حكاية الحريري مع سوريا - روزانا رمال

اندلعت الازمة السورية منذ ما يقارب الثلاث سنوات و منذ ما يقارب هذا التوقيت اي في 23 نيسان 2011 غادر سعد الدين رفيق الحريري لبنان تحت تبرير المعطى الامني و التهديدات الامنية التي قد تكون جدية و تمس بحياته خصوصا بعد سلسة تهديدات عمد التكلم عنها في اوساطه و اعلامه و قاعدته الشعبية كتيار مستقبل لتبرير ما قد ياخذ تفسيرات غيابه عكس ما يريد الحريري ان يفسر
بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري شباط 2012 اطل سعد الحريري في مقابلة تلفزيونية من باريس و كانت هذه من بعض اجاباته لدى سؤاله عن توقيت عودته لبيروت و اسباب الغياب ..
الحريري : "  لسوء الحظ، انا كنت مستعدا للعودة وحدث معي الحادث في رجلي وفعلياً تأذيت كثيراً ولهذا السبب لست قادرا على العودة الى لبنان الآن، انا اعرف ان الغيبة طالت ولكن ان شاء الله في اقرب وقت أشفى سترونني في بيروت. يجب ان أخضع إلى علاج، وان شاء الله سأعود بعد العلاج وهذا وعد وعهد اقطعه للجميع، والتهديدات الأمنية الجميع يعلم أنها موجودة وعندما كنت في بيروت كانت موجودة، وفعلياً هناك أمور أكثر في المرحلة السابقة لم تسمح لي بالعودة الى بيروت، ولكن في هذه المرحلة وهذه اللحظة لدي مشكلة انني تعرضت لحادث كبير وفي رجلي هناك 14 "برغياً"
في مرحلة اخرى .. حكي عن ان الحريري يريد تسوية الاوضاع المالية و المشاكل التي يعاني منها لذلك فهو يتنقل بين عواصم العالم لحلحة الامور اقتصاديا فمعظم مؤسساسته تعاني من مشاكل و تحتاج اعادة ترتيب الامور لذلك طالت مدة الغياب عن لبنان الى ان جاءت تصريحات شديدة الوضوح تواترت و تسارعت منها عبر تويتر و منها للصحافة و كان بينها ما ذكره الحريري عن عودته و منها   الحريري : لن اعود الي بيروت الا عبر مطار دمشق !
اذا اختلفت اسباب غياب الحريري طوال الثلاث سنوات الماضية هذا الغياب عن لبنان كما حددها هو من وجهة نظره او اسبابها مهما كانت طرحت تساؤلات مفهومة الا ان غياب اخرين معه لديهم صفة رسمية في البلاد كبرلمانيين او تواتر زيارة الحريري بشكل كثيف منهم الثابت كعقاب صقر بالخارج و منهم كزيارات دائمة ما زال مستمرا و اكد على ان الامر لم يعد مسألة امنية او خوف امني ربما يعاني منه كل القادة في لبنان يعاني منها وليد جنبلاط كما نبيه بري و السيد نصرالله و ايضا سمير جعجع و لكل احتياطاته الامنية الخاصة به اضافة الى ان الحريري لم يترك لبنان حتى بسبب 7 ايار و التي كانت بالنسبة له و لفريقه محطة لا تنسى و اعتداء عليهم كما وصفوها دائما
لذلك يبقى   الثابت الوحيد او القاسم المشترك بين غياب الحريري من جهة او غيره كعقاب صقر و هو الشخصية الحديثة نسبيا على خط السياسىة اللبنانية كوجود و حيثية و ارث سياسي يمكن ان يشكل خطرا امنيا عليه اوما شابه لان جل ما يتعلق بالنائب عقاب صقر هو انتماءه لتيار المستقبل و ليس اي عمل او جريمة ارتكبها او اتهم بها مسبقا او اعتداء او تاريخ سياسي حافل او ارث او ثأر سياسي ادى به هو الاخير لمغادرة البلاد..
لذلك وقعت الاسئلة منذ بداية الازمة في سوريا اي منذ الغياب و لا يمكن تفسير مصادفة هذا الغياب او ربطه سوى بالازمة السورية
ذكر اسم صقر عدة مرات في وثائق علنية بصحف عالمية بينها غارديان و اندبندنت كشريك رئيسي في عدة قضايا حصرها هو بالمساعدات الانسانية بينما قالت المصادر تلك انها تعدت ذلك فدخل دور صقر صميم المعارك القائمة ميدانيا و لوجستيا كما و يؤكد مصدر روسي موثوق وجود وثائق سرية تملكها الاستخبارات الروسية   عن علاقات الحريري و صقر مع المعارضة المسلحة اضافة الى اعترافات حصل عليها احد الاحزاب اللبنانية و ما زال محتفظا الى حين قدوم الوقت المناسب للكلام عنها اعترافات اتت على لسان معارضين سوريين عملو كعملاء مزدوجين في خلال الازمة ..فاجتمعت الاسئلة بعد كل هذا على دور الحريري و صقر بالازمة في سوريا خصوصا ان بعض تصريحات عقاب صقر في الخارج كانت تؤكد غياب الحريري عن لبنان لما يتعلق بسوريا و هذا ما قاله صقر في احد افطارات بلجيكا الرمضانية في 24 – اب – 2011 اي ليس منذ مدة طويلة على اندلاع ازمة سوريا حيث قال صقر " بكل صراحة سعد الحريري غادر لبنان لأنه كانت هناك مؤامرة لزج لبنان في الموضوع السوري، فغادر منعًا لتحقيق ذلك ووأدًا للفتنة"
اذا كان ذلك صحيحا لماذا كان يزج اسم الحريري دائما في كل شاردة و اسم صقر من قبل معارضين و مسلحين سوريين لدى التحقيق معهم و في بعض الاحيان اعترافات المسلحين انفسهم و حديثهم لصحف غربية و بالكواليس لقاء الحصول على الاموال في سلسلة قصص و حكايات لازمة عرفت الكثير من الخيانات بين العباد و الاسياد ..
اتضحت الصورة و اتضح المشهد فلا يمكن لصقر التصرف دون الحريري و لا الحريري التصرف دون السعودية و لا السعودية التراجع و الانهزام عن تحقيق هدفها الرئيسي و هو اسقاط الاسد
لا يمكن لاحد الحلفاء ان يغرد خارج السرب لا يمكن للحريري ان يغرد خارج السرب السعودي هذا ليس عارا بين الحلفاء ولا مهانة و لا عيب فهذه هي السياسية و هذه هي الوجهة و هذا هو الهدف و الهدف يحتاج وسائل وعناصر و الحريري و صقر بينها لخدمة موقف سياسي هم مقتنعون به و هو رحيل الاسد فلا بأس !
طبيعي جدا ان يغادر الحريري لبنان و معه فريق يثق به اذا كان يريد ان يكون جزء من معادلة جديدة لا يوجد فيها االرئيس بشار الاسد و الفرصة كانت ملائمة و كانت تسمح لاسقاط انظمة بفورة عربية واسعة شوارع ثائرة فلم لا ؟
لا يمكن للحريري و فريقه العمل بحرية داخل لبنان او التدخل في المشاركة في شؤون سورية حساسة من داخل لبنان لان لبنان ساحة ضيقة للتنقل بحرية و هو ليس مساحة ملائمة لا للتنقل ولا للتواصل ففي بلد كهذا البلدالصغير كل شيءمكشوف و مفضوح في بلد مثل لبنان لا يمكن عقد اجتماعات مع المعارضين السوريين بحرية فمنهم من لا تسمح ظروفهم الامنية الحضور من جهة و من جهة اخرى مساحة السرية اضيق كما و الصحافة و العمل الاعلامي اوسع و الاستخبارات اكثر فكل شيء في لبنان مفضوح و معلوم لذلك يجب تشكيل فريق عمل خارجي للتركيز على الهدف الرئيس فليكن غيابا عن لبنان لبعض الوقت اذا كانت النتيجة سقوط الاسد و تسلم البلد " لبنان " لذلك غياب فريق العمل طبيعي .
طالت الازمة بما لم يكن يتوقع الحريري كخصم سياسي للاسد و كان لافتا انه في كل مرة كان يعد الحريري بالعودة كانت الامور في سوريا معقدة و كان فيها تقدم عسكري للمعارضة المسلحة و في مرات عديدة كانت دول العالم و "اصدقاء سوريا " تعطيه زخما و املا كبيرا في قرب القضاء على نظام الاسد دون نسيان تهديدات الولايات المتحدة بالحرب و غيرها . و حينها كانت التصريحات ان النهاية اقرب من اي وقت مضى ..
كل شيء تغير اليوم .. بعد ثلاث سنوات لا تستطيع المملكة العربية السعودية ان تنكر ان مشروعها السياسي في سوريا بات اصعب من اي وقت مضى لا بل اقترب من الفشل لان ما تغير كبير و كثير و لم يعد يتعلق بضخ اموال او مسلحين و لا هي باتت تؤمن بنجاعة الفكرة كخيار انتصار في ظل نفس ظروف الاسد الحالية و المواقف الدولية من حوله بل هو متعلق باتفاقات دولية و عناوين عريضة جديدة لا يمكن للسعودية ان تتجاهل انها اصبحت امرا واقعا رغم ما قد يصدر عنها من اعتراضات و المقصود ب اتفاقات اميريكية – روسية بخصوص ملفات المنطقة سيعيش الشرق الاوسط لفترة غير قريبة تداعياتها .. لهذا السبب الكل الى جنيف
يعرف الحريري ان كل ذلك يجري بالتاكيد "سيرحل الاسد يوما ما " جملة رددها و سيرددها الحريري و من معه دائما نحن نقول ايضا ان الاسد سيرحل يوما ما و حاكم امارة دبي ايضا قالها و الولايات المتحدة ستقولها لان ذلك طبيعي الاسد نفسه يعرف انه سيرحل يوما ما عن هذه الدنيا كما كل البشر و عن هذا الكرسي الذي يقول فيه انه لا يعنيه سوى من حرصه على سوريا حسب تعبيره ...
لكن هذه الجملة ستبقى العزاء الاخير ..
مر الشرق الاوسط بمرحلة الثورات ..ثورات اعترف اكثر من دعمها بفشلها عند حدود سوريا برنادر ليفي احد هؤلاء ..
وفي هذه الايام يقول ليفي " علينا الاعتراف بنصر الاسد "
لذلك لا يمكن النظر الى الحريري وحده هنا .. كلهم اعترفوا و هذه هي السياسة ..لكن المهم ان يقبلوا ..
الحكاية انتهت.. حكاية الحريري مع سوريا انتهت ..و عادت من جديد الى الوجهة الاولى حيث بدات.
يتوجه الحريري اليوم الى المحكمة الدولية حيث ستكون هي الوجهة الرئيسية من الان فصاعدا و هي المشروع و الهدف لان في كل مرحلة هناك عنوان عريض تتغير و تتموضع و تتحرك مع كل شيء يتبدل ...
سنرى حكاية المحكمة الدولية اكثر ما يشغل الحريري و ستتوجه الانظار تدريجيا الى داخل لبنان و سيتلاشى تدريجيا كل ما كان
حكاية الحريري مع حلفاء سوريا مستمرة تغير الباب فلا مانع من الانتقال الى الخطة "ب" لان على السياسي او كل زعيم ان يستمر ..
ربما يكون هناك امل في ان تستطيع هالة المحكمة الدولية المرسومة بالاذهان التخفيف من وطأة ما جرى دوليا لكنها الوجهة الجديدة للحريري
بالتاكيد نتائج المحكمة الدولية بدون وجود الرئيس الاسد او بضعف حلفائه   مختلفة عن وجوده بعد غياب الحديث عن المحكمة او خفوته عندما كانت حظوظ الاسد بالسقوط اكبر ..
لكن المحكمة الدولية تبقى بابا مهما لاستكمال الخصومة .
لكن بالاخر وليس بالضرورة لاستكمال الخصومة بل ربما لفتح ابواب المصالحة الم يحدث ان صالح الحريري ونام في سرير الاسد الذي كان يتوقع ان يعود للنوم فيه مكانه فلم لا يحلم بالعودة ضيفا من باب ما قاله على باب المحكمة ان المتهم يبقى بريئا حتى تثبت ادانته
انها السياسة مرة اخرى
انه الحريري مرة اخرى

» هل ستقترب عودة الحريري؟ ... روزانا رمال
» سقوط الاردن بدل سوريا !... بقلم روزانا رمال
» سوريا : حل سياسي لإكمال الحل العسكري لا لإيقافه - روزانا رمال -
» طائرة استطلاع فوق الضفة ! سوريا , ايران ام حزب الله ؟بقلم : روزانا رمال
» نهاية الامبراطورية - روزانا رمال