد نتيجة نضال، ام ان الرئيس حافظ الاسد رحمه الله هو الذي وافق على المجيء بالرئيس الشهيد رفيق الحريري باتفاق مع السعودية، حيث لم يكن لدى الرئيس الحريري اي نائب يؤيده، بل كان مطروحا ان يأتي الرئيس الحريري رئيسا لمجلس الانماء والاعمار.

ثم ان كل اللوائح لاحقاً، والحكومات التي ألّفها الرئيس رفيق الحريري، انما كانت تأخذ دعما سوريا، ولولا ضغط سوري على النواب، وازاحة الرئيس حسين الحسيني من رئاسة المجلس، وحصول كل الضغوطات، لما حصل تيار المستقبل على مشروع سوليدير، وهذا هو النضال الاكبر، وهو السيطرة على ارض بيروت، وأهم قطع ارض في بيروت عقارياً، والاغلى في الشرق الأوسط، حيث اشتروا السهم للمتر المربع بـ700 دولار، مقابل بيعه اليوم بـ25 الف دولار.

ان تيار المستقبل الذي بنى وجوده في لبنان بدعم سوري، انما وجد ان شعبيته ستزول نهائياً بزوال الدعم السوري، فلجأ الى المذهبية واشعال الشعور عند أهل السنّة، انه يدفع عنهم، لاستمرار شعبيته، فيما هو لم يقدم لاهل السنّة مشروعا واحدا انمائياً، فعكار محرومة، والمناطق السنية في البقاع محرومة، وكفرشوبا والمناطق هناك محرومة، بل ان كل الانفاق جرى على مشروع سوليدير، وعلى تغذية فئة ارستقراطية ضمن طائفة السنّة، نتيجة المشاريع التي تسلمها تيار المستقبل، ووزعها على محاسيبه.

ان تيار المستقبل يأخذ لبنان الى فوضى ومشاكل كبرى، وأهم ما يحاول ان يصل اليه تيار المستقبل هو اثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، فهو الذي تبنى حركة الشيخ احمد الأسير، وبحكمة السيد حسن نصرالله والرئيس بري، تجنبوا الفتنة، وأمس لتغطية تسلّل شبان ومقتلهم في سوريا، جاؤوا يطالبون بمحاكمة حزب الله، وتحميل الحكومة المسؤولية، فيما الشحن الطائفي المذهبي الذي مارسه تيار المستقبل هو الذي ادى الى فقدان لبنان هؤلاء الشبان ومقتلهم في سوريا وهم في ريعان الشباب.

ان تيار المستقبل فاقد للوعي، وفاقد للادراك في تحمل المسؤولية الوطنية الحقيقية، وتغطية للمذهبية التي يمارسها، انما هي لتكوين شعبية كي يستمر، لانه بدلا من ان ينطلق ويستمر في مشروع وطني شامل اسمه لبنان اولا، كما اعلن تيار المستقبل، عاد وتحوّل الى حزب مذهبي مثله مثل بقية الاحزاب في لبنان.

وبالتالي، عليه ان لا يتصرف كدولة، وعليه ان يعود الى ممارسة العمل ضمن مجلس النواب، وليس عليه الانتقام من الشعب اللبناني وأخذ خطوات انفعالية، لان الوزير وليد جنبلاط قرر عدم تأييده، وتأييد الرئيس نجيب ميقاتي.

يدرك تماماً الرئيس سعد الحريري ان جنبلاط لن يغيّر قراره الذي كان داعماً له، لان شبان يلبسون قمصاناً جاؤوا قرب منزل الوليد وليد جنبلاط في كليمنصو، بل على العكس، فان جنبلاط الذي رأى الرئيس سعد الحريري يذهب قبله الى دمشق، قرر مصالحة دمشق، والتوافق معها على تأييد نجيب ميقاتي. واذا أيد جنبلاط الرئيس نجيب ميقاتي، ولم يدعم الرئيس سعد الحريري، وبالتالي خرج الحريري من رئاسة الحكومة، فلا يجب ان يدفع لبنان ثمن احقاد وردّات فعل تيار المستقبل، لأن رئيس المستقبل هو خارج السراي الكبير.

كل معركة تيار المستقبل الآن، ليست الا من أجل ان يأتي الرئيس سعد الحريري الى السراي الكبير، فهو وافق على تسوية مع دمشق، ونسيان اتهامه لسوريا، وذهب اليها كي يأتي رئيساً للحكومة، وهو اجتمع مع حزب الله وتوافق معهم، كي يصل الى رئاسة الحكومة.

واليوم يقوم تيار المستقبل بشنّ هجوم على حزب الله ودعم المعارضة في سوريا، على امل ان كل هذه الاعمال والمواقف تساعده كي يعود سعد الحريري الى السراي الكبير. ولا نجد مشروعا وطنيا عند تيار المستقبل يطلقه للناس ويقول انني اريد هذا البرنامج الوطني لأعمل عليه، ومن اجله، كي يكون تيار المستقبل صاحب مشروع وطني شامل. بل كل القصة باتت تقف على زعامة الطائفة السنية وعلى رئاسة الحكومة. وغداً اذا جاء الرئيس سعد الحريري، ووافقت سوريا ووافق حزب الله، فان تيار المستقبل مستعد ان ينسى كل هجومه ضد حزب الله وضد سوريا اذا عاد الى رئاسة مجلس الوزراء.

بالمعنى الحقيقي للامور، ان تيار المستقبل يعمل على قاعدة المطالبة برئاسة الحكومة والسلطة، وليس له علاقة ببرنامج وطني، يجمع اللبنانيين كلهم بل يرتكز الى قاعدة مذهبية، مثله مثل غيره. وليس عيبا كذلك، فكل الاحزاب هي مذهبية، لكن ليسمح لنا ويعلن ذلك صراحة انه حزب مذهبي، بدل الادّعاء انه يقوم بعمل وطني شامل من اجل لبنان.

» سقوط القصير... هل يسقط تيار المستقبل والحريري ؟
» حوري: تيار المستقبل غير متورط عسكريا في سوريا
» يوم العسل بين المفتي قباني و تيار المستقبل صنع في السعودية
» التفتيش عن مركز قيادتهم و هم لا يردون على اوامر تيار المستقبل
» فرنجية : تيار المستقبل يسلح عصابات الحرب ويحتضنهم