دام برس – اياد الجاجة :
قبل أن ينتهي عام 2012 جلست مع صديقي المواطن سوري علني أجد لديه معلومة جديدة تساعدني في معرفة أسرار الصمود للشعب السوري وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث سألته برأيك يا صديقي ما هو سر صمود الشعب السوري أمام هذه الحرب الكونية فأجابني وبشكل مباشر.
قدر سوريا أنها تعشق الأرجوان فبعد أن وقع هرقل في حب تيروس السورية رأت تلك الحورية اللون الأرجواني على فم كلبها الذي أكل أصداف البحر فما كان منها إلا أن طلبت من هرقل ثوبا أرجوانيا وإلا ستصده عن حبها ولا زال الغنج السوري يعشق الأرجوان ويطلبه مقابلا للحب الذي تمنحه تلك الأرض ولا زالت زوايا العالم تتعلم من هذه الأرض السورية معنى الحب ومن السوريين معنى الثوب الأرجواني الذي يتقدم به الجنود يوميا لمعشوقتهم سوريا في مقابل حبها لهم.
وان حاملي الأرجوان لا يهمهم الكيانات من ورثة الليدي جين غراي التي تربعت على عرش انكلترا لتسعة أيام فقط وصارت تعرف بملكة الأيام التسعة ومن بعدها سقط التاج عن رأسها بالإعدام.
قدر سوريا أنها تعي أن ما من رائحة تتفوق على رائحة التراب وتعي أنه ما من سلام وإنما هناك ما يفصل بين حربين وقدرها جهل أعدائها بأن الجياد تستطيع النوم واقفة ومهما كثر أحفاد تيمورلنك من السارقين والناهبين لم يبقى من آثارهم إلا ما احتفظت به الأوراق من قصص همجيتهم.
هناك على مفارق معتمة وقارسة يقبع فرسان يتمنى التاريخ لو امتلك حذاء واحد منهم ليضعها على الكرسي الفارغ في طاولة الملك آرثر.
فكل إرهابي يتم شطبه من عالم الأحياء هناك مسافة تفصله عن فوهة بندقية الرجال مملوءة بالترقب والحذر والخطر والبرد والجوع وكل ذلك بصمت فقير حتى للبوح به.
ترتفع الأرقام ويتمدد الجنود على التراب معلنين سقوط المئات فما عادت الأرقام الفرادى وذات الخانتين ترضي جموح ذلك البخار الذي يخرج مع أنفاسهم اللاهثة في هذه الليالي القارسة و ما عادت المدن السورية ترتضي أن تنتصر لأنها منسية من حسابات الإرهاب بل لأنها تملك الكأس المقدس المليء بالكرامة الذي يجعلها عصية على الموت.
فما أن يتقدم منها حملة السكاكين لتقدم لهم موتا لا يأبه بالسواد الذي يملأ رؤوسهم وما حدث بالسويداء ليس إلا كرقصة شعبية اعتاد عليها السوريون فما إن تجرأ الإرهاب على الاقتراب حتى نكأت المدينة جرحا بمقدمة رأسه عنوانه ما يزيد على المائتين وسبعين قتيلا.
بينما حلب تعتصر البقايا ضمن أسوار من الجنود تتقدم أحذيتهم على أجساد الآلاف من القتلى في المدينة والريف وما حدث في السفيرة كان عبارة عن جرعة مضاعفة كانت بمثابة الكي لأعداد هائلة من تجار الدم.
أما الوعيد فلم ينفع مع حماة التي أعطى فيها الواهمون مدة ثمان وأربعين ساعة لاستكانتها تحت سطوتهم فقدمت لهم ومنذ ذلك الحين إلى الآن قوائم بمجموعات كاملة من الساقطين بمن فيها من قذارات محلية ومستوردة.
وفي دير الزور انتقل المقاومون من كر وفر إلى تثبيت الأقدام في الأماكن المحررة من الأحياء مع ضربات قاصمة في ريفها والنتائج مبهرة.
أما المنطقة الوسطى لا زال المقاتلون يدكون أكوام الحقد في دير بعلبة والخالدية حتى أصبحت المفاجأة بهروب تلك القطعان من كتل برمتها لمجرد اقتراب الجنود كما حدث في باب هود ولا يزال الرصاص حتى الساعة يفرض سطوته على رقاب الحاقدين.
لا زال في الجعبة الكثير هذا ما أرسله الجنود لريف ادلب ولن يطول الانتظار.
أما ريف دمشق فالأخطر قد مضى وداريا على مسافة ليست بعيدة عن التعقيم أما بيت سحم والديابية والتضامن ودوما فالقضم أسرع من التوقع وتبقى المعضمية والزبداني لهما ساعة ليست ببعيدة.
يوما ما وبعد أن عاد بحار سوري من رحلته صنع موقدا وأضرم النار على رمل الشاطئ وعند اشتداد النار وجد مادة لزجة شفافة تنساب من الموقد فأزاحها جانبا لتتحول الى كتلة قاسية شفافة نقية لقد كانت الزجاج الذي انتظر الملوك هداياهم منه ولا زال أحفاد ذلك البحار السوري يعودون من رحلاتهم ليصنعوا النقاء ولا زالت الملوك تنتظر عودتهم .
بالتعاون مع صفحة الحدث السوري