لماذا أعاد الناخبون الأميركيون انتخاب أوباما؟ - حميدي العبد الله

لماذا أعاد الناخبون الأميركيون انتخاب أوباما؟ - حميدي العبد الله

أعاد الناخبون الأميركيون انتخاب الرئيس الأميركي بارك أوباما لولاية ثانية، وشكلت هذه النتيجة مفاجأة محدودة في ضوء ما كشفت عنه استطلاعات الرأي لجهة تقارب المرشحين خلال الحملة الانتخابية، وفي ضوء حقيقة أن الولايات المتحدة لم تشهد أي إنجاز يعزز رصيد أوباما في ولايته الأولى، لا في السياسة الداخلية، وتحديداً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حيث استمر الاقتصاد يتخبط بالأزمات وتراجعت معدلات النمو، ولا على الصعيد الاجتماعي بعد تراجع أوباما عن تنفيذ وعده بالضمان الصحي على النحو الذي التزم به في حملته الانتخابية عندما كان مرشحاً للولاية الأولى.

أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد ظلت سياسة الولايات المتحدة تسير على الخطى التي رسمتها إدارة بوش الابن في السنتين الأخيرتين لولايته الثانية، ولم يطرأ أي تعديل ولم تجر إدارة أوباما أي مراجعة جدية للسياسة الخارجية، ولاسيما لجهة استمرار تعامل الولايات المتحدة مع دول العالم وكـأنها الدولة العظمى الأولى التي خرجت من الحرب الباردة، متجاهلة المتغيرات الدولية الكثيرة التي زعزعت مكانة الولايات المتحدة وأنزلتها عملياً عن عرش النظام الأحادي القطبية، وإذا كان هناك من تبدل في السياسة الخارجية الأميركية في ولاية أوباما الأولى، وهو التبدل الذي يكمن في إحجام هذه الإدارة عن التورط في مغامرات عسكرية برية مباشرة، إلا أن قيادة الولايات المتحدة لتحالف الناتو في ليبيا يؤكد أن هذا التغيير ناجم عن توازن القوى في مناطق أخرى مثل سورية وإيران والتي كان البعض يلح على أوباما للتدخل عسكرياً في هذين البلدين ولكنه رفض ذلك لهذه الأسباب وليس لأنه أعاد النظر في عقيدة التدخل العسكري الخارجي.

على الرغم من أن أوباما لم يحقق أي نجاحات داخلياً وخارجياًً إلا أن الناخبين الأميركيين أعادوا انتخابه للدورة الثانية وذلك للأسباب الآتية:

أولاًَ، غالبية الأميركيين سئمت خيار الحروب والتدخلات العسكرية التي كلفت الشعب الأميركي الكثير من الأرواح والكثير الكثير من الأموال والتي أدت إلى نشوء الأزمة الاقتصادية وتقهقر مكانة الولايات المتحدة الدولية، ولأن مرشح الجمهوريين ميت رومني تعهد في أثناء حملته الانتخابية بمواصلة سياسات المغامرات العسكرية، خذلته الغالبية ولم تصوت لمصلحته.

ثانياً، غالبية الشعب الأميركي، في ضوء استمرار الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة، لا تستطيع تحمل سياسات الحزب الجمهوري الاقتصادية التي تقوم على محاباة قلة من الأغنياء وتحميل الفقراء أعباء الأزمة وأعباء تدابير الخروج منها، ولاسيما لجهة إعفاء الأغنياء من الضرائب، وتقليص الإنفاق الصحي والاجتماعي الذي تستفيد منه الطبقات الفقيرة والوسطى.

في ضوء هذه الأسباب وجد الناخب الأميركي نفسه بين خيارين: الأسوأ، والأقل سوءاً، فاختار الأقل سوءاً على قاعدة دفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى.

حميدي العبدالله

» لماذا شن الكيان الصهيوني العدوان الآن على غزة؟- حميدي العبد الله
» مسارات الازمة في مصر- حميدي العبد الله
» مصر: سقوط الإخوان- حميدي العبد الله
» أوباما والتهديد لسورية لماذا؟
» الجماعات التكفيرية تستهدف تاريخ سوريا وهويتها ...علي العبد الله