حلم «الدولة الإسلامية» يسقط بيد الجيش والمقاومة

حلم «الدولة الإسلامية» يسقط بيد الجيش والمقاومة

تشرين الأول 27, 2014
لورا محمود

من القلمون السوري الى جرود عرسال اللبنانية ومن الزبداني الى عسال الورد ويبرود والقصير إلى البقاع وشمال لبنان والمنفذ البحري في الضنية، «داعش» وإمارته المزعومة في قبضة الجيش السوري واللبناني وحزب الله.

بعد تفجير الوضع في بحنين بقضاء الضنية شمال لبنان، وضبط 50 عبوة ناسفة مجهزة للتفجير، وإعلان سيطرة الجيش اللبناني على مدينة المنيه، أعلن الجيش مواصلة عملياته العسكرية ضدّ المجموعات الإرهابية في طرابلس بعد تدهور الوضع الأمني في باب التبانة، حيث اندلعت مواجهات بين عناصر الجيش والمسلحين في أحياء سوق الخضار، ساحة الاسمر، طلعة العمري، محيط براد البيسار وشارع سوريا، واستخدمت فيها القذائف الصاروخية بشكل كثيف، فضلاً عن الاسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وأجرت مروحيات الجيش اللبناني طلعات استطلاعية فوق احياء طرابلس، فضلاً عن دورية بحرية أمام مردف نهر ابو علي، حيث استقدم سفينة حربية مجهزة بمنصة صواريخ، وكانت حصيلة شهداء الجيش اللبناني نتيجة المواجهات التي يخوضها ضدّ الإرهابيين في شمال لبنان ستة شهداء وعدد من الجرحى، وسقوط شهداء وجرحى من المدنيين على خلفية العملية الأمنية الدقيقة لمديرية المخابرات في الجيش في منطقة الضنية، وتوقيف الإرهابي أحمد سليم ميقاتي مع مجموعة من الإرهابيين.

فبعد أحداث بريتال لم يكن الهدف إيجاد ممرّ للنزوح من مرتفعات عرسال إلى الزبداني مع اقتراب فصل الشتاء، بل إيجاد مساحة من الأرض تكون امتداداً لمرتفعات عرسال، وداخل الحدود اللبنانيّة، بهدف تكبير شأن الدويلة المزعومة من قبل «داعش»، فبعد الاصطدام الذي وقع بين «داعش» وحزب الله في اتّجاه منطقة «عسال الورد» الجبليّة السوريّة، والتي تعتبر مدخلاً آمناً ووحيداً للمسلّحين إلى سورية، كان لا بدّ له من تغيير المجموعات المسلحة خطتها وتوجيه البوصلة نحو بريتال بعد أن أغار الطيران السوري على رتل للمسلحين في منطقة الرهوة في عرسال استباقاً لفصل الشتاء الذي يؤدّي إلى إقفال الطرق الجبلية، نفّذ المسلحون هجمات عدة باتجاه بلدات الجبة وعسال الورد محاولين السيطرة على جرود البلدة تمهيداً لدخولها وتمضية الشتاء فيها، نتجت عن ذلك اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري وحزب الله من جهة، وبين المسلحين من جهة أخرى، أدت الى مقتل عدد كبير من المسلحين وانكفائهم باتجاه جرود عرسال حيث توجد نقاط عدة للجيش اللبناني.

الهجوم كان يهدف الى إحداث جبهةٍ لإشغال الجيش بغرض التسلل من جرود عرسال باتجاه وادي رافق فالتلال المتقدمة من وادي رافق مشرفةٌ على بلدتي القاع ورأس بعلبك ووادي رافق هو النقطة الواصلة بين جرود راس بعلبك وجرود القاع وجرود عرسال.

الجيش اللبناني والمقاومة تصدّيا للهجوم بالمدفعية الثقيلة والاسلحة المتوسطة، فانسحب المسلحون الى نقاط خلفية في منطقة وادي رافق والجبال المحيطة بأماكن وجود المسلحين على الحدود اللبنانية السورية، والتي يزيد ارتفاعها عن ألف وسبعمئة مترٍ، ما يعني أنّ البقاء هناك سيكون صعباً في فصل الشتاء، ولا سيما بعد أنْ فصل الجيش اللبناني بلدة عرسال عن جرودها وقطع خط الإمداد الرئيسي الذي اعتمدوا عليه لثلاث سنوات، وفي أحداث بريتال وقعت مجموعة مسلحة في كمين نفذه حزب الله في موقع راس الحرف في جرود بريتال، هنا لم يعد أمام المسلحين إلا محاولة التقدم باتجاه القلمون، او باتجاه إحدى البلدات البقاعية، أو محاولة الانسحاب باتجاه الزبداني والتي يسيطر الجيش السوري على المعابر التي تصل جرد الزبداني بجرد القلمون، وكلّ هذه الخيارات تعدّ خطيرة بالنسبة لهم.

عمليّة بريتال لو نجحت كانت ستضع التنظيمين على طريق تحقيق الهدف عبر وصل البقاع الغربيّ بالبقاع الأوسط، وهي خطوة ضروريّة لإنشاء الحزام الأمنيّ الذي يمهّد لها للتوسّع نحو الشمال. ووفق المصادر، فإنّ عمليّة الوصل هذه ترتكز على بلدة شبعا القرية الجنوبية الواقعة عند التخوم السوريّة اللبنانيّة، والتي تشكّل محطّة للنازحين السوريّين. ولبلوغ شبعا، ينبغي المرور بعدد من القرى البقاعيّة.

نجاح «داعش» و«النصرة» بإنشاء الحزام الأمنيّ يعني أنّ «الدولة الإسلاميّة» أصبح لها موطىء قدم، فهذا الواقع الجديد سيغري مناطق أخرى لتشرّع أبوابها أمام التّنظيمين، ممّا يمهّد لهما بالتوجّه شمالاً. وهنا، يأتي دور الخلايا الإرهابيّة النائمة، وهو ما كان أكّده أيضاً العماد قهوجي عندما قال: «إنّ داعش يعتمد على هذه الخلايا في طرابلس وعكار، فضلاّ عن دعم بعض الهوامش من المجموعات السنيّة».

إذاً… الشمال اللبنانيّ مفخّخ من الداخل، ويتمّ الرّهان على الدور الذي يلعبه بعض المجموعات الموجودة في طرابلس وعكار في تهيئة الأرض لـ«داعش»، بعدما كان سبق وبايع هذا التّنظيم. وهناك أكثر من مؤشّر يدل على أنّ الشمال، وتحديداً عكّار، يعيش على غليان بركان، فالمرّات التي تمّ فيها استهداف عناصر للجيش اللبنانيّ هناك كثيرة، وكان آخرَها استشهاد عسكريين في عكار. ومن دلائل التوتّر أيضاً توقيف «شبكة فنيدق» تحمل اسم بلدة عكاريّة في تمّوز 2014، والتي ارتبط اسمها بخلايا كانت تخطّط لتنفيذ عمليّات إرهابيّة في لبنان، والقبض على عناصرها في فنادق عدّة، كما تمّت مداهمة الإرهابيّ منذر الحسن في طرابلس وقتله، وهو المتّهم الرئيسيّ في هذه الشبكات، وكان يزوّد الانتحاريّين بالأحزمة الناسفة.

وميدانيّاً، تفيد التّقارير الواردة إلى الأجهزة الأمنيّة أنّ هناك تحرّكات واسعة لمسلّحين في الجرود غير المأهولة لبعض القرى العكاريّة، خصوصاً في وادي خالد والبقيعة.

يؤمن تنظيم «داعش» بأنّه «دولة» كاملة متكاملة، وهو يعمل على توفير كلّ المقوّمات الضروريّة لها. وقد باتت له أرض بعد الهجمات التي قام بها في العراق وسورية، وله أميره ومقاتلوه، إلاّ أنّه ما زال يفتقد إلى منفذ بحريّ، يعدّ من عناصر قوّة أيّ دولة، هذا المنفذ البحريّ لا يمكن أن يمرّ إلاّ عبر شمال لبنان.

ويعتمد «داعش» على كلّ هذه المكوّنات الشماليّة لتنفيذ مخطّطه بالاستيلاء على الشمال، ولعلّه يعتمد أيضاً على سيناريو العراق، حيث أدّت سيطرته على منطقة إلى سقوط أخرى، ولكن إذا كان الخطر الأمنيّ يتربّص بالشمال المفخّخ من الداخل، فإنّ البقاع يواجه قبلَه خطر هجوم خارجيّ من قبل «داعش»، وعليه تتركّز الأنظار الآن، ولعلّ مشهد رفع علم «داعش» في طرابلس يشكل مؤشّراً خطيراً جديداً، تضاف إليه كتابة شعارات لـ«داعش» و«النصرة» على عدد من جدران المباني في عكّار.

لبنان اليوم الذي يواجه هذا التحدي الكبير هو بحاجة أكيدة وماسة للالتزام بوحدة شعبه وجيشه ومقاومته… بوصفهما صمام أمانه واستقراره.

» الدولة الإسلامية خرافة أم واقع ؟
» هذا ما أنجزه الجيش والمقاومة في «السلسلة الشرقية»..
» الجيش عاجز من دون سوريا والمقاومة....ابراهيم الامين
» من هو "منجنيق الدولة الإسلامية"؟
» كيف وصلت «الدولة الإسلامية» إلى ليبيا؟