حلب .. من عاصمة الاقتصاد إلى الحطب

حلب .. من عاصمة الاقتصاد إلى الحطب

لا زالت عاصمة سوريا الاقتصادية ترزح تحت وطأة أزمات متعاقبة، فما أن تخف حدة إحداها حتى تشتد التالية، ابتداء من الخبز و الكهرباء، مروراً بالمحروقات و انتهاء بالمواد الغذائية، على الرغم من التصريحات الرسمية الواعدة باقتراب الحل، والتي لم تغن و لم تسمن من جوع.

و مع توالي التصريحات حول انحسار أزمة الخبز، فإن الأسعار التي وصلت إليها "الربطة" الواحدة لا تدل على ذلك، و يترواح سعر ربطة الخبر العادي ( المدعوم - 7 أرغفة ) بين الـ 125 و 175 ليرة سورية، في حين وصل سعر ربطة الخبز السياحي ( شمسين ) إلى 200 ليرة سورية.

و تتراوح مدة الوقوف على الأفران للحصول على ربطة خبز بسعرها النظامي، بين الـ 6 و الـ 10 ساعات، في حين يلجأ البعض للذهاب إلى مركز أفران شمسين ( مع الوقوف في طابور طويل أيضاً ) للحصول على الربطة بسعرها "النظامي" 80 ليرة سورية.

ومع استمرار توقف العديد من الأفران بسبب أزمة الطحين و الكهرباء و المازوت، انتشر في الأسواق الشعبية للمناطق التي تحتضن العدد الأكبر من النازحين ( الفرقان - حلب الجديدة - الحمدانية - الأشرفية - الشيخ مقصود )، عدد لا بأس به من بائعي " خبز الصاج "، و يتراوح سعر الرغيف الواحد بين الـ 10 و الـ 15 ليرة سورية، و لم يشكل "خبز الصاج" البديل الأمثل للخبز العادي، كون فرق الأسعار بين النوعين متقارب إضافة إلى أن "خبز الصاج" بلا بركة على حد تعبير البعض.

من جهة أخرى، لجأ العديد من المواطنين إلى " الخبز المنزلي "، الذي أصبح الطريقة الأوفر على الرغم من ارتفاع أسعار الطحين و ندرة وجوده بكميات كبيرة، و يترواح سعر كيلو الطحين في حلب حالياً بين الـ 80 و الـ 100 ليرة سورية، و يكفي الكيلو غرام الواحد من الطحين لصنع 20 إلى 25 رغيفاً، لتتراوح كلفة الرغيف الواحد بين 5 إلى 7 ليرات سورية، وبالتالي هو الأرخص ثمناً بين نظرائه العادي و السياحي و الصاج.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وصفة اعتبرت " الأفضل " لتحضير الخبز المنزلي، و فيما يلي مقاديرها و طريقة تحضيرها : كيلوغرام من الطحين و أربع ملاعق صغيرة ملح وأربع ملاعق صغيرة خميرة بودرة وملعقتين صغيرتين سكر وملعقة زيت نباتي كبيرة و كأسين من الماء الفاتر.

طريقة التحضير : تضاف الخميرة و السكر إلى كأس ماء فاتر و تترك لمدة نصف ساعة حتى تظهر الرغوة أعلاها، ويخلط الملح و الطحين ويصب عليه كأس الماء وفيه الخميرة ثم يضاف إليه كأس الماء الفاتر بدون الخميرة و ملعقة الزيت، تعجن المقادير جيداً إلى أن يصل العجين إلى مرحلة يدس فيه الأصبع فلا يعلق به شيئاً.

ومن ثم يغطى العجين بقطعة قماش و يلف بكيس نايلون و يترك لمدة ثلاث ساعات، ثم يعاد دعك العجين مرة اخرى و يترك لمدة ساعة (يمكن الاحتفاظ بقطعة من هذا العجين بعد غمره بالطحين ليكون خميرة تضاف إلى عجنة الغد و بذلك نوفر ثمن الخميرة)، تقطع العجينة و ترق على شكل أرغفة و توضع في الفرن أو على المقلاة أو على الصاج.

ومن الخبز إلى الكهرباء، فإن حلب لازالت "مظلمة" ليلاً نهاراً، على الرغم من الوعود المتعلقة بتوزيع ما يمكن توزيعه من " الساعات الكهربائية " بالتساوي على كل المناطق ( 4 ساعات يومياً لكل منطقة )، إلى حين الانتهاء من الإصلاحات اللازمة لخطوط التغذية الرئيسية في حلب.

ولازال انقطاع الكهرباء في بعض المناطق يصل إلى ثلاثة أيام متتالية (وربما أكثر)، وذلك في أجزاء كبيرة من حلب الجديدة والحمدانية والفرقان والأشرفية والشيخ مقصود، و هي المناطق التي تحتوي على العدد الأكبر من النازحين، ومع هذا الانقطاع الطويل، فإن عودة التيار إلى هذه المناطق لا تتجاوز مدتها الـ 3 أو 4 ساعات، وفي مناطق أخرى كالزهراء وشارع النيل والمحافظة والسبيل، فإن الكهرباء متوفرة لمدة تتراوح بين الـ 3 و الـ 10 ساعات يومياً.

وفي ظل "الأزمة الكهربائية" التي مضى على بدايتها حوالي الـ 20 يوماً، قال مواطنون لتلفزيون الخبر إنهم يعتبرونها أقسى وأصعب من أزمة الخبز، كونها شلت حركة العديد من المهن التي تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي، بالإضافة إلى أنها كانت البديل الأول و الأساسي للتدفئة.

ومع استمرار ظلام الأزمة بالتخييم على حلب، ظهرت بدائل "ضوئية" عديدة كان أبرزها الشرائط الضوئية (اللدات) التي تعمل من خلال وصلها بالمأخذ الخاص بخط الهاتف الأرضي، و يترواح سعر الشريط (12 لد) بين الـ 150 و الـ200 ليرة سورية، بالإضافة لابتكارات مشابهة للشمع تعتمد على الشرائط القطنية المبللة بالزيت و البطاطا المجوفة المملؤة بالزيت و المزودة بفتيل للإشعال.

كما رافق استمرار أزمة الكهرباء، ارتفاع كبير بأسعار " المولدات الكهربائية "، ليصل سعر المولدة ( 3500 شمعة ) إلى 36000 ليرة سورية، علماً أن سعرها قبل الأزمة الكهرباء كان يتراوح بين الـ 20 و الـ 25 ألف ليرة سورية.

كما استمرت أسعار المحروقات ( غاز - بنزين - مازوت ) بالارتفاع نسبياً، فتراوح سعر جرة الغاز بين الـ 4000 و الـ 5000 ليرة سورية، في الوقت الذي يتراوح فيه سعر البنزين بين الـ 160 و الـ 200 ليرة سورية، و تتناسب هذه الأسعار عكساً مع عدد الساعات التي تدخل فيها الكهرباء بيوت ومحلات حلب.

ويتراوح سعر المازوت بين الـ 170 و الـ 200 ليرة سورية مع صعوبة الحصول عليه مقارنة بالبنزين، و ظهر في أسواق حلب مؤخراً ما يسمى " المازوت الأسود " ( الفيول )، و يترواح سعر الليتر الواحد بين الـ 70 و الـ 90 ليرة، ويستخدم هذا النوع للتدفئة فقط، ولا يمكن استخدامه للمحركات أو السيارات.

كما انتشر في أسواق حلب بائعو الحطب و مدافئ الحطب، ويتراوح سعر الكيلو غرام الواحد من الحطب بين 25 و 35 ليرة سورية، في حين يتراوح سعر مدفأة الحطب بين الـ 2500 و الـ 3500 ليرة سورية.

وتعاني أشجار المدينة من ظاهرة الاحتطاب العشوائي، و يظهر جلياً جهل الناس بالحطب و الاحتطاب كون البعض يقوم بقطع أي شجرة تصل يده إليها، علماً أن الأشجار الفتية و الخضراء ( الرطبة ) لا يمكن استخدمها كحطب للتدفئة أو الحرق.

وفي ظاهرة جديدة لجأ إليها أهالي حلب مع ندرة المحروقات و غلائها، بات " البلاستيك " بديلاً أساسياً عن المازوت في تشغيل الحمامات المنزلية، وقال العديد من المواطنين لتلفزيون الخبر إن 3 فوارغ بلاستيكية ( كولا لترين وربع ) بالإضافة إلى "سطل لبن بلاستيكي " ( عدد 2 ) كافية لجعل الحمام " يغلي "، والأمر لا يحتاج إلا لقطرات من المازوت عند الإشعال الأول، ومن ثم إضافة البلاستيك !.

» وزير الاقتصاد السوري يطلب من المعنيين في وزارته رفع كفاءة الاقتصاد الوطني بالتركيز على زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية
» الجيش السوري يتصدى لهجوم مسلح على ساحة الحطب بمنطقة الجديدة بحلب القديمة
» شبح «داعش» يظلل عاصمة الإسماعيليين
» معركة الفصل في «عاصمة القلمون»
» «ولاية الرقّة»: أهلاً بكم في عاصمة «داعش»