منتدى عشاق سوريا الأسد
عزيزي الزائر .. أهلا وسهلا بك في منتداك
انت غير مسجل لدينا
يرجى التسجيل .. لإعلامك بكل ماهو جديد ولمشاركتك معنا بآرائك

الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Networ10
منتدى عشاق سوريا الأسد
عزيزي الزائر .. أهلا وسهلا بك في منتداك
انت غير مسجل لدينا
يرجى التسجيل .. لإعلامك بكل ماهو جديد ولمشاركتك معنا بآرائك

الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Networ10
منتدى عشاق سوريا الأسد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عشاق سوريا الأسد

إلى كل محبي الدكتور بشار الاسد
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» فضيحة:(أمريكا منعت مشروعنا بعائد 350 مليار دولارسنوياً!لمحور قناة السويس الذي قدمناه لمبارك!وعـمر! والسيسي!)( نتحدى أن يكذبنا أحد!)
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالأحد أغسطس 09, 2015 7:15 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» بتوجيه من الرئيس الأسد.. العماد أيوب يزور قواتنا العاملة في المسطومة ومحيطها بريف إدلب
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:28 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» «مُجتهد» يكشف السيناريو القادم لـ«عاصفة الحزم» .. ماذا قال؟!
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:25 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» هل الحرب على اليمن هي البداية لتنفيذ مشروع امريكا لتقسيم السعودية ؟؟
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:20 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» جبهات حماه تشتعل..
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:15 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» آل سعود من عزكم في ذل اليمن إلى ذلكم في عز اليمن
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:13 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» آلية لضبط الأفواه!!
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:03 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» "شمس" آل سعود بدأت بـ "المغيب"؟!!
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:01 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» «الخبر برس» تنشر كواليس محاولة انتقام السعودية من الجزائر
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 2:57 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» هل تجبر السعودية بوتين على الرضوخ في نهاية المطاف؟
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 2:53 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» التدخل السعودي في اليمن وتدخل إيران وحزب الله في سورية
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:29 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» مقالات المفكر العربي ناصر قنديل
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:28 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» نبيه البرجي: السلطان و حصانه الخشبي
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:22 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» بالتوازي مع الاتفاق الإطاري ادلب واليرموك بؤر إشغال .. والعين على دمشق
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:20 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» صراع الرايات الإرهابية في مخيم اليرموك.. «داعش» تحاول التمدد الى أطراف دمشق
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:08 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» السعودية حليفة «إسرائيل»
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:06 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» تصدع تحالف العدوان على اليمن * الغزو البري بين الخوف والرفض!
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:04 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» الإمام الخامنئي دام ظله: السعودية ستتلقى ضربة وسيمرغ أنفها بالتراب
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:59 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» أمين سر تحالف القوى الفلسطينية: مخيم اليرموك ذاهب باتجاه عمل عسكري تشارك فيه القوات السورية والفصائل لطرد داعش
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:58 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» تصريح مثير لأوباما.. هل أعطى الضوء الأخضر لشن «عدوان خليجي» على سوريا؟!
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:56 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» انتهاء الجولة الثانية من لقاء «موسكو 2» بالتوافق على ورقة البند الأول فقط
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:55 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» مفتي السعودية يخرج عن صمته ويرد على فتوى أكل لحم المرأة
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:53 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» ما صحة «الفرمان» الموجه لرعايا الملك سلمان من اللبنانيين؟! (خضر عواركة)
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:48 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» الخبر برس: سلاح الجو السوري يستهدف مقر «لواء براق الاسلام» بريف درعا ويقتل نائب «قائد» اللواء ومعه العشرات
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:45 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» قيادي تركي معارض يروي لـ«الخبر برس» قصة العلاقات الاسرائيلية مع المسلحين السوريين (الحلقة الثانية)
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:44 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

المواضيع الأكثر نشاطاً
مقالات المفكر العربي ناصر قنديل
صباحيات ناصر قنديل سلسلة يومية
مقالات وتقارير لمراسل قناة العالم الاعلامي حسين مرتضا
مقالات بقلم الكاتبة : دينيز نجم
اخطر وأقوى الفيديوآت لثورة فبرآير [ البحرين ]
متجدد: تغطية أحداث يوم الأحد 24 مارس 2013
مرحبا بكم في منتدى عشاق سوريا الاسد
خبر عاجل:اكتشاف مجرة جديدة فيها نجم واحد اسمه بشار الأسد
الحزن يعم سوريا بعد وفاة ولي العهد السعودي !!
أنباء عن استهداف رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي بانفجار في آخر أوتوستراد المزة بالقرب من المؤسسة العامة للاتصالات

 

 الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الياس
مراقب عام
مراقب عام
الياس


ذكر
الحمل عدد المساهمات : 6669
تاريخ الميلاد : 07/04/1964
تاريخ التسجيل : 15/09/2012
العمر : 60
العمل/الترفيه : دكتور في تاريخ ومقارنة الأديان
المزاج : متفائل بنعمة الله

الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة   الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Icon_minitimeالأحد سبتمبر 30, 2012 5:48 am

الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة
دراسة مقارنة

لا تكاد أي عقيدة دينية مهما كان أسمها أو مصدرها, قدمها أو حداثتها, أن تخلو من مفهوم خاص عن الشر الذي يمكن أن يصيب الإنسان سواء أثناء حياته وحتى بعد مماته, ولا تكاد أي عقيدة أن يخلو تفسيرها للخلق والتكوين من وجود هذا المفهوم الذي برز عبر التأريخ الطويل لمسيرة الإنسان الاعتقادية بكل أشكالها ومراحلها كفكرة لا بد من تواجدها في صلب إعتقادة وإيمانه, بل وأصبح ضرورة لايمكن الإستغناء عنها وذلك لفهم أفضل لوجوده البشري ومحاولة التفسير والإجابةعن العديد من الأسئلة والإشكاليات التي واجهته عبر وجوده الطويل على الأرض وسواء كانت فكرة الشر متجسدة بالنسبة للإنسان القديم في البداية على شكل أرواح ضارة ليس لها كيان أو إسم معين أو بشكل كائن محدد ومعروف فيما بعد, فإن هذه الفكرة أصبحت جزءا لا يتجزأ من عملية الإيمان نفسهاعلى اعتبار أن الشره والنقيض المتعارض على الدوام مع الجانب الآخر من الدين وهو الخير سواء كمنفعة شخصية كما كان يفهم أولاً أو كمفهوم أخلاقي شامل كما أصبح فيما بعد, وعلى هذا الأساس كان تقسيم الإنسان البدائي للأرواح والأطياف إلى طيب وخبيث وذلك حسب نفعها أو مضرتها وبالتالي كان يحتاج إلى الكاهن والساحر ليروض له الخبيث بالرقي والتعاويذ ويجزي عنه الطيب بالدعوات والقرابين.
وخطا الإنسان بعد ذلك بشكل تدريجي وبطئ خطوة أخرى نحو الأمام في طريق الدين فجمع كل الصفات الشريرة وكل تلك الأرواح الضارة والخبيثة في شخصية واحدة تسمى بأسماء عديدة إلا أن أشهرها وأكثرها إنتشاراً على الإطلاق كان أسم الشيطان الذي ورد لأول مرة كإسم علم وذلك في في التوراة في سفر الأيام الأول - الإصحاح 21: (... وتآمرالشيطان ضد إسرائيل). وقد ظهرت العديد من التفاسير والشروحات لتوضح وتعرف شخصيةالشيطان الشهيرة هذه ولكن على العموم تحددت التفاسير بإثنين فقط لا ثالث لهما الأول يقول بأنه ليس هناك من شخصية معينة ومحددة تدعى بالشيطان, إنما الشيطان هو كل تلك الغرائز والعقد النفسية والرغبات المكبوتة فينا, أو كما يقول عالم النفس سيغموند فرويد (أن الأبالسة في نظرنا نحن, رغبات شريرة, مستهجنة تنبع من دوافع مكبوحة مكبوتة). أما التفسير الثاني فلا يرفض وجود الشيطان ككائن معين وذو صفات تتفق علها أغلب الديانات على إعتبار أن العقل والعلم لا يرفضان وجود الشيطان أو الأرواح الطيبة منها أو الخبيثة.
أما من الناحية اللغوية فقد حاول الدارسون والباحثون أن يجدوا أصلاً لهذه التسمية إلا أنهم إختلفوا كل الإختلاف مثلما إختلفوا حول كلمة إبليس فقال البعض أن كلمة الشيطان أصيلة في اللغة العربية على إعتبار وجود العديد من الكلمات التي يعطي مصدرها معاني والضلالة والإحتراق والبعد مثل(شط - شاط - شوط وشطن), والبعض الآخر قال أنها عبرية وتأتي بمعنى الضد أو العدو(5).
أما كلمة إبليس فقد رأى البعض أن أصلها يوناني من كلمة (Diabolos) ديابلوس وتأتي بمعنى الإعتراض والوقيعة (6), والبعض الآخر يرى أنها آتية من كلمة (الإبلاس) أي اليأس التام من رحمة الله ومن العودة إلى الجنة(7), ومنهم من قال إن أصل التسمية مأخوذ من (Devil) في اللغات السكسونية والتي تعني يفعل الشر (Cool بينما أرجع الآخرون الكلمة إلى (مغستوفليس) وهي مأخوذة من اليونانية وتعني (كراهية النور) ومصدرها هو السحر البابلي الذي وصل إلى الغرب على أيدي اليهود اليونان وهذه التسمية تمثل روحاً من أرواح النحس التي تتسلط على بعض الكواكب (9), لقد اتفقت معظم الأديان السماوية منها وغير السماوية على الصفات التي تنسب إلى الشيطان وإن كانت هذه الأديان تختلف في نظرتها اختلافا جزئياً أو كلياً إلى مدى قدرة ولإرادة الشيطان على فعل الشر كما سنرى لاحقاً ففي البداية لم يكن هناك شيطان إنما هي مجموعة من الأرواح والأطياف تمتلك صفات معينة وهذه الصفات تتعلق بمدى الضرر أو المنفعة التي يمكن أن تلحق بالأنسان البدائي لكي يقول عنها إنها شريرة أو خيرة ويرمز لها بكائنات أو أشكال مادية محسوسة كالتماثيل والأحجار والهياكل وذلك في محاولة منه لإرضائها أو لتجنب شرورها (مثلما نرى ذلك واضحا في عبادة الأسلاف والطوطمية والفشتية) أي إن الشر أو الخير كان محصوراً بالنسبة له في مدى الضرر أو النفع الذي يلحقه ويصيبه أما إذا كان هذا الضرر يصيب الآخرين ويحقق فائدة له فلا بأس به ويمكن أن يكون خيراً, ولكنه بعد ذلك, وبعد إرتقت عقليته الدينية إلى مراتب ومدارك أعلى من السابق أصبح يفهم الشر كمفهوم أخلاقي شامل أكثر من كونه مفهوما نفعياً فقط, فأصبح يعرف ويدرك أن الشهوات والفتنة والإغراء والمطامع إنما هي شرور سواء كانت هذه الصفات في مصلحته الشخصية أم لا, وسواء حققت له فائدة ومنفعة أم لم تحقق لأن الشر هنا أصبح مفهوماً شاملاً أكثر من كونه مجرد وسيلة تحقق الضرر أو المنفعة للإنسان على حساب غيره.
وهنا يمكن أن تقسم الأديان إلى قسمين رئيسيين وذلك حسب الوظيفة التي يشغلها الشيطان فيها أو حسب مفهومها للشر والغاية من وجوده ممثلاً بالشيطان كقوة روحية معبرة عنه (لا يعني هذا التقسيم بين أديان موحدة وأخرى غير موحدة إنما هو تقسيم مبني فقط على وظيفة الشيطان فيها ليس إلا), وعليه فإن القسم الأول سيشمل الأديان التي تنظر إلى الشيطان كقوة ذات طبيعة شريرة نابعة من تكوينها ومرتبط بوجودها ومعبراً عن كيانها التركيبي وبأن فعلها للشر إنماهو تعبير عن هذه الطبيعة التي جبلت عليها ونرى ذلك واضحاً في الأديان القديمة, بينما القسم الثاني يشمل الأديان التي تنظر إلى وظيفة الشيطان أو سبب وجوده وفعله للشر كضرورة تكتيكية إختبارية من قبل الخالق لمعرفة مدى قدرة الإنسان على التمسك بجانب الخير أو إنزلاقه وراء الشيطان وما يمثله من غواية وضلالة وبالتالي إعطائه ما يستحق من مكانة خالدة في الجنة أو النار إلى أبد الآبدين, ونرى ذلك في الأديان اليهودية - المسيحية والإسلامية وإن كانت هناك العديد من الفروقات في مكانة الشيطان وقدرته على فعل الشر في هذه الأديان.
أديان القسم الأول:
إن أي باحث في الأديان القديمة ستصيبه الحيرة والإرباك وهو يحاول البحث عن شخصية معينة واحدة أو عن الشخصية الشريرة المميزة التي يمكن مقارنتها بالشيطان كما هو معروف في باقي الأديان الحديثة, إذ أن هناك عدداً كبيراً جداً من تلك الكائنات الشريرة الظلامية والتي تتبوأ مكانة كبيرة في عالمها الظلامي ولها قدرة غير إعتيادية على فعل الشر وذلك واضح من خلال أسماء العديد منها في تلك الأديان مثلما نرى في المندائية: أطرفان (يضرب بقوة, يؤذي) (10), أما ميت (معتم مظلم) (11), كرفيون (الملتهم) (12), نمروس (الماردة, الساحقة, الهارسة)(13), أور (قائد جيوش الظلام, المارد, التنين) (14) وغيرها من الكائنات الشريرة, إلا أن الشخصية الرئيسية التي تلفت الإنتباه من بين تلك الكائنات هي الروهة (روح الشر) (16) والتي هي أم الشيطان والكواكب السبعة والعلامات الزودياكية (البروج الإثني عشر) (17) وأم كل الكائنات الشيطانية في مملكة الكون, إن هذه المكانة الكبيرة للروهة تتعاظم لدينا إذا ما علمنا أن ولادة ملك الظلام كانت من قبل الروهة (19) وكذلك سيد الظلام (أور) هو إبن لها و يسمى كاف- قن -كرون (20). إن تعدد الكائنات الشريرة وصعوبة تحديد من يقف على قمة عالم الشر نراها كذلك في ديانة مابين النهرين حيث تقسم الشياطين إلى ثلاثة أنواع وذلك حسب الأصول التي تنحدر منها, فالصنف الأول هو (ذرية الإله العظيم آنو) ويقصد بهم المنحدرين من اصل سماوي, والصنف الثاني من أصل بشري وهم أشباح الموتى, أما الصنف الثالث فينحدرون في أصلهم من العالم الأسفل وكانوا حشداً غفيراً من مختلف الانواع ولهم القدرة على إلحاق الأذى بأرواح الموتى الموجودة في العالم الأسفل وبكل المخلوقات على الأرض, كما تشير إلى ذلك إحدى التعاويذ (21).
عبر الاسوار العالية السميكة, يمرون كالطوفان، يمرقون من بيت إلى بيت، لا يمنعهم باب و لا يصدهم مزلاج، فهم ينسلون عبر الباب كانسلال الأفاعي، ويمرقون من فتحته كالريح، ينتزعون الزوجة من حضن زوجها، ويخطفون الطفل من على ركبتي أبيه، ويأخذون الرجل من بين أسرته).
بل و وصل الأمر إلى أن يكون لهذه الكائنات الشيطانية نوع من التخصص في عمل الشر وإيذاء الآخرين: (اشاكو) الذي يتغلغل في أجسام الناس يسبب الصداع, (رابيصو) الذي يختفي أثناء النهار ويظهر في الليل يسبب أمراض الجلد, (لبرتو) تسبب الكوابيس و(لباسو) يسبب الصرع (22) ... الخ إضافة إلى أن أشكالهم تتميز بالقبح والشذوذ كما تشير إلى ذلك إحدى التعاويذ (23).
(إنهم ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، إنهم الرياح المهلكة لا يعرفون شفقة ولا رحمة إنهم الشر وكل الشر). ومع ذلك فأن كل الكائنات الشريرة الموجودة في حضارة ما بين النهرين وما تمثله من شر قد جمعت في شخصية واحدة تعتبر للعراقي القديم مصدر واساس لكل البلايا التي تصيب البشر بل وحتى الآلهة دونما تمييز, وهي شخصية الربة تياميت التي تعاظم شرها وإزداد بلاؤها ليصيب الأرباب أنفسهم مما حدا بهم أن ينتدبوا الإله الشاب مردوخ لمقاتلتها والقضاء عليها.
أما في الديانة المصرية القديمة فإن الإله المصري الذي نشهد ارتباطه بالشر في كافة العصور التأريخية في مصر القديمة فهو (Apo phis) أبو فيس وهو عفريت على شكل ثعبان ضخم جداً ذي طيات متعددة في كل منها سكين حاد (24), وإضافة إلى هذا الإله فقد كان هناك أيضا (سيث) أخو أوزيريس, وهما إبنا الإله رع إله الشمس, الذي تشير المصادر إلى أنه قتل أخاه أوزيريس ورماه في نهر النيل ومصدر آخر يشير إلى اتهم أخاه بالظلم والعدوان وانكشفت هذه الكذبة فاصبح سيث رمزاً للكذب والنميمة وبالتالي أصبح مرادفاً (لكل ما يدل على الخراب والشر) (25), وفي الأزمنة المتأخرة من المملكة المصرية الحديثة اعتبر هو نفسه التيفون (الريح العاتية الشديدة) والثعبان أبو فيس والشيطان وبذلك فقد صار عنصر شر بذاته وعدواً للأرباب (26). ونجد كذلك في الحضارة الهندية وعقائد شعوبها مثالا آخر لفكرة تعدد الكائنات الشريرة وعدم وضوح الشخصية الرئيسية من بينها والتي يمكن مقارنتها بشيطان الأديان السماوية إلا بالكاد, فهناك الـ(راكشا) وهي عفاريت خبيثة, ينسبون إليها أعمالا كأعمال الشياطين في الأديان الأُخرى والـ(راكشا) كما يقول البعض هو الأسم الذي كان يطلق على الهمج الأوائل الذين سكنوا الهند قبل إغارة الآريين عليها وكانت لهم حراسة على الطرق وينابيع الماء, وقد رسخ في الأذهان إنهم أعداء البشر وإنهم يتربصون بالناس ويؤذونهم (27), وهناك أيضاً الحية آهي (Ahi) التي هي نفسها كما يظهر تجسمها للشر والتي قتلها الإله أندرا, وكذلك الربة الهندية (سيتالا) التي غضب عليها الإله (كيلاسا) وأخرجها من الجنة وبذلك صارت من الأرباب الساقطة المغضوب عليهم (28), ونجد أيضاً (مايا) وهي تعبير عن العالم المحسوس الذي يعتبر هو الشر والباطل وإن كل ما يربط الإنسان به شر وباطل مثله وقد صوروا العالم المحسوس أو (مايا) على شكل أنثى شديدة الفتنة والإغراء على إعتبار أن كل الملذات والفتن والشرور تتجمع حسب رأي الهنود في المرأة (29) أما الشخصية المميزة بين هذه الكائنات الشريرة والتي يمكن مقارنتها بشكل كبير بشيطان الأديان السماوية فهي شخصية الرب (Mara) مارا الذي أغوى بوذا, وقد صورته الأساطير الهندوسية والتعاليم الدينية كمسؤول عن كل مباهج الدنيا ولذاتها وإغراءاتها والفساد والهرطقة وهو يسكن دوماً في الطبقة السادسة من السماء (30).
أما في الديانة الزرادشتية فنرى أن هناك تطورا كبيراً قد لحق شخصية الشيطان فنجدها أكثر وضوحا وأكثر تحديداً منها في بقية الأديان القديمة, ويسمى الشيطان في الزرادشتية بأهريمان (Ahriman) وسمى كذلك أنكرامينو (Angramanyu)، وعلى الرغم من وجود شخصية دروج (Druj) والتي هي التجسم الأنثوي للشر وتمثل جميع أعمال أهريمان الشريرة إلا أنه يبقى الشخصية الرئيسية والوحيدة الممثلة للشر بكل وضوح (31).
وكما رأينا فإن إحدى المميزات التي تتمتع بها الأديان القديمة في مفهومها عن الشر هي تعدد الكائنات الشريرة وعدم وجود شخصية واحدة رئيسية كما هو الحال في شيطان الأديان الحديثة, إضافة إلى ذلك نرى أن الصراع الموجود والمستمر بين هذه الكائنات وما تمثله من قوى شريرة وظلامية مع نقيضها من قوى الخير هو صراع يجري دائماً بعيداً عن الإنسان بمعنى آخر أن الصراع بين هاتين القوتين هو صراع مباشر بينهما ولا دخل للإنسان فيه, فعالم النور في الديانة المندائية يرسل عدداً من الأثري (منداد هيي - هيبل زيوا) في رحلات إلى عالم الظلام لسحقه وقمع قواه الشريرة, كذلك في البابلية عندما تبعث الأرباب بالإله الشاب مردوخ لمقاتلة الربة تياميت والقضاء عليها وهذا ما تم فعلاً عندما استطاع هزيمتها وتقديم قائد جيوشها كنكو إلى الآلهة ليحكموا عليه بالموت وليخلقوا من دمه الإنسان (32), وفي الزرادشتية يستمر الصراع سجالاً بين الجانيبن, (أهورا مزدا) إله الخير وأهريمان إله الشر, إلى أن ينتهي الأمر بهزيمة عالم الظلام وشياطينه ولكن هزيمة مؤقتة وليست نهائية ليبدأ بعدها الصراع من جديد, وفي الديانة المصرية القديمة يستمر القتال والصراع بين أوزيريس من جهة وبين سيث من جهة أخرى وكما أن عبادة أوزيريس تحظى بشعبية كبيرة في شمال مصر فإن عبادة سيثا هي الأخرى تحظى بشعبية كبيرة لدى أهل جنوب مصر, وربما كان الصراع بين هذين الشعبين هو الأصل في اختلاف نظرتهما إلى هذين الإلهين. ومن خلال هذه الصراعات المستمرة بين هذين القوتين المتناقضتين, نلاحظ أن المبادرة بالتحرك والهجوم والفعل يبدأ دائماً من جانب قوى الخير أو إله الخير أو عالم النور, بينما تكون حصة القوة المقابلة, قوة الشر هي رد الفعل والدفاع فقط عن نفسها ووجودها من هذه المبادرات والأفعال, فعالم النور في المندائية هو الذي يرسل الأثريين لمقارعة عوالم الظلام وكائناته وليس في يد الكائنات الشريرة إلا القتال والدفاع عن نفسها من هذا الخطر المحدق بها دون أن تستطيع أن تتخذ فعل المبادرة كما هو الحال في الجانب الآخر, وقد بدا ذلك واضحاً عندما رغب ملك الظلام أن يعلن الحرب على ملك النور والعوالم الأخرى: (... سأصعد غلى تلك الأرض المشعة وأعلن الحرب على ملكها, سأنتزع منه تاجه وأضعه على رأسي, وسأكون ملك الأعالي والأعماق) (32). إلا أنه يعجز عن ذلك تماماً ويكتفي بالصراخ والزئير دون فعل حقيقي يذكر. ونفس المشهد يتكرر في الديانة البابلية في رحلة مردوخ ومقاتلة الربة تياميت حيث تكون المبادرة بالتحرك والهجوم والفعل من قبل جانب الخير وكذلك هو الحال في الديانة الزرادشتية, في الصراع بين اله الخير أهورا مزدا وبين إله الشر أهريمان.
كذلك نلاحظ أن هناك تركيزاً ملفتاً للإنتباه في هذه الأديان على الشخصية الأنثوية باعتبارها رمزاً من رموز الشر أو الشيطان, ففي المندائية هناك (الروهة) وفي البابلية (تياميت) وفي الديانة الهندية (سيتالا ومايا) وفي الزرادشتية نرى (دروج), إضافة إلى إن معظم الشخصيات الشريرة الرئيسية في هذه الأديان هي آلهة مثل (الرب مارا) في الديانة الهندية و(الربة تياميت) في الزرادشتية و(الإله سيث) في الديانة المصرية, وهناك مسألة أخرى لا يسعنا إلا أن نذكرها ونحن نختتم أديان القسم الأول وهي إن معظم الشعوب التي كانت تدين بهذه العقائد قد إستعملت الرقى والتعاويذ للحماية من الشيطان وأذيته, إذ نرى أن لدى عقائد البابليين إن الرقى كانت شائعة الإستعمال, يحملها الناس لوقايتهم من أخطار العفاريت وحتى الأرباب كانت تحملها طلباً للسلامة والقوة بل وحتى مردوخ كما ذكرت أسطورة الخلق البابلية كان مزوداً بالسحر لدى محاربته تياميت, وكذلك نرى في الهند إن أحجار الخواتم والرقى استخدمت ولبست والتي دون شك كانت في إعتقادهم تطرد الأرواح الشريرة, وأيضاً لدى المصريين كان إستعمال التعاويد أمراً شائعاً جداً وفي المندائية ما زال المندائيون يستعملون السكندولة كوسيلة من وسائل الحماية ضد الكائنات الظلامية الشريرة مع ما تحمله السكندولة من رموز عالم الظلام نفسه إن مبدأ محاربة الشر بالشر أو برموزه قد أخذ شكلاً آخر لدى بعض العقائد المتطرفة في نظرتها للشيطان, إذ اعتقد أهل هذه العقائد إن عبادة الشيطان هي الوسيلة الأكثر ضماناً للوصول إلى عالم النور, بمعنى آخر, الوصول إلى النور من خلال الظلام, وقد بدا ذلك واضحاً لدى بعض الفرق الثنوية ومنها المانوية والشامانية اللتان تؤمنان أن إله الخير والنور قد ترك الأرض للشيطان ولو إلا حين, وكذلك الفرقة الأورفية والكاثارية التي ظهرت بين العشائر الألمانية في القرون الوسطى, وأيضاً البوجمولية في بلاد البلقان والألبية في فرنسا الجنوبية(35).
أديان القسم الثاني:
تحدثنا وبشكل مختصر عن مفهوم الشيطان أو الكائنات الشريرة وعالمها الظلامي في بعض الأديان القديمة, نرى أن هذا المفهوم أو هذه الصورة قد تغيرت وبشكل كامل وجذري مع مجئ الديانة اليهودية ليستمر هذا التغيير ويتبلور بشكل أكبر في الديانة المسيحية وأخيراً في الإسلام, وعلى الرغم من وجود العديد من الإشارات في العهد القديم إلى العفاريت والشياطين والأرواح الشريرة إلا أن الشيطان كان يتمتع بمنزلة خاصة ومكانة معروفة ومحددة ككائن معين ومحدد له شخصيته ومكانته التي لا يضاهيها أصلاً غيره من العفاريت والأرواح الشريرة.
إن أهم التغييرات التي لحقت بالشيطان وصورته عن مثيلتها في الأديان القديمة هي:
1- تحول الشيطان من مكانته كإله في الأديان القديمة إلى مجرد ملاك, أو كبير الملائكة في أحسن الأحوال والمقربين من الله, والذي تم إسقاطه وإبعاده عن الحضرة الإلهية الربانية لسبب من الأسباب وهي غالباً ما تكون الكبرياء والإعتزاز بالنفس والخيلاء والغرور,: (إن افتخار الشيطان بجماله وحكمته التي أعطاها الله له هما السبب في سقوطه) (36) وكذلك القرآن الكريم (وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) (37), وأيضاً (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (38), إن حالة التغيير هذه من الألوهية التي كان عليها الشيطان إلى وضعيته الجديدة كملاك ومغضوب عليه أيضاً قد دعم الإتجاه التوحيدي بشكل قوي جداً, إذ لم يتبق أي نوع من التساوي في المكانة والنفوذ بين الله وبين الشيطان, إنما أصبح الله هو الإله الذي لا اله غيره وهو الخالق لكل شئ والآمر لكل شئ, أما الشيطان فقد أصبح دوره في هذه الأديان الثلاثة دوراً هامشياً وليس له إلا أن يسير في دربه المرسوم له سابقاً, لقد ساد الإعتقاد في الفكر العبري القديم إن كل شئ يعود في خلقه إلى الله فالله معطي الحياة جميعها, يهوة هو الرب الأعلى وهو المصدر الوحيد للخير والشر, أو كما يذكر في سفر أيوب 38:8 وما بعدها (... إن كل مصيبة تحل بالناس سواء بالأفراد أو الأمم يرسلها يهوة), وكذلك: (فهو الذي يرسل من يريد إلى شيول (الجحيم) وينتشلهم منها متى شاء) (39), وهو الذي أغوى الإنسان كي يختبر تقواه ومدى إخلاصه له وإستمراره في تعبده كما في حالة إبراهيم وأيوب (40), وقد عبر أيوب عن هذه الحقيقة عندما قال (أنقبل الخير من عند الله ولا نقبل الشر) (41), وكذلك في سفر أشعياء 244-24 نقرأ (من الذي دفع يعقوب إلى السلب وإسرائيل إلى الناهبين, ألم يكن الرب), إن هذه السيطرة الكاملة لدى الرب بأفعال الخير أو الشر على حد سواء قد جعلت الباحثين في الأديان الحديثة يعطون رأيين أثنين حول علاقة الله بالشيطان, الأول يقول أن الشيطان ربما يكون هو الرب متنكراً والثاني يقول أن الشيطان هو يد الله اليسرى المسيرة من قبله أو أن الشياطين هي مخلوقات ربانية غير كامله (42).
2- على الرغم من قدرة الشيطان في هذه الأديان على فعل الشر وإغواء البشر ودفعهم إلى عصيان الله ثم التهلكة, فإن هذه القدرة الخارقة في الحقيقة ما هي إلا مظهر يختبئ تحته شيئاً آخر تماماً ومخالف للواقع الذي يقول إن الشيطان لا يمتلك أي إرادة خاصة به على فعل الشر, إنما كل أفعاله يكون مصدرها أما أمراً مباشراً أو غير مباشر من الرب أو لضعف الإنسان أمام الإغراءات والغواية, ففي المسيحية نرى أن الشيطان في الظاهر يمتلك قوة خارقة ويستطيع أن يفعل ما يشاء في هذا العالم, ففي إنجيل يوحنا 14-30 نقرأ (... الشيطان الآن هو أمير بل ورب هذا العالم الفاني على السواء) ويقول عنه بولس في رسالته الثانية إلى كورنثوس بأنه (إله هذا الدهر) كما أنه (رئيس سلطان الهواء) كما يقول عنه في رسالة أفسس وهو روح الضعف, الشرير, رئيس هذا العالم, التنين العظيم, الحية القديمة إضافة إلى العديد من الأخبار والإشارات التي تتحدث لنا عن قوته الكبيرة ومدى قدرته وسلطانه على إتيان الشر، ولكن في حقيقة الأمر فإن الشيطان لا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة دون أن يستأذن الرب في ذلك كما حدث في حالة طرد الشياطين من أحد الأشخاص وتوسل هذه الشياطين إلى يسوع أن يأذن لها بالدخول في الخنازير, فأذن لهم (لوقا 8/26-34) أما في الإسلام فإن الشيطان لا يمتلك الإرادة الخاصة به أيضاً لفعل الشر ولكن هنا يأتي فعله كنتيجة مباشرة لضعف الإرادة الإنسانية أمام الشر والغواية والإغراء: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) بل وفي آية أخرى نرى بوضوح الدور الهامشي للشيطان وحقيقة موقفه الضعيف, فالله يخاطبه بقوله (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان).
3- لعل أهم التغييرات التي طرأت على شخصية الشيطان ومكانته وعلاقته بالرب هي تحول الصراع بينه وبين الرب من حالة الصراع المباشر بين الأثنين إلى حالة الصراع غير المباشر, وهنا أصبح الإنسان ولأول مرة مركزاً رئيسياً لهذاالصراع ووسيلة الطرفين المتنازعين لتحقيق الإنتصار كل على حساب الطرف الآخر, وتحول الصراع وفق هذا المفهوم من عالمه العلوي الذي كان يجري فيه إلى عالمنا البشري مجسداً بالإنسان الذي بدأ يعتبر محوراً لساحة المعركة يدور حولها الشيطان والرب على حد سواء, ونرى ذلك واضحاً وخصوصاً في الديانة الإسلامية عندما يطلب الشيطان من الرب إطلاق يده على إغواء البشر وإغرائهم على العصيان والفسق كما يشاء, فأعطاه الله ما أراد حتى يوم الدين (43): (... قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم. قال ربي أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منه المخلصين) (44), وكذلك (قال أنظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين. قال فيما أغويتني لأقعدن لهم سراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم ومن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) (45). أصبح الإنسان هو الوسيلة وهو الهدف الذي يسعى الجانبان إلى كسبه والصراع من أجله ومن خلاله بنفس الوقت, وتحولت المعركة بين الله وبين الشيطان من رحلات وغزوات ومعارك بين عالميهما وكائناتهما إلى معركة تدور داخل الإنسان باعتباره يمثل وجهان لعملة واحدة وهما الخير والشر, النور والظلام, الحق والباطل والفائز منهما هو الذي يجعل الإنسان يتخذ الوجهة التي يريدها, تماماً كما حدث في قصة أيوب والمعاناة التي واجهها هذا العبد الصالح الذي صمد حتى النهاية في اختياره لطريق النور والإيمان فاندحر بذلك الشيطان مع هذا العبد وخسر معركة كان يمكن أن يفوز بها ولكن فقط لو شاء الله تعالى. والملفت للنظر في الأمر أن الديانة المندائية وعلى خلاف بقية الأديان القديمة نراها تحمل نفس المفهوم عن الصراع بين الرب والشيطان الموجود في الأديان الحديثة على الرغم من وجود المفهوم القديم عن طبيعة الصراع وما هيته وكيف يجري في العوالم العلوية والتي لا دخل للإنسان فيها, ولكننا مع ذلك نجد الكثير من النصوص التي تتحدث عن المحاولات التي تجريها الروهة لكسب آدم إلى صفها والإبتعاد به عن طريق الله القويم, مثلما يذكر أحد النصوص في كنزا ربا الأيمن 3 ص 107, حيث تتكلم الروهة وملائكة الكواكب حول آدم (46).
سنمسك آدم وندخله في تجمعنا، في تجمعنا سندخله, ونعلق قلبه ونجعله في قبضتنا، ونصطاده عبر الأبواق والمزامير, حتى لا ينفصل عنا).
4- أصبحت وظيفة الشيطان في هذه الأديان الثلاثة الأخيرة, وظيفة إختبارية تكتيكية فقط وابتعد الشيطان بذلك عن ممارسة الشر كطبيعة موجودة فيه ومجبول عليها وانحصر دوره فقط في القيام بمهمة اختبار الإنسان ومهمة تضليله وغوايته ليس إلا, كما نرى ذلك في قصة أيوب أو قصة تجربته للمسيح ومعرفة صلابة إيمانه أو في عملية التحدي التي جرت بين الله من جهة وبين الشيطان من جهة أخرى في الديانة الإسلامية, حول الإنسان ومدى صموده وصلابته في اختيار أحد الطريقين, طريق الحق أو الباطل, طريق الخير أو الشر, طريق النور أو الظلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النوم مع الشيطان: نصوص مختارة من كتاب روبرت باير النوم مع الشيطان – الحلقة الأولى والثانية
» عن فكرة تحريم الإساءة إلى الأديان
» صدام الأديان في ديار الإسلام
» الحركات الأصولية المعاصرة في الأديان
» مقارنة بين تعاليم المسيحية وتعاليم الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشاق سوريا الأسد :: كوكتيل عشاق سوريا الأسد :: مواضيع عامة (منوعات عالمية )-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
الشيطان ... في الأديان القديمة والحديثة دراسة مقارنة Uousuu10>