التاريخ لا تصنعه الصدفة!!!..بقلم ميساء نعامة

التاريخ لا تصنعه الصدفة!!!..بقلم ميساء نعامة

مما لاشك فيه أن الغرب استطاع تحقيق مبتغاة من العرب والمسلمين، وتأسيساً على المبدأ القائل: التاريخ لا تحكمه أو لا تصنعه أو لا تحركه الصدفة، ننطلق من تحليلنا لحال العرب.
فما وصل إليه العرب من حالة ترهل وسبات خدّر جميع حواسه المرتبطة بعقل فارغ أومفرّغ، لم يكن بمحض الصدفة بل بفعل العقل الذي يحكم العالم عبر سنوات تمتد إلى عشرات السنين وبالتحديد منذ انتهاء مرحلة اليقظة العربية، التي كانت تؤسس لانطلاقة جديدة للأمة العربية، والعقل الغربي يعمل على إنهاء حالة اليقظة العربية إلى غير رجعة.
والسؤال كيف تمكّن هذا العقل الحاكم للعالم أن يُدخل العرب في حالة السبات والغباء والخواء الفكري والعقلي؟
لقد استطاعت العولمة الأمريكية أن تصهر الثقافات ومنها العربية كيفما أراد العقل الحاكم للعالم، فدخلت على مجتمعاتنا عادات وتقاليد جديدة تسللت ببطء وانسلت في شرايين الأمة العربية فمزقت علاقاتنا الاجتماعية الحميمة وزرعت الفتنة والصراع بين الشعوب العربية وحتى بين أفراد الشعب العربي الواحد وتغلغل فينا هذا العقل الجهنمي لدرجة أنه مزق العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة.
هذا بالإضافة إلى تفريغ المجتمعات العربية من الأيديولوجيات والعقائد والانتماءات ولو كانت على نطاقات ضيقة، حتى روابط الرحم تم اختراقها وتفكيكها.
إذاً، ثقافات فكرية استهلاكية دخلت على مجتمعاتنا، ابتعدنا معها عن العمق ودخلنا في غياهب الاستهلاك اليومي، فما تعلمناه بالأمس غير ما نتعلمه بالغد وبين الأمس والغد لا روابط ولا مكان للتخزين في ذاكرة شاخت فدخلت في الزهايمر المبكر.
لكن ما معنى أن يتم تفكيك المجتمع من الداخل؟ وما معنى أن يتم تفريغ المجتمعات العربية من الأيديولوجيات والانتماءات والثقافة الأصيلة؟
ببساطة لكي يسهل على العقل الذي يحكم العالم أن يفتعل النزاعات ويديرها وأن يحطم الرموز العربية، سواء كانت هذه الرموز ثقافية أم فكرية أم سياسية أم رئاسية، لكي يصل بهم المطاف إلى تحطيم أهم رمز ديني وهو الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم دون أن تتحرك أمة الإسلام الذي ُطعن في مصداقيته مع الفيلم الذي هزّ العالم ولم يهزّ من هم مؤتمنون على قبر الرسول وكعبة الإسلام.
وأخيراً يبقى السؤال تُرى من هو هذا العقل الذي يحكم العالم؟ هذا السؤال برسم مدّعي الفكر الذين يتفقون مع الشيطان من أجل المال وهم يدركون أن هذا الشيطان هو العدو الحقيقي للأمتين العربية والإسلامية.
منذ بداية الأزمة السورية قلنا، وعلى جميع المنابر الإعلامية والدبلوماسية، والثقافية، السورية والعربية والأجنبية، بأن ما تتعرض له سورية قلب العروبة النابض هو حرب أمريكية غربية بالوكالة.
وأذكر هنا مقولة للأديبة الكبيرة كوليت الخوري في أول لقاء لها على شاشة التلفزيون العربي السوري في الأيام الأولى للأزمة السورية قالت: ما تتعرض له سورية هو حرب كونية، وذهبت المقولة على كل لسان.
الحرب الكونية على سورية، تهبّ رياحها من جميع أرجاء الكرة الأرضية، لم ولن نبالغ في قولنا، لأن من أصعب الحروب هي حرب العصابات فكيف إذا كانت تلك العصابات متعددة الجنسيات، ومتعددة في مصادر التمويل والتسليح؟ بالتأكيد يكون قتال تلك العصابات أصعب بكثير من قتال عصابة معروفة أو غير متنوعة.
الصمود السوري مذهل؛ أجل مذهل ولا نستغرب أن يُدرس هذا الصمود الذي تحدى الموت وتحدى الظروف الصعبة وارتقى ليكون على مستوى حماية سورية الأم التي تلمّ جميع أبنائها ولا تفرق بين ألوانهم أو انتماءاتهم أو طوائفهم أو فئاتهم.
لأن النموذج السوري في التعايش والتآخي والعادات والتقاليد والإرث الثقافي والحضاري والديني والقيَمي لا مثيل له في جميع بقاع الكرة الأرضية.
قلناها في حينها: إن المطلوب القضاء على النموذج السوري بعقده الفريد من نوعه، ولم يصدِّقنا أحد، واليوم تعرض قنوات الفتنة والضلال والتضليل والشريكة في سفك الدم السوري؛ هي ذاتها تعرض على شاشاتها العصابات المسلحة متعددة الجنسيات وتصور إجرامهم وتفاخر به وتثبت بالدليل القاطع أن سادتها هم من يمولونها، أي العصابات المسلحة وعصابات القنوات التلفزيونية.
ومع ذلك ما يزال بعض مدّعي الفكر لا يعترفون بوجود مسلحين في سورية وما زالوا يتعاملون مع الموضوع بسخرية مقززة تشبه الدولارات المقرفة التي يقبضونها، لكن لو أحرزت تلك العصابات أي تقدم يعترفون به فجأة ويشجعونها على المضي في القتل والإجرام والدمار، هو التناقض المضلل الذي يسير حسب وجهة الدولار الذي تلوّح به دول الفتنة العربية والغربية.
لن نرد على سخافاتهم بعد اليوم فليتعاطوا مع الإعلام على شكل عصابات تقتل المهنية الإعلامية، ولينشروا سخافات وثائقهم المفبركة وليضللوا وليوجهوا العصابات المسلحة متعددة الجنسيات، لا خوف على سوريتنا لأنها تدافع عن الحق عن العروبة والإسلام الحقيقي وسلاحنا دائماً الفكر المقاوم.
خلاصة الكلام أن رياح الربيع الغربي المسوم التي هبّت على العرب لم تكن وليدة لحظتها، بل لقد استطاع الغرب بالشراكة المتداخلة مع الموساد الصهيوني أن يسلخوا العرب عن واقعهم ويستعيضوا به واقعاً وهمياً مزيّفاً

» صهينة الإسلام .. بقلم ميساء نعامة
» عندما تصبح القاعدة شذوذاًوالشواذ عن القاعدة قانوناً...بقلم ميساء نعامة
» وهم الديمقراطية المستوردة!! - ميساء نعامة
» امبراطوريات أردوغان ولعنة التاريخ .. أهي سياط النهايات؟ ...بقلم: نارام سرجون
» المعارضة إلى مزبلة التاريخ!!... بقلم : مضر جلال خيربك