خلع القناع بدلا من سترته – غالب قنديل

خلع القناع بدلا من سترته – غالب قنديل
خطاب الرئيس سعد الحريري يوم أمس جاء نموذجيا في الكشف الكامل عن حقيقة الورطة التي ذهب إليها في خياراته السياسية و عجزه الكامل عن النجاة بزعامته و تياره السياسي من مستنقع موحل فيه تكفير و إرهاب و دماء و حرائق .
اولا لا مصداقية لأي شكوى و انتقاد في خطاب الحريري بشأن أحوال البلاد و الأداء الحكومي و هو الذي تسلم السلطة الكاملة على الحكم لسنوات و رسم سياساته المالية و الاقتصادية و تحكم بها شخصيا بحقه الوراثي بعد اغتيال والده الذي حكم لبنان منذ عام 1992 و صاغ جميع معادلات و سياسات النظام اللبناني الداخلية من قوانين الانتخاب إلى فوائد سندات الخزينة التي استعملت في توزيع الرشى السياسية و حماية الفساد و بالتالي فكل ما يعيشه لبنان هو تراكم صنعته الحريرية و ليبراليتها المتوحشة و بغلافها الإعلاني نظرية سويسرا الشرق التي كانت محور احتفال البيال أمس ، البديل القسري للمهرجان الشعبي الكبير في ساحة الشهداء بنتيجة الانفضاض الجماهيري و العزوف عن تلبية الدعوات و بعد تقلص المخصصات المالية الممكنة أيضا .
بغض النظر عن جميع عيوب الحكومة الحالية و عوراتها الكثيرة لكن رئيسها يستطيع التذرع بتركة الحريرية التي شارك شخصيا في حكوماتها غير مرة بينما ذلك لا يحق لوريث الحريرية و زعيمها الحالي الذي يكفيه فخرا ان يكون فؤاد السنيورة هو المرجعية الاقتصادية و المالية العليا في فريقه السياسي و بالفعل فإن إبراء هذا الفريق من آثام الفوضى و الهدر و مخالفة القوانين هو أمر مستحيل بفعل الخيارات و ليس فقط نتيجة الحسابات التي كشفتها القيود الموجودة و المفقودة .
ثانيا حاول الرئيس سعد الحريري خلال الفترة الأخيرة ان يلوح بمعادلة اتقنها الوالد الراحل عندما كان في السلطة و ذلك من خلال القول إن تيار المستقبل هو ممثل الاعتدال السياسي في طائفة كبرى و ان بديله هو التطرف و التكفير الإرهابي و قد أجرى الشيخ سعد اتصالات مباشرة و أرسل رسائل بألف وسيلة تقوم على إحياء هذه الفرضية و لذلك كان متوترا جدا في التشديد على عبارة التيار الديمقراطي المدني لكن من صاغ الخطاب لم يلتفت إلى ان مضمونه المحوري كان التحريض المذهبي و الطائفي و انه خطاب حرب لا علاقة له بالديمقراطية و المدنية و جميع مفرداته مستعارة من خطب التكفيريين و المتطرفين الذين تزعم الرواية ان الحريري هو بديلهم المعتدل مع التشديد ان في الطائفة ذاتها زعامات و قامات وطنية كبرى تعارض الحريرية و مشروعها و تقاوم التكفير الذي تربت جماعاته المتضخمة في حضن الحريرية و بأموالها بينما أفواج طرابلس و بيروت و صيدا و البقاع التابعة للحريري شخصيا و العديد من نواب و رموز المستقبل هم جزء لا يتجزأ من النسيج التكفيري المتطرف في لبنان و معهم قوة مستجلبة تضم مسلحين سوريين و فلسطينيين يحظون بالرعاية و الحماية في كنف المستقبل من سجن رومية إلى طرابلس و عكار و عرسال مرورا بمخيم عين الحلوة !
ثالثا ظهر سعد الحريري بخطابه التحريضي الفتنوي هذه المرة و قد خلع قناعه بدلا من سترته و المشكلة ان الشيخ سعد بدا منفصلا عن الواقع كليا بما يتعلق بلبنان و سورية فلو تضمن خطابه على سبيل المثال إعلان حل أفواج ميليشيات المستقبل و رفع الغطاء عن الجماعات الإرهابية التي يحميها حزبه لربما كان أقدر على تبرير ما تفوه به ضد حزب الله الذي لا يستطيع لا الحريري و لا رعاته في الولايات المتحدة و المملكة السعودية ان ينزعوا عنه صفة المقاومة التي ألحقت الهزيمة بإسرائيل حين راهن عليها الحريري و جميع شركائه في 14 آذار بمن فيهم وليد جنبلاط و قد عملوا ليل نهار لتمكينها من أهدافها و ينبغي التذكير بفصول الحرب و التصريحات النارية ضد المقاومة عندما لبى الحريري إشارة زعيم الاعتدال المعادي للمقاومة حسني مبارك عن المغامرة غير المحسوبة ( هذا قبل ان تزحف ثورة فارس سعيد إلى ميدان التحرير ) و كرر الحريري التعابير العدائية التي وردت في بيان مجلس الوزراء السعودي و اتخذ التدابير و الإجراءات العملية التي تستجيب لتعليمات مجموعة شرم الشيخ المخابراتية الداعمة للعدوان الصهيوني و التي قادها إليوت آبرامز بينما كانت القيادة السياسية و الإعلامية من نصيب جيفري فيلتمان و يذكر للشيخ سعد انه صلب و عقائدي فهو حتى اليوم ينكر انتصار المقاومة و هزيمة إسرائيل أمامها على الرغم من اقتناع البنتاغون بتفوق المقاومة و من كون إسرائيل التي ما تزال غارقة في فجيعة الخسارة أمام حزب الله .
رابعا تصميم الحريري على نغمة إسقاط الرئيس الأسد يظهر غربته الكلية عن التطورات الجارية على الأرض و تصميمه على تكرار ما وعده به بندر بن سلطان و جيفري فيلتمان غير مرة و يبدو انه لم يتبلغ قرار وزير الخارجية الأميركية بالسعي للقاء الرئيس الأسد و زيارة دمشق و يبدو ان الحريري لا علم له بتصريحات الوزير جون كيري بعد لقائه بسعود الفيصل و التي شدد فيها على خيار الحوار بين الدولة الوطنية السورية برئاسة الأسد و قوى المعارضة و لم يسمع الحريري في اغلب الظن بالكلام الأميركي المتكرر عن خطورة الجماعات الإرهابية و التكفيرية التي شارك هو في حشدها إلى سورية شخصيا و هي اليافطة التي نصبها الأميركيون لتغطية كوعهم الكبير بشأن سورية .
الحصيلة : انفصال عن الواقع و تشبث بالوهم في حالة انفصامية تفضحها محاولة الجمع بين التهديد و الفتنة و تلبس الديمقراطية المدنية الناعمة الملمس و اليد الممدودة التي أعقبها الحريري فورا من خارج النص بتهديده الصريح : الله يعينهم بس إرجع !
خطاب ميليشيوي فتنوي صاحبه واهم و غارق في ورطة لا يملك الرجوع عنها، خطاب مر في نصه اسم حزب الله عشرات المرات بعدائية شديدة و لم يرد فيه ذكر إسرائيل التي يحق لها اعتباره هدية ثمينة.

» الهزيمة المحتومة- غالب قنديل
» مسقط بدلا من الطائف و الدوحة- ناصر قنديل
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل
» حزب الحرب الأهلية – غالب قنديل
» من وهم الإسقاط إلى خطة الاستنزاف – غالب قنديل