الجيش يبدأ هجومه المعاكس في إدلب.. «حلم أردوغان» يسقط مرة أخرىمحمود عبد اللطيف – عربي برس
إسقاط مبادرة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “ستيفان دي مستورا” التي كانت ترمي إلى تجميد القتال في حلب من قبل الميليشيات المسلحة المدعومة بالقرار السياسي لكل من محور “قطر – تركيا”، والسعودية، نتج حينها عم فقدان الأمل بتحويل المبادرة لحصان طروادة يمر من خلاله مشروع إقامة عاصمة ثانية في سوريا من خلال استجلاب “حكومة الإئتلاف” ووضعها في حلب، في محاولة من الدول الداعمة للإرهاب والمحركة للمعارضات الخارجية لنقل التجربة الليبية إلى سوريا، بعد نجاح التجربة مرة أخرى في اليمن.
المقاربة بين حلب وإدلب من ناحية الثقل الاستراتيجي لم تكن مشجعة بالنسبة للدول المعادية للحكومة السورية، ومع اقتراب بدء أعمال الجولة الثانية من منتدى موسكو التشاوري بين الحكومة السورية وأطياف المعارضات كان لابد من تحقيق بعض من المكتسبات السياسية والميدانية لجهة الموازنة بين كفتي الميزان في الميدان القتالي، وإن كان الحرب هي مجموع المعارك الدائرة في سوريا بين الجيش والقوات المتطوعة المساندة له من قوات “الدفاع الوطني ، المقاومة الشعبية” من جهة و مختلف الميليشيات والتنظيمات المسلحة الأخرى في سوريا من جهة أخرى، فإن احتلال إدلب المؤقت من قبل جبهة النصرة ومن تحالف معها من الميليشيات المسلحة في المنطقة الشمالية ردت عليه الدولة السورية بعملية واسعة في الحسكة تم من خلالها استعادة السيطرة على 32 قرية، فيما الرد المباشر كان من خلال بدء عملية الهجوم المعاكس على الميليشيات في إدلب.
واقع المعركة الإدلبية أكد إن الحكومة التركية ومن يقف معها قاموا بإنشاء تحالف غير متجانس من الميليشيات المسلحة المتناحرة فيما بينها ضمن راية واحدة تقودها النصرة، فكان “جيش الفتح” والغرض هو نقل حكومة “الإئتلاف” إلى داخل مدينة إدلب لخلق أزمة سياسية كبرى في سوريا، ليصار لاحقاً إلى تصوير هذه الـ “حكومة” على إنها الند السياسي للحكومة السورية رسمياً، فمع صعود تيارات القوى الوطنية المعارضة من داخل سوريا وبروزها كجملة من القوى التي يمكن التعويل عليها من قبل الدول التي توافقات على حل الأزمة السورية بدأ الإئتلاف وهيئة التنسيق المعارضة بالانهيار التدريجي، وبكون لقاء القاهرة الذي من المقرر عقده في نيسان بين “المعارضات السورية” بحثاً من القوى المحركة لهذه المعارضات عن تلاق يمكنهم من خلق جبهة سياسية ضاغطة على الحكومة السورية، كان لابد للأتراك من أن يحولوا “الإئتلاف إلى القوة السياسية” المهيمنة على قرار المعارضة، غير إن عدة عوامل ستسقط حلم العاصمة الثانية مرة أخرى ومن هذه العوامل ما يلي:
أولاً: الفهم الاستراتيجي العميق للحكومة السورية لماهية هذه الخطة، وبالتالي كان لابد من بدء عملية الهجوم المعاكس فوراً، والتي بدأت فجر اليوم، الأثنين، من خلال عمليات مركزة لطيران الجيش العربي السوري والتي استهدفت مقرات عملياتية للمسلحين داخل مدينة إدلب، وبنش/ وسراقب في الوقت نفسه، كما إن المدفعية السورية تمكنت من رصد أرتالاً للميليشيات المتنقلة في محيط المدينة وتم استهداف هذه الارتال بمختلف الوسائط النارية، مما أوقع عدد كبيراً من عناصر الميليشيات قتلى ومصابين، وتفيد المعلومات الخاصة بأن الجيش حشد للعملية عدد كبير من الوحدات في رد واضحاً على المسلحين بأسلوبهم المعتمد، فالكثافة العددية والالتحام المباشر الذي سيصل لمرحلة المواجهة من المسافة (صفر) سيكون أسلوب المواجهة على مايبدو.
ثانياً: رفض الميليشيات بمختلفها للإئتلاف واحد من أهم العوامل التي ستسقط الخطة، فتصبح الحكومة التركية أمام معضلة النجاح المشلول، بمعنى إنها مكنت الميليشيات من التوحد ولو بشكل مؤقت، ومن ثم سمحت بانتقال عدد كبير من ميليشيا جبهة النصرة إلى أراضيها ومن ثم إلى الأراضي السورية، وتشير بعض المصادر إلى أن عدد كبيراً من المشاركين في الهجوم على مدينة إدلب هم من عناصر النصرة في الجنوب السوري، مما يشير إلى أن نقلهم إلى الشمال السوري تم بتعاون “تركي إسرائيلي” ليصار إلى تفعيل معركة الشمال بعد أن أثبتت معطيات معركة الجنوب السوري إن دفع النصرة من الجولان إلى محيط العاصمة أمر مستحيل، لذا لابد من كسب الوقت وإشغال الجيش العربي السوري بمعركة أخرى في الشمال، تكون ذات بعد سياسي يمكن من دفع القوات السورية للتركيز على هذه الجبهة لفترة طويلة، كما إن وجود مقاتلي النصر من غير السوريين “العرب و الأجانب” عقد حسابات اللعبة الميليشياوية في المنطقة خاصة وإن متزعمي الميليشيات كانوا ومازالوا يبحثون عن السلطة المطلقة لكل منهم، فيما ينظر مقاتلي النصرة الأجانب على إنهم الأحق بالمناصب القيادية بكون منفذي العمليات الانتحارية والتي تعد واحدة من الأركان الأساسية في أي هجوم للنصرة أو داعش هم من العرب أو الأجانب.
ثالثاً: الحرب الميليشياوية التي تبدأ أولاً وأخيراً من الخلاف على اقتسام “الغنائم” ستكون واحدة من الأسباب التي تعرقل إعلان إدلب عاصمة “ثانية”، فالميليشيات بدأت فعلياً بالاقتتال داخل المدينة وإن بحالات غير كبيرة، والسبب في هذه الحرب هو التركيبة غير المتجانسة لـ “جيش الفتح” المكون من مجموعة من الفصائل التي كانت ومازالت تتبادل الاتهامات والتكفير، وبحسب ما أشارت إليه التقارير الإعلامية عن اختطاف عدد من النساء وصل إلى ما يقارب الـ 50 امرأة بحسب هذه التقارير، فإنه من الطبيعي أن يقتتل قادة الميليشيات على الغنائم خاصة على “السبايا”، وبالتالي لن يكون ثمة بيئة آمنة تمكن الحكومة التركية من إقناع أعضاء حكومة “الإئتلاف” من الانتقال من تركيا إلى إدلب، وإذا ما تم الضغط عليهم لتنفيذ هذه الخطوة، سيكون هذا الضغط ، بداية عملية الانهيار بالنسبة للإئتلاف على غرار ما تشهده “هيئة التنسيق” التي استقال اثنين من أعمدتها بسبب خلافاتهما الشخصية، وبدأ سرطان “الإنشقاق” ينشتر في جسدها.
الأحد أغسطس 09, 2015 7:15 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا
موضوع: الجيش يبدأ هجومه المعاكس في إدلب.. «حلم أردوغان» يسقط مرة أخرى 
