اسرار حضور الرئيس نجدا للقمة في مملكة آل سعود

أسرار حضور الرئيس نجاد للقمة في مملكة آل سعود

دام برس – متابعة : اياد الجاجة

طغت دعوة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القمة الإسلامية الطارئة في مكة الشهر الماضي، ومن ثم تلبيته تلك الدعوة، على كل ما أثير حول أبعاد هذا الاجتماع من ردود فعل، سواء كانت إيجابية مرحبة أو سلبية متشائمة. وبموازاة ذلك، تدفقت تحليلات كثيرة طالت «استثنائية» انعقاد القمة، زماناً ومكاناً وموضوعاً. السبب كان في الملف الأكثر سخونة، المدرج على جدول النقاش، موضوع الأزمة السورية، ولذلك كان بديـــهياً أن تحـــمل القمة الكثير من «الاجتهادات» قبيل انعقادها، لا سيما أنها تطــالب باتخاذ قرارات فورية تصل حدّ تجمــيد عضــوية ســوريا في المنــظمة.
يجلس، إذاً، زعماء ورؤساء وفود من 75 دولة إسلامية اليوم إلى طاولة البحث بعد مرور سبع سنوات على القمة الاستثنائية الأولى، في جعبة كل منهم ما يدليه بشأن ثلاثة ملفات رئيسية: الأزمة السورية بالدرجة الأولى، القضية الفلسطينية وملف مسلمي ميانمار الذين يتعرضون للمذابح. تضاف إليها الأوضاع في مالي والساحل الإفريقي، إلى جانب التشديد على أهمية إزالة المعوقات بين الدول الإسلامية.
الرئيس الإيراني سيكون نجم الحضور بلا منازع. وكانت طرحت موافقته على حضور قمة منظمة التعاون الإسلامي الكثير من التساؤلات حول أبعاد هذه الزيارة للسعودية، بعد انقطاع إيراني يعود لأكثر من 5 سنوات، وحول سر رغبة الملك السعودي في حضور الخصم الإيراني اللدود، على الساحة السورية تحديداً، لمناقشة حلّ الأزمة السورية! إلى جانب أسئلة كثيرة تبقى برسم الاجتماع الختامي للقمة، يوم غد، والتي تتضمن بشكل أساسي إمكان تسوية إيرانية – سعودية بشأن سوريا، في ظلّ التطورات السياسية والميدانية الأخيرة.
يستبعد كثيرون، ومنهم متابعون إيرانيون وسعوديون، أن تتمخض القمة عن حلول دبلوماسية للأزمة السورية، كما يرفضون أن يسبغوا على زيارة نجاد أهمية استثنائية، مكتفين بالقول إن كلا من القمة والدعوة طابعها بروتوكولي، وإن كان لا يمكن الانتقاص من الأهمية الرمزية للاثنتين. أما الأكثر تفاؤلاً منهم فيؤكد أن القمة ستخرج بحلول لكثير من قضايا المسلمين، باستثناء ما عُقدت من أجله، فالجميع يدرك أنها ستكون عاجزة عن اقتراح حلول سياسية أو عسكرية في سوريا.
السعودية دعت وإيران لبّت… لماذا؟
بداية، قد يفسّر السؤال عن سرّ الدعوة السعودية لإيران ما قد يعقبها، وفي هذا السياق يجيب الكاتب والأستاذ الجامعي الإيراني مسعود أسد الله «السفير» مؤكداً ضرورة عدم تحميل الدعوة أكثر مما تحتمل، فـ«إيران عضو مؤسس في القمة والمشاركة تكون طبيعية في هذا المجال»، موضحاً أن «محاور أخرى مطروحة على برنامج المؤتمر تشكل نقاط التقاء ومنها موضوعا القدس ومسلمي ميانمار».
النقطة ذاتها يشدّد عليها المتخصص في تاريخ إيران المعاصر وقضايا الشرق الأوسط في جامعة قطر محجوب الزويري لـ«السفير»قائلاً «لا بدّ من أن نميّز بين مسألتين. الأولى تخص السعودية فهي معنية بتأمين أكبر حضور ممكن، ولذلك فهي تحرص على المستوى العالي من التمثيل بغض النظر عن وجود خلاف مع إيران. أما الثانية فمن دون شك، هناك خلاف جوهري ليس سياسياً فحسب، بل استراتيجي ولوجستي. الطرفان منخرطان بكل ثقلهما في الصراع السوري. لذلك ما يعني السعودية هو أن تسمع إيران بشكل مباشر الانتقادات التي ستوجه لها في القمة، من الدول الأعضاء التي ستلومها، كما تفترض الرياض، على دعمها المجازر التي تحصل في سوريا. وهكذا تكون القمة ميداناً لإيصال الرسائل السياسية».
أضف إلى ما سبق، يمكن لوجود إيران أن يسمح للسعودية بـ«استعراض عضلاتها»، حيث سيحاول السعوديون أن يجذبوا انتباه الدول الإسلامية وأن يظهروا مدى قوة وثقل المملكة في العالم الإسلامي وقدرتها على كسب هذه الدول لمصلحة ما تريده على الساحة السورية.

أما في ما يخص التلبية الإيرانية للدعوة فهي نابعة كذلك من رغبة مشابهة – مناقضة، أي أن إيران بدورها تسعى لإيصال صوتها للدول الإسلامية عبر هذه القمة، كما يمكنها، وفقاً لمصادر ديبلوماسية إيرانية، أن تكون فرصة للقاء الرؤساء ومناقشة المسألة السورية.
في الخطاب الإيراني الرسمي، تحتل «الوحدة الإسلامية» مكانة أولية. وبما أن طهران تعتبر أن الهدف المعلن من الاجتماع هو توحيد صفوف المسلمين، وهي سعت مراراً في هذا الاتجاه، تصبح المشاركة ضرورة لا سيما أن نقاط الالتقاء في الشأن الإسلامي أكثر بكثير من نقاط التباعد.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر إيرانية رسمية لـ«السفير» أن القضية المركزية، مهما شهدت الساحة العربية من قضايا، ستبقى فلسطين. لذلك يصبح احتلال القضية الفلسطينية مساحة أساسية من جدول أعمال القمة دافعاً أساسياً للمشاركة. وهكذا، ينبغي ألا تكـــون الأزمة السورية سبباً لنسيان القضية الفلســطينية، مع العـــلم بأن الاثنتين تصبان في خانة واحدة: حرف الأنظار عنهما يعني إنقاذ لإسرائيل.
وفي سياق متصل، يشرح الباحث والكاتب حمزة الحسن، وهو معارض سعودي، لـ«السفير» سبب ما تملكه إيران من «حظوظ» في هذا السياق. ويقول «جاءت القمة الإسلامية لتوفر غطاء إسلاميا للتحول في سوريا. فعندما تقررت القمة كان هناك اعتقاد لدى السعوديين، ومن يدعمهم، أن هناك تحولا حاسما سيحصل على الأرض. غير أن ما جرى مؤخرا غيّر المناخ السياسي، لا سيما الخسائر التي تلقاها المعارضون كما ما لحق من تشوه بصورتهم (لم يعودوا ثوارا مقابل نظام بل تورطوا في ارتكابات غير مقبولة، والآن المشهد مختلف تماماً إذ لم يعد صراعا دوليا فحسب، بل تخريب متعمد أبعد الثورة عن المشهد)». ويوضح «نتيجة تغيير الصورة يبدو من الصعب أن توفر القمة الغطاء المطلوب الضاغط على النظام. وستكون لإيران فرصة إلقاء خطاب مؤثر».
من جهته، يعلّق الزويري قائلاً إن «إيران معنية بأن تحضر كي تسمع ماذا يحصل، وتوصل رسالتها». ويلفت كذلك إلى أن هناك سببا شخصياً في الزيارة، هو أن الرئيس الإيراني يحب أن يزور المدينة المنوّرة، فهو سيستغل القمة للذهــاب إلى المدينــة، علماً بأن ذلك البند مدرج ضمن أولويــات برنامجه.
هل تكسر القمة الجليد؟
ما سبق، إضافة إلى عودة سريعة إلى الملفات الشائكة العالقة بين السعودية وإيران من سوريا إلى شيعة السعودية والبحرين والعراق فلبنان، يترك مقداراً عاليا من التشاؤم بشأن نتائج إيجابية تحملها زيارة نجاد ومشاركته في القمة.
بداية، أظهرت السياسة السعودية مؤخراً أنها ليست في وارد الحوار أو النقاش، ولا يبدو الأمر كأنها تتجه للتسوية. لذلك، بحسب حمزة الحسن، لن تتخذ هذه القمة حلولا سياسية، ولا هي قادرة على الخروج بحلول عسكرية، وسيقتصر دورها على أن تكون ميداناً للجدل، معلقاً بالقول «لو كانت الزيارة ثنائية لتمت مقاربة الموضوع بشكل مختلف تماماً».
الزويري بدوره استبعد أن تكسر الزيارة الجليد الإيراني – السعودي، إذ سيكون الوفد الإيراني ضمن الوفود بشكل عادي. وهو يرى أن اتجاه الحل يأتي اليوم من أنقرة وواشنطن، والدليل على هذا الكلام ما يجري من حظر جوي بمساعدة أنقرة. ما يزيد الأمر سوءاً أن القوتين، الإيرانية والسعودية، منخرطتان بكل ثقلهما في الصراع الدائر. فضلاً عن ذلك فقد سعت إيران بقوة قبل انعقاد قمة مكة لعمل تكتل إقليمي يحول دون اتخاذ أي عقوبات ضد سوريا. وهنا إشارة إلى الجولة التي قام بها رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي على دوائر النفوذ الإيراني المباشر في المنطقة، لبنان وسوريا والعراق، والتصريحات التي رافقتها.
من هنا، تبقى الأمور محكومة بما ستخرج عنه القمة يوم غد من توصيات، وفي أحسن الأحوال قد تشكل القمة، بحسب المصادر الرسمية الإيرانية، تمهيداً لتسوية مقبلة مع السعودية تترك أثرها على مسار الصراع السوري.

السفير

» فلتسقط مملكة آل سعود!
» عن نشأة مملكة ابن سعود
» لقاءات في مملكة آل سعود لافشال جهود إيجاد حل سياسي للأزمة السورية
» مملكة آل سعود على موعد مع هجمات إرهابية صعبه
» "الغارديان": السلام الذي يسود مملكة آل سعود قد يكون وهمياً