كتب ناصر قنديل: علم الحرب و زمن النصر

الملخص

- منذ حرب تموز كان الوعد بان زمن الهزائم قد ولى
- هل غيرت حرب سوريا هذه المعادلة ؟
- كانت خلاصة النصر في تموز أن الجيوش تمثل أممها وأن تفوقها في الحرب صار ممكنا بموازنة تفوق النار بتفوق القدرة على تحمل بذل الدماء
- تعلم الغرب الدرس وجاء لحرب سوريا بمن يبذل الدماء عنه من الاخوان المسلمين والقاعدة وفي ظهرهم كل الإعلام وكل الفتاوى
- دارت الحرب وبان ان الثكلى ليست كالمستاجرة فالقوى الاسلامية عندما تقاتل لحساب الغرب واسرائيل تفقد اسلامها
- من يقاتل تحت لواء الديمقراطية في ظل لحى حكام الخليج يفقد تفوقه الاخلاقي
- من يمد يده للحوار ويحفظ نسيج الوحدة الوطنية يربح الحرب على من يتبع الذبح ونبش القبور واكل الاكباد
- معركة القصير قالت النهاية
- عندما تجتمع اميركا والقاعدة في ضفة واحدة يزيد العدد لكن المفعول ينطفئ فيخسرحرب العقول والقلوب والدليل ارتباك الداخل الغربي لتسليح المعارضة
- عندما يجتمع الاخوان واسرائيل في حرب واحدة يزيد العدد لكن التناقض يفجر الجبهتين والعبرة ما حل بحماس
- زمن النصر ومسالة وقت

النص كاملا :
علم الحرب و زمن النصر
- في ذكرى حرب تموز يمكن ان يكتب الكثير من الوجدانيات التي تليق بالمقاومين وقائدهم وشهدائهم لكنها لن تروي الغليل وتشفي العليل أمام الأسئلة الكبيرة ومحورها هل أن نصر المقاومة في تموز كما وعدنا سيد المقاومة هو بداية عهد لا هزائم فيه تحت شعار كما وعدتم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا وبالتالي بصورة أوضح هل ان ما جلبته وقائع الحرب على سوريا وفيها يمكن أن تقول أن جبهة الحلف الذي تقوده واشنطن وتشكل إسرائيل بوصلة المصالح فيه قد تمكنت اخيرا من إستيعاب الدروس العميقة لهزيمه حرب تموز وعدلت وصححت بخططها فأصابت مقتلا من حلف المقاومة ؟
- هذا السؤال ومناقشته هو خير ما يمكن أن نهديه للمقاومين في ذكرى الحرب وفي قلبه طبعا خلاصات قوانين الحرب من وحي الحقائق التي افرزتها مواجهات تموز و الإجابة عن اسئلة تتصل بمدى صدقية نبؤتنا أن نصر سوريا بمعناه الإستراتيجي قد بدأ مع تفاهمات كيري لافروف ونهاية المئة يوم للعد التنازلي التي أطلقناها من هذه الزاوية وبالتالي ما هي حقيقية ما نراه من معارك ولماذا هو كما أيام تموز العشرة الأخيرة محاولات يائسة لتعديل الموازين وكما حسمت الحرب العالمية الثانية إستراتيجيا في ستالينغراد حسمت حرب سوريا في القصير وكما بقي النصر معلق إعلانه في الحرب العالمية الثانية حتى إنزال النورماندي سيبقى نصر سوريا معلق إعلانه حتى الإنزال التاريخي الآتي قريبا في حلب ؟
- في علم الحرب والإستراتيجية كما يتعلمه قادة اركان الحروب في كليات الأركان العليا أستاذة كبار أهمهم ليدل هارت واندريه بوفر وأستاذ الأساتذة كتاب كلاوزفيتز فن الحرب و خلاصة قوانين النصر والهزيمة في الحروب رغم كل تعقيدات دراسة التكتيكات والإستراتيجيات وقوانين تطور السلاح ودوره في صناعة النصر كتعبير عن تقدم الامم المحاربة يبقى أن تفوق العدة والعدد والتنظيم هي محاور التفوق التي تصنع النصر في حروب نظامية تهدف لكسر دفاعات جغرافية أو حمايتها وأن البسالة والشجاعة والتضحية والروح المعنوية هي العناصر الحاسمة في ربح حروب العصابات حيث دخل العامل المعنوي كعامل حاسم في صناعة النصر والهزيمة بعدما كانت العناصر المادية وحدها ما يشكل اساس النصر والهزيمة
- في حرب تموز كنا أمام معادلة فريدة فالجيش الإسرائيلي لم يعد جيش إحتلال بعد إنسحاب العام 2000 والمقاومة كي تنتصر عليها أن تنجز احد امرين إما أن تقاتل كجيش نظامي يمنع جيشا نظاميا اكثر عدة وعددا وتنظيما من التقدم في الجغرافيا وتربح حربا خارج قانون الحرب وتصنع قانونا جديدأ أو تنكفئ وتترك المهاجم يصير إحتلالا فتربح عليه حرب العصابات كما ربحتها اول مرة وإلا إذا قرر المهاجم تنظيف مساحة من الجغرافيا والإنسحاب وحرم المقاومة من فرصة أن تكون مقاومة تنتهي الحرب بنصر جيش الإحتلال و عودة قوة الدرع وتأكيد إسترداداها والقدرة على التلويح بها كل مرة دون الوقوع في فخ العودة كجيش إحتلال
- كان خيار قيادة المقاومة خطة متكاملة تقوم على إعلان القتال كمقاومة وعدم تحمل مسؤولية حماية خطوط جغرافية دفاعية على الحدود والإستعداد عمليا لخوص هذه الحرب كجيش نظامي وتحدي قوانين الحرب لصياغة قانون حرب جديد وتحركت الخطة المبتكرة والعبقرية على ثلاثة عناصر اولها هو المفاجآت العسكرية القائمة على معادلات الإبهار و الدفع للإنهيار سواء في المجتمع او في الجيش قيادة وجنود و الثاني هو التمكين التقني التنظيمي والميداني والتسليحي والثالث هو القدرة على الثبات وتحمل الدماء سواء عبر تحويل الحرب على مساحة الزمن المتاح إلى حرب صمود بين مجتمعي الحرب المساندين للجيشين المتقابلين جيش العدو وجيش المقاومة ومحور الحرب هو سباق القدرة على تحمل بذل الدماء رغم الفارق الشاسع في القدرة على الدمار والقتل لكل من الجيشين او عبر قدرة جنود كل من الجيشين على تحمل صعوبات الحرب وضغوطها للبقاء على خط النار رغم تفاوت المخاطر التي يقدر جيش العدو على إلحاقها بالمرابطين الثابتين من المقاومين مقابل ما يمثله خطر ثبات جنود الإحتلال بوجه رجال المقاومة
- ربحت المقاومة الحرب لأنها اعدت لخطتها هذه عناصر النجاح فكانت مفاجأة تدمير البارجة ساعر في البحر بالتزامن مع إطلالة قائد المقاومة في واحدة من أقوى ضربات الحرب النفسية وكانت مجازر الدبابات في وادي الحجير وكانت ملحمة الإشتباك البري بين جيشين غير متكافئين لكن داخل المدن في إستدراج العدو إلى مدينة بنت جبيل كما كان للمقاومة تفوق تقني في كل مجالات المواجهة العالية التقنية من التضليل والتنصت والمخابرات كما كشفت إعترافات كبار ضباط الجيش الإسرائيلي عن حقائق جبل ميرون وقائد وحدة إيغوز كما تصنيع العبوات الدقيقة الإتقان وتقنيات إطلاق الصواريخ من الأنفاق والتحكم الإلكتروني وشبكات الإتصال السلكية المحصنة وسواها مما لا يتسع له المقال
- كان الثبات هو العنصر الجديد الذي أدخلته المقاومة على قانون الحرب في صناعة النصر بين جيشين نظامين رغم تفاوت القدرة النارية وتعويض الخلل بالإستناد إلى الروح المعنوية بين الجيشين والمجتمعين المساندين لكل منهما فكانت ملاحم مارون وعيتا وبنت جبيل كما كانت اسطورة الضاحية مقابل إنهيار الجبهة الداخلية من حيفا وما بعد حيفا وبعد بعد حيفا وصار المكافئ الجديد للقوة النارية في قانون الحرب الجديد القدرة على تحمل بذل الدماء وصارت فرضية جديدة في صناعة النصر عنوانها يمكن لجيش لا يملك قدرة النار الموازية لعدو أن ينتصر إذا تفوق عليه بالقدرة على تحمل بذل الدماء
- النصر والهزيمة لا تصنعهما القوة المطلقة أو الصافية للجيوش وهي العدة والعديد كي يقاس المنتصر بحجم الخسائر الأقل فغالبا ما نشهد أن المنتصر في الحروب الحديثة يخرج مثخن الجراح وخسائره اضعاف خسائر المهزوم فالنصر والهزيمة تصنعهما القيمة الإستراتيجية للجيوش التي تستند إلى القوة الصافية البشرية والتسليحية التي تعطي فرصة خوض حرب قادمة فالقيمة الإستراتيجية لكل جيش هي بمقدار ما يمنح بقوته صانع القرار فرصة إتخاذ قرار حرب ولا قيمة للجيوش التي تفقد هذه الميزة مهما كان عديدها وتسليحها كما هو حال جيوش الخليج مثلا وبعد كل حرب تتقرر النتيجة نصرا أو هزيمة بمقدار تنامي القدرة على إتخاذ قرار حرب او تراجعها وهكذا تكون أميركا هزمت في العراق وافغانستان لأنها صارت اقل قدرة على الذهاب لحرب جديدة و هكذا إسرائيل هزمت في لبنان وغزة
- درس الأميركيون والإسرائيليون جيدا هذه الحرب لكونها تحول إستراتيجي في مسار العالم وليس الشرق الأوسط فقط وقرروا أنهم كما قال موشي أرينز قد صاروا بعد العولمة شعوبا وجيوشا تريد نصرا بلا دماء وان خدعة حرب يوغوسلافيا في إمكانية ربح الحرب قبل أن تطأ أقدام الجنود الأرض قد ورطت الغرب كله ومعه إسرائيل بنظرية رامسفيلد ودان حالوتس بحروب ضحاياها صفر
- بعد سنوات التجارب بين خيارات التموضع مع نتائج الهزائم وسلوك خيارات التفاوض والتيقن من كلفة الهزيمة التي تلقي بظلها على كل تفاوض وموقعها الوجودي والبينوي صارت الإستارتيجية لحرب شاملة من نوع آخر يجب أن تصنع نصرا من نوع آخر وصارت ضرورة لا بد من المخاطرة بخوضها فكانت حرب الربيع العربي لإسقاط سوريا ضمن معادلة الصفقة مع الأخوان المسلمين في تركيا وقطر وتسليمهم على كتف الغضب الشعبي السلطة في مصر وشمال افريقيا مقابل إسقاط سوريا والرهان أن القدرة على بذل الدماء لدى الأخوان والقاعدة إذا إستدعى الأمر والتمترس وراء قيمة عالية التاثير مثل الحرية والديمقراطية في مقابل المقاومة و إستثمار كل الفائض المالي والتسليحي والمعنوي والإعلامي في هذه الحرب سوف تنتج النصر الموعود
- حاصل الردع وتوازناته لجهة الإنخراط المباشر للأميركي أو الأطلسي أو الإسرائيلي بدا واضحا في كل مسارات الحرب على سوريا فغياب تغطية مجلس الأمن لم يكن ذي قيمة في الذهاب بالإنفراد لحرب العراق وصار حجة لتبرير الهروب من التورط في حرب سوريا لأن حسابات المواجهة الشاملة عندما تكون إيران وسوريا والمقاومة في كفة وإسرائيل وأميركا والأطلسي في كفة مقابلة ستعود محكومة بمعادلات تموز في رسم نتائج الحرب
- حملت سنتي المواجهة على مساحة الوطن العربي والعالم الإسلامي و العالم حقيقة اساسية طالما إختارت واشنطن ان يكون مسرح الحرب هو المعنويات و هي أن من يملك القدرة على مواصلة السباق في التفوق الأخلاقي على مستوى العالم سيربح الحرب فقد شهدنا مجموعة مباريات معنوية على هذا الصعيد كان ابرزها قدرة نظام الرئيس بشار الأسد في التفوق على خصومه في مد يد الحوار والإستعداد للمنافسة الديمقراطية كما في صناعة الوفاق وأظهار بنية شعبية وعسكرية ضامنة لوحدة الكيان عكس خصومه وبدا متمسكا بمبدئيات الحرب على الإرهاب وهو يخوض اشرس الحروب فلم يستخدم جهاز مخابراته الدولي المنتشر لنشر الرعب والقنابل والمتفجرات والإغتيالات في الخليج وتركيا واوروبا واميركا
- اثبتت إيران أهليتها للتوافق مع مقتضيات التفاوض القانوني في ملفها النووي وتجديد شباب ديمقراطيتها الفتية والقوية وأظهر حزب الله شجاعته الأدبية والمصداقية في مشاركته في الحرب مع سوريا مع تمسك وترفع وتعال على كل منزلقات الفتنة
- بالمقابل ظهر إرتباك جبهة الخصوم من مجرد الجمع بين القاعدة وأميركا في جبهة واحدة وما يرتبه على الطرفين كما ظهر في حال حماس مثلا وفي الداخل التركي والمصري تداعيات جانبية خطيرة للحرب في فرط تجربة الأخوان المسلمين في مهدها بإستنهاض القوى الحية في المجتمعات بوجهها لتبديدها وتوريطها مقدرات البلاد في حرب ليست حربها وظهر الإزدواج في التعامل مع معيار الديمقراطية على كل قوى الحرب في التمييز بين ما يجري في سوريا وما يجري في البحرين رغم كل أسباب أن يكون العكس بينهما كما كانت فضيحة التناقض بين حرب شعارها الديمقراطية و قادتها حكام الخليج ومنابرها قنواتهم الفضائية
- من يتساءل عن فعل هذه العناصر نقول خسر الغرب وإسرائيل حربهم الجديدة داخل بلادهم و دليلنا كل ما رافق الحديث عن تسليح المعارضة ونقول لقد هزمت الفتنة كاداة للحرب بسقوط الأخوان المسلمين و نقول تفككت معنويات مقاتلي المعارضة في سوريا بوجه معنويات الجيش والمقاومة والمثال جاء في معركة القصير ساطعا رغم توازن خطوط الامداد والتسليح والقدرة للفريقين وشعورهما باهمية المعركة على السواء
- تقدم التفوق الأخلاقي كصانع للمعنويات بعدما كان مخفيا فلا يمكن لمن يمتنع عن الفتوى بالجهاد لاجل القدس ان يقنع ويستنهض المعنويات بفتواه للقتال في سوريا ومن لم يطلق رصاصة على اسرائيل لا صدقية لدعواه لاطلاق الرصاص على حزب الله مهما حشد من الحجج والمقولات والعصبيات
- هي حرب العقول والإرادات وإلا لماذا حشد لها الإعلام والفتاوى والعبرة في القدرة على حشد الرجال في الجبهات بمعنويات لا تهين وعزيمة لا تلين وها هي النتيجة واقياس البسيط هو أين صارت مكانة الجزيرة والقرضاوي في قلب العالمين العربي وافسلامي وبيضة القبان في صناعة الربيع العربي وهي مصر
- حرب تموز 2006 كنقطة فاصلة في مسار الحروب وقانونها لا تزال سارية المفعول وزمن النصر الذي إفتتحته لا زال مفتوحا وزمن الهزائم الذي ولى يستحيل أن يعود فالذين تقابلوا في حرب تموز هم انفسهم الذين يتقابلون في حرب سوريا وها هي النتيجة نفسها فلا يتغير شيئ عندما يتحول الاخوان المسلمون والقاعدة الى فصيل بديل في جيوش الاطلسي فيصبحون بمعنويات اطلسية ينتظرون المال والغطاء الجوي والصواريخ النوعية فالامم المتقابلة هي امة العرب و المسلمين في ضفة وامة الغرب و وولدها المدلل اسرائيل في ضفة مقابلة والجيوش هي خلاصة حضارة الامم وقد تقابلت نخب جيوش المسلمين ممثلة بحزب الله ونخبة جيوش الغرب وهي اسرائيل وكان النصر وها هما كتل البشر المجمعة للضفتين تتقابلان بقيمهما ومثلهما ومنطقيهما وتتواجهان مباشرة في سوريا والنتجية واحدة
- يقول ابن خلدون يبدأ افول الامم عندما يصبح شعار حروبها رد الاعتبار وهذه هو حال اسرائيل و تنهزم الجيوش عندما يصبح هدف حربها اعادة التوازن هذا ما قاله شارل ديغول ويفعله الاميركي اليوم
- هزيمة الحرب على سوريا محققة وما نعيشه هو زمن الانكار و الوقت اللازم للتاقلم مع النصر السوري منذ تفاهمات كيري لافروف ونهاية المئة يوم كما ستالينغراد كانت القصير بانتظار انزال حلب كما النورماندي
- زمن الهزائم قد ولى وزمن النصر تجلى

» النصر والعد التنازلي - ناصر قنديل
» كتب ناصر قنديل - هكذا صنع النصر
» كتب ناصر قنديل 14 - خطاب النصر
» كتب ناصر قنديل 25 - النصر الاكتروني
» 53- سيد معادلة النصر - ناصر قنديل