أهدت العالم أول أبجدية .. أوغاريت أهمية عسكرية وحياة دبلوماسية متطورة

أهدت العالم أول أبجدية .. أوغاريت أهمية عسكرية وحياة دبلوماسية متطورة

الأحد, 21 تشرين الأول 2012 13:22
على أرض سورية ولدت أروع الحضارات وأبدع الإنسان المعجزات التي ما زالت بقاياها متناثرة وأوابدها شامخة في كل ركن من الأركان.. أوغاريت التي اخترعت أول ابجدية في العالم لتغدو الأبجدية الأم للأبجديات كافة فضلا عن أثرها الكبير في نشر العلم والثقافة والمعرفة لشعوب الأرض.

وتدل الرقم الفخارية المكتشفة في أوغاريت من خلال الوثائق الكتابية والشواهد أن مملكة أوغاريت تميزت بعلاقاتها الدبلوماسية مع العالم الخارجي آنذاك وامتلكت جيشا منظما تمكن من الحفاظ على اأنها واستقرارها كونها كانت محط أنظار الكثيرين وتقع في منطقة تتنازع عليها قوتان عظيمتان خلال عصر البرونز الفراعنة في الجنوب والحثيون في الشمال نظرا لموقعها المتميز.

أهمية أوغاريت العسكرية وعلاقاتها الدولية وفق مدير موقع أوغاريت الأثري باللاذقية الباحث غسان القيم تتجلى في الدراسات والوثائق المكتشفة حديثا وذلك من خلال نوعين من الوثائق والمصادر المدونة باللغة الآكادية (لغة الدبلوماسية الدولية) السائدة في الألف الثاني قبل الميلاد وهذه المصادر عبارة عن معاهدات واتفاقيات دولية من جهة ومراسلات بين الملوك والشخصيات الكبيرة كالحكام والإداريين من جهة أخرى.

وقد كشفت هذه المصادر عن طبيعة ونمط العلاقات السائدة آنذاك فالمعاهدات تضمنت المبادئ التي استندت إليها العلاقات بين الدول والممالك أما المراسلات الدبلوماسية فقد تعرضت إلى نقاط خاصة ومحددة ولاسيما التذكير بالعودة إلى الأصول إذا ما حصل تقصير في تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في المعاهدات.

معظم الوثائق الاأوغاريتية تعود إلى العصر الذي أخضع فيه الحثيون أوغاريت لدائرة نفوذهم فقد وقعت معاهدات بين الملك الحثي شيلوبيلو ليوما وملك أوغاريت نقماد الثاني ثم بين مورشيلي الثاني ونقميبا في حين أن المعاهدة الأخيرة اعيد توقيعها بمرسوم من حاتوشيلي وهذه المعاهدات ضمت بشكل أساسي بنودا تتعلق بمصير الفارين واحترام الحدود المرسومة ودعم أوغاريت غير المشروط لخيارات الحثيين السياسية وتسديد الجزية لعائلة المالكة في حاتوشا وذوي المناصب العليا في بلاطه.

ويقول القيم:" إن مضمون المعاهدة التي أعيد توقيعها بمرسوم لتبرير بنودها وبعد الديباجة المعهودة حسب التقاليد الحثية كتبت عبارة للالتزام وأخرى للقسم على هذا الرقيم... إن لم يلتزم نقميبا بعبارات الالتزام هذه أو بالقسم فستقضي الآلهة بنفسها على أبنائه ومدينته وبلده وكل ما يملكه لكن اذا احترم (نقميبا) عبارات هذا الالتزام فستحفظه الآلهة".

فيما كشفت نصوص أخرى عثر عليها في أرشيف المحفوظات الدبلوماسية في القصر الملكي النقاب عن أزمات وخلافات دبلوماسية وذلك كمظهر من مظاهر الحياة الدبلوماسية التي كانت تنظم العلاقات بين الممالك والملوك بالإضافة إلى علاقات أوغاريت مع دول الجوار رغم وجود قواعد دبلوماسية مفروضة عليها من الحثيين فقد أقامت علاقات مع (اشور) ذات التطلعات التوسعية وكذلك بابل أو مع جارتها الجنوبية مصر.

ويضيف:" إن العلاقات الدبلوسية مع ملوك الممالك الساحلية على البحر المتوسط ومع الداخل السوري كانت على مستوى آخر فملوك بيروت وجبيل وصور وصيدا كانوا بمنزلة ملك أوغاريت ويمكن أن توحدهم عقود وتفاقيات أخوية كما تدل صيغة الرسالة (إن بيت بيروت وبيت أوغاريت ليست سوى بيت واحد منذ الأزل)".

لم تكن هذه التغيرات في الروابط الدبلوماسية بين الدول والممالك القديمة لتحصل دون مباركة أو دون مبادرة الملك الأعظم الحثي فعلى الرغم من حالة العداء التي سادت طوال نهاية عصر البرونز الحديث بين مصر والحثيين فقد استمرت أوغاريت بالمحافظة على علاقات طيبة مع مصر.

وعن قوة أوغاريت العسكرية وجيشها المنظم يوضح مدير موقع أوغاريت أن الوثائق الكتابية التي كشفت عنها الرقم الفخارية تؤكد أن جيشها احتل مكانة وأهمية عسكرية لا يستهان بها وكان الأداة التي ضمنت بقاءها مملكة ذات سيادة واقتصاد وتجارة مزدهرة فضلا عن قدرتها على تطوير منظومتها العسكرية بطريقة حافظت على وجودها.

يتكون عتاد الجيش وفق القيم من قوات المشاة والعربات الحربية في حين أن أغلب أفراد الجيش كانوا جنودا تم استدعاؤهم من مختلف مدن ومناطق المملكة بمتاع شبه كامل حيث دللت النصوص المكتشفة في القصر الملكي على وجود الخوذ والدروع والتروس والرماح والسيوف والأقواس والسهام وكذلك العربات الحربية التي كانت تقل الأفراد ويقودها رجل أو اثنان ويجرها حصانان اذ اعتبرت الأكثر أهمية لدى الجيوش في ذلك العصر.

وكان المنقب الراحل كلود شيفر أشار في تقارير التنقيب الأولية إلى الاكتشاف المتكرر لرؤوس الرماح والسهام وعناصر الوقاية البرونزية وأنواع أخرى من الأسلحة جاءت من القصر نفسه أو من محيطه منها رؤوس دبابيس وخناجر وفأس مسطحة وأخرى ذات غمد ورأس غمد فضلا عن رأس رمح وسيف.

أما الكنانات الممتلئة بالسهام فقد فقدت أثناء دمار واحتراق أوغاريت وهذه الأسلحة معظمها مسجلة في الوثائق الإدارية للقصر الملكي إذ يوجد نص أوغاريتي في أرشيف المحفوظات الكتابية الشرقية يمكن أن يعكس إدارة هذه الأنماط من الأسلحة.

» مصادر دبلوماسية: قوات عسكرية عربية الى سوريا
» الطبل في درعا و العرس في الساحل.. آليات ثقيلة ومعدات عسكرية متطورة تدخل من جهة أنطاكية
» من رأس شمرا وماري إلى أوغاريت
» بالفيديو العثورعلى أجهزة تجسس إسرائيلية متطورة في"جزيرة النمل" قبالة منشآت عسكرية سورية في طرطوس
» اشهر صحفي امريكي: جائزة أكثر دبلوماسية غير مسؤولة في العالم ستذهب بالتأكيد للسعودية