مخيم الزعتري والتسول الملكي ... بقلم: هبة بيرق

مخيم الزعتري والتسول الملكي ... بقلم: هبة بيرق

المتتبع لمواقف الاردن من الأحداث في سورية يكتشف التناقض والإزدواجية بشكل جلي في تصريحات وردود افعال المسؤولين لدى الجارة الجنوبية.

التصريحات الاولى للحكومة الأردنية كانت تقول ان الشأن مرتبط بالداخل السوري وعند هذا الحد تكون حدود تصرفاتنا.

تلك التصريحات لم يكتب لها المصداقية والثبات، فسرعان ما تأرجحت وتبدلت وتقلبت تتناغم بل تتبع مواقف مجموعة من الدول العربية والاجنبية تعتبر المحرض والممول والمسعر لنيران الأزمة في سورية.

إذا؛ الحكومة والملك في الاردن وقعا في تناقض ومأزق، على الأقل ظاهرياً، فمن جهة مصلحة الأردن تكمن بمواقفها وتصريحاتها التي أدلى بها مسؤوليها بادئ الأمر، ومن جهة أخرى الملك وحكومته على إدراك تام بان العرش الهاشمي مهدد بسؤال الوجود من عدمه إن لم تنفذ رغبات وأوامر الدول المتصدقة، خاصة وأنهم على صلة قوية بل يتحكمون بشكل كبير بإدارة وتوجيه الحركات السياسية في الأردن وخاصة الإخوان المسلمين والحركات المتشددة الاخرى عبر السعودية وقطر وتركيا وبشكل مباشر.

الأردن بلد محدود بالموارد نسبيا، فمساحة الاراضي الصالحة للزراعة صغيرة، وهو فقير جدا بمصادر الطاقة المعروفة، ولهذا الامر لجأ للسياحة ولسياسة المساعدات الخارجية، وعلى خلفية ذلك تشكل واقع الحركة السياسة في الاردن، اقتصاد تابع يولد سياسة تابعة وغير مستقلة عبر قوى مسلوبة الإرادة بعمومها سواء في السلطة او في المعارضة.

إذا؛ مجمل القوى السياسية في الأردن بما فيها الملك، تدور في فلك مصالح دول معادية لسورية اليوم، هذا من جهة، ومن جهة اخرى صراعات القوى الداخلية في الأردن بتياراتها السائدة على الساحة اليوم لا تقوم على الموقف مع او ضد الدول التي تكن العداء لسورية، بل مواقفها قائمة على من سيُعتمد كوكيل لدى هذه القوى، وبالتالي الحصول على الحصة الاكبر من المساعدات.

بناء على ذلك عندما طلب من الأردن فتح حدودها امام اللاجئين السوريين تنبهت الحكومة والملك لفرصة اخرى أمام نوع جديد من التسول، وهي كيفية استغلال الامر للحصول على مساعدات دولية وإقليمية بحجة اللاجئين في المخيمات، ومخيم الزعتري الشاهد على ذلك.

إذا؛ الملك وحكومته يتنفسان الصعداء مرة اخرى من ظاهرة اللاجئين السوريين ولأسباب عدة:

1- الحكومة الأردنية تمتص غضب الإحتجاجات الشعبية المعارضة للواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي.

2- الحكومة الأردنية تمتص غضب المعارضة السياسية بتياراتها المتنوعة وخاصة الإخوان والسلفيين، كون الملك يلبي طلب الممولين لهؤلاء ونقصد السعودية وقطر وتركيا واسيادهم.

3- الحكومة والملك يضمنان بشكل عملي وقوف الإسلاميين بوجه غيرهم من القوى اليسارية والقومية والعلمانية الداعية لموقف مناهض لسياسات التسول والتبعية وإفقار الشعب ومنح الحريات السياسية الحقيقية.

4- وجود اللاجئين السوريين في المخيمات الاردنية وبمن فيهم 19 الف لاجئ في مخيم الزعتري، شكل فرصة كبيرة للحكومة والملك بالحديث عن العبء الاقتصادي، وبالتالي مصدر تسول جديد لم يستطع الملك مقاومة شهيته فطلب معونات بقيمة700 مليون دولار.

التسول الملكي، هذه الظاهرة التي تنم عن تبعية وتضع أسئلة كبيرة عن مدى توفر متطلبات الدولة في الأردن، يكشفها هذه المرة الواقع المر الذي يعيشه اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري.

تأتي المساعدات للملك وحكومته، وبالمقابل تزداد حالة التدهور لوضع المخيمات، الأمر الذي دفع باللاجئين للإنتفاض بوجه من يستغلهم ويتاجرون بمعاناتهم عبر محاصرتهم في سجون بالعراء تحت مسمى (مخيمات اللاجئين السوريين).

اللاجئون فهموا الدرس، وكلما تظاهروا مطالبين بالخروج من هذه المخيمات(أداة التسول) والعودة إلى بلادهم، كلما حرفت الحكومة الأردنية الأمر لتطلب المزيد من المساعدات التي لا تذهب إلى اللاجئين بل إلى الملك وحكومته.

المنظمات المانحة يبدو انها تدرك الوضع لكنها تدرك أيضا انها جزء من اللعبة، وان حصة الملك وحكومته تأتي بجزء منها من المساعدات، يفسر ذلك موقف مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد الذياشار لدى لقائه رئيس حكومة الأردن مؤخرا، الى تفهم الصندوق وضع الاردن عموما وبان المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي له لمساعدته في تحمل اعباء استضافة اللاجئين السوريين غير كافية حتى الان والصندوق يأمل زيادتها.

مخيم اللاجئين السوريين في الزعتري يكشف ليس فقط النفاق العالمي بالمتاجرة بمعاناتهم عبر تصنيعها لدوافع سياسية، ويكشف ليس فقط عدم اخلاقية الأدوات العربية والإقليمية في مشروع تدمير الدولة السورية، بل يكشف لنا أيضاً أن الأدوات المستخدمة على درجات، وان هناك من دوره ثانوي جداً لدرجة أن المقابل المخصص له هو السماح بالتسول وليضيف لقبا على لقبه "الملك المتسول".

» "العرب" يبحثون عن عذارى في مخيم الزعتري
» نازحة سورية في مخيم الزعتري تروي تحرش الضباط بها
» عودة 95 ألف لاجئ سوري من مخيم الزعتري الى بلادهم
» هذا بعض مايحدث في مخيم الزعتري.... نشاط علني للمسلحين و"الدعاة" في التجنيد
» ايران – العملة الصعبة...بقلم: هبة بيرق