إزدواجيّة واشنطن بالتعاطي مع الإرهاب في سوريا لإطالة نزيف الدم

إزدواجيّة واشنطن بالتعاطي مع الإرهاب في سوريا لإطالة نزيف الدم

23 سبتمبر 2014

حسن سلامه
رغم اضطرار الولايات المتحدة لابلاغ الحكومة السورية ببدء الغارات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الارهابي في شمال سوريا، فالسؤال الاكثر الحاحاً يبقى «هل ان الادارة الاميركية جدية في محاربة الارهاب، وهل ان ما تقوم به من غارات جوية كاف لهزيمة «داعش» واخواتها؟
تجمع التقارير والمعطيات الدبلوماسية على ان واشنطن من خلال طريقة تشكيل التحالف الدولي والآليات التي وضعتها لضرب الارهاب ليست جدية في هذه الحرب التي تدعي القيام بها، فأميركا – بحسب تقارير دبلوماسية – تستهدف من وراء ما بدأت القيام به من ضربات جدية ضد «داعش» تحقيق ثلاثة امور اساسية:
- الامر الاول: ان تعيد تعزيز حضورها واوراقها في الشرق الاوسط، بعد تراجع هذا الدور إثر مجموعة واسعة من الضربات التي تلقتها في غير ساحة اقليمية من ايران الى العراق وسوريا ومروراً بلبنان وانتهاء بما جرى في مصر ودول اخرى.
- الامر الثاني: ضبط «داعش» في الحدود التي لا تشكل خطراً على حلفاء واشنطن في المنطقة وخاصة دول الخليج والاردن، بعد تقارير استخبارية للمخابرات الاميركية والغربية تشير الى ان خطر «داعش» بات يهدد بعض دول الخليج وفي الدرجة الاولى السعودية.
- الامر الثالث: منع «داعش» واخواتها من تهديد المصالح الاميركية في المنطقة والعالم بما في ذلك داخل الولايات المتحدة والغرب.
وعلى هذا الاساس تقول مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع انه لو كانت هناك جدية اميركية في محاربة الارهاب، وبالاخص في الداخل السوري، لكانت لجأت واشنطن الى خطوات واجراءات اوسع بكثير من الضربات الجوية ليس اقلها الخطوات الاتية:
- ان محاربة الارهاب والقضاء عليه، تفرض قبل اي شيء آخر، تجفيف منابع الارهاب تمويلا وتسليحا، وتدريبا، وفي مقدمة ذلك ارغام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومة حليفه احمد داود اوغلو على منع دخول الارهابيين من تركيا الى الداخل السوري، وايضا وقف دعم انقرة للمجموعات المتطرفة بدءا من «داعش» وكان آخرها الصفقة التي ابرمتها حكومة اوغلو مع هذا التنظيم الارهابي بحيث تمت مبادلة الرهائن الاتراك الـ 49 مقابل تزويد «داعش» بـ 49 دبابة، بالاضافة الى صفقات شراء النفط السوري المسروق من هذا التنظيم من قبل شركات تركية بعضها يعود لاردوغان، فعائدات النفط المسروق الى تركيا يتجاوز الاربعة مليارات دولار سنويا.
- وقف تسليح وتمويل كل التنظيمات الارهابية الاخرى، بحيث جاء القرار الاميركي – السعودي الاخير لتدريب وتسليح ما يسمى «المعارضة المعتدلة» يؤكد بوضوح ان واشنطن وحلفاءها مستمرون في دعم وتمويل الارهاب تحت مسميات مختلفة، مما يسمى «الجبهة الاسلامية» الى احرار الشام وانتهاء بـ بقايا «الجيش الحر» وغيرهم، فكل هذه التنظيمات اما انها فروع لتنظيم «القاعدة» او ان معظم مسلحي هذه الجماعات المسلحة انضوت لاحقاً تحت لواء «داعش»، مع العلم ان الولايات المتحدة لم تتحدث بكلمة واحدة عن محاربة «جبهة النصرة» على الرغم من اعلانها اميركياً ودولياً منظمة ارهابية، وبالتالي فهناك ازدواجية واضحة في التعاطي الاميركي مع الارهاب.
- لو كان هناك جدية لدى ادارة اوباما في محاربة الارهاب، لما كان جرى استثناء احداً من التحالف الدولي، خصوصاً الدول المعنية مباشرة بذلك، وفي مقدمة هذه الدول سوريا وسلطاتها الرسمية. وتقول المصادر الدبلوماسية ان واشنطن اضطرت الى ابلاغ الحكومة السورية عبر مندوبها في الامم المتحدة بالضربات الجوية ضد «داعش» في شمال سوريا، لان واشنطن متأكدة ان دمشق كانت جادة في اعتبار اي خرق للاجواء السورية من قبل الطائرات الحربية الاميركية هو عدوان عليها، وهو الامر الذي دفع روسيا الى تحذير الادارة الاميركية من مخاطر اي ضربات دون تنسيق مع دمشق.
لذلك، ماذا تريد واشنطن من توجيه ضربات جوية لتنظيم «داعش» في سوريا وفي الوقت نفسه تعلن عن تسليح وتمويل ما يسمى «المعارضة المعتدلة»؟
وفي المعطيات التي حصلت عليها المصادر الدبلوماسية ان الادارة الاميركية تستهدف من وراء استعمال المعايير المزدوجة في التعاطي مع الازمة السورية بكل تعقيداتها، استمرار نزيف الدم السوري وتكرار الرهانات السابقة على فرض توازنات في الداخل السوري من خلال ما تسميه «المعارضة المعتدلة» لمحاولة الوصول لاحقا الى تسوية سياسية على غرار ما حصل في العراق، اي ان يكون هناك نوع من تقاسم السلطة مع حلفاء واشنطن في «الائتلاف المعارض» وغيره، بما يسمح للولايات المتحدة بأن يكون لها حلفاء في السلطة اللاحقة وبالتالي محاولة اخراج سوريا عن ثوابتها وموقعها في حلف المقاومة، ولو بطريقة التفافية.
الديار

» الشيخ يزبك: لوقف نزيف الدم في سوريا و وقف حرب التدمير فيها
» عمرو: رغبة روسية ـ مصرية بالتوصل الى حل يوقف نزيف الدم في سوريا
» واشنطن تطلب من حلفائها ضبط لعبة الإرهاب بشكل عاجل
» واشنطن تستبعدها والرياض فرحة في الخفاء... إيران رقم صعب في الحرب على الإرهاب.
» مرسي يستلم مهام منصبه رئيسا لمصر .. يجب ان يقف نزيف الدم في سورية وسنبذل كل جهودنا من اجل ذلك