وحده الحسم الأميركي في كوباني يحسم الحلّ السياسي في سورية

وحده الحسم الأميركي في كوباني
يحسم الحلّ السياسي في سورية

تشرين الثاني 4, 2014
روزانا رمّال

الحديث عن إعادة إحياء المفاوضات السياسية لحلّ الأزمة السورية في الأوساط الديبلوماسية الغربية أخذ حيّزاً رئيساً الأسبوع الماضي في عواصم القرار بين واشنطن وموسكو حسب المعلومات، و قد فسّر كلام دي مستورا الأخير على أنه إيعاز أميركي ببث جو من الواقعية حيال الأسد وحيال الموافقة على مشاركة المعنيين مباشرة في مكافحة الإرهاب بأيّ حوار، ووضع المعارضة أمام حجمها الحقيقي وحثها على الحوار.

التوصل الى أرضية لحلّ النزاع العسكري في سورية سيوجه الأنظار حتماً نحو التحالف الدولي وعملياته العسكرية والدول المشاركة فيه وإنجازاته حتى الساعة، إلا أنّ الأهمّ لناحية اي حلّ سياسي في سورية وما ينعكس مباشرة عليه هو ما يجري في «كوباني».

في المشهد العام تبدو كوباني أهمّ وأخطر المناطق السورية حسبما تنقل وسائل الإعلام، وكأن الصراع العسكري في سورية غير موجود سوى فيها، إلا أنّ الواقع هو عكس ذلك تماماً، والاهتمام الأميركي المفرط بكوباني واستهداف «داعش» فيها تحديداً يثير تساؤلات عديدة… أبرزها ماذا تمثل كوباني؟

بالرغم من انّ كوباني ترمز الى الوجود الكردي فيها، إلا أنها على سبيل المثال لا يمكن ان تكون نقطة وصل والتقاء مع أجزاء أخرى في العراق نظراً إلى موقعها الجغرافي لضمّها إلى دولة كردية أو إلى كردستان مثلاً، بالإضافة إلى أنّ أهمّيتها الاستراتيجية ليست فريدة من نوعها لجهة وصل المناطق السورية ببعضها او منافذها على الجوار، لأنه لو صحّ ذلك لكانت حلب من أهمّ المناطق التي تفرض على الأميركي ملاحقة الجماعات الارهابية فيها، من «داعش» او «نصرة»، وقصفها، وعليه… فإنّ الأهمية التي تكتسبها كوباني هي سياسية بحتة وتتعلق مباشرة بتركيا وبالتاريخ الطويل من الصراع بين الحكومة التركية والاكراد. وعليه… فإنذ أيّ تدخل أميركي في ما يمكن أن يأخذ الصراع نحو وجهة معينة في كوباني سلباً أو إيجاباً لأيّ طرف هو بمثابة الغوص في ما يُعتبر «أمناً قومياً تركياً» إذا صحّ التعبير، ولذلك فإنّ تصدّر الأميركيين واجهة ما يجري في كوباني، وحرص وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل على الإدلاء بتصريحات تؤكد ريادة الولايات المتحدة المشهد في كوباني، على سبيل المثال بالنسبة لهاغل وبدلاً من اعتبار الأعمال العسكرية والقصف الجوي مشتركاً مع الحلف الدولي استبدلها بالقول «الهجمات الاميركية» بدلاً من هجمات «التحالف»، ما يشير الى انّ كلّ ما يجري في عين العرب – كوباني هو تأديب اميركي لتركيا التي لا تلتزم بالخطة الاميركية، وتستمرّ في سياستها التوسعية، أو ربما إحياء أمجاد الحقبة العثمانية، ولو على حساب حلفائها.

وعليه… إذا كان الأميركيون جادّين في نوايا الحلّ السلمي في سورية او بتحريك عجلته فإنّ هذا يتطلب بالموازاة حسماً سريعاً لكوباني يعرف التركي بنتيجته موقعه الجديد وحجمه في المعادلة، وتتضح بالتالي معالم النوايا الاميركية في جولة تفاوض جديدة مثمرة لا يتجدّد من خلالها جنيف 1 او جنيف 2، ويصبح التفاوض واقعاً على الحلفاء والدول الجارة لسورية، وأولها الحكومة التركية الحالية التي لا يبدو أنها تستطيع الصمود أكثر أمام أيّ خطر قد تشكله كوباني وأمام أيّ انزلاق لتركيا فيها، وهي لا تريد كما يتضح إشراك الجيش التركي بأيّ عملية عسكرية حقيقية حتى الساعة لما في ذلك من تأثير مباشر على موقف الرأي العام التركي، من الحكومة الحالية وانتقادها أو معارضتها، خصوصاً بعد هزيمة الإخوان المسلمين في تونس، حيث المعارضة التركية بالمرصاد لاقتناصها كفرصة…

ايّ جولة مفاوضات من دون الحسم السريع في كوباني لا يمكن ان تمثل سوى جولة جديدة لمؤتمر «جنيف» بنسخته الثالثة المرفوضة سلفاً من الرئيس السوري بشار الأسد.

فهل يسرّع الأميركي عملياته العسكرية في كوباني ترجمة لنوايا الحلّ السياسي؟

«توب نيوز»

» قراءة نووية في التفاوض السياسي الإيراني ـ الأميركي
» خاص / ما هو السلاح الروسي الذي قد يحسم الحرب في سورية؟
» ثلث كوباني بيد «داعش» و26 قتيلاً بالرصاص الحي في تركيا روسيا : المنطقة العازلة يحددها المجتمع الدولي وحده
» الطيران الأميركي يلقي مساعدات عسكرية للمقاتلين الأكراد في كوباني
» هل حان وقت الحلّ في سورية؟