اتفاق ما بعد الانتخابات الأميركية

اتفاق ما بعد الانتخابات الأميركية .. نور الدين الجمال "البناء"

للمرة الأولى في تاريخ العلاقات الروسية ـ الصينية تصبح سورية وما يجري على أرضها من مؤامرة غربية ـ عربية،

العامل الأساس في توحيد الرؤية المشتركة لكلّ من البلدين لسبب جوهري واستراتيجي يتمثل باعتبار القيادتين الروسية والصينية أن ما تتعرض له سورية يستهدف مصالحهما الاستراتيجية في العالم بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصاً.
وتعتبر مصادر دبلوماسية أوروبية شرقية أنه ونتيجة لهذا الشعور باستهداف البلدين، أن الحرب التي تشنّ على سورية تشنّ عليهما مباشرة وأن سورية تقاتل وتواجه عنهما لذا كان القراران الروسي والصيني الموحدان عرفاناً بالجميل لموقف سورية وتصديها للمؤامرة الكونية عليها، بعدم التخلي عنها وذلك من خلال دعمها مالياً واقتصادياً وفتح المزيد من الأسواق أمام صادراتها لكي تستطيع مواجهة العقوبات الأحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، وهي عقوبات غير قانونية وظالمة لأنها لم تفرض من خلال مجلس الأمن الدولي وهو الجهة الوحيدة عالمياً المخولة باتخاذ مثل هذه الإجراءات ضد الدول، ومن هنا يمكن فهم الموقف الروسي على وجه الخصوص، وكلام الرئيس فلاديمير بوتين الأخير، الذي وصفته المصادر نفسها بأنه رسالة إلى الغرب مفادها أن روسيا والصين بوصفهما عضوين في مجلس الأمن الدولي لن يسمحا بتمرير أي مشروع يستهدف سورية لا سياسياً ولا عسكرياً ولا اقتصادياً.
وترى المصادر الدبلوماسية، أن تحرك الأخضر الإبراهيمي الموفد الدولي إلى سورية سيلقى كل الدعم خصوصاً بعد المبادرة التي أطلقها لناحية إعلان وقف إطلاق النار الذي خرق من جانب المسلحين في اللحظات الأولى لسريانه، موضحة أن القيادة الروسية التي تدعم مبادرة الإبراهيمي بصورة كاملة لم تفاجأ بعدم التزام المجموعات المسلحة خصوصاً أن بعض أطراف هذه المجموعات أعلنت صراحة أنها لن تلتزم بوقف النار، وهذا الموقف ترجمته على الأرض عبر سلسلة طويلة من الخروقات الواضحة، التي شملت تفجيرات انتحارية وسيارات مفخخة واعتداءات على حواجز الجيش السوري في معظم المناطق وهذه الخروقات تم تسجيلها بالساعة واليوم من قبل قيادة القوات المسلحة السورية.
وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن القيادة الروسية ما زالت تبني آمالاً كبيرة على مهمة المبعوث الدولي على الرغم من اتهامها للدول الغربية وبعض الدول العربية والإقليمية بأنها ما زالت تمد المجموعات المسلحة بالسلاح والمال والمقاتلين، بدليل أن بعض الدول في مجلس الأمن الدولي رفضت حتى إدانة التفجيرات التي وقعت في ريف دمشق ودير الزور، عندما قدمت روسيا مشروعاً بهذا الخصوص في مجلس الأمن، وإن كانت الولايات المتحدة حاولت التذاكي واللعب على المواقف عندما اتهمت طرفي النزاع في سورية بأنهما خرقا الهدنة، مع العلم أن الجيش السوري عندما أعلن التزامه بالهدنة حدد طبيعة الردّ على المجموعات الإرهابية، وأن الجيش السوري عندما تتخذ قيادته أي موقف على صعيد إعطاء الأوامر فإنه ينفذها حرفياً ويلتزم بها على عكس المجموعات المسلحة التي لا يوجد قاسم مشترك بينها وتفتقر إلى المرجعية الواحدة.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن حدود تقاطع المصالح الدولية خصوصاً بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية لم ترسم بعد، وأن هذا الأمر سيتبلور أكثر بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وإن كان الحديث الذي يتم التداول به في الكواليس الدبلوماسية الدولية يشير إلى أن القيادة الروسية والقيادة الصينية تفضل عودة أوباما إلى البيت الأبيض باعتبار أن الأخير يمكن أن يلتزم بما جرى الاتفاق عليه مع المسؤولين الروس خلال الاجتماعات التي تمت بين الجانبين بخصوص الملف السوري خصوصاً بعد أن تكونت لدى الإدارة الأميركية ومعها بعض الدول الأوروبية قناعة بأن رحيل الرئيس بشار الأسد وإسقاط النظام في سورية أصبح وراء الجميع بعدما صارح وزير الخارجية الروسي لافروف وزراء دول الاتحاد الأوروبي بعدم مراهنتهم على إسقاط النظام وأن أي حلّ سياسي في سورية سيكون برعاية الرئيس الأسد وليس في غيابه، من هنا يلاحظ المراقبون أن التحرك الروسي في هذه المرحلة هو في الواجهة وضمور التحرك الأميركي والأوروبي بات واضحاً، وهذا التحرك الروسي ليس بعيداً عما تمّ التفاهم عليه بين الإدارة الأميركية وروسيا منذ أشهر قليلة وترجمته العملية ستكون بعد الانتخابات الأميركية.

» سورية و الانتخابات الأميركية
» السياسة الأميركية بعد الانتخابات النصفية,,,
» حلف المقاومة نحو الحسم قبل الانتخابات الأميركية
» الحقائق الكامنة حول تنفيذ اتفاق حمص
» الانتخابات الأميركية والأزمة السورية ...بقلم :حميدي العبدالله