حرب وجود ونص!

حرب وجود ونص!

تشرين الأول 28, 2014
حرب وجود ونص! Image_5_1

ماجدي البسيوني

من منا لم ينزف قلبه ألما وهو يشاهد أشلاء عصافير مدرسة عكرمة في حماة السورية، وريشها بما فيه من لحم العصافير يتطاير على يد ارهابي فجر سيارته بمئات الكليوات من المواد المتفجرة على الباب ودخل المدرسة ليفجر نفسه في ما تبقي من العصافير التي تأوهت صراخاً وهي التي كانت تغرّد وتزقزق قبل لحظات…؟

ومن منا لم يزلزل جسده وهو يشاهد وداع عشرة من جنود الجيش اللبناني محمولين على الأعناق اثر مواجهته مع الإرهاب التكفيري في الشمال…؟

ومن منا لم ينتفض قلبه وهو يشاهد 33 نعشاً لجنود الجيش المصري ملفوفين بعلم مصر ومسجّين في ساحة صلاة الشهيد مسلمين وأقباطا، ومن منا من لم يجهش بالنحيب وهو يرى بضميره صرخات الأمهات الثكالى والملايين في أنحاء الجمهورية تستقبل حصتها من أقصى الجنوب بأسوان وحتى أقصى نقطة في الشمال بدمياط…؟

وقبل أن تقلع الطائرات حيث مدافن الشهداء ودّعهم الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلاُ وعلى الملأ وأمامه كلّ نعوش الشهداء، وهو يدرك أنّ هذه العملية الإرهابية موجهة إليه شخصياً قبل أن توجه إلى مصر: «إنّ مصر تخوض حرب وجود وإنّ هناك مؤامرة كبيرة، وراءها دعم خارجي…».

يعلم الجميع أنّ العالم العربي كله وليس مصر فقط، يعيش حرب وجود ليست وليدة اليوم، بل عمرها من عمر زرع الكيان الصهيوني في خاصرته، حتى ولو كان السيسي يقصد بحرب الوجود حرب دعاة إقامة «دولة الشريعة الاسلامية «ـ والاسلام منهم براء ـ بتكفير ومن ثم ذبح كل من لا يناصرهم، فهذه أيضا ليست وليدة اليوم.

أن يقول السيسي وهو يعيش الألم نفسه الذي عاشته مصر من أقصاها الى أقصاها «… هناك مؤامرة كبيرة، وراءها دعم خارجي»، فهذا ما ينبغي أن يعرفه الشعب الذي انتفض كيانه باكياً، فمن حق القتيل عليك أن تعلمه مَن القاتل، وأن تأخذ له ثأره منه، فهذا الشعب نفسه هو من منحك تفويضاً للقضاء على الإرهاب، فما بالك وهو الذي منحك تفويضاً برئاسة مصر لتأكيد التفويض وأكثر من التفويض؟

في 26 أكتوبر 1954 فشل «الإخوان» في قتل جمال عبد الناصر بعد إطلاق النار عليه في ميدان المنشية بالاسكندرية، أيّ في نفس موعد الجريمة الأخيرة بسيناء، ورغم ذلك بقيت كلمة جمال عبد الناصر في توصيف الواقع العربي عندما قال: إنّ الصراع مع الصهاينة صراع وجود وليس صراع حدود.

ليس معنى هذا أنّ الحدود لا تستحق صراعاً، حقيقة صراع الوجود اختفت عن قصد مع توقيع السادات على اتفاقية العار المسمّاة «كامب ديفيد»، لأنها حرمت مصر من حقها في فرض سيادتها الكاملة على أراضيها، حيث تمّ تجريد ثلثي سيناء من القوات والسلاح، باتفاقية وفرت الأمن للكيان الصهيوني على حساب الأمن القومي المصري، وألزمت الدبابات المصرية ان تكون على بعد 150 كيلومتراً من الحدود، كما ألزمت مصر باستئذان «اسرائيل» والتنسيق معها كلما أرادت ان تزيد عدد القوات في سيناء المصرية، واستبدلت الاحتلال الاسرائيلي بقوات اجنبية أميركية وأوروبية تحت قيادة وزارة الخارجية الاميركية، ولا تخضع للأمم المتحدة، وبذلك وضعت أمن «إسرائيل» فوق الأمن القومي للعالم العربي، غير عابئة باتفاقيات الدفاع العربي المشترك، فهل أدرك الرئيس السيسي أنّ الوقت حان لمعرفة حقيقة الصراع الوجودي؟ ولذا يصبح لزاماً إعادة النظر في تلك المعاهدة المشؤومة، كما سبق وصرّح السيسي نفسه ناهيك عن بطلانها دستورياً لمخالفتها كلّ الدساتير المصرية التي تنصّ على أنّ السيادة للشعب المصري وحده كما ذهب كلّ الدستوريين، ولهذا نجد اليوم أنّ حجم القوة المصرية المسلحة يتخطى ما نصت عليه الاتفاقية.

المؤامرة كبيرة والدعم خارجي وهي حرب وجود، هل في هذه العملية فقط أم في كافة العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها حتى الآن الآلاف من أبناء الشعب المصري؟ مؤكد أنه يقصد كلّ العمليات التي وقعت منذ مساندة الجيش المصري للرفض الشعبي المزلزل في 30 حزيران 2013.

وهل كلّ العمليات التي نشهدها يومياً سواء في مصر أو في سورية منذ أربع سنوات، أو في لبنان أو في ليبيا أو اليمن ومن قبل في العراق ومن قبل في فلسطين المحتلة، ألم تكن مؤامرة كبيرة وبدعم خارجي وهي بالمؤكد حرب وجود…؟

الفاعل هو نفسه والمعدّ والمدرّب هو نفسه، والمموّل بالمال والسلاح هو نفسه، سواء كان يرتدي لباس الكاوبوي أو عقال ودشداشة أو الكولاه العثمانية أو القلنسوة الصهيونية… وإنْ اختفت تحت الجلد.

في جرائم القتل يطالب محامو الضحايا بضمّ كلّ جرائم القاتل، فلماذا اذاً لا يشترك من أقسموا على حماية بلدانهم في توحيد جهودهم ضدّ القاتل؟

هل يوجد مفرّ اليوم من أن يبادر الرئيس عبد الفتاح السيسي والدماء لا تزال ساخنة، إلى الدعوة فوراً لتشكيل تحالف عربي يجمع كلّ الدول العربية التي يضرب الإرهاب المسلح حبلها السري بدلاً من التنسيق السري الخجول…؟

رئيس تحرير جريدة «العربي» ـ مصر

» هل للبن العصفور وجود؟
» بقي 12 سنة وإسرائيل ليس لها وجود على الخارطة نهائياً
» «وجود طهران علني على الحدود الإسرائيلية»
» الآيات الكونية ودلالتها على وجود الله
» عالم يؤكد حقيقة وجود الكائنات الفضائية