ارتباك غربي ام مناورة أخيرة ؟ - غالب قنديل

ارتباك غربي ام مناورة أخيرة ؟ - غالب قنديل

بينما كان لوران فابيوس يردد نغمة السعي المسعور لتعديل التوازنات على الأرض السورية بينما زميله البريطاني يؤكد تصميم حكومة صاحبة الجلالة على تنظيم المزيد من عمليات تسليح المعارضات السورية التي تجتاحها حمى قاعدية عالية التوتر طلع جون كيري و في رأسه طنين المكالمات الأخيرة مع زميله الروسي سيرغي لافروف ليعلن ان الهدف المنشود لجميع المساعي في سورية هو جلوس الرئيس بشار الأسد ( او من يمثله بالطبع ) على طاولة التفاوض مع المعارضة و لا يمكن لعاقل هنا ان يتجاهل حقيقة دور الكومبارس الفرنسي و البريطاني و التركي و الخليجي الذي يحركه السيد الأميركي في كل شيء يتصل بالحرب العالمية على سورية فالأميركي هو المخطط و المدبر المطلق في رسم الأدوار و الوظائف و الأحجام !

أولا جميع المؤشرات الميدانية تفيد بأن آلة العدوان على سورية بقيادة الولايات المتحدة ماضية في عملها المعتاد منذ اندلاع الأحداث و يتولى ضباط أميركيون في تركيا و الأردن و العر اق و لبنان تنظيم تهريب الأسلحة و الإرهابيين و الأموال إلى العصابات الإرهابية متعددة الجنسيات على الأرض السورية و يشرف ضباط اميركيون على غرف التخطيط العسكري و المخابراتي و الإعلامي لجميع فصول العدوان على سورية و هم يسيرون جوقة الحكومات المتورطة من اوروبا إلى الخليج مرورا بتركيا و يجري كل ذلك منذ تفاهمات جنيف على الرغم من التسليم النظري الأميركي بما نطق به جون كيري يوم امس بعد طول تلعثم أي ان المطلوب في سورية هو وقف العنف و إجراء تفاوض سياسي بين الدولة الوطنية برئاسة القائد الأسد من جهة و المعارضات السورية التي تستجيب للحل السياسي من جهة ثانية و هو ما يواكب تجدد الخلافات في واجهة المعارضات التابعة للغرب المسماة بالائتلاف لأن تنظيم الأخوان المسلمين ما يزال مع تركيا و قطر و السعودية في ضفة الرهان على التصعيد العسكري لتغيير المعادلات و الشروط السياسية و بتغطية أميركية بعد اضطرار الولايات المتحدة للتسليم بسقوط مطلبي التنحي و التعهد بعدم الترشح عام 2014 و جاء ذلك نتيجة صمود سورية و جيشها و رئيسها .

ثانيا الرهان على محاولة تعديل التوازنات لتغيير شروط التفاوض ليس وهما فرنسيا بريطانيا فقط بل هو وهم اميركي أولا و أخيرا و قد باع كيري في جولته للحكومات الخليجية المتورطة هامشا من الزمن قبل أن تضطر إدارة أوباما إلى تكريس الموافقة الأميركية على الطلب الروسي السوري المتمثل بتطبيق آلية وقف العنف و بدء التفاوض لأن مباشرة التطبيق حين تنطلق ستفرض تدابير و قيودا صارمة تحت الرقابة الأممية على جميع خطوط نقل السلاح و المسلحين إلى سورية التي يتواجد فيها عشرات آلاف الإرهابيين من عشرات الجنسيات بما فيها الأميركية ممن يقاتلون في صفوف القاعدة و الميليشيات الإرهابية الأخرى و لأن اختبار المحاولة الافتراضية بات وشيكا و ربما بمشاركة إسرائيلية مباشرة او غير مباشرة فقد اختارت واشنطن ان تحتاط للفشل الذي يتكرر منذ عامين من خلال إحياء التعهد الأميركي المتعلق بالحل السياسي دون ترجمة ذلك عمليا قبل اختبار الوهم الذي صرح به فابيوس ربيب واشنطن و الدور الأميركي في التحشيد الجاري لقوى الإرهاب على الأرض و في التجهيز و التخطيط للعمليات العسكرية يفيد بأن الولايات المتحدة هي من يقود اختبار القدرة على تعديل التوازن و الحصاد السياسي المعول عليه من قبل حلف العدوان هو التراجع عن شروط التسوية التي قبلها الأميركيون و إن فشلت المحاولة يكون الأميركيون قد أعلنوا مسبقا استعدادهم للمضي فيها و لذلك لا بد و ان ياتي الرد بعد إفشال المحاولة الجديدة بتدفيع الأميركي ثمنا سياسيا اكبر في التفاوض اللاحق.

ثالثا المشكلة التي تواجه البعض في فهم المناورات الأميركية هي انهم يتعاملون مع التعبيرات السياسية الظاهرة دون النظر في حركة الوقائع كفاية للتعرف على المعطيات الصلبة فلا يمكن ان تفهم سياسة الإمبراطورية و توجهاتها من التصريحات و الخطب وحدها و المشكلة الأخطر هي استمرار النفس الدفاعي و الانتظاري في التعامل مع أفق التسوية الروسية الأميركية بينما يبدو نظريا و في ضوء دروس التجربة ان إفهام الولايات المتحدة بأفعال و رسائل واقعية بأن كلفة الانقلاب على التسوية ستكون كبيرة و بأن حلف القوى العالمية المناهضة للهيمنة يملك من ادوات وأوراق القوة ما يكفي لتسديد ضربات سياسية و اقتصادية و عسكرية إذا اقتضى الأمر خارج مسرح العمليات السوري بدءا من إسرائيل و تركيا و انتهاءا بالخليج !

حين قال الرئيس بوتين إن الصراع الدائر في سورية سيرسم وجها جديدا للعالم وسيبلور العلاقات و التوازنات الدولية فهو عبر عن جوهر تلك الحرب الكونية الدائرة و عن حقيقة ما انتجه صمود سورية دولة و جيشا و شعبا و قائدا في وجه أشرس عدوان استعماري شهده العالم المعاصر و بهذه الأهمية ينبغي قلب الصورة بحيث تستخدم القوى الدولية الحرة أدواتها الفاعلة لتفرض الرضوخ على الأميركيين و لتحرق امامهم هوامش المناورة اما الميدان السوري ففيه شعب مقاوم و جيش عظيم و قائد حر شجاع و لا خوف عليه أبدا فهو سوف يثبت عقم المراهنات الخرقاء التي تشغل المخططين في الغرب الاستعماري بدءا من الولايات المتحدة و وزير خارجيتها المنافق.

» ارتباك 14 آذار – كتب ناصر قنديل
» قنديل : الدفع بالقـاعدة إلى سوريا ورقـة أخيرة لجـأت إليها الولايـات المتـحدة
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل
» من ظلم الرئيس عمر كرامي ؟ - غالب قنديل
» خطة أردوغان المكشوفة...غالب قنديل