عشاء يبرود: وجهاً لوجه مع «مشروع انتحاري»

عشاء يبرود: وجهاً لوجه مع «مشروع انتحاري»

عشاء يبرود: وجهاً لوجه مع «مشروع انتحاري»
14/02/14

وكالة أوقات الشام الإخبارية -
كان المساء قد حل حين دخلنا مدينة يبرود، لكن محال بيع الخضار كانت لا تزال تستقبل زبائنها، وكذلك محال بيع الأجهزة والخطوط الخلوية، أما الكنيسة فلا زالت على حالها، وجرسها كما الصليب موجود في أعلى البرج الملتصق بها، ويزعم المسلحون أن أجراسها تقرع كل يوم، لم أستطع التأكد، كان الوقت متأخراً ربما لقرع أجراس الكنيسة.
العيادات الطبية أيضاً متوفرة، وما زال الأطباء يواظبون على الدوام فيها واستقبال المعاينات،
في يبرود حارات تشبه حارات الشام، بيوت عربية، بحرات تتوسط «أرض ديار»، يبرود ما زالت يبرود..
هذه مشاهداتي في الوقت الصغير الذي تسنى لي الاستفادة منه في الخارج، أو بالأحرى هذا ما فرض علي أن أشاهده، لكن ما أستطيع تأكيده، أن رائحة الهواء الشامي، هواء أقدم مدينة على وجه الأرض.. تعيد للروح شبابها.

بالعودة إلى الأحداث داخل «شقة النصرة»، كان لا بد قبل دخولنا، أن نخلع أحذيتنا أمام الباب، قبل أن ندلف إلى غرفة الجلوس، حيث لفت انتباهي أن الإنارة جيدة وثابتة، فسألت:
– هيدي كهربا يا شباب؟ أو إشتراك متل عنا؟
– حبيبي نحنا الكهربا هون ما بتنقطع ولا لحظة
– أوف! كهربة الدولة؟
– له له يا شريك، كهربة «النظام» فاستدركت وتذكرت أنني في عهدة «النصرة»، فهم لهم مصطلحاتهم، ولي «مصطلحاتهم» أيضاً!.
يؤكد لك مرافقوك أن تغذية الكهرباء في يبرود دائمة دون إنقطاع، والسبب حسب ما يقولون هو أن لـ «جورج حصواني» ، عديل «فلاديمير بوتين»، أهل وأقارب ما زالوا حتى اليوم في يبرود.
وجهاً لوجه مع «مشروع انتحاري»!؟
ما جرى لاحقاً داخل غرفة الجلوس، هو مزيج من لحظات لا يمكن وصفها دون أن أطلب منك، عزيزي القارئ، أن ترفع صوت أي موسيقى تصويرية تجدها على موقع يوتيوب. لكي لك أكمل المشهد الأكثر صعوبة في هذه الرحلة.
خمسة عناصر في الغرفة، يشغل أحدهم التلفاز، و يبدل القناة من نشرة أخبار العربية إلى الإخبارية السورية!!!.
شهيق ثم زفير بعد حبس النفس، ألتفت يساراً، و إذ بأحدهم يخلع وشاحه، و يريني، وجهه «باسماً»، هنا يحضرني في لحظات، كل ما شاهدته من آثار التفجيرات الإرهابية التي إستهدفت أهلي في الضاحية وفي باقي مناطق لبنان، من يقتلنا في الأسبوع مرتين، ونعتقد أنه وحش كاسر، يظهر أمامي على شكل إنسان.

تأملت ملامحهم، حفظتها، أدركت في تلك اللحظة أنني خرجت لأرجع، بأية طريقة يجب علي أن أعود، قضينا نصف ساعة أخرى من الحديث المتنقل بين المواضيع المختلفة، وأتى الطعام، شكرني ممدوح الحمصي لأنني سأكون سبباً في تناوله الكريسبي بعد أشهر من الإنتظار
وأقسم رفيقه أن أياماً كثيرة تمر عليهم دون أن يأكلوا، لسبب ما، شعرت أن المسألة محاولة لاستدراج التعاطف، أومأت برأسي متفهماً.. ولذت بالصمت.

بعد الطعام، إقترحوا الصلاة جماعة، شاركتهم الصلاة على قاعدة أن الله يقبلها من عبده، وليس ممن صلى معهم، وختمتها كالعادة بالقول «تقبل الله شباب…» فقاطعني أحدهم فوراً «له له له أخي ما بجوز، مش إنت يلي بتقرر عن الله إنو يتقبل أو لأ..» فاعتذرت وهربت الى الصمت مجدداً رغم تلطفه بالقول «لا داعي للاعتذار..».

عادوا الى النقاشات العامة مجدداً، فوجدتها فرصة لفتح حديث جانبي مع «أبي مصعب اللبناني»، وكان لا بد من أن أبدأه بالسؤال عن أحواله منذ ترك لبنان، تحدثنا مطولاً، عبر لي عن مدى اشتياقه لوالدته، أرغمني على التعاطف معه فأرغمته على الإجابة على سؤالي الذي تخطى هنا خطوطه الحمراء «طب شو جابرك تكون هون» فأجاب بهدوء «أخي أبو أحمد (كما قرروا أن ينادوني) طاعة الخالق فوق طاعة العباد ولو كانوا الوالدين.
– مطول لتروح عند الوالدة؟
– قريبا عندي شغل بلبنان ولازم شوفها قبل.
هنا انتهى الحديث وكأنني حصلت على إجابة لم أطرح سؤالاً لها، وبقي سؤالٌ يحيرني، لأتأكد مما فهمته من جوابه، لكنني لم أتجرأ على طرحه، لأسباب كثيرة ليس أقلها، أنني لا أريد أن أعلم، بقدر ما أريد أن أعلم.. طبيعة العمل الذي سيقوم به ويحتم عليه رؤية والدته قبلاً.

في هذه اللحظة تحديداً، أشعر بالغضب، خلال كتابتي لهذه السطور، هل قابلت من سيقتل أهلي في المستقبل دون أي ردة فعل!!؟.. تصعب الإجابة عما فات آوان سؤاله!.
لكنني حين أعود وأتذكر ظروف رحلتي، أتيقن أنه لا يمكن لحبر الأقلام أن يوصل مشاعري للورق، أحاول أن أشرح كيف أن كل كيلومتراً قطعته في طريق عودتي من يبرود إلى عرسال، ومن عرسال إلى بيروت، زرعت فيه آلاف الدعوات، أن ينصر الله «رجاله» على الأرض، كي لا يدخل «الإرهاب» إلى بلادنا.
فما شعرت به خلال رحلتي الطوعية، لا أتمناه لأحد، ولو كان مضطراً، هذا المزيج من الغضب والحذر وكبت ردات الفعل، وحتى مجاراة الآخر.. اختبار صعب، حتى لصحفي يمارس عمله.
سلابنيوز

» الذئب والفريسة، وجهاً لوجه !
» بالفيديو: «حزب الله» وجهاً لوجه مع «الدواعش»
» السوريون وجهاً لوجه أمام مؤتمر «جنيف 2» ......معتز حيسو
» هل وضعت الحكومة السورية الجديدة قدري جميل وجهاً لوجه مع الشعب ؟
» هل خطف عناصر الأمم المتحدة "حسنة لوجه الله" أم تمهيداً للحرب..؟!