ملف مكافحة الإرهاب ينتقل من يد الناتو إلى اليد الروسية الصينية

ملف مكافحة الإرهاب ينتقل من يد الناتو إلى اليد الروسية الصينية
الجمعة , 7 حزيران 2013 - 22:57 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط

محمد السوري

لمحة عن ملف مكافحة الإرهاب

منذ11 أيلول الأسود عام 2001 م ومنطقتنا تعاني مما يسمى الإرهاب والحرب عليه من قبل جيوش الغرب ، أيلول الأسود الذي كان أسود على المسلمين أكثر مما كان اسوداً على الأمريكيين ، فبسبب هذه الحادثة وتحت ذريعتها قد سقطت عدد من بلدان المسلمين في الفوضى والدمار وحطمت قوات الناتو يداً بيد مع القاعدة مستقبل تلك البلدان لتغرق في مستنقعات من الجهل والعنف الدموي الذي لا ينتهي ، وسقوط تلك البلدان لم يكن كارثة عليها وحسب وإنما كان كارثة على كل البلدان المجاورة لها ، فلا يوجد دولة إسلامية ولم تطلها نار الديمقراطية والحرية التي كان يبشرنا بها جورج بوش الابن بابتسامته التي تبدوا وكانها تهزأ من مئات آلاف القتلى من الشيوخ والنساء والاطفال ورجال الأبرياء في العالم الإسلامي الذين سقطوا ضحية هذه الحرية والديمقراطية .

أكثر من عقد مضى على الحرب الناتوية على الإرهاب ولم تتوقف إلى اليوم ، فما تزال آلة القتل الامريكية تحصد الأرواح وتسفك الدماء لتمتزج دماء ضحاياها مع دماء ضحايا الأيادي التكفيرية في عملياتها وتفجيراتها الحاقدة العمياء ، والمحصلة ملايين الضحايا الأبرياء وعشرات منها من المصابين والبؤساء بعد ان تدمرت حياتهم في هذه الحروب العبثية ، وما تزال حروب الناتو على الإرهاب مستمرة حتى اللحظة وتلك الآلة حاصدة الأرواح التي تطير دون طيار وتقصف بدون عيون لا تنفك تحصد الأرواح في أفغانستان وباكستان وفي اليمن.

فضائح كثيرة تلحق بالولايات المتحدة والناتو من جرائم حروب وجرائم بحق الشعوب في ملف مكافحة الإرهاب ، وكره يتنامى اتجاههم في المجتمعات الإسلامية ، هذا الكره غالباً ما يتحول إلى حقد ليقع صاحبه فريسة للشيطان ويتحول إلى كائن شرير قاتل ، حتى ولو كان بشكل بشري ولكن لا يفرق شيء عن تلك الآلة العمياء التي تحصد الأرواح ، فيقوم بالتفجيرات والعمليات المدمرة التي لا تحصد حياة جنود أو دبلوماسيين للناتو وحسب وإنما تحصد أيضاً عشرات الأرواح لأبرياء لا ذنب لهم ، فلم نعد نستطيع ان نفرق بين هذا الكائن الشرير الحاقد الذي يقتل العشرات من الأبرياء ليستهدف شخص واحد أو بضعة أشخاص من الناتو وبين تلك الآلة العمياء التي تقتل العشرات من الأبرياء لتستهدف شخص واحد او بضعة أشخاص من القاعدة (!) .

كل هذا بالإضافة إلى إرهاق هذه الجيوش وتململ شعوبها من الحروب والخسائر المادية التي قدرتها جامعة “براون” في تقرير لها بـ 444 مليار دولار يجب أن يجعلها تفكر بوسيلة للخلاص من هذا الجحيم الذي صنعته هي ولم تعد تستطيع إخماد نيرانه التي تحترق بها المنطقة او السيطرة عليها.

أمريكا تفقد مصداقيتها في سوريا .. نظام عالمي جديد يتشكل

عادت الولايات المتحدة لاستثمار الإرهاب في سوريا لتحقيق مكاسب مادية وسياسية واستراتيجية كبرى بالنسبة لها -راجع مقالة (سر الاتفاق الروسي – الأمريكي .. كيف ستقسم الكعكة السورية ؟)- وهذا الفعل كصبِّ الزيت على النار ، مما جعلها مع حلفائها تفقد وزنها امام العالم في مصداقيتها حول جديتها في مكافحة الإرهاب ، وخاصة بعد الصمود السوري الذي سبب تكشف العديد من فصول تورط المخابرات الأمريكية في دعم القاعدة في سوريا مرة أخرى دون أخذ العبر من أفغانستان ، فبدأ الحديث من قبل روسيا والصين في مجلس الامن وخارجه بشكل جدي حول مصير ملف مكافحة الإرهاب ، ولكن الجانب الأمريكي بوجود “هيلاري كلنتون” في وزارة الخارجية كانت لا تعيره أي اهتمام وتصرفت بلا مبالاة امام الإطروحات الروسية ، اليوم وبعد أن استلم “أوباما” ولاية ثانية ورحلت “هيلاري كلنتون” ليستلم بدل عنها “جون كيري” برزت بعض الإيجابيات في مسألة التعاطي مع ملف مكافحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة ، وخاصة على لسان جون كيري في تصريحه أن الولايات المتحدة تأخرت عن المشاركة في حل سلمي للأزمة سوريا ، وبرزت معها مؤشرات هامة أن في ظل الصمود السوري وارتسام عالم جديد متعدد الأقطاب شكل حالة جديدة طرأت على العالم الذي اعتاد على السلطة المطلقة والإلهية للولايات المتحدة ، إلا أنه اليوم ومع بداية المأساة السورية استفاق على مرحلة جديدة من حياة العالم حيث هناك من يقول (لا) أمام الأمبراطور الأمريكي ، وهناك من رفع الفيتو بوجهه في مجلس الأمن.

انتقال ملف مكافحة الإرهاب من يد الناتو إلى اليد الروسية الصينية

من أبرز المؤشرات التي تظهر أن الروس والصينيين سياخذون دور في مكافحة الإرهاب في المنطقة نيابة عن الناتو والولايات المتحدة التي سيتراجع دورها فيه نظراً لكل ما ذكرنا سابقاً ويضاف إليه انشغالها بمحاولة احتواء التوسع الاقتصادي للعملاق الصيني والوقوف أمام تنامي قوته وخاصة بعد ما خسرته أمامه في الحرب السيبيرية:

1- باسكتان & أفغانستان : قوات الناتو تنسحب من أفغانستان على الرغم من استمرار وجود القاعدة فيها وفي باكستان فهناك من سيقوم بالتعويض عن ثقلها العسكري وهو الاتحاد الروسي.

2- العراق : قوات الناتو تنسحب من العراق وتترك مهمة مكافحة الإرهاب لقوات الجيش العراقي الذي بدأ يقترب أكثر إلى روسيا ودول أوربا الشرقية المنتمية للمعسكر الشرقي كالتشيك التي قام العراق بشراء طائرات منها مؤخراً حيث ستكون مصدر الدعم اللوجستي الجديد للجيش العراقي بدلاً عن الولايات المتحدة ومعسكرها الغربي.

3-سوريا : حيث تشكل مركز الجذب الأول لأصحاب الفكر الإرهابي والذي أحرقها بنار الفتن وجلب معه البؤس للشعب السوري وكل ذلك ببركات وتسهيلات أمريكية ، أيضاً الجيش العربي السوري ستوكل إليه مهمة مكافحة الإرهاب في سوريا بعد الوصول إلى اتفاق شامل للسلام في المنطقة.

4-روسيا والصين تتهيئان لهذه المهمة : حيث اعلن المتحدث باسم القيادة العسكرية المركزية الروسية ” ياروسلاف روششوبكين ” ان روسيا والصين ستجريان مناورات لمكافحة الارهاب فى منطقة “الأورال” الروسية في اول اسبوعين من شهر آب / أغسطس القادم من عام 2013 .

5- التصريحات الروسية توحي بذلك : فكما صرح “الكسندر لوكاشيفيتش” المتحدث باسم الخارجية الروسية أن ما يجري في القصير هو مكافحة للإرهاب ولذلك قامت روسيا بإحباط مشروع إدانة في مجلس الأمن لقوات الجيش العربي في القصير ، بمعنى أن الجيش العربي السوري يقوم بمهمة مكافحة الإرهاب بدعم روسي، وما صرح به رئيس روسيا الاتحادية “فلادمير بوتن” بعد تفجيرات بوسطن حيث دعا الولايات المتحدة إلى التعاون وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب ، بمعنى أن الرئيس الروسي يطلب من الولايات المتحدة تسليم ملف مكافحة الإرهاب في المنطقة المحيطة بروسيا إلى روسيا تعت عنوان التعاون في مكافحة الإرهاب وتوحيد الجهود .

إن قمنا بجمع المعلومات فيما سبق لنصل إلى نتيجة ، فإننا نصل إلى أن روسيا والصين ستأخذان دور الأبرز في العالم الجديد وخاصة في منطقتنا في ملف مكافحة الإرهاب ، وذلك بعد إنكفاء حلف الناتو عن هذا الملف في عدد من الدول الساخنة بحثاً عن الخلاص ، واتجاه الدول الأوربية وخاصة الشرقية منها إلى تعزيز التعاون مع روسيا في مجال مكافحة الإرهاب .

كيف ستتعاطى روسيا مع هذا الملف ؟

واضح أن روسيا لن تقع في اخطاء الناتو المميتة وتقوم بنشر قواعد وقوات لها في العالم ، وإنما ستقوم بتقوية ودعم الجيوش الوطنية للدول الحليفة لها لتقوم هي بالمهمة دفاعاً عن نفسها وعن كل المنطقة ، إن كان في باكستان وافغانستان بعد انسحاب الناتو أو في سوريا والعراق وذلك مقابل مكاسب مالية ، وبالتالي تكون قد تجنبت الوقوع بما وقع فيه الناتو و كسبت من الناحية الاقتصادية بدل الخسارة ، وهذا على عكس مبدأ الولايات المتحدة التي تتخذ علاقاتها السياسية مع بلدان الحليفة لها شكل الهيمنة عليها وعلى قرارها السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي وتعمد على نشر القوات العسكرية والقواعد لها في تلك البلدان ولا تقيمها على أساس الشراكة وإنما على أساس السيد والخادم ، فروسيا تنظر إلى مسألة احترام استقلال الدول وسيادتها على انها مسألة حساسة ولايجب العبث بها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ، ويجب التوقف عن معالجة المعضلات في العالم وفق معايير مزدوجة وهو الذي من شانه خلق الفوضى ، فالأجدر الحصول على المصالح بطرق الشراكة بالنسبة للروس على أن يتم كسبها عن طريق الهيمنة التي ستجلب معها كراهية الشعوب.

بالتأكيد إن هذا الأسلوب هو الأسلوب الأفضل لمكافحة الإرهاب ، وإن نجاح روسيا في سلب الغرب ملف مكافحة الإرهاب في عدد من الدول التي تشكل أمن قومي لها كسوريا والعراق وأفغانستان وباكستان ، سيسلبه أيضاً إمكانية تسخير هذه القوى لمواجهة روسيا كما يسخرها اليوم لمواجهة محور المقاومة ، وهو بالتأكيد سيكون مكسب استراتيجي هام جداً لروسيا على مستوى أمنها القومي .

كيف سينعكس ذلك على المنطقة ؟

بالنسبة لنا كبلدان تعاني من هذا الوباء فإن استلام روسيا لملف مكافحة الإرهاب في بلداننا أفضل بكثير من استلامه من قبل الولايات المتحدة التي صحيفتها تمتلئ بمئات الجرائم بحق شعوب كاملة فضلاً عن أفراد ، وطريقة التعامل الروسية مع هذا الملف هو الأنسب على الإطلاق والأنجع على الإطلاق ، فإن ذلك سيعري القوى التكفيرية في مناطقنا ، فهي غالباً ما كانت تتلطى خلف شعار مقاومة الاستعمار والغازي القادم من وراء البحار لكي يحارب المسلمين في ديارهم وفي دينهم ، ولكنهم بمواجهتهم لجيوش وطنية ستتكشف حقيقتهم وتتعرى ويفقدون الغطاء الشرعي الذي كان يغطي جرائمهم ، فبمجرد عدم وجود استعمار السؤال الأول الذي يطرح : من يحارب هؤلاء ؟ ، إنهم يحاربون أهل الأرض وأهل البلد فإنهم المعتدين ومن يخلقون الفتن ، وبذلك يتم تجريدهم من صفة المقاومة والشرعية الجهادية لتظهر الصورة الفتنوية التكفيرية لوجوههم الحقيقية ، وهذا مما سيقلص كثيراً من بيئاتهم وحاضناتهم الشعبية ، بالإضافة إلى أن أبناء البلد هم أكثر حرصاً على بلدهم من المستعمر ، وسيكونون اكثر صلابة وثبات في القتال من الجندي الغريب ، وهم سيكونون أصحاب القضية المحقة ، ومنه فإن مواجهة الإرهاب التكفيري بدعم وتقوية الجيوش الوطنية للدول التي يضربها هذا الإرهاب هو الأسلوب التي ستعمل عليه روسيا وهو الأسلوب الأكثر نجاحاً لمكافحة هذا الوباء الجاهلي المتلطي خلف شعارات الإسلام ظاهراً الكافر بها قلباً.

من هم الإرهابيين في سوريا ؟

أوضح الرئيس الروسي فلادمير بوتن من هو الإرهاب الذي يجب القضاء عليه وعل فكره الموبوء القاتل والدموي بالعبارة التي صرح بها بتاريخ 4/6/2013 م بخصوص الذين سيحضرون مؤتمر جنيف2 لإيجاد حل للأزمة السورية وهي “آمل ألا يحضر المؤتمر معارضون يأكلون أعضاء أعدائهم” في إشارة إلى مقطع الفيديو الذي تم بثه على اليوتيوب لاحد الثوار السوريين يقتلع قلب أحد الجنود وياكله .

فهذا الفكر الأصولي المتطرف الذي يقطع الرؤوس ويتوعد العلويين والشيعة والمسيحيين والسنة ممن يدافع عنهم او يعارض حكمهم بالذبح والتنكيل ، هذا الفكر التكفيري الإجرامي وحامليه هو الإرهاب في سوريا.

» البيان الختامي للقمة الروسية الصينية .....
» ظريف يدعو من دمشق الى مكافحة الإرهاب
» الأسد: مكافحة الإرهاب عبر الضغط على مموليه
» تركيا تدفع ضريبة تحفظها على مكافحة الإرهاب الدولي
» هل تريدون مكافحة الإرهاب؟ بكلّ تواضع... تعلّموا في مدرسة دمشق!